منهاج الصالحين (للتبريزي) المجلد 2

اشارة

سرشناسه : تبریزی، جواد، 1305 - 1385.

عنوان و نام پديدآور : منهاج الصالحین/ فتاوی جواد تبریزی.

مشخصات نشر : قم : مدین ، 1426ق. = 2005م. = 1384 -

مشخصات ظاهری : ج.

شابک : : دوره 964-8901-17-1 : ؛ ج.1 964-8901-15-5 :

يادداشت : عربی.

یادداشت : کتابنامه.

مندرجات : ج. 1. العبادات

موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه

رده بندی کنگره : BP183/9 /ت2م 8 1384

رده بندی دیویی : 297/3422

شماره کتابشناسی ملی : 2997064

كتاب التجارة و فيه مقدمة و فصول:

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 7

مقدمة

اشارة

التجارة في الجملة من المستحبات الأكيدة في نفسها، و قد ينطبق عليها عنوان ثانوي مرغوب إليه أو منهي عنه فتكون التجارة و التكسب مطلوبة أو منهياً عنها بذلك العنوان.

[مسائل]

(مسألة 1): تحرم و لا تصح التجارة بالخمر

، و باقي المسكرات و الميتة، و الكلب غير الصيود، و الخنزير، و لا فرق في الحرمة بين بيعها و شرائها، و جعلها اجرة في الإجارة، و عوضاً عن العمل في الجعالة، و مهراً في النكاح، و عوضاً في الطلاق الخلعي، و أما سائر الأعيان النجسة فالظاهر جواز بيعها إذا كانت لها منافع محللة مقصودة كبيع العذرة للتسميد و الدم للتزريق، و كذلك تجوز هبتها و الاتجار بها بسائر أنحاء المعاوضات.

(مسألة 2): الأعيان النجسة التي لا يجوز بيعها و لا المعاوضة عليها لا يبعد ثبوت حق الاختصاص لصاحبها فيها

، فلو صار خلّه خمراً، أو ماتت دابته، أو اصطاد كلباً غير كلب الصيد لا يجوز أخذ شي ء من ذلك قهراً عليه، و كذا الحكم في بقية الموارد، و تجوز المعاوضة على الحق المذكور فيبذل له مال في مقابله، و يحل ذلك المال له، بمعنى أنه يبذل لمن في يده العين النجسة كالميتة- مثلًا- مالًا ليرفع يده عنها، و يوكل أمرها إلى الباذل.

(مسألة 3): الظاهر أن الميتة الطاهرة كميتة السمك و الجراد لا يجوز بيعها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 8

و المعاوضة عليها، و إن كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف بحيث يصح عندهم بذل المال بإزائها. نعم، يجوز بذل المال بإزاء رفع اليد عنها كالأعيان النجسة.

(مسألة 4): يجوز بيع ما لا تحله الحياة من أجزاء الميتة إذا كانت له منفعة محللة

معتد بها.

(مسألة 5): يجوز الانتفاع بالأعيان النجسة في غير الجهة المحرمة

مثل التسميد بالعذرات، و الإشعال، و الطلي بدهن الميتة النجسة، و الصبغ بالدم. و غير ذلك.

(مسألة 6): يجوز بيع الأرواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة محللة

معتد بها- كما هي كذلك اليوم- و كذلك الأبوال الطاهرة.

(مسألة 7): الأعيان المتنجسة كالدبس، و العسل، و الدهن و السكنجبين و غيرها إذا لاقت النجاسة يجوز بيعها

و المعاوضة عليها، إن كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف، و يجب إعلام المشتري بنجاستها، و لو لم تكن لها منفعة محللة لا يجوز بيعها و لا المعاوضة عليها على الأحوط.

(مسألة 8): لا تجوز التجارة بما يكون آلة للحرام

، بحيث يكون المقصود منه غالباً الحرام: كالمزامير و الأصنام و الصلبان و الطبول و آلات القمار، كالشطرنج و نحوه و لا إشكال في أن منها الصفحات الغنائية (الاسطوانات) لصندوق حبس الصوت، و كذلك الأشرطة المسجل عليها الغناء، و أما الصندوق نفسه فهو كالراديو من الآلات المشتركة، فيجوز بيعهما كما يجوز أن يستمع منهما الأخبار و القرآن و التعزية و نحوها مما يباح استماعه، أما التلفزيون، فإن عُدّ عرفاً من آلات اللهو فلا يجوز بيعه و لا استعماله، و أما مشاهدة أفلامه فلا بأس بها إذا لم تكن مثيرة للشهوة، بل كانت فيها فائدة علمية أو ترويح للنفس، و إذا اتفق أن صارت فوائده المحللة المذكورة كثيرة الوقوع بحيث لم يعد من آلات اللهو عرفاً جاز بيعه و استعماله، و يكون كالراديو و تختص الحرمة- حينئذ باستعماله في جهات اللهو المثيرة للشهوات الشيطانية، و أما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 9

المسجلات فلا بأس ببيعها و استعمالها.

(مسألة 9): كما يحرم بيع الآلات المذكورة يحرم عملها

، و أخذ الاجرة عليها، بل يجب إعدامها على الأحوط و لو بتغيير هيئتها، و يجوز بيع مادتها من الخشب و النحاس و الحديد بعد تغيير هيئتها بل قبله، لكن لا يجوز دفعها إلى المشتري، إلّا مع الوثوق بأن المشتري يغيرها، أما مع عدم الوثوق بذلك، فالظاهر جواز البيع و إن أثم بترك التغيير مع انحصار الفائدة في الحرام، أما إذا كانت لها فائدة و لو قليلة لم يجب تغييرها.

(مسألة 10): تحرم و لا تصح المعاملة بالدراهم الخارجة عن السكة المعمولة لأجل غش الناس

، فلا يجوز جعلها عوضاً أو معوضاً عنه في المعاملة مع جهل من تدفع إليه، أما مع علمه ففيه إشكال، و الأظهر الجواز، بل الظاهر جواز دفع الظالم بها من دون إعلامه بأنها مغشوشة، و في وجوب كسرها إشكال، و الأظهر عدمه.

(مسألة 11): يجوز بيع السباع، كالهر و الأسد و الذئب و نحوها

إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها، و كذا يجوز بيع الحشرات و المسوخات- إذا كانت كذلك كالعلق الذي يمص الدم ودود القز و نحل العسل و الفيل، أما إذا لم تكن لها منفعة محللة، فلا يجوز بيعها و لا يصح على الأظهر.

(مسألة 12): المراد بالمنفعة المحللة المجوزة للبيع الفائدة المحللة المحتاج إليها حاجة كثيرة غالباً

الباعثة على تنافس العقلاء على اقتناء العين سواء أ كانت الحاجة إليها في حال الاختيار أم في حال الاضطرار كالأدوية و العقاقير المحتاج إليها للتداوي.

(مسألة 13): المشهور المنع عن بيع أواني الذهب و الفضة للتزيين أو لمجرد الاقتناء

، و الأقوى الجواز، و إنما يحرم استعمالها كما مر.

(مسألة 14): يحرم و لا يصح بيع المصحف الشريف على الكافر

على الأحوط،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 10

و كذا يحرم تمكينه منه إلّا إذا كان تمكينه لإرشاده و هدايته أو لغاية صحيحة اخرى فلا بأس به حينئذ، و الأحوط استحباباً الاجتناب عن بيعه على المسلم فإذا اريدت المعاوضة عليه فلتجعل المعاوضة على الغلاف و نحوه، أو تكون المعاوضة بنحو الهبة المشروطة بعوض، و أما الكتب المشتملة على الآيات و الأدعية و أسماء اللّٰه تعالى فالظاهر جواز بيعها على الكافر، فضلًا عن المسلم، و كذا كتب أحاديث المعصومين عليهم السلام كما يجوز تمكينه منها.

(مسألة 15): يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل خمراً

، أو الخشب- مثلًا ليعمل صنماً، أو آلة لهو، أو نحو ذلك سواء أ كان تواطؤهما على ذلك في ضمن العقد أم في خارجه، و إذا باع و اشترط الحرام صح البيع و فسد الشرط، و كذا تحرم و لا تصح إجارة المساكن لتباع فيها الخمر، أو تحرز فيها، أو يعمل فيها شي ء من المحرمات، و كذا تحرم و لا تصح إجارة السفن أو الدواب أو غيرها لحمل الخمر، و الثمن و الاجرة في ذلك محرمان هذا إذا كان متعلق الإجارة هي المنفعة المحرّمة و أمّا إذا كان المتعلق نفس المنفعة و لكن شرط على المستأجر استيفاؤها بإحراز الخمر و نحوه فالباطل هو الشرط دون الإجارة و أما بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمراً، أو إجارة السكن ممن يعلم أنه يحرز فيه الخمر، أو يعمل بها شيئاً من المحرمات من دون تواطئهما على ذلك في عقد البيع أو الإجارة أو قبله، فقيل إنه حرام، و هو أحوط، و الأظهر الجواز.

(مسألة 16): يحرم على الأحوط تصوير ذوات الأرواح من الإنسان و الحيوان

إذا كانت مجسمة، و يحرم أخذ الاجرة عليه، أما تصوير غير المجسم أو غير ذوات الأرواح، كالشجر و غيره فلا بأس به، و يجوز أخذ الاجرة عليه، كما لا بأس بالتصوير الفوتغرافي المتعارف في عصرنا، و مثله تصوير بعض البدن كالرأس و الرجل و نحوهما، مما لا يعد تصويراً ناقصاً، أما إذا كان كذلك، مثل تصوير شخص مقطوع الرأس ففيه إشكال، أما لو كان تصويراً له على هيئة خاصة مثل: تصويره جالسا أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 11

واضعاً يديه خلفه أو نحو ذلك مما يعد تصويراً تامّاً فالظاهر هو الحرمة بل الأمر كذلك فيما إذا كانت الصورة ناقصة، و لكن النقص لا

يكون دخيلًا في الحياة كتصوير إنسان مقطوع اليد أو الرجل، و يجوز- على كراهة اقتناء الصور و بيعها و إن كانت مجسمة و ذوات أرواح.

(مسألة 17): الغناء حرام إذا وقع على وجه اللهو و الباطل

، بمعنى أن تكون الكيفية كيفية لهوية، و العبرة في ذلك بالصدق العرفي، و كذا استماعه و لا فرق على الأحوط في حرمته بين وقوعه في قراءة و دعاء و رثاء و غيرها و يستثنى منه غناء النساء في الأعراس إذا لم يضم إليه محرم آخر من الضرب بالطبل و التكلم بالباطل، و دخول الرجال على النساء و سماع أصواتهن على نحو يوجب تهييج الشهوة، و إلّا حرم ذلك.

(مسألة 18): معونة الظالمين في ظلمهم، حرام بل في كل محرّم على الأحوط

إذا لم يعدّ من أعوانهم أما معونتهم في غير المحرمات من المباحات و الطاعات فلا بأس بها، إلّا أن يعدّ الشخص من أعوانهم و المنسوبين إليهم فتحرم.

(مسألة 19): اللعب بآلات القمار كالشطرنج، و الدوملة، و الطاولي و غيرها مما اعد لذلك حرام مع الرهن

، و يحرم أخذ الرهن أيضاً، و لا يملكه الغالب. و يحرم اللعب بها إذا لم يكن رهن أيضاً، و يحرم اللعب بغيرها مع الرهن، كالمراهنة على حمل الوزن الثقيل، أو على المصارعة أو على القفز أو نحو ذلك، و يحرم أخذ الرهن، و أما إذا لم يكن رهن فالأظهر الجواز. و إذا جعل للفائز جائزة من غير اللاعبين فإنه لا بأس باللعب و لا بأخذ الجائزة.

(مسألة 20): عمل السحر حرام، و كذا تعليمه و تعلّمه و التكسب به

، و المراد منه ما يوجب الوقوع في الوهم بالغلبة على البصر أو السمع أو غيرهما، و في كون تسخير الجن أو الملائكة أو الإنسان من السحر إشكال و الأظهر تحريم ما كان مضراً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 12

بمن يحرم الإضرار به دون غيره.

(مسألة 21): القيافة- و هي إلحاق الناس بعضهم ببعض استنادا إلى علامات خاصة على خلاف الموازين الشرعية في الالحاق- حرام

إذا كانت قولًا بغير علم أو انطبق عليها عنوان محرّم آخر و لا اعتبار بقول القائف.

(مسألة 22): الشعبذة و هي إراءة غير الواقع واقعاً بسبب الحركة السريعة الخارجة عن العادة حرام

، إذا ترتب عليها عنوان محرم كالإضرار بمؤمن و نحوه.

(مسألة 23): الكهانة حرام على ما تقدّم في القيافة

و هي: الإخبار عن المغيبات بزعم أنه يخبره بها بعض الجان، أما إذا كان اعتماداً على بعض الأمارات الخفية فالظاهر أنه لا بأس به إذا اعتقد صحته أو اطمأن به.

(مسألة 24): النجش حرام

إذا انطبق عليه عنوان غش المسلم و إلّا فحرمته مبنية على الاحتياط و هو: أن يزيد الرجل في ثمن السلعة، و هو لا يريد شراءها، بل لأن يسمعه غيره فيزيد لزيادته، سواء أ كان ذلك عن مواطاة مع البائع أم لا.

(مسألة 25): التنجيم حرام

على ما تقدم في القيافة و هو: الإخبار عن الحوادث، مثل الرخص و الغلاء و الحر و البرد و نحوها، استناداً إلى الحركات الفلكية و الطوارئ الطارئة على الكواكب، من الاتصال بينها، أو الانفصال، أو الاقتران، أو نحو ذلك، باعتقاد تأثيرها في الحادث، على وجه ينافي الاعتقاد بالدين.

(مسألة 26): الغش حرام

. قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: «من غش أخاه المسلم نزع اللّٰه بركة رزقه، وسد عليه معيشته و وكله إلى نفسه» و يكون الغش بامور منها إخفاء الأدنى في الأعلى، كمزج الجيد بالردي ء و بإخفاء غير المراد في المراد، كمزج الماء باللبن، و بإظهار الصفة الجيدة مع أنها مفقودة واقعاً، مثل رش الماء على بعض الخضراوات ليتوهم أنها جديدة و بإظهار الشي ء على خلاف جنسه، مثل طلي الحديد بماء الفضة أو الذهب ليتوهم أنه فضة أو ذهب و قد يكون بترك الإعلام مع ظهور العيب و عدم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 13

خفائه، كما إذا أحرز البائع اعتماد المشتري عليه في عدم إعلامه بالعيب فاعتقد أنه صحيح و لم ينظر في المبيع ليظهر له عيبه، فإن عدم إعلام البائع بالعيب- مع اعتماد المشتري عليه- غش له.

(مسألة 27): الغش و إن حرم لا تفسد المعاملة به

، لكن يثبت الخيار للمغشوش، إذا كان البيع مبنياً على عدم الغش و ثبوت الخيار في غير هذا المورد محل تأمل، نعم في بيع المطلي بماء الذهب أو الفضة، يبطل البيع، و يحرم الثمن على البائع، و كذا أمثاله مما كان الغش فيه موجباً لاختلاف الجنس.

(مسألة 28): لا تصح الإجارة على العبادات التي لا تشرع

إلّا أن يأتي بها الأجير عن نفسه مجاناً، واجبة كانت أو مستحبة، عينية كانت أو كفائية، فلو استأجر شخصاً على فعل الفرائض اليومية، أو نوافلها أو صوم شهر رمضان، أو حجة الاسلام، أو تغسيل الأموات، أو تكفينهم أو الصلاة عليهم، أو غير ذلك من العبادات الواجبة أو المستحبة لم تصح الإجارة، إذا كان المقصود أن يأتي بها الأجير عن نفسه. نعم لو استأجره على أن ينوب عن غيره في عبادة من صلاة أو غيرها إذا كانت مما تشرع فيه النيابة جاز، و كذا لو استأجره على الواجب- غير العبادي- كوصف الدواء للمريض، أو العلاج له، أو نحو ذلك فإنه يصح، و كذا لو استأجره لفعل الواجبات التي يتوقف عليها النظام، كتعليم بعض علوم الزراعة و الصناعة و الطب، و لو استأجره لتعليم الحلال و الحرام فيما هو محل الابتلاء فالأحوط وجوباً البطلان و حرمة الاجرة. بل الصحة و الجواز فيما لا يكون محلًا للابتلاء لا يخلو من إشكال أيضاً.

(مسألة 29): يحرم النوح بالباطل

، يعني الكذب، و لا بأس بالنوح بالحق.

(مسألة 30): يحرم هجاء المؤمن

، و يجوز هجاء المخالف، و كذا الفاسق المبتدع، لئلا يؤخذ ببدعته.

(مسألة 31): يحرم الفحش من القول

، و منه ما يستقبح التصريح به إذا كان في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 14

الكلام مع الناس، غير الزوجة و الامة، أما معهما فلا بأس به.

(مسألة 32): تحرم الرشوة على القضاء بالحق أو الباطل

. و أما الرشوة على استنقاذ الحق من الظالم فجائزة، و إن حرم على الظالم أخذها.

(مسألة 33): يحرم حفظ كتب الضلال

مع احتمال ترتب الضلال لنفسه أو لغيره، فلو أمن من ذلك أو كانت هناك مصلحة أهم جاز و كذا يحرم بيعها و نشرها، و منها: الكتب الرائجة من التوراة و الإنجيل و غيرها هذا مع احتمال التضليل بها.

(مسألة 34): يحرم على الرجل لبس الذهب حتى التختم به

و نحوه، و أما التزين به من غير لبس كتلبيس مقدم الأسنان به فالظاهر جوازه.

(مسألة 35): يحرم الكذب: و هو الإخبار بما ليس بواقع

، و لا فرق في الحرمة بين ما يكون في مقام الجد و ما يكون في مقام الهزل، نعم إذا تكلم بصورة الخبر- هزلًا بلا قصد الحكاية و الإخبار فلا بأس به و مثله التورية بأن يقصد من الكلام معنى له واقع، و لكنه خلاف الظاهر كما أنه يجوز الكذب لدفع الضرر عن نفسه أو عن المؤمن، بل يجوز الحلف كاذباً حينئذ، و يجوز الكذب أيضاً للإصلاح بين المؤمنين، و الأحوط- استحباباً الاقتصار فيهما على صورة عدم إمكان التورية، و أما الكذب في الوعد، بأن يخلف في وعده فالظاهر جوازه على كراهة شديدة. نعم لو كان حال الوعد بانياً على الخلف فيحرم إذا انطبق عليه عنوان الكذب و لا فرق في ذلك بين وعد أهله بشي ء و هو لا يريد أن يفي به و غيره.

(مسألة 36): تحرم الولاية من قبل السلطان الجائر

، إلّا مع القيام بمصالح المؤمنين، و عدم ارتكاب ما يخالف الشرع المبين، و يجوز- أيضاً مع الاكراه من الجائر بأن يأمره بالولاية، و يتوعده على تركها، بما يوجب الضرر بدنياً أو مالياً عليه، أو على من يتعلق به، بحيث يكون الإضرار بذلك الشخص إضراراً بالمكره عرفاً، كالإضرار بأبيه أو أخيه أو ولده أو نحوهم ممن يهمه أمرهم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 15

(مسألة 37): ما يأخذه السلطان المخالف المدعي للخلافة العامة من الضرائب

المجعولة على الأراضي و الأشجار و النخيل يجوز شراؤه و أخذه منه مجاناً، بلا فرق بين الخراج و هو: ضريبة النقد، و المقاسمة و هي: ضريبة السهم من النصف و العشر و نحوهما، و كذا المأخوذ بعنوان الزكاة و الظاهر براءة ذمة المالك بالدفع إليه، بل الظاهر أنه لو لم تأخذه الحكومة و حولت شخصاً على المالك في أخذه منه، جاز للمحول أخذه، و برئت ذمة المحول عليه. و في جريان الحكم المذكور فيما يأخذه السلطان المسلم المؤالف أو المخالف الذي لا يدعي الخلافة العامة، أو الكافر إشكال.

(مسألة 38): إذا دفع إنسان مالًا له إلى آخر، ليصرفه في طائفة من الناس

، و كان المدفوع إليه منهم، فإن فهم من الدافع الإذن في الأخذ من ذلك المال جاز له أن يأخذ منه مثل أحدهم أو أكثر على حسب الإذن، و إن لم يفهم الإذن لم يجز الأخذ منه أصلًا، و إن دفع له شيئاً مما له مصرف خاص، كالزكاة ليصرفه في مصارفه، فله أن يأخذ منه بمقدار ما يعطيه لغيره إذا كان هو أيضاً من مصارفه، و لا يتوقف الجواز فيه على إحراز الإذن من الدافع.

(مسألة 39): جوائز الظالم حلال

، و إن علم إجمالًا أن في ماله حراماً، و كذا كل ما كان في يده يجوز أخذه منه و تملكه و التصرف فيه بإذنه، إلّا أن يعلم أنه غصب، فلو أخذ منه- حينئذ- وجب رده إلى مالكه، إن عرف بعينه، فإن جهل و تردد بين جماعة محصورة، فإن أمكن استرضاؤهم وجب، و إلّا رجع في تعيين مالكه إلى القرعة، و إن تردد بين جماعة غير محصورة تصدق به عن مالكه، مع الإذن من الحاكم الشرعي على الأحوط إن كان يائساً عن معرفته، و إلّا وجب الفحص عنه و إيصاله إليه.

(مسألة 40): يكره بيع الصرف

، و بيع الأكفان. و بيع الطعام و بيع العبيد، كما يكره أن يكون الإنسان جزاراً أو حجّاماً، و لا سيما مع الشرط بأن يشترط اجرة، و يكره

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 16

أيضاً التكسب بضراب الفحل، بأن يؤجره لذلك، أو بغير إجارة بقصد العوض، أما لو كان بقصد المجانية فلا بأس بما يعطى بعنوان الهدية.

(مسألة 41): لا يجوز بيع أوراق اليانصيب

، فإذا كان الإعطاء بقصد البدلية عن الفائدة المحتملة فالمعاملة باطلة، و أما إذا كان الإعطاء مجانا و بقصد الاشتراك في مشروع خيري فلا بأس به، و على كلا التقديرين فالمال المعطى لمن أصابت القرعة باسمه إذا كان المتصدي لها شركة غير أهلية من المال المجهول مالكه، لا بد من مراجعة الحاكم الشرعي لإصلاحه.

(مسألة 42): يجوز إعطاء الدم إلى المرضى المحتاجين إليه

. كما يجوز أخذ العوض في مقابله على ما تقدم.

(مسألة 43): يحرم حلق اللحية على الأحوط

، و يحرم أخذ الاجرة عليه كذلك، إلّا إذا كان ترك الحلق يوجب سخرية و مهانة شديدة لا تتحمل عند العقلاء، فيجوز حينئذ.

آداب التجارة

(مسألة 44): يستحب التفقه فيها ليعرف صحيح البيع و فاسده

و يسلم من الربا، و مع الشك في الصحة و الفساد لا يجوز له ترتيب آثار الصحة، بل يتعين عليه الاحتياط، و يستحب أن يساوي بين المبتاعين فلا يفرق بين المماكس و غيره بزيادة السعر في الأول أو بنقصه، أما لو فرق بينهم لمرجحات شرعية كالعلم و التقوى و نحوهما، فالظاهر أنه لا بأس به، و يستحب أن يقيل النادم و يشهد الشهادتين عند العقد، و يكبر اللّٰه تعالى عنده، و يأخذ الناقص و يعطى الراجح.

(مسألة 45): يكره مدح البائع سلعته

، و ذم المشتري لها، و كتمان العيب إذا لم يؤد إلى غش، و إلّا حرم كما تقدم، و الحلف على البيع، و البيع في المكان المظلم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 17

الذي يستتر فيه العيب، بل كل ما كان كذلك، و الربح على المؤمن زائداً على مقدار الحاجة، و على الموعود بالإحسان، و السوم ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس، و أن يدخل السوق قبل غيره و مبايعة الأدنين و ذوي العاهات و النقص في أبدانهم، و المحارفين، و طلب تنقيص الثمن بعد العقد، و الزيادة وقت النداء لطلب الزيادة أما الزيادة بعد سكوت المنادي فلا بأس بها، و التعرض للكيل أو الوزن أو العد أو المساحة إذا لم يحسنه حذراً من الخطأ، و الدخول في سوم المؤمن، بل الأحوط تركه. و المراد به الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري، أو بذل مبيع له غير ما بذله البائع، مع رجاء تمامية المعاملة بينهما، فلو انصرف أحدهما عنه، أو علم بعدم تماميتها بينهما فلا كراهة، و كذا لو كان البيع مبنياً على المزايدة، و أن يتوكل بعض أهل البلد لمن هو غريب عنها بل الأحوط استحباباً تركه،

و تلقي الركبان الذين يجلبون السلعة، و حدّه إلى ما دون أربعة فراسخ، فلو بلغ أربعة فراسخ فلا كراهة، و كذا لو اتفق ذلك بلا قصد. و الظاهر عموم الحكم لغير البيع من المعاملة، كالصلح و الإجارة و نحوهما.

(مسألة 46): يحرم الاحتكار

و هو: حبس السلعة و الامتناع من بيعها، لانتظار زيادة القيمة، مع حاجة المسلمين إليها، و عدم وجود الباذل لها، و الظاهر اختصاص الحكم بالحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن و الزيت لا غير، و إن كان الأحوط- استحبابا- إلحاق الملح بها بل كل ما يحتاج إليه عامة المسلمين من الملابس و المساكن و المراكب و غيرها بل يحرم الاحتكار في غير موارد اختصاص الحكم بها إذا كان موجباً لاختلال النظام، و يجبر المحتكر على البيع في الاحتكار المحرم، من دون أن يعين له السعر، نعم إذا كان السعر الذي اختاره مجحفاً بالعامة اجبر على الأقل منه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 18

الفصل الأول شروط العقد

اشارة

البيع كما يقال هو: نقل المال بعوض بما أن العوض مال، لا لخصوصية فيه و الاشتراء هو إعطاء الثمن بإزاء ما للمشتري غرض فيه بخصوصه في شخص المعاملة، فمن يبيع السكر مثلًا يريد حفظ مالية ماله في الثمن لكن المشتري إنما يطلب السكر لحاجته فيه، فإذا كان الغرض لكلا المتعاملين أمراً واحداً كمبادلة كتاب بكتاب- مثلا لم يكن هذا بيعاً، بل هو معاملة مستقلة. و لا يبعد أن يكون البيع هو تمليك المال بعوض و التمليك أمر إنشائي فكل من أنشأه فهو البائع، كما أن الشراء هو التملك بعوض فكل من أنشأ التملك أو الرضا بالتملّك فهو المشتري سواء كان الإنشاء بالقول أو الفعل.

(مسألة 47): يعتبر في البيع الإيجاب و القبول

، و يقع بكل لفظ دال على المقصود و إن لم يكن صريحاً فيه مثل: بعت و ملكت، و بادلت و نحوها في الإيجاب، و مثل: قبلت و رضيت و تملكت و اشتريت و نحوها في القبول، و لا تشترط فيه العربية، كما لا يقدح فيه اللحن في المادة أو الهيئة و يجوز إنشاء الإيجاب بمثل: اشتريت، و ابتعت، و تملكت و إنشاء القبول بمثل: شريت و بعت و ملكت.

(مسألة 48): إذا قال: بعني فرسك بهذا الدينار

، فقال المخاطب: بعتك فرسي بهذا الدينار، ففي صحته و ترتب الأثر عليه بلا أن ينضم إليه إنشاء القبول من الآمر إشكال، و كذلك الحكم في الولي عن الطرفين أو الوكيل عنهما فإنه لا يكتفى فيه بالإيجاب بدون القبول.

(مسألة 49): يعتبر في تحقق العقد الموالاة بين الإيجاب و القبول

فلو قال البائع: بعت، فلم يبادر المشتري إلى القبول حتى انصرف البائع عن البيع لم يتحقق العقد، و لم يترتب عليه الأثر. أما إذا لم ينصرف و كان ينتظر القبول، حتى قبل صح،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 19

كما أنه لا تعتبر وحدة المجلس فلو تعاقدا بالتليفون فأوقع أحدهما الإيجاب و قبل الآخر صح. أما المعاملة بالمكاتبة ففيها إشكال، و الأظهر الصحة، إن لم ينصرف البائع عن بيعه و كان ينتظر القبول.

(مسألة 50): الظاهر اعتبار التطابق بين الإيجاب و القبول

في الثمن و المثمن و سائر التوابع، فلو قال: بعتك هذا الفرس بدرهم، بشرط أن تخيط قميصي، فقال المشتري: اشتريت هذا الحمار بدرهم، أو هذا الفرس بدينار، أو بشرط أن أخيط عباءتك، أو بلا شرط شي ء أو بشرط أن تخيط ثوبي، أو اشتريت نصفه بنصف دينار، أو نحو ذلك من أنحاء الاختلاف لم يصح العقد، لو قال: بعتك هذا الفرس بدينار، فقال:

اشتريت كل نصف منه بنصف دينار ففي تحقق التطابق إشكال؛ لتعدد الشراء في القبول، و وحدة البيع في الإيجاب، و يختلف حكمهما كتعدد خيار المجلس مع تعدد البيع و عدم تعدده مع وحدته.

(مسألة 51): إذا تعذر اللفظ لخرس و نحوه قامت الإشارة مقامه

و إن تمكن من التوكيل، و كذا الكتابة مع العجز عن الإشارة. أما مع القدرة عليها ففي تقديم الإشارة أو الكتابة وجهان بل قولان، و الأظهر الجواز بكل منهما، بل بالكتابة مع التمكن من اللفظ أيضاً. نعم، في كفاية الإشارة مع التمكن منه إشكال.

(مسألة 52): الظاهر وقوع البيع بالمعاطاة

، بأن ينشئ البائع البيع بإعطائه المبيع إلى المشتري، و ينشئ المشتري القبول بإعطاء الثمن إلى البائع، و لا فرق في صحتها بين المال الخطير و الحقير، و قد تحصل بإعطاء البائع المبيع و أخذ المشتري بلا إعطاء منه، كما لو كان الثمن كلياً في الذمة أو بإعطاء المشتري الثمن و أخذ البائع له بلا إعطاء منه، كما لو كان المثمن كلياً في الذمة.

(مسألة 53): الظاهر أنه يعتبر في صحة البيع المعاطاتي جميع ما يعتبر في البيع

العقدي من شرائط العقد و العوضين و المتعاقدين، كما أن الظاهر ثبوت الخيارات

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 20

- الآتية إن شاء اللّٰه تعالى- على نحو ثبوتها في البيع العقدي.

(مسألة 54): الظاهر جريان المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات

بل الإيقاعات إلّا في موارد خاصة، كالنكاح و الطلاق و العتق و التحليل و النذر و اليمين، و الظاهر جريانها في الرهن و الوقف أيضاً.

(مسألة 55): في قبول البيع المعاطاتي للشرط سواء أ كان شرط خيار في مدة معينة أم شرط فعل، أم غيرهما: إشكال

، و إن كان القبول لا يخلو من وجه، فلو أعطى كل منهما ماله إلى الآخر قاصدين البيع، و قال أحدهما في حال التعاطي: جعلت لي الخيار إلى سنة مثلًا و قبل الآخر صح شرط الخيار، و كان البيع خيارياً.

(مسألة 56): لا يجوز تعليق البيع على أمر غير حاصل حين العقد

سواء أعلم حصوله بعد ذلك، كما إذا قال: بعتك إذا هل الهلال، أم جهل حصوله، كما لو قال:

بعتك إذا ولد لي ولد ذكر، و لا على أمر مجهول الحصول حال العقد، كما إذا قال:

بعتك إن كان اليوم يوم الجمعة مع جهله بذلك، أما مع علمه به فالوجه الجواز.

(مسألة 57): إذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد، فإن علم برضا البائع بالتصرف فيه حتى مع فساد العقد جاز له التصرف فيه

و إلّا وجب عليه رده إلى البائع، و إذا تلف- و لو من دون تفريط وجب عليه رد مثله إن كان مثلياً و قيمته إن كان قيمياً، و كذا الحكم في الثمن إذا قبضه البائع بالبيع الفاسد، و إذا كان المالك مجهولًا جرى عليه حكم المال المجهول مالكه، و لا فرق في جميع ذلك بين العلم بالحكم و الجهل به، و لو باع أحدهما ما قبضه كان البيع فضولياً و توقفت صحته على إجازة المالك و سيأتي الكلام فيه إن شاء اللّٰه تعالى.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 21

الفصل الثاني شروط المتعاقدين

(مسألة 58): يشترط في كل من المتعاقدين امور:

الأول: البلوغ

، فلا يصح عقد الصبي في ماله، و إن كان مميزاً، إذا لم يكن بإذن الولي، بل و إن كان بإذنه إذا كان الصبي مستقلًا في التصرف، و أما إذا كانت المعاملة من الولي و كان الصبي وكيلًا عنه في إنشاء الصيغة فالصحة لا تخلو من وجه وجيه، و كذا إذا كان تصرفه في غير ماله بإذن المالك، و إن لم يكن بإذن الولي.

الثاني: العقل

، فلا يصح عقد المجنون، و إن كان قاصداً إنشاء البيع.

الثالث: الاختيار
اشارة

، فلا يصح بيع المكره، و هو من يأمره غيره بالبيع المكروه له، على نحو يخاف من الإضرار به لو خالفه، بحيث يكون وقوع البيع منه من باب ارتكاب أقل المكروهين، و لو لم يكن البيع مكروها و قد أمره الظالم بالبيع فباع صح، و كذا لو أمره بشي ء غير البيع و كان ذلك الشي ء موقوفاً على البيع المكروه فباع فإنه يصح، كما إذا أمره بدفع مقدار من المال و لم يمكنه إلّا ببيع داره فباعها، فإنه يصح بيعها.

(مسألة 59): إذا اكره أحد الشخصين على بيع داره

، كما لو قال الظالم: فليبع زيد أو عمرو داره فباع أحدهما داره بطل البيع، إلّا إذا علم إقدام الآخر على البيع.

(مسألة 60): لو اكره على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل

، و لو باع الآخر بعد ذلك صح، و لو باعهما جميعاً دفعة بطل فيهما جميعاً.

(مسألة 61): لو أكرهه على بيع دابته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة

، و صح بيع الولد.

(مسألة 62): لا يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصي بالتورية

، فلو أكرهه على بيع داره فباعها- مع قدرته على التورية- لم يصح البيع.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 22

(مسألة 63): المراد من الضرر الذي يخافه، على تقدير عدم الاتيان بما اكره عليه ما يعم الضرر الواقع

على نفسه و ماله و شأنه، و على بعض من يتعلق به ممن يهمه أمره فلو لم يكن كذلك فلا إكراه، فلو باع حينئذ- صح البيع.

البيع الفضولي:

الرابع: من شرائط المتعاقدين القدرة على التصرف بكونه مالكاً أو وكيلًا عنه، أو مأذوناً منه، أو ولياً عليه
اشارة

، فلو لم يكن العاقد قادراً على التصرف لم يصح البيع، بل توقفت صحته على إجازة القادر على ذلك التصرف، مالكاً كان، أو وكيلًا عنه، أو مأذوناً منه، أو ولياً عليه، فإن أجاز صح، و إن رد بطل و هذا هو المسمى بعقد الفضولي. و المشهور أن الإجازة بعد الرد لا أثر لها، و لكنه لا يخلو عن إشكال، بل لا يبعد نفوذها. و أما الرد بعد الإجازة فلا أثر له جزماً.

(مسألة 64): لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي، فإن أجازه المالك صح

، و لا أثر للمنع السابق في البطلان.

(مسألة 65): إذا علم من حال المالك أنه يرضى بالبيع فباعه لم يصح

و توقفت صحته على الإجازة.

(مسألة 66): إذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنه مالك

، أو لبنائه على ذلك، كما في الغاصب، فأجازه المالك صح البيع و يرجع الثمن إلى المالك.

(مسألة 67): لا يكفي في تحقق الإجازة الرضا الباطني

، بل لا بد من الدلالة عليه بالقول مثل: رضيت، و أجزت، و نحو هما، أو بالفعل مثل أخذ الثمن، أو بيعه، أو الإذن في بيعه أو إجازة العقد الواقع عليه أو نحو ذلك.

(مسألة 68): الظاهر أن الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه

كشفاً حكمياً، فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الإجازة ملك مالك المبيع، و نماء المبيع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 23

ملك للمشتري هذا على تقدير كون المجيز هو المالك حال العقد و إلّا فالنقل و الانتقال من حين ملك المجيز.

(مسألة 69): لو باع باعتقاد كونه ولياً أو وكيلًا فتبين خلافه

فإن أجازه المالك صح و إن رد بطل، و لو باع باعتقاد كونه أجنبياً فتبين كونه ولياً أو وكيلًا صح، و لم يحتج إلى الإجازة، و لو تبين كونه مالكاً ففي صحة البيع- من دون حاجة إلى إجازته- إشكال و الأظهر هو الصحة.

(مسألة 70): لو باع مال غيره فضولًا، ثمّ ملكه قبل إجازة المالك

ففي صحته بلا حاجة إلى الإجازة أو توقفه على الإجازة أو بطلانه رأساً وجوه أقواها أوسطها.

(مسألة 71): لو باع مال غيره فضولًا فباعه المالك من شخص آخر صح بيع المالك

، و يصح بيع الفضولي أيضاً إن أجازه المشتري.

(مسألة 72): إذا باع الفضولي مال غيره و لم تتحقق الإجازة من المالك

، فإن كانت العين في يد المالك فلا إشكال، و إن كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه، و إن كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على كل من البائع و المشتري، و إن كانت تالفة رجع على البائع إن لم يدفعها إلى المشتري أو على أحدهما إن دفعها إليه بمثلها، إن كانت مثلية، و بقيمتها إن كانت قيمية.

(مسألة 73): المنافع المستوفاة مضمونة

، و للمالك الرجوع بها على من استوفاها، و كذا الزيادات العينية، مثل اللبن و الصوف و الشعر و السرجين و نحوها مما كانت له مالية، فإنها مضمونة على من استولى عليها كالعين، أما المنافع غير المستوفاة ففي ضمانها إشكال، و الضمان أظهر.

(مسألة 74): المثلي: ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها

الرغبات، و القيمي: ما لا يكون كذلك، فالآلات و الظروف و الأقمشة المعمولة في المعامل في هذا الزمان من المثلي، و الجواهر الأصلية من الياقوت و الزمرد و الألماس

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 24

و الفيروزج و نحوها من القيمي.

(مسألة 75): الظاهر أن المدار في القيمة المضمون بها القيمي قيمة زمان القبض

لا زمان التلف، و لا زمان الأداء.

(مسألة 76): إذا لم يمض المالك المعاملة الفضولية فعلى البائع الفضولي أن يرد الثمن

المسمى إلى المشتري، فإذا رجع المالك على المشتري ببدل العين من المثل أو القيمة فليس للمشتري الرجوع على البائع في مقدار الثمن المسمى. و يرجع في الزائد عليه إذا كان مغروراً، و إذا رجع المالك على البائع رجع البائع على المشتري بمقدار الثمن المسمى إذا لم يكن قد قبض الثمن، و لا يرجع في الزائد عليه إذا كان غاراً و إذا رجع المالك على المشتري ببدل نماء العين من الصوف و اللبن و نحوهما أو بدل المنافع المستوفاة أو غير ذلك، فإن كان المشتري مغروراً من قبل البائع، بأن كان جاهلًا بأن البائع فضولي، و كان البائع عالماً فأخبره البائع بأنه مالك، أو ظهر له منه أنه مالك رجع المشتري على البائع بجميع الخسارات التي خسرها للمالك، و إن لم يكن مغروراً من البائع كما إذا كان عالما بالحال، أو كان البائع أيضاً جاهلًا لم يرجع عليه بشي ء من الخسارات المذكورة، و إذا رجع المالك على البائع ببدل النماءات، فإن كان المشتري مغروراً من قبل البائع لم يرجع البائع على المشتري، و إن لم يكن مغروراً من قبل البائع رجع البائع عليه في الخسارة التي خسرها للمالك و كذا الحال في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الأيدي العادية على مال المالك، فإنه إن رجع المالك على السابق رجع السابق على اللاحق إن لم يكن مغروراً منه، و إلّا لم يرجع على اللاحق، و إن رجع المالك على اللاحق لم يرجع إلى السابق، إلّا مع كونه مغروراً منه، و كذا الحكم في المال غير المملوك لشخص كالزكاة المعزولة، و مال الوقف المجعول مصرفاً في جهة معينة أو غير معينة،

أو في مصلحة شخص أو أشخاص فإن الولي يرجع على ذي اليد عليه، مع وجوده، و كذا مع تلفه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 25

على النهج المذكور.

(مسألة 77): لو باع إنسان ملكه و ملك غيره صفقة واحدة صح البيع

فيما يملك، و توقفت صحة بيع غيره على إجازة المالك، فإن أجازه صح، و إلّا فلا، و حينئذ يكون للمشتري خيار تبعض الصفقة، فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه البائع.

(مسألة 78): طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن: أن يقوم كل من المالين بقيمته السوقية

، فيرجع المشتري بحصة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة مال غير البائع إلى مجموع القيمتين، فإذا كانت قيمة ماله عشرة و قيمة مال غيره خمسة، و الثمن ثلاثة يرجع المشتري بواحد الذي هو ثلث الثمن، و يبقى للبائع اثنان.

و هما ثلثا الثمن، هذا إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة و نقصها، أما لو كان الأمر كذلك وجب تقويم كل منهما في حال الانضمام إلى الآخر ثمّ تنسب قيمة كل واحد منهما إلى مجموع القيمتين، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة. مثلًا إذا باع الجارية و ابنتها بخمسة، و كانت قيمة الجارية في حال الانفراد ستة، و في حال الانضمام أربعة، و قيمة ابنتها بالعكس فمجموع القيمتين عشرة، فإن كانت الجارية لغير البائع رجع المشتري بخمسين، و هما اثنان من الثمن، و بقي للبائع ثلاثة أخماس، و إن كانت البنت لغير البائع رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن، و هو ثلاثة و بقي للبائع اثنان.

(مسألة 79): إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين على السوية فباع أحدهما نصف الدار

، فإن قامت القرينة على أن المراد نصف نفسه، أو نصف غيره، أو نصف في النصفين عمل على القرينة، و إن لم تقم القرينة على شي ء من ذلك حمل على نصف نفسه لا غير.

(مسألة 80): يجوز للأب و الجد للأب و إن علا التصرف في مال الصغير بالبيع

و الشراء و الإجارة و غيرها، و كل منهما مستقل في الولاية فلا يعتبر الإذن من الآخر،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 26

كما لا تعتبر العدالة في ولايتهما، و لا أن تكون مصلحة في تصرفهما، بل يكفي عدم المفسدة فيه، إلّا أن يكون التصرف تفريطاً منهما في مصلحة الصغير، كما لو اضطر الولي إلى بيع مال الصغير، و أمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل، فلا يجوز له البيع بقيمة المثل، و كذا لو دار الأمر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل، و زيادة درهمين، لاختلاف الأماكن أو الدلالين، أو نحو ذلك لم يجز البيع بالأقل، و إن كانت فيه مصلحة إذا عد ذلك تساهلًا عرفاً في مال الصغير، و المدار في كون التصرف مشتملًا على المصلحة أو عدم المفسدة على كونه كذلك في نظر العقلاء، لا بالنظر إلى علم الغيب، فلو تصرف الولي باعتقاد المصلحة فتبين أنه ليس كذلك في نظر العقلاء بطل التصرف، و لو تبين أنه ليس كذلك بالنظر إلى علم الغيب صح، إذا كانت فيه مصلحة بنظر العقلاء.

(مسألة 81): يجوز للأب و الجد التصرف في نفس الصغير بإجارته

لعمل ما أو جعله عاملًا في المعامل، و كذلك في سائر شئونه مثل تزويجه نعم ليس لهما طلاق زوجته، و هل لهما فسخ نكاحه عند حصول المسوغ للفسخ، وهبة المدة في عقد المتعة: وجهان و الثبوت أقرب.

(مسألة 82): إذا أوصى الأب أو الجد إلى شخص بالولاية بعد موته

على القاصرين نفذت الوصية، و صار الموصى إليه ولياً عليهم بمنزلة الموصي تنفذ تصرفاته. و يشترط فيه الرشد و الأمانة، و لا تشترط فيه العدالة على الأقوى. كما يشترط في صحة الوصية فقد الآخر، فلا تصح وصية الأب بالولاية على الطفل مع وجود الجد، و لا وصية الجد بالولاية على حفيده مع وجود الأب، و لو أوصى أحدهما بالولاية على الطفل، بعد فقد الآخر لا في حال وجوده، ففي صحتها إشكال.

(مسألة 83): ليس لغير الأب و الجد للأب و الوصي لأحدهما ولاية على الصغير

، و لو كان عماً أو اماً أو جداً للُام أو أخا كبيراً، فلو تصرف أحد هؤلاء في مال

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 27

الصغير، أو في نفسه، أو سائر شئونه لم يصح، و توقف على إجازة الولي.

(مسألة 84): تكون الولاية على الطفل للحاكم الشرعي

، مع فقد الأب و الجد و الوصي لأحدهما، و مع تعذر الرجوع إلى الحاكم فالولاية لعدول المؤمنين، لكن الأحوط الاقتصار على صورة لزوم الضرر في ترك التصرف، كما لو خيف على ماله التلف مثلًا فيبيعه العادل، لئلا يتلف، و لا يعتبر حينئذ أن تكون في التصرف فيه غبطة و فائدة، بل لو تعذر وجود العادل حينئذ لم يبعد جواز ذلك لسائر المؤمنين، و لو اتفق احتياج المكلف إلى دخول دار الأيتام و الجلوس على فراشهم، و الأكل من طعامهم، و تعذر الاستئذان من وليهم لم يبعد جواز ذلك، إذا عوضهم عن ذلك بمالٍ آخر، و لم يكن فيه ضرر عليهم و إن كان الأحوط تركه، و إذا كان التصرف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلى عوض. و اللّٰه سبحانه العالم.

الفصل الثالث شروط العوضين

اشارة

يشترط في المبيع أن يكون عيناً، سواء أ كان موجوداً في الخارج أم في الذمة، و سواء أ كانت الذمة ذمة البائع أم غيره، كما إذا كان له مال في ذمة غيره فباعه لشخص ثالث، فلا يجوز بيع المنفعة، كمنفعة الدار، و لا بيع العمل كخياطة الثوب، و أما الثمن فيجوز أن يكون عيناً أو منفعة أو عملًا.

(مسألة 85): المشهور على اعتبار أن يكون المبيع و الثمن ما لا يتنافس فيه العقلاء

، فكل ما لا يكون مالًا كبعض الحشرات لا يجوز بيعه، و لا جعله ثمناً، و هو الأظهر.

(مسألة 86): الحقوق مطلقاً من قبيل الأحكام

، فكما لا يصح بيعها لا يصح جعلها ثمناً، نعم في مثل حق التحجير القابل للانتقال يجوز جعل متعلق الحق بما هو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 28

كذلك ثمناً و يجوز جعل شي ء بإزاء رفع اليد عن الحق، فيما إذا كان قابلًا للإسقاط فقط.

(مسألة 87): يشترط في البيع أن لا يكون غررياً

و تكفي المشاهدة فيما تعارف بيعه بالمشاهدة، و لا تكفي في غير ذلك، بل لا بد أن يكون مقدار كل من العوضين المتعارف تقديره به عند البيع، من كيل أو وزن، أو عد، أو مساحة معلوماً، و لا بأس بتقديره بغير المتعارف فيه عند البيع، كبيع المكيل بالوزن، و بالعكس إذا لم يكن البيع غررياً، و إذا كان الشي ء مما يباع في حال بالمشاهدة، و في حال اخرى بالوزن أو الكيل، كالثمر يباع على الشجر بالمشاهدة و في المخازن بالوزن، و الحطب محمولًا على الدابة بالمشاهدة و في المخزن بالوزن، و اللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة و في المخازن بالكيل فصحة بيعه مقدّراً أو مشاهداً تابعة للمتعارف.

(مسألة 88): يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر

، كيلًا أو وزناً، أو عدّاً، و لا فرق بين عدالة البائع و فسقه، و الأحوط اعتبار حصول اطمئنان المشتري بإخباره، و لو تبين الخلاف بالنقيصة كان المشتري بالخيار في الفسخ و الإمضاء بتمام الثمن و لو تبينت الزيادة كان البائع بالخيار بين الفسخ و الإمضاء بتمام المبيع، و قيل: يرجع المشتري على البائع بثمن النقيصة في الأول، و تكون الزيادة للبائع في الثاني و هو ضعيف.

(مسألة 89): لا بد في مثل القماش و الأرض و نحوهما- مما يكون تقديره بالمساحة دخيلًا في زيادة القيمة- معرفة مقداره

، و لا يكتفى في بيعه بالمشاهدة إلّا إذا كانت المشاهدة رافعة للغرر كما هو الغالب في بيع الدور و الفرش و نحوهما.

(مسألة 90): إذا اختلفت البلدان في تقدير شي ء، بأن كان موزوناً في بلد، و معدوداً في آخر

، و مكيلًا في ثالث، فالظاهر أن المدار في التقدير بلد المعاملة.

و لكن يجوز البيع بالتقدير الآخر أيضاً إذا لم يكن فيه غرر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 29

(مسألة 91): قد يؤخذ الوزن شرطاً في المكيل أو المعدود

، أو الكيل شرطاً في الموزون، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدبس، بشرط أن يكون كيلها صاعاً، فيتبين أن كيلها أكثر من ذلك لرقة الدبس، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش، بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال، فيتبين أن وزنها تسعمائة، لعدم إحكام النسج، أو يبيعه عشرة أذرع من الكتان، بشرط أن يكون وزنه مائة مثقال، فيتبين أن وزنه مائتا مثقال لغلظة خيوطه و نحو ذلك، مما كان التقدير فيه ملحوظاً صفة كما للمبيع لا مقوماً له، و الحكم أنه مع التخلف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري، لتخلف الوصف، فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن، و الزيادة للمشتري على كل حال.

(مسألة 92): يشترط معرفة جنس العوضين و صفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها

، كالألوان و الطعوم و الجودة و الرداءة و الرقة و الغلظة و الثقل و الخفة و نحو ذلك، مما يوجب اختلاف القيمة، أما ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته، و إن كان مرغوباً عند قوم، و غير مرغوب عند آخرين، و المعرفة إما بالمشاهدة، أو بتوصيف البائع، أو بالرؤية السابقة هذا في بيع السلف و الكلي، و أما إذا كان العوضان شخصيين ففي اعتبار معرفة الصفات التي لا تكون مقومة لعنوانهما عرفاً تأمّل.

(مسألة 93): يشترط أن يكون كل واحد من العوضين ملكاً

، مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس، أو ما هو بمنزلته، كبيع الكلي في الذمة أو بيع مال شخصي مختص بجهة من الجهات مثل بيع ولي الزكاة بعض أعيان الزكاة و شرائه العلف لها، و عليه فلا يجوز بيع ما ليس كذلك: مثل بيع السمك في الماء و الطير في الهواء، و شجر البيداء قبل أن يصطاد أو يحاز.

(مسألة 94): يصح للراهن بيع العين المرهونة بإذن المرتهن

، و كذلك لو أجازه بعد وقوعه، و الأظهر صحة البيع مع عدم إجازته أيضاً إلّا أنه يثبت الخيار حينئذ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 30

للمشتري إذا كان جاهلًا بالحال حين البيع.

(مسألة 95): لا يجوز بيع الوقف إلّا في موارد

: منها: أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، كالحيوان المذبوح، و الجذع البالي، و الحصير المخرق.

و منها: أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتد به، مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفاً. و منها: ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر، من قلة المنفعة أو كثرة الخراج، أو كون بيعه أنفع، أو احتياجهم إلى عوضه، أو نحو ذلك.

و منها: ما إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم، بحيث لا يؤمن معه من تلف النفوس و الأموال. و منها، ما لو علم أن الواقف لاحظ في قوام الوقف عنواناً خاصاً في العين الموقوفة، مثل كونها بستاناً، أو حماماً فيزول ذلك العنوان، فإنه يجوز البيع- حينئذ و إن كانت الفائدة باقية بحالها أو أكثر. و منها: ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتد بها عرفاً، و اللازم حينئذ تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء.

(مسألة 96): ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في المساجد

، فإنها لا يجوز بيعها على كل حال. نعم، يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين، و كتب العلم و المدارس و الرباطات الموقوفة على الجهات الخاصة.

(مسألة 97): إذا جاز بيع الوقف، فإن كان من الأوقاف غير المحتاجة إلى المتولي

كالوقف على الأشخاص المعينين لم تحتج إلى إجازة غيرهم، و إلّا فإن كان له متول خاص فاللازم مراجعته، و يكون البيع بإذنه، و إلّا فالأحوط مراجعة الحاكم الشرعي، و الاستئذان منه في البيع، كما أن الأحوط أن يشتري بثمنه ملكاً، و يوقف على النهج الذي كان عليه الوقف الأول، نعم لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض و صرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر، أو في وقف آخر إذا كان موقوفاً على نهج وقف الخراب. و إذا خرب الوقف و لم يمكن الانتفاع به و أمكن بيع بعضه و تعمير

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 31

الباقي بثمنه فالأحوط الاقتصار على بيع بعضه و تعمير الباقي بثمنه.

(مسألة 98): لا يجوز بيع الأمة إذا كانت ذات ولد لسيدها

، و لو كان حملًا غير مولود، و كذا لا يجوز نقلها بسائر النوافل، و إذا مات ولدها جاز بيعها، كما يجوز بيعها في ثمن رقبتها مع إعسار المولى، و في هذه المسألة فروع كثيرة لم نتعرض لها لقلة الابتلاء بها.

(مسألة 99): لا يجوز بيع الأرض الخراجية

. و هي: الأرض المفتوحة عنوة العامرة حين الفتح، فإنها ملك للمسلمين من وجد و من يوجد، و لا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما، و أن لا تكون. بل الظاهر عدم جواز التصرف فيها إلّا بإذن الحاكم الشرعي، إلّا أن تكون تحت سلطة السلطان المدعي للخلافة العامة فيكفي الاستئذان منه، بل في كفاية الاستئذان من الحاكم الشرعي- حينئذ إشكال، و لو ماتت الأرض العامرة- حين الفتح فلا يبعد أنها تملك بالإحياء.

أما الأرض الميتة في زمان الفتح فهي ملك للإمام عليه السلام، و إذا أحياها أحد ملكها بالإحياء، مسلماً كان المحيي أو كافراً، و ليس عليه دفع العوض، و إذا تركها حتى ماتت فهي على ملكه، و لكنه إذا ترك زرعها و أهملها و لم ينتفع بها بوجه، جاز لغيره زرعها، و هو أحق بها منه و إن كان الأحوط استحباباً عدم زرعها بلا إذن منه إذا عرف مالكها، إلّا إذا كان المالك قد أعرض عنها، و إذا أحياها السلطان المدعي للخلافة على أن تكون للمسلمين لحقها حكم الأرض الخراجية.

(مسألة 100): في تعيين أرض الخراج إشكال

، و قد ذكر العلماء و المؤرخون مواضع كثيرة منها. و إذا شك في أرض أنها كانت ميتة أو عامرة- حين الفتح تحمل على أنها كانت ميتة، فيجوز إحياؤها و تملكها إن كانت حية، كما يجوز بيعها و غيره من التصرفات الموقوفة على الملك.

(مسألة 101): يشترط في كل من العوضين أن يكون مقدوراً على تسليمه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 32

فلا يجوز بيع الجمل الشارد، أو الطير الطائر، أو السمك المرسل في الماء، و لا فرق بين العلم بالحال و الجهل بها، و لو باع العين المغصوبة و كان المشتري قادراً على أخذها من الغاصب صح، كما أنه يصح بيعها على الغاصب أيضاً، و إن كان البائع لا يقدر على أخذها منه، ثمّ دفعها إليه، و إذا كان المبيع مما لا يستحق المشتري أخذه، كما لو باع من ينعتق على المشتري صح، و إن لم يقدر على تسليمه.

(مسألة 102): لو علم بالقدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل

، و لو علم العجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحة.

(مسألة 103): لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه

، لكن علم بحصولها بعده، فإن كانت المدة يسيرة صح، و إذا كانت طويلة لا يتسامح بها، فإن كانت مضبوطة كسنة أو أكثر فالظاهر الصحة مع علم المشتري بها و كذا مع جهله بها، لكن يثبت الخيار للمشتري، و إن كانت غير مضبوطة فالظاهر البطلان، كما لو باعه دابة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه.

(مسألة 104): إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته

، و إن كان وكيلًا في إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك، و إن كان وكيلًا في المعاملة كعامل المضاربة، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في صحة المعاملة، فإذا لم يقدرا بطل البيع.

(مسألة 105): يجوز بيع العبد الآبق مع الضميمة

، إذا كانت ذات قيمة معتد بها.

الفصل الرابع الخيارات

اشارة

الخيار حق يقتضي السلطنة على فسخ العقد برفع مضمونه و هو أقسام:

الأول: خيار المجلس:

اشارة

أي مجلس البيع فإنه إذا وقع البيع كان لكل من البائع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 33

و المشتري الخيار في المجلس ما لم يفترقا، فإذا افترقا عرفاً لزم البيع و انتفى الخيار و لو كان المباشر للعقد الوكيل كان الخيار للمالك، فإن الوكيل وكيل في إجراء الصيغة فقط، و ليس له الفسخ عن المالك، و لو كان وكيلًا في تمام المعاملة و شئونها كان له الفسخ عن المالك، و المدار على اجتماع المباشرين و افتراقهما لا المالكين، و لو فارقا المجلس مصطحبين بقي الخيار لهما حتى يفترقا، و لو كان الموجب و القابل واحداً وكالة عن المالكين أو ولاية عليهما، ففي ثبوت الخيار إشكال، بل الأظهر العدم. نعم، إذا كان وكيلًا عن مالكين مجتمعين في مجلس العقد فيثبت الخيار لكل منهما و يسقط مع افتراقهما.

(مسألة 106): هذا الخيار يختص بالبيع

و لا يجري في غيره من المعاوضات.

(مسألة 107): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد

، كما يسقط بإسقاطه بعد العقد.

الثاني: خيار الحيوان:

اشارة

كل من اشترى حيواناً- إنسانا كان أو غيره- ثبت له الخيار ثلاثة أيام مبدؤها زمان العقد، و إذا كان العقد في أثناء النهار لفق المنكسر من اليوم الرابع، و الليلتان المتوسطتان داخلتان في مدة الخيار، و كذا الليلة الثالثة في صورة تلفيق المنكسر، و إذا لم يفترق المتبايعان حتى مضت ثلاثة أيام سقط خيار الحيوان، و بقي خيار المجلس.

(مسألة 108): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد

، كما يسقط بإسقاطه بعده، و بالتصرف في الحيوان تصرفاً يدل على إمضاء العقد و اختيار عدم الفسخ أو تصرفاً حكم الشرع بكونه رضاً ببقاء العقد كالنظر إلى بدن الأمة المشتراة أو لمسه بما يحرم لغير مالكها.

(مسألة 109): يثبت هذا الخيار للبائع أيضاً

، إذا كان الثمن حيواناً.

(مسألة 110): يختص هذا الخيار أيضا بالبيع

، و لا يثبت في غيره من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 34

المعاوضات.

(مسألة 111): إذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار

كان تلفه من مال البائع، و رجع المشتري عليه بالثمن إذا كان دفعه إليه.

(مسألة 112): إذا طرأ عيب في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من الفسخ و الرد

، و إن كان بتفريط منه سقط خياره.

الثالث: خيار الشرط:

اشارة

و المراد به: الخيار المجعول باشتراطه في العقد، إما لكل من المتعاقدين أو لأحدهما بعينه، أو لأجنبي.

(مسألة 113): لا يتقدر هذا الخيار بمدة معينة

، بل يجوز اشتراطه في أي مدة كانت قصيرة أو طويلة، متصلة أو منفصلة عن العقد، نعم لا بد من تعيين مبدئها و تقديرها بقدر معين، فلا يجوز جعل الخيار بلا مدة، و لا جعله مدة غير محدودة قابلة للزيادة و النقيصة و موجبة للغرر، و إلّا بطل العقد و في جواز اشتراط الخيار ما دام العمر في البيع تأمّل نعم يجوز ذلك في مثل الصلح و الهبة المعوضة و نحوهما مما لا بأس فيه بالغرر.

(مسألة 114): إذا جعل الخيار شهراً كان الظاهر منه المتصل بالعقد

و كذا الحكم في غير الشهر من السنة أو الاسبوع أو نحوهما، و إذا جعل الخيار شهراً مردداً بين الشهور احتمل البطلان من جهة عدم التعيين، لكن الظاهر الصحة فإن مرجع ذلك هو جعل الخيار في تمام تلك الشهور، هذا إذا كانت الشهور محدودة من حيث المنتهى و إلّا كان كشرط الخيار ما دام العمر و قد تقدم الإشكال فيه.

(مسألة 115): لا يجوز اشتراط الخيار في الإيقاعات

، كالطلاق و العتق، و لا في العقود الجائزة، كالوديعة و العارية، و يجوز اشتراطه في العقود اللازمة عدا النكاح، و في جواز اشتراطه في الصدقة و في الهبة اللازمة و في الضمان إشكال، و إن كان الأظهر عدم الجواز في الأخير و الجواز في الثاني.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 35

(مسألة 116): يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معينة متصلة بالعقد

، أو منفصلة عنه، على نحو يكون له الخيار في حال رد الثمن بنفسه مع وجوده أو ببدله مع تلفه، و يسمى بيع الخيار فإذا مضت مدة الخيار لزم البيع و سقط الخيار و امتنع الفسخ، و إذا فسخ في المدة من دون رد الثمن أو بدله مع تلفه لا يصح الفسخ، و كذا لو فسخ قبل المدة فلا يصح الفسخ إلّا في المدة المعينة، في حال رد الثمن أو رد بدله مع تلفه، ثمّ إن الفسخ إما أن يكون بإنشاء مستقل في حال الرد، مثل فسخت و نحوه، أو يكون بنفس الرد، على أن يكون إنشاء الفسخ بالفعل و هو الرد، لا بقوله: فسخت، و نحوه.

(مسألة 117): المراد من رد الثمن إحضاره عند المشتري، و تمكينه منه

، فلو أحضره كذلك جاز له الفسخ و إن امتنع المشتري من قبضه.

(مسألة 118): الظاهر أنه يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن

، كما يجوز اشتراط الفسخ في بعض المبيع بذلك.

(مسألة 119): إذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبة

، أو جنون، أو نحوهما مما يرجع إلى قصور فيه فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه، و لو كان الحاكم الشرعي أو وكيله، فإذا مكنه من الثمن جاز له الفسخ.

(مسألة 120): نماء المبيع من زمان العقد إلى زمان الفسخ للمشتري

، كما أن نماء الثمن للبائع.

(مسألة 121): لا يجوز للمشتري فيما بين العقد إلى انتهاء مدة هذا الخيار التصرف الناقل للعين

من هبة أو بيع أو نحو هما، و لو تلف المبيع كان ضمانه على المشتري، و لا يسقط بذلك خيار البائع، إلّا إذا كان المقصود من الخيار المشروط خصوص الخيار في حال وجود العين بحيث يكون الفسخ موجباً لرجوعها نفسها إلى البائع، لكن الغالب الأول.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 36

(مسألة 122): إذا كان الثمن المشروط رده دَيناً في ذمة البائع

كما إذا كان للمشتري دَين في ذمة البائع فباعه بذلك الدين، و اشترط الخيار مشروطاً برده كفي في رده إعطاء فرد منه، و إذا كان الثمن عيناً من النقود في يد البائع فيكفي في ثبوت الخيار دفع مثلها للمشتري. و إذا كان الثمن كلياً في ذمة المشتري فدفع منه فرداً إلى البائع بعد وقوع البيع فالظاهر كفاية رد فرد آخر في صحة الفسخ.

(مسألة 123): لو اشترى الولي شيئا للمولّى عليه ببيع الخيار، فارتفع حجره

قبل انقضاء المدة- كان الفسخ مشروطاً برد الثمن إليه، و لا يكفي الرد إلى وليه، و لو اشترى أحد الوليين كالأب ببيع الخيار جاز الفسخ بالرد إلى الولي الآخر كالجد، إلّا أن يكون المشروط الرد إلى خصوص الولي المباشر للشراء.

(مسألة 124): إذا مات البائع قبل إعمال الخيار انتقل الخيار إلى ورثته

، فلهم الفسخ بردهم الثمن إلى المشتري، و يشتركون في المبيع على حساب سهامهم، و لو امتنع بعضهم عن الفسخ لم يصح للبعض الآخر الفسخ، لا في تمام المبيع و لا في بعضه، و لو مات المشتري كان للبائع الفسخ برد الثمن إلى ورثته.

(مسألة 125): يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري برد المبيع إلى البائع

، و الظاهر منه رد نفس العين، فلا يكفي رد البدل حتى مع تلفها إلّا أن تقوم قرينة على إرادة ما يعم رد البدل عند التلف، كما يجوز أيضا اشتراط الخيار لكل منهما عند رد ما انتقل إليه بنفسه أو ببدله عند تلفه.

(مسألة 126): لا يجوز اشتراط الخيار في الفسخ برد البدل مع وجود العين

، بلا فرق بين رد الثمن ورد المثمن، و في جواز اشتراطه برد القيمة في المثلي، أو المثل في القيمي مع التلف إشكال، و إن كان الأظهر أيضاً العدم و يجري فيه أيضاً ما تقدم في المسألة 122.

(مسألة 127): يسقط هذا الخيار، بانقضاء المدة المجعولة له

، مع عدم الرد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 37

و بإسقاطه بعد العقد.

الرابع: خيار الغبن:

اشارة

إذا باع بأقل من قيمة المثل، ثبت له الخيار، و كذا إذا اشترى بأكثر من قيمة المثل، و لا يثبت هذا الخيار للمغبون، إذا كان عالماً بالحال.

(مسألة 128): يشترط في ثبوت الخيار للمغبون أن يكون التفاوت موجباً للغبن

عرفاً، بأن يكون مقداراً لا يتسامح به عند غالب الناس فلو كان جزئياً غير معتد به لقلته لم يوجب الخيار، و حدّه بعضهم بالثلث و آخر بالربع و ثالث بالخمس، و لا يبعد اختلاف المعاملات في ذلك فالمعاملات التجارية المبنية على المماكسة الشديدة يكفي في صدق الغبن فيها العشر بل نصف العشر بل الأقل، و أما المعاملات العادية فلا يكفي فيها ذلك و المدار على ما عرفت من عدم المسامحة الغالبية.

(مسألة 129): الظاهر كون الخيار المذكور ثابتاً من حين العقد

لا من حين ظهور الغبن فلو فسخ قبل ظهور الغبن صح فسخه مع ثبوت الغبن واقعاً.

(مسألة 130): ليس للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت

و ترك الفسخ و لو بذل له الغابن التفاوت لم يجب عليه القبول بل يتخير بين فسخ البيع من أصله و إمضائه بتمام الثمن المسمى، نعم لو تصالحا على إسقاط الخيار بمال صح الصلح و سقط الخيار و وجب على الغابن دفع عوض المصالحة.

يسقط الخيار المذكور بامور:

أولها: إسقاطه بعد العقد و إن كان قبل ظهور الغبن و لو أسقطه بزعم كون التفاوت عشرة فتبين كونه مائة فإن كان التفاوت بالأقل ملحوظاً قيداً بطل الإسقاط و إن كان ملحوظاً من قبيل الداعي كما هو الغالب صح و كذا الحال لو صالحه عليه بمال.

ثانيها: اشتراط سقوطه في متن العقد و إذا اشترط سقوطه بزعم كونه عشرة فتبين أنه مائة جرى فيه التفصيل السابق.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 38

ثالثها: تصرف المغبون بائعاً كان أو مشترياً فيما انتقل إليه تصرفاً يدل على الالتزام بالعقد، هذا إذا كان بعد العلم بالغبن أما لو كان قبله فالمشهور عدم السقوط به و لا يخلو من تأمل، بل البناء على السقوط به لو كان دالّا على الالتزام بالعقد لا يخلو من وجه، نعم إذا لم يدل على ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن فلا يسقط الخيار به و لو كان متلفاً للعين أو مخرجاً لها عن الملك أو مانعاً عن الاسترداد كالاستيلاد.

(مسألة 131): إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع

فإن كان المبيع موجوداً عند المشتري استرده منه، و إن كان تالفاً بفعله أو بغير فعله رجع بمثله، إن كان مثلياً، و بقيمته إن كان قيمياً، و إن وجده معيباً بفعله أو بغير فعله أخذه مع أرش العيب، و إن وجده خارجاً عن ملك المشتري بأن نقله إلى غيره بعقد لازم كالبيع و الهبة المعوضة أو لذي

الرحم، فالظاهر أنه بحكم التالف فيرجع عليه بالمثل أو القيمة و ليس له إلزام المشتري بإرجاع العين بشرائها أو استيهابها بل لا يبعد ذلك لو نقلها بعقد جائز كالهبة و البيع بخيار فلا يجب عليه الفسخ و إرجاع العين، بل لو اتفق رجوع العين إليه بإقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد دفع البدل من المثل أو القيمة لم يجب عليه دفعها إلى المغبون. نعم، لو كان رجوع العين إليه قبل دفع البدل وجب إرجاعها إليه و أولى منه في ذلك لو كان رجوعها إليه قبل فسخ المغبون، بلا فرق بين أن يكون الرجوع بفسخ العقد السابق و أن يكون بعقد جديد، فإنه يجب عليه دفع العين نفسها إلى الفاسخ المغبون و لا يجتزي بدفع البدل من المثل أو القيمة، و إذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون لكنه قد نقل منفعتها إلى غيره بعقد لازم كالإجارة اللازمة أو جائز كالإجارة المشروط فيها الخيار لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع إمكانها، بل يدفع العين و أرش النقصان الحاصل بكون العين مسلوبة المنفعة مدة الإجارة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 39

(مسألة 132): إذا فسخ البائع المغبون و كان المشتري قد تصرف في المبيع

تصرفاً مغيراً له فإما أن يكون بالنقيصة أو بالزيادة أو بالامتزاج بغيره، فإن كان بالنقيصة أخذ البائع من المشتري المبيع مع أرش النقيصة، و إن كان بالزيادة فإما أن تكون الزيادة صفة محضة كطحن الحنطة و صياغة الفضة و قصارة الثوب، و إما أن تكون صفة مشوبة بالعين كصبغ الثوب، و إما أن تكون عيناً غير قابلة للفصل كسمن الحيوان و نمو الشجرة أو قابلة للفصل كالثمرة و البناء و الغرس و الزرع. فإن كانت صفة محضة أو صفة

مشوبة بالعين، فإن لم تكن لها مالية لعدم زيادة قيمة العين بها فالمبيع للبائع و لا شي ء للمشتري، و كذا إن كانت لها مالية و لم تكن بفعل المشتري كما إذا اشترى منه عصا عوجاء فاعتدلت أو خلّاً قليل الحموضة فزادت حموضته، و إن كانت لها مالية و كانت بفعل المشتري، فلكون الصفة للمشتري و شركته مع الفاسخ بالقيمة وجه، لكنه ضعيف و الأظهر أنه لا شي ء للمشتري، و إن كانت الزيادة عيناً فإن كانت غير قابلة للانفصال كسمن الحيوان و نمو الشجرة فلا شي ء للمشتري أيضاً، و إن كانت قابلة للانفصال كالصوف و اللبن و الشعر و الثمر و البناء و الزرع كانت الزيادة للمشتري، و حينئذ فإن لم يلزم من فصل الزيادة ضرر على المشتري حال الفسخ كان للبائع إلزام المشتري بفصلها كاللبن و الثمر، بل له ذلك و إن لزم الضرر على المشتري من فصلها، و إذا أراد المشتري فصلها فليس للبائع منعه عنه، و إذا أراد المشتري فصل الزيادة بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء فحدث من ذلك نقص على الأرض تداركه، فعليه طم الحفر و تسوية الأرض و نحو ذلك، و إن كان بالامتزاج بغير الجنس فحكمه حكم التالف يضمنه المشتري ببدله من المثل أو القيمة سواء عد المبيع مستهلكاً عرفاً كامتزاج ماء الورد المبيع بالماء، أم لم يعد مستهلكاً بل عد موجوداً على نحو المزج مثل خلط الخل بالعسل أو السكر فإن الفاسخ بفسخه يملك الخل مثلًا. و المفروض أنه لا وجود له و إنما الموجود طبيعة ثالثة حصلت من المزج فلا مناص من الضمان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 40

بالمثل أو القيمة و إن كان خلطه

بجنسه و كان مماثلًا له في الرداءة و الجودة ففي الضمان بالمثل إشكال لإمكان ردّ بعض المبيع بعينه بل الأظهر ثبوت الشركة بحسب كمية العينين، و إن كان خلطه بالأجود أو الأردأ فيجري الإشكال أيضاً بناءً على ضمان المثلي بمطلق المثل كما عليه ظاهر بعض الأصحاب و لكنه ضعيف.

(مسألة 133): إذا فسخ المشتري المغبون و كان قد تصرف في المبيع

تصرفاً غير مسقط لخياره لجهله بالغبن، فتصرفه أيضاً تارة لا يكون مغيراً للعين و اخرى يكون مغيراً لها بالنقيصة أو الزيادة أو بالمزج. و تأتي فيه الصور المتقدمة و تجري عليه أحكامها، و هكذا لو فسخ المشتري المغبون و كان البائع قد تصرف في الثمن أو فسخ البائع المغبون و كان هو قد تصرف في الثمن تصرفاً غير مسقط لخياره فإن حكم تلف العين و نقل المنفعة و نقص العين و زيادتها و مزجها بغيرها و حكم سائر الصور التي ذكرناها هناك جار هنا على نهج واحد.

(مسألة 134): الظاهر أن الخيار في الغبن ليس على الفور

فلو أخّر إنشاء الفسخ عالماً عامداً لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ و عدمه و نحو ذلك من الأغراض الصحيحة لم يسقط خياره فضلًا عما لو أخّره جاهلًا بالغبن أو بثبوت الخيار للمغبون أو غافلًا عنه أو ناسياً له فيجوز له الفسخ إذا علم أو التفت.

(مسألة 135): الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة مبنية على المماكسة

صلحاً كانت أو إجارة أو غيرهما.

(مسألة 136): إذا اشترى شيئين صفقة بثمنين

كعبد بعشرة و فرس بعشرة و كان مغبوناً في شراء الفرس جاز له الفسخ و يكون للبائع الخيار في بيع العبد.

(مسألة 137): إذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي

و كان قيمياً ففسخ المغبون رجع عليه بقيمة التالف و في كونها قيمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو زمان الأداء وجوه أقواها الثاني، و لو كان التلف بإتلاف المغبون لم يرجع عليه بشي ء، و لو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 41

كان بإتلاف أجنبي ففي رجوع المغبون بعد الفسخ على الغابن أو على الأجنبي أو يتخير في الرجوع على أحدهما وجوه أقواها الأول، و يرجع الغابن على الأجنبي، و كذا الحكم لو تلف ما في يد المغبون ففسخ بعد التلف فإنه إن كان التلف بفعل الغابن لم يرجع على المغبون بشي ء، و إن كان بآفة سماوية أو بفعل المغبون أو بفعل أجنبي رجع على المغبون بقيمة يوم الفسخ، و رجع المغبون على الأجنبي إن كان هو المتلف و حكم تلف الوصف الموجب للأرش حكم تلف العين.

الخامس: خيار التأخير:

اشارة

إطلاق العقد يقتضي أن يكون تسليم كل من العوضين فعلياً فلو امتنع أحد الطرفين عنه اجبر عليه فإن لم يسلم كان للطرف الآخر فسخ العقد بل لا يبعد جواز الفسخ عند الامتناع قبل الإجبار أيضاً، و لا يختص هذا الخيار بالبيع بل يجري في كل معاوضة، و يختص البيع بخيار و هو المسمى بخيار التأخير، و يتحقق فيما إذا باع سلعة و لم يقبض الثمن و لم يسلم المبيع حتى يجي ء المشتري بالثمن فإنه يلزم البيع ثلاثة أيام فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة و إلّا فللبائع فسخ البيع، و لو تلفت السلعة كانت من مال البائع سواء أ كان التلف في الثلاثة أم بعدها، حال ثبوت الخيار و بعد سقوطه.

(مسألة 138): الظاهر أن قبض بعض الثمن كلا قبض

، و كذا قبض بعض المبيع.

(مسألة 139): المراد بالثلاثة أيام: الأيام البيض

و يدخل فيها الليلتان المتوسطتان دون غيرهما و يجزي في اليوم الملفق كما تقدم في مدة خيار الحيوان.

(مسألة 140): يشترط في ثبوت الخيار المذكور عدم اشتراط تأخير تسليم أحد العوضين

و إلّا فلا خيار.

(مسألة 141): لا إشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصياً

، و في ثبوته إذا كان كلياً في الذمة قولان، فالأحوط وجوباً عدم الفسخ بعد الثلاثة إلّا برضى الطرفين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 42

(مسألة 142): ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر

و البقول و اللحم في بعض الأوقات يثبت الخيار فيه عند دخول الليل، فإذا فسخ جاز له أن يتصرف في المبيع كيف يشاء، و يختص هذا الحكم بالمبيع الشخصي.

(مسألة 143): يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الثلاثة

، و في سقوطه بإسقاطه قبلها، و باشتراط سقوطه في ضمن العقد إشكال، و الأظهر السقوط و الظاهر عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع و لا بمطالبة البائع للمشتري بالثمن، نعم الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجري على المعاملة لا بعنوان العارية أو الوديعة و يكفي ظهور الفعل في ذلك و لو بواسطة بعض القرائن، بل وقوع المعاملة قبل ذلك و أخذه للثمن ظاهره أن الأخذ بعنوان الوفاء بالمعاملة و الإغماض عن التأخير.

(مسألة 144): في كون هذا الخيار على الفور أو التراخي قولان

: أقواهما الثاني.

السادس: خيار الرؤية:

اشارة

و يتحقق فيما لو رأى شيئاً ثمّ اشتراه فوجده على خلاف ما رآه أو اشترى موصوفاً غير مشاهد فوجده على خلاف الوصف فإن للمشتري الخيار بين الفسخ و الإمضاء.

(مسألة 145): لا فرق في الوصف الذي يكون تخلفه موجباً للخيار

بين وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه و غيره إذا اتفق تعلق غرض للمشتري به، سواء أ كان على خلاف الرغبة العامة مثل كون العبد اميا لا كاتباً و لا قارئاً أم كان مرغوباً فيه عند قوم و مرغوباً عنه عند قوم آخرين، مثل اشتراط كون القماش أصفر لا أسود.

(مسألة 146): الخيار هنا بين الفسخ و الرد

، و بين ترك الفسخ و إمساك العين مجاناً، و ليس لذي الخيار المطالبة بالأرش لو ترك الفسخ، كما أنه لا يسقط الخيار ببذل البائع الأرش و لا بإبدال العين بعين اخرى واجدة للوصف.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 43

(مسألة 147): كما يثبت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف يثبت للبائع

عند تخلف الوصف إذا كان قد رأى المبيع سابقاً فباعه بتخيل أنه على ما رآه فتبين خلافه أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه.

(مسألة 148): المشهور أن هذا الخيار على الفور

و لكن الأقرب عدمه.

(مسألة 149): يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الرؤية بل قبلها

، و بالتصرف بعد الرؤية إذا كان دالّا على الالتزام بالعقد و كذا قبل الرؤية إذا كان كذلك، و في جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد وجهان: أقواهما ذلك فيسقط به.

(مسألة 150): مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية

و لا يجري في بيع الكلي فلو باع كلياً موصوفاً و دفع إلى المشتري فرداً فاقداً للوصف لم يكن للمشتري الخيار و إنما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف، نعم لو كان المبيع كلياً في المعين كما لو باعه صاعاً من هذه الصبرة الجيدة فتبين الخلاف كان له الخيار.

السابع: خيار العيب:

اشارة

و هو فيما لو اشترى شيئاً فوجد فيه عيبا فإن له الخيار بين الفسخ برد المعيب و إمضاء البيع فإن لم يمكن الرد جاز له الإمساك و المطالبة بالأرش و لا فرق في ذلك بين المشتري و البائع، فلو وجد البائع عيباً في الثمن كان له الخيار المذكور.

(مسألة 151): يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد

، بمعنى اختيار عدم الفسخ، و منه التصرف في المعيب تصرفاً يدل على اختيار عدم الفسخ.

موارد جواز طلب الأرش:
اشارة

لا يجوز فسخ العقد بالعيب في موارد و إنما يتعين جواز المطالبة بالأرش فيها:

الأول: تلف العين.

الثاني: خروجها عن الملك ببيع أو عتق أو هبة أو نحو ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 44

الثالث: التصرف الخارجي في العين الموجب لتغيير العين، مثل تفصيل الثوب و صبغه و خياطته و نحوها.

الرابع: التصرف الاعتباري إذا كان كذلك مثل إجارة العين و رهنها.

الخامس: حدوث عيب فيه بعد قبضه من البائع ففي جميع هذه الموارد ليس له فسخ العقد برده. نعم، يثبت له الأرش إن طالبه. نعم، إذا كان حدوث عيب آخر في زمان خيار آخر للمشتري كخيار الحيوان مثلًا جاز رده.

(مسألة 152): يسقط الأرش دون الرد فيما لو كان العيب لا يوجب نقصاً

في المالية كالخصاء في العبيد إذا اتفق تعلق غرض نوعي به بحيث صارت قيمة الخصي تساوي قيمة الفحل، و إذا اشترى ربوياً بجنسه فظهر عيب في أحدهما، قيل: لا أرش حذراً من الربا، لكن الأقوى جواز أخذ الأرش.

يسقط الرد و الأرش بأمرين:

الاول: العلم بالعيب قبل العقد.

الثاني: تبرؤ البائع من العيوب بمعنى اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن أو الأرش.

(مسألة 153): الأقوى أن هذا الخيار أيضا ليس على الفور
(مسألة 154): المراد من العيب ما كان على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية

سواء أ كان نقصاً، مثل العور و العمى و الصمم و الخرس و العرج و نحوها، أم زيادة مثل الإصبع الزائد و اليد الزائدة، أما ما لم يكن على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية لكنه كان عيباً عرفاً مثل كون الأرض موردا لنزول العساكر ففي كونه عيباً بحيث يثبت الأرش إشكال و إن كان الثبوت هو الأظهر.

(مسألة 155): إذا كان العيب موجوداً في أغلب أفراد ذلك الصنف مثل الثيبوبة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 45

في الإماء، فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه.

(مسألة 156): لا يشترط في العيب أن يكون موجباً لنقص المالية

. نعم، لا يثبت الأرش إذا لم يكن كذلك كما تقدم.

(مسألة 157): كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد

كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض فيجوز رد العين به. و في جواز أخذ الأرش به قولان أظهرهما عدم الجواز إذا لم يكن العيب بفعل المشتري و إلّا فلا أثر له.

(مسألة 158): يثبت خيار العيب في الجنون و الجذام و البرص و القرن

إذا حدث بعد العقد إلى انتهاء السنة من تاريخ الشراء.

(مسألة 159): كيفية أخذ الأرش أن يقوَّم المبيع صحيحاً

ثمّ يقوم معيباً و تلاحظ النسبة بينهما ثمّ ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة فإذا قوم صحيحاً بثمانية و معيباً بأربعة و كان الثمن أربعة ينقص من الثمن النصف و هو اثنان و هكذا، و يرجع في معرفة قيمة الصحيح و المعيب إلى أهل الخبرة و تعتبر فيهم الأمانة و الوثاقة.

(مسألة 160): إذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح و المعيب

فإن اتفقت النسبة بين قيمتي الصحيح و المعيب على تقويم بعضهم مع قيمتهما على تقويم البعض الآخر فلا إشكال، كما إذا قوّم بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بأربعة و بعضهم الصحيح بستة و المعيب بثلاثة فإن التفاوت على كل من التقويمين يكون بالنصف فيكون الأرش نصف الثمن، و إذا اختلفت النسبة كما إذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بأربعة و بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بستة ففيه وجوه و أقوال، و الذي تقتضيه القواعد لزوم الأخذ بقول أقواهم خبرة و الأحوط التصالح.

(مسألة 161): إذا اشترى شيئين بثمنين صفقة

، فظهر عيب في أحدهما كان له الخيار في رد المعيب وحده، فإن اختار الرد كان للبائع الفسخ في الصحيح، و كذا إذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 46

اشترى شيئين بثمن واحد لكن ليس له رد المعيب وحده بل يردهما معاً على تقدير الفسخ.

(مسألة 162): إذا اشترك شخصان في شراء شي ء فوجداه معيباً

جاز لأحدهما الفسخ في حصته و يثبت الخيار للبائع حينئذ على تقدير فسخه.

(مسألة 163): لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري فالأظهر عدم سقوط الخيار

، فيجوز له الرد مع إمكانه، و إلّا طالب بالأرش.

تذنيب في أحكام الشرط
اشارة

كما يجب الوفاء بالعقد اللازم يجب الوفاء بالشرط المجعول فيه، كما إذا باعه فرساً بثمن معين و اشترط عليه أن يخيط له ثوبه فإن البائع يستحق على المشتري الخياطة بالشرط، فتجب عليه خياطة ثوب البائع. و يشترط في وجوب الوفاء بالشرط امور:

منها: أن لا يكون مخالفاً للكتاب و السنة و يتحقق هذا في موردين: الأول: أن يكون العمل بالشرط غير مشروع في نفسه كما إذا استأجره للعمل في نهار شهر رمضان بشرط أن يفطر أو يبيعه شيئاً بشرط أن يرتكب محرماً من المحرمات الإلهية.

الثاني: أن يكون الشرط بنفسه مخالفاً لحكم شرعي كما إذا زوّجه أمته بشرط أن يكون ولدها رقاً أو باعه أو وهبه مالًا بشرط أن لا يرثه منه ورثته أو بعضهم و أمثال ذلك، فإن الشرط في جميع هذه الموارد باطل.

و منها: أن لا يكون منافياً لمقتضى العقد كما إذا باعه بشرط أن لا يكون له ثمن، أو آجره الدار بشرط أن لا تكون لها اجرة هذا مع تعيين الثمن أو الاجرة و إلّا فيكون من هبة العين أو المنفعة كما في قوله «بعته بلا ثمن أو آجرتك العين سنة بلا اجرة» فإذا قبض العين الطرف الآخر فتكون من هبة العين أو تمليك المنفعة مجاناً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 47

و منها: أن يكون مذكوراً في ضمن العقد صريحاً أو ضمناً كما إذا قامت القرينة على كون العقد مبنياً عليه و مقيداً به إما لذكره قبل العقد أو لأجل التفاهم العرفي مثل اشتراط التسليم حال استحقاق التسليم فلو ذكر قبل العقد و لم يكن العقد مبنياً عليه عمداً أو سهواً لم يجب الوفاء

به.

و منها: أن يكون مقدوراً عليه بل لو علم عدم القدرة لم يمكن إنشاء الالتزام به.

(مسألة 164): لا بأس بأن يبيع ماله و يشترط على المشتري بيعه منه ثانياً

و لو بعد حين، نعم لا يجوز ذلك فيما إذا اشترط على المشتري أن يبيعه بأقل مما اشتراه أو يشترط المشتري على البائع بأن يشتريه بأكثر مما باعه و البيع في هذين الفرضين محكوم بالبطلان.

(مسألة 165) لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجزاً

بل يجوز فيه التعليق كما إذا باع داره و شرط على المشتري أن يكون له السكنى فيها شهراً إذا لم يسافر، بل الظاهر جواز اشتراط أمر مجهول أيضاً إلّا إذا كانت الجهالة موجبة لأن يكون البيع غررياً فيفسد البيع حينئذ.

(مسألة 166): الظاهر أن فساد الشرط لا يسري إلى العقد المشروط فيه

فيصح العقد و يلغو الشرط.

(مسألة 167): إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للمشروط له إجباره عليه

، و الظاهر أن خياره غير مشروط بتعذر إجباره، بل له الخيار عند مخالفته و عدم إتيانه بما اشترط عليه حتى مع التمكن من الإجبار.

(مسألة 168): إذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط كان للمشروط له الخيار

في الفسخ و ليس له المطالبة بقيمة الشرط سواء كان عدم التمكن لقصور فيه كما لو اشترط عليه صوم يوم فمرض فيه أو كان لقصور في موضوع الشرط كما لو اشترط عليه خياطة ثوب فتلف الثوب و في الجميع له الخيار لا غير.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 48

الفصل الخامس أحكام الخيار

اشارة

الخيار حق من الحقوق فإذا مات من له الخيار انتقل إلى وارثه و يُحرم منه من يحرم من إرث المال بالقتل أو الكفر أو الرق و يحجب عنه ما يحجب عن إرث المال، و لو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقاً بمال يحرم منه الوارث كالحبوة المختصة بالذكر الأكبر و الأرض التي لا ترث منها الزوجة ففي حرمان ذلك الوارث من إرث الخيار و عدمه أقوال: أقربها عدم حرمانه و الخيار لجميع الورثة، فلو باع الميت أرضاً و كان له الخيار أو كان قد اشترى أرضاً و كان له الخيار ورثت منه الزوجة كغيرها من الورثة.

(مسألة 169): إذا تعدد الوارث للخيار فالظاهر أنه لا أثر لفسخ بعضهم

بدون انضمام الباقين إليه في تمام المبيع و لا في حصته إلّا إذا رضي من عليه الخيار فيصح في حصته.

(مسألة 170): إذا فسخ الورثة بيع مورثهم فإن كان عين الثمن موجوداً دفعوه إلى المشتري

و إن كان تالفاً أو بحكمه أخرج من تركة الميت كسائر ديونه.

(مسألة 171): لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات لم ينتقل الخيار إلى وارثه

، و كذلك إذا كان الخيار المشروط مقيداً بالفسخ مباشرة أو ما دام حيّاً فإنه لا يورث لعدم كونه مما تركه الميت من مال أو حق.

(مسألة 172): إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال البائع

و كذا إذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط إذا كان الخيار للمشتري، أما إذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض فالأظهر أنه من مال المشتري.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 49

الفصل السادس ما يدخل في المبيع

اشارة

من باع شيئا دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره، و يعرف قصدهما بما يدل عليه لفظ المبيع وضعاً أو بالقرينة العامة أو الخاصة، فمن باع بستاناً دخل فيه الأرض و الشجر و النخل و الطوف و البئر و الناعور و الحضيرة و نحوها مما هو من أجزائها أو توابعها، أما من باع أرضاً فلا يدخل فيها الشجر و النخل الموجودان و كذا لا يدخل الحمل في بيع الام و لا الثمرة في بيع الشجرة، نعم إذا باع نخلًا فإن كان التمر مؤبراً فالتمر للبائع، و إن لم يكن مؤبراً فهو للمشتري و يختص هذا الحكم ببيع النخل أما في نقل النخل بغير البيع أو بيع غير النخل من سائر الشجر فالثمر فيه للبائع مطلقاً و إن لم يكن مؤبراً، هذا إذا لم تكن قرينة على دخول الثمر في بيع الشجر أو الشجر في بيع الأرض أو الحمل في بيع الدابة، أما إذا قامت القرينة على ذلك و إن كانت هي التعارف الخارجي عمل عليها و كان جميع ذلك للمشتري.

(مسألة 173): إذا باع الشجر و بقي الثمر للبائع مع اشتراط بقائه

و احتاج الشجر إلى السقي جاز للبائع سقيه و ليس للمشتري منعه، و إذا لم يحتج إلى السقي لم يجب على البائع سقيه و إن أمره المشتري بذلك، و لو تضرر أحدهما بالسقي و الآخر بتركه ففي تقديم حق البائع أو المشتري وجهان بل قولان: أرجحهما الأول إن اشترط الإبقاء و إلّا فالأرجح الثاني.

(مسألة 174): إذا باع بستاناً و استثنى نخلة

مثلًا فله الممر إليها و المخرج منها و مدى جرائدها و عروقها من الأرض و ليس للمشتري منع شي ء من ذلك.

(مسألة 175): إذا باع داراً دخل فيها الأرض

و البناء الأعلى و الأسفل إلّا أن يكون الأعلى مستقلًا من حيث المدخل و المخرج فيكون ذلك قرينة على عدم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 50

دخوله، و كذا يدخل في بيع الدار السراديب و البئر و الأبواب و الأخشاب الداخلة في البناء و كذا السلم المثبت بل لا يبعد دخول ما فيها من نخل و شجر و أسلاك كهربائية و أنابيب الماء و نحو ذلك مما يعد من توابع الدار حتى مفتاح الغلق فإن ذلك كله داخل في المبيع إلّا مع الشرط.

(مسألة 176): الأحجار المخلوقة في الارض و المعادن المتكونة فيها تدخل في بيعها

إذا كانت تابعة للأرض عرفاً و أما إذا لم تكن تابعة لها كالمعادن المكنونة في جوف الأرض فالظاهر أنها غير مملوكة لأحد و يملكها من يخرجها و كذلك لا تدخل في بيع الأرض الأحجار المدفونة فيها و الكنوز المودعة فيها و نحوها.

الفصل السابع التسليم و القبض

اشارة

يجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد إذا لم يشترطا التأخير و لا يجوز لواحد منهما التأخير مع الإمكان إلّا برضى الآخر فإن امتنعا اجبرا، و لو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أجبر الممتنع و لو اشترط أحدهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز، و ليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده حينئذ.

(مسألة 177): يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابة

أو زرع الأرض أو نحو ذلك من الانتفاع بالمبيع مدة معينة.

(مسألة 178): التسليم الواجب على المتبايعين في المنقول و غيره هو التخلية

برفع المانع عنه و الإذن لصاحبه في التصرف.

(مسألة 179): إذا تلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية قبل قبض المشتري انفسخ البيع

و كان تلفه من مال البائع و رجع الثمن إلى المشتري و كذا إذا تلف الثمن قبل قبض البائع.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 51

(مسألة 180): يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية

بالمعنى المتقدم في غير المنقولات كالأراضي، و أما في المنقولات فلا بد فيها من الاستيلاء عليها خارجاً مثل أخذ الدرهم و الدينار و اللباس و أخذ لجام الفرس أو ركوبه.

(مسألة 181): في حكم التلف تعذر الوصول إليه

كما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر أو نحو ذلك.

(مسألة 182): لو أمر المشتري البائع بتسليم المبيع إلى شخص معين

فقبضه كان بمنزلة قبض المشتري، و كذا لو أمره بإرساله إلى بلده أو غيره فأرسله كان بمنزلة قبضه، و لا فرق بين تعيين المرسل معه و عدمه.

(مسألة 183): إذا أتلف المبيع البائع أو الأجنبي الذي يمكن الرجوع إليه

في تدارك خسارته فالأقوى صحة العقد، و للمشتري الرجوع على المتلف بالبدل من مثل أو قيمة و هل له الخيار في فسخ العقد لتعذر التسليم إشكال و الأظهر ذلك.

(مسألة 184): إذا حصل للمبيع نماء فتلف الأصل قبل قبض المشتري

كان النماء للمشتري.

(مسألة 185): لو حدث في المبيع عيب قبل القبض كان للمشتري الرد

، كما تقدم.

(مسألة 186): لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع

بالنسبة إلى التالف و رجع إليه ما يخصه من الثمن و كان له الخيار في الباقي.

(مسألة 187): يجب على البائع تفريغ المبيع عما فيه

من متاع أو غيره حتى أنه لو كان مشغولًا بزرع لم يأت وقت حصاده وجبت إزالته منه، نعم إذا اشترط بقاؤه جاز لمالكه إبقاؤه إلى وقت الحصاد لكن عليه الاجرة إن لم يشترط الإبقاء مجاناً و لو أزال المالك الزرع و بقيت له عروق تضر بالانتفاع بالأرض أو كانت في الأرض حجارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 52

مدفونة وجب إزالتها و تسوية الأرض هذا فيما إذا كانت الإزالة أو التسوية متعارفة في بيعها أو اشترطت في العقد و إلّا فلا تجب، و لو كان شي ء لا يمكن فراغ المبيع منه إلّا بتخريب شي ء من الأبنية وجب إصلاحه و تعمير البناء.

(مسألة 188): من اشترى شيئاً و لم يقبضه فإن كان مما لا يكال و لا يوزن

جاز له بيعه قبل قبضه، و كذا إذا كان مما يكال أو يوزن و كان البيع برأس المال أما لو كان بربح ففيه قولان: أظهرهما المنع.

الفصل الثامن النقد و النسيئة

اشارة

من باع و لم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالًا فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد، كما يجب عليه أخذه إذا دفعه إليه المشتري و ليس له الامتناع من أخذه.

[مسائل]

(مسألة 189): إذا اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه

قبل الأجل و إن طالبه به البائع و لكن يجب على البائع أخذه إذا دفعه إليه المشتري قبله إلّا أن تكون قرينة على كون التأجيل حقاً للبائع أيضاً.

(مسألة 190): يجب أن يكون الأجل معيناً

لا يتردد فيه بين الزيادة و النقصان فلو جعل الأجل قدوم زيد أو الدياس أو الحصاد أو جذاذ الثمر أو نحو ذلك بطل العقد.

(مسألة 191): لو كانت معرفة الأجل محتاجة إلى الحساب

مثل أول الحمل أو الميزان فقيل بالبطلان و فيه تأمّل و لو كان الأجل أول الشهر القابل مع التردد في الشهر الحالي بين الكمال و النقصان فالظاهر الصحة.

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 52

(مسألة 192): لو باع شيئاً بثمن نقداً و بأكثر منه مؤجلًا

بأن قال: بعتك الفرس بعشرة نقداً و بعشرين إلى سنة فقبل المشتري فالمشهور البطلان و هو الأظهر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 53

(مسألة 193): لا يجوز تأجيل الثمن الحال

بل مطلق الدين بأزيد منه بأن يزيد فيه مقدارا ليؤخره إلى أجل و كذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الأجل و يجوز عكس ذلك بأن يعجل المؤجل بنقصان منه على وجه الإبراء بل على وجه المعاوضة أيضاً في غير المكيل و الموزون.

(مسألة 194): يجوز بيع الأكثر المؤجل بالأقل الحال

في غير ما يكال و يوزن و أما فيهما فلا يجوز لأنه ربا، و لا يجوز للدائن في الدين المؤجل أن يزيد في الأجل على أن ينقد المدين بعضه قبل حلول الأجل، نعم لو انعكس الأمر و نقد المدين بعض الدين قبل حلول الأجل بشرط أن يزيد الدائن في الأجل جاز ذلك.

(مسألة 195): إذا اشترى شيئاً نسيئة جاز شراؤه منه

قبل حلول الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره مساوياً له أو زائداً عليه أو ناقصاً عنه، حالًّا كان البيع الثاني أو مؤجلًا. نعم، إذا اشترط البائع على المشتري في البيع الأول أن يبيعه عليه بعد شرائه بأقل مما اشتراه به أو شرط المشتري على البائع في البيع الأول أن يشتريه منه بأكثر مما اشتراه منه فإن المشهور فيه البطلان و هو الأظهر.

إلحاق في المساومة و المرابحة و المواضعة و التولية

اشارة

التعامل بين البائع و المشتري تارة يكون بملاحظة رأس المال الذي اشترى به البائع السلعة، و اخرى لا يكون كذلك، و الثاني يسمى مساومة و هذا هو الغالب المتعارف، و الأول تارة يكون بزيادة على رأس المال و الاخرى بنقيصة عنه و ثالثة بلا زيادة و لا نقيصة، و الأول يسمى مرابحة، و الثاني مواضعة، و الثالث يسمى تولية.

(مسألة 196): لا بد في جميع الأقسام الثلاثة غير المساومة من ذكر الثمن تفصيلًا

فلو قال بعتك هذه السلعة برأس مالها و زيادة درهم أو بنقيصة درهم أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 54

بلا زيادة و لا نقيصة لم يصح حتى يقول: بعتك هذه السلعة بالثمن الذي اشتريتها به و هو مائة درهم بزيادة درهم مثلًا أو نقيصته أو بلا زيادة و لا نقيصة.

(مسألة 197): إذا قال البائع: بعتك هذه السلعة بمائة درهم

و ربح درهم في كل عشرة فإن عرف المشتري أن الثمن مائة و عشرة دراهم صح البيع بل الظاهر الصحة إذا لم يعرف المشتري ذلك حال البيع و عرفه بعد الحساب، و كذلك الحكم في المواضعة كما إذا قال: بعتك بمائة درهم مع خسران درهم في كل عشرة.

(مسألة 198): إذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب على البائع مرابحة أن يخبر بالأجل

و في وجوب الإخبار في البيع تولية أو مواضعة وجه و لكنه لا يخلو عن تأمل و النص الوارد في وجوب الإخبار في البيع مرابحةً ليس مدلوله تخيير المشتري بين الرد و الإمساك مع الإخفاء بل مدلوله لزوم العقد بنفس الثمن مؤجلًا بمثل أجل شراء البائع و هذا هو الأظهر.

(مسألة 199): إذا اشترى جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع أفرادها

مرابحة بالتقويم إلّا بعد الإعلام.

(مسألة 200): إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال

كما إذا أخبر أن رأس ماله مائة و باع بربح عشرة و كان في الواقع رأس المال تسعين صح البيع و تخير المشتري بين فسخ البيع و إمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد و هو مائة و عشرة.

(مسألة 201): إذا اشترى سلعة بثمن معين مثل مائة درهم

و لم يعمل فيها شيئاً كان ذلك رأس مالها و جاز له الإخبار بذلك، أما إذا عمل في السلعة عملًا فإن كان بأُجرة جاز ضم الاجرة إلى رأس المال فإذا كانت الاجرة عشرة جاز له أن يقول بعتك السلعة برأس مالها مائة و عشرة و ربح كذا.

(مسألة 202): إن باشر العمل بنفسه و كانت له اجرة لم يجز له

أن يضم الاجرة إلى رأس المال بل يقول رأس المال مائة و عملي يساوي كذا و بعتكها بما ذكر و ربح كذا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 55

(مسألة 203): إذا اشترى معيباً فرجع على البائع بالأرش كان الثمن ما بقي بعد الأرش

و لو أسقط البائع بعض الثمن تفضلًا منه أو مجازاة على الإحسان لم يسقط ذلك من الثمن بل رأس المال هو الثمن في العقد.

الفصل التاسع الربا

اشارة

و هو قسمان:

الأول: ما يكون في المعاملة.

الثاني: ما يكون في القرض و يأتي حكمه في كتاب القرض إن شاء اللّٰه تعالى.

أما الأول: فهو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية في أحدهما كبيع مائة كيلو من الحنطة بمائة و عشرين منها، أو خمسين كيلو من الحنطة بخمسين كيلو حنطة و دينار، أو زيادة حكمية كبيع عشرين كيلو من الحنطة نقداً بعشرين كيلو من الحنطة نسيئة، و هل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات؟ قولان، و الأحوط جريانه فيما كانت المعاوضة فيه بين العينين، مثل أن يقول: صالحتك على أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي، نعم لا بأس بالمصالحة فيهما مع احتمال الزيادة أما إذا لم تكن المعاوضة بين العينين كأن يقول: صالحتك على أن تهب لي تلك العشرة و أهب لك هذه الخمسة، أو يقول: برأتك عن الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك علي و نحوهما فالظاهر الصحة.

يشترط في تحقق الربا في المعاملة أمران:

الأول: اتحاد الجنس و الذات عرفاً و إن اختلفت الصفات، فلا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة الجيدة بمائة و خمسين كيلو من الرديئة و لا بيع عشرين كيلو من الأرز الجيد كالعنبر بأربعين كيلو منه أو من الردي ء كالحويزاوي، أما إذا اختلفت الذات

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 56

فلا بأس كبيع مائة و خمسين كيلو من الحنطة بمائة كيلو من الأرز.

الثاني: أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون، فإن كانا مما يباع

بالعد كالبيض و الجوز فلا بأس فيجوز بيع بيضة ببيضتين و جوزة بجوزتين.

(مسألة 204): المعاملة الربوية باطلة مطلقاً

من دون بين العالم و الجاهل سواء أ كان الجهل جهلًا بالحكم أم كان جهلًا بالموضوع و عليه فيجب على كل من المتعاملين رد ما أخذه إلى مالكه على ما تقدم في المسألة (57) نعم لو كانت المعاملة ربويةً بشرط لا يرجع إلى خصوصية في العوضين أو أدائهما كما لو باع عشرين كيلو من الحنطة الجيدة بعشرين كيلو من الحنطة الرديئة بشرط خياطة المشتري لثوب البائع و قبل المشتري فالبيع حينئذٍ صحيح و الشرط فاسد.

(مسألة 205): الحنطة و الشعير في الربا جنس واحد

فلا يباع مائة كيلو من الحنطة بمائتي كيلو من الشعير و إن كانا في باب الزكاة جنسين، فلا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، فلو كان عنده نصف نصاب حنطة و نصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة.

(مسألة 206): الظاهر أن العلس ليس من جنس الحنطة

، و السلت ليس من جنس الشعير.

(مسألة 207): اللحوم و الألبان و الأدهان تختلف باختلاف الحيوان

فيجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر و كذا الحكم في لبن الغنم و لبن البقر فإنه يجوز بيعهما مع التفاضل.

(مسألة 208): التمر بأنواعه جنس واحد

و الحبوب كل واحد منها جنس فالحنطة و الأرز و الماش و الذرة و العدس و غيرها كل واحد جنس. و الفلزات من الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص و غيرها كل واحد منها جنس برأسه.

(مسألة 209): الضأن و المعز جنس واحد

و البقر و الجاموس جنس واحد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 57

و الإبل العراب و البخاتي جنس واحد، و الطيور كل صنف يختص باسم فهو جنس واحد في مقابل غيره، فالعصفور غير الحمام و كل ما يختص باسم من الحمام جنس في مقابل غيره فالفاختة و الحمام المتعارف جنسان و السمك جنس واحد على قول و أجناس على قول آخر و هو أقوى.

(مسألة 210): الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي

فالبقر الأهلي يخالف الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما، و كذا الحمار الأهلي و الوحشي، و الغنم الأهلي و الوحشي.

(مسألة 211): كل أصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد

و كذا الفروع بعضها مع بعض كالحنطة و الدقيق و الخبز، و كالحليب و اللبن و الجبن و الزبد و السمن، و كالبسر و الرطب و التمر و الدبس.

(مسألة 212): إذا كان الشي ء مما يكال أو يوزن و كان فرعه لا يكال و لا يوزن جاز بيعه مع أصله

بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون و الثياب المنسوجة منه التي ليست منه فإنه يجوز بيعها به مع التفاضل و كذلك القطن و الكتان و الثياب المنسوجة منهما.

(مسألة 213): إذا كان الشي ء في حال موزوناً أو مكيلًا

و في حال اخرى ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلًا في الحال الاولى و جاز في الحال الثانية.

(مسألة 214): لا بأس ببيع لحم حيوان بحيوان حي من غير جنسه

كبيع لحم الغنم ببقر، و الأحوط عدم جواز بيع لحم حيوان بحيوان حي بجنسه كبيع لحم الغنم بغنم و إن كان الأظهر الجواز فيه أيضاً.

(مسألة 215): إذا كان للشي ء حالتان حالة رطوبة و حالة جفاف

كالرطب يصير تمراً و العنب يصير زبيباً و الخبز اللين يكون يابساً يجوز بيعه جافاً بجاف منه و رطباً برطب منه متماثلًا و لا يجوز متفاضلًا، و أما بيع الرطب منه بالجاف متماثلًا ففيه إشكال

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 58

و الأظهر الجواز على كراهة و لا يجوز بيعه متفاضلًا حتى بمقدار الزيادة بحيث إذا جف يساوي الجاف.

(مسألة 216): إذا كان الشي ء يباع جزافاً في بلد و مكيلًا أو موزوناً في آخر فلكل بلد حكمه

و جاز بيعه متفاضلًا في الأول و لا يجوز في الثاني و أما إذا كان مكيلًا أو موزوناً في غالب البلاد فالأحوط لزوماً أن لا يباع متفاضلًا مطلقاً.

(مسألة 217): يتخلص من الربا بضم غير الجنس إلى الطرف الناقص

بأن يبيع مائة كيلو من الحنطة و درهماً بمائتي كيلو من الحنطة، و بضم غير الجنس إلى كل من الطرفين و لو مع التفاضل فيهما كما لو باع درهمين و مائتي كيلو من الحنطة بدرهم و مائة كيلو منها.

(مسألة 218): المشهور على أنه لا ربا بين الوالد و ولده

فيجوز لكل منهما بيع الآخر مع التفاضل و كذا بين الرجل و زوجته و بين المسلم و الحربي إذا أخذ المسلم الزيادة و لكنه مشكل و الأحوط وجوباً تركه نعم يجوز أخذ الربا من الحربي بعد وقوع المعاملة من باب الاستنقاذ.

(مسألة 219): الأظهر عدم جواز الربا بين المسلم و الذمي

و لكنه بعد وقوع المعاملة يجوز أخذ الربا منه من جهة قاعدة الإلزام.

(مسألة 220): الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل و الموزون

لا يجري فيها الربا فيجوز التفاضل في البيع بها لكن إذا لم تكن المعاملة شخصية لا بد في صحة المعاملة من امتياز الثمن عن المثمن كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار الكويتي أو بالريال الإيراني مثلًا، و لا يجوز بيع الدينار العراقي بمثله في الذمة، نعم إن تنزيل الأوراق لا بأس به مطلقاً.

(مسألة 221): ما يتعارف في زماننا من إعطاء سند بمبلغ من الأوراق النقدية

من دون أن يكون في ذمته شي ء فيأخذه آخر فينزله عند شخص ثالث بأقل منه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 59

فالظاهر عدم جواز ذلك نعم لا بأس به في المصارف غير الأهلية بجعل ذلك وسيلة إلى أخذ مجهول المالك و التصرف فيه بعد إصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي.

الفصل العاشر بيع الصرف

اشارة

و هو بيع الذهب أو الفضة، بالذهب أو الفضة و لا فرق بين المسكوك منهما و غيره.

(مسألة 222): يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق

فلو لم يتقابضا حتى افترقا بطل البيع و لو تقابضا في بعض المبيع صح فيه و بطل في غيره.

(مسألة 223): لو باع النقد مع غيره بنقد صفقة واحدة

و لم يتقابضا حتى افترقا صح في غير النقد و بطل في النقد.

(مسألة 224): لو فارقا المجلس مصطحبين

و تقابضا قبل الافتراق صح البيع.

(مسألة 225): لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين

بل تختص شرطيته بالبيع.

(مسألة 226): لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية

كالدينار العراقي و النوط الهندي و التومان الإيراني و الدولار و الباون و نحوها من الأوراق المستعملة في هذه الأزمنة استعمال النقدين فيصح بيع بعضها ببعض و إن لم يتحقق التقابض قبل الافتراق كما أنه لا زكاة فيها.

(مسألة 227): إذا كان له في ذمة غيره دين من أحد النقدين

فباعه عليه بنقد آخر و قبض الثمن قبل التفرق صح البيع و لا حاجة إلى قبض المشتري ما في ذمته.

(مسألة 228): لو كان له دين على زيد فباعه على عمرو بنقد و قبضه من عمرو

و وكل عمرو زيداً على قبض ما في ذمته ففي صحته بمجرد التوكيل إشكال بل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 60

لا يبعد عدم الصحة حتى يقبضه زيد و يعينه في مصداق بعينه.

(مسألة 229): إذا اشترى منه دراهم معينة بنقد

ثمّ باعها عليه أو على غيره قبل قبضها لم يصح البيع الثاني فإذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح البيع الأول فإن أجاز البيع الثاني و أقبضه صح البيع الثاني أيضاً و إذا لم يقبضها حتى افترقا بطل البيع الأول و الثاني.

(مسألة 230): إذا كان له دراهم في ذمة غيره

فقال له حوّلها دنانير في ذمتك فقبل المديون صح ذلك و تحول ما في الذمة إلى دنانير و إن لم يتقابضا، و كذا لو كان له دنانير في ذمته فقال له حوّلها دراهم و قبل المديون فإنه يصح و تتحول الدنانير إلى دراهم، و كذلك الحكم في الأوراق النقدية إذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها من جنس إلى آخر.

(مسألة 231): لا يجب على المتعاملين بالصرف إقباض المبيع

أو الثمن حتى لو قبض أحدهما لم يجب عليه إقباض صاحبه و لو كان للمبيع أو الثمن نماء قبل القبض كان لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إليه.

(مسألة 232): الدراهم و الدنانير المغشوشة إن كانت رائجة في المعاملة بها يجوز خرجها

و إنفاقها و المعاملة بها سواء أ كان غشها مجهولًا أم معلوماً، و سواء أ كان مقدار الغش معلوماً أم مجهولًا و إن لم تكن رائجة فلا يجوز خرجها و إنفاقها و المعاملة بها إلّا بعد إظهار حالها.

(مسألة 233): يجوز صرف المسكوكات من النحاس و أمثاله إلى أبعاضها

و لو مع التفاضل بين الأصل و أبعاضه كما هو الغالب نعم لا يجوز ذلك في المسكوكات الذهبية و الفضية فإنها من الموزون فلا يجوز تصريفها إلى أبعاضها مع التفاضل إلّا مع الضميمة. نعم، قد يكون صرف بعض المسكوكات من الفضة المغشوشة باعتبار سكتها من غير نظر إلى وزنها فيجري عليها ما تقدم في المسكوكات النحاسية.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 61

(مسألة 234): يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي يكون في الذهب و الفضة المغشوشين

إذا كان الغش غير مستهلك و كانت له قيمة في حال كونه غشاً و لا يكفي أن تكون له قيمة على تقدير التصفية فإذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صح مع التفاضل، و إذا كان أحدهما مغشوشاً دون الآخر جاز التفاضل إذا كانت الزيادة في الخالص و لا يصح إذا كانت الزيادة في المغشوش.

(مسألة 235): الآلات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب

إذا كان أكثر من الذهب المحلّى به و إلّا لم يجز، نعم لو بيع السيف بالسيف و كان كل منهما محلّى جاز مطلقاً و إن كانت الحلية في أحدهما أكثر من الحلية في الآخر.

(مسألة 236): الكلبتون المصنوع من الفضة يجوز بيعه بالفضة

إذا كانت أكثر منه وزناً أو مساوية له و المصنوع من الذهب يجوز بيعه بالذهب إذا كان أكثر منه وزناً أو مساوياً له.

(مسألة 237): إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب و قبضها قبل التفرق

فوجدها جنساً آخر رصاصا أو نحاسا أو غيرهما بطل البيع و ليس له المطالبة بالإبدال، و لو وجد بعضها كذلك بطل البيع فيه و صح في الباقي و له حينئذ رد الكل لتبعض الصفقة، و إن وجدها فضة معيبة كان بالخيار فله الرد و المطالبة بالأرش مع عدم التمكن من الرد و لا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع و غيره، و كون أخذ الأرش قبل التفرق و بعده.

(مسألة 238): إذا اشترى فضة في الذمة بفضة أو بذهب و بعد القبض وجدها جنساً آخر

رصاصاً أو نحاساً أو غيرهما، فإن كان قبل التفرق جاز للبائع إبدالها فإذا قبض البدل قبل التفرق صح البيع، و إن وجدها جنساً آخر بعد التفرق بطل البيع، و لا يكفي الإبدال في صحته، و إذا وجدها فضة معيبة فالأقوى أن المشتري مخير بين رد المقبوض و إبداله و الرضا به من دون أرش، و ليس له فسخ العقد من أصله،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 62

و لا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع و غيره و لا بين كون ظهور العيب قبل التفرق و بعده.

(مسألة 239): لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتماً أو غيره من المصوغات من الفضة أو الذهب بجنسه

مع زيادة بملاحظة اجرة الصياغة بل إما أن يشتريه بغير جنسه أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضميمة ليتخلص من الربا.

(مسألة 240): لو كان له على زيد نقود كالليرات الذهبية و أخذ منه شيئاً من المسكوكات الفضية كالروبيات

فإن كان الأخذ بعنوان الاستيفاء ينقص من الليرات في كل زمان أخذ فيه بمقدار ما أخذ بسعر ذلك الزمان فإذا كان الدين خمس ليرات و أخذ منه في الشهر الأول عشر روبيات و في الثاني عشراً، و في الثالث عشراً و كان سعر الليرة في الشهر الأول خمس عشرة روبية، و في الثاني اثنتي عشرة روبية، و في الثالث عشر روبيات نقص من الليرات ثلثا ليرة في الشهر الأول و خمسة أسداسها في الثاني و ليرة تامة في الثالث، و إن كان الأخذ بعنوان القرض كان ما أخذه ديناً عليه لزيد و بقي دين زيد عليه و في جواز احتساب أحدهما دينه وفاءً عن الآخر إشكال، إلّا في صورة امتناع الآخر عن أداء دينه الحال، و تجوز المصالحة بينهما على إبراء كل منهما صاحبه مما له عليه.

(مسألة 241): إذا أقرض زيداً نقداً معيناً من الذهب أو الفضة أو أصدق زوجته مهراً كذلك

أو جعله ثمناً في الذمة مؤجلًا أو حالًا فتغير السعر لزمه النقد المعين و لا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة.

(مسألة 242): لا يجوز بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم مثلًا

، و يجوز أن يقول له: صغ لي هذا الخاتم و أبيعك درهماً بدرهم على أن يكون البيع جعلًا لصياغة الخاتم كما يجوز أن يشتري منه مثقال فضة مصوغاً خاتماً بمثقال غير مصوغ.

(مسألة 243): لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية إلّا عشرين فلساً صح

بشرط أن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 63

يعلما على الأحوط مقدار نسبة العشرين فلساً إلى الليرة.

(مسألة 244): المصوغ من الذهب و الفضة معاً لا يجوز بيعه بأحدهما بلا زيادة

، بل إما أن يباع بأحدهما مع الزيادة أو يباع بهما معاً أو بجنس آخر غيرهما.

(مسألة 245): الظاهر أن ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب و الفضة و يجتمع فيه عند الصائغ

- و قد جرت العادة على عدم مطالبة المالك بها- ملك للصائغ نفسه و الأحوط- استحبابا- أن يتصدق به عن مالكه مع الجهل به و الاستيذان منه مع معرفته، و يطرد الحكم المذكور في الخياطين و النجارين و الحدادين و نحوهم فيما يجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثياب و الخشب و الحديد و لا يضمنون شيئاً من ذلك و إن كانت له مالية عند العرف إذا كان المتعارف في عملهم انفصال تلك الأجزاء.

الفصل الحادي عشر في السلف

اشارة

و يقال له السلم أيضاً و هو ابتياع كلي مؤجل بثمن حال، عكس النسيئة و يقال للمشتري المسلِّم (بكسر اللام) و للبائع المسلَّم إليه، و للثمن المسلم و للمبيع المسلَّم فيه (بفتح اللام) في الجميع.

(مسألة 246): يجوز في السلف أن يكون المبيع و الثمن من غير النقدين

مع اختلاف الجنس أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل و الموزون كما يجوز أن يكون أحدهما من النقدين و الآخر من غير هما ثمناً كان أو مثمناً و لا يجوز أن يكون كل من الثمن و المثمن من النقدين اختلفا في الجنس أو اتفقا هذا في النقود من الذهب و الفضة، و أما في النقود المتعارفة في زماننا فلا بأس بالسلف فيها مع الاختلاف في النوع كبيع الدينار العراقي بالريال الإيراني سلماً و مع الاتحاد فلا يجوز السلف فيها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 64

فإنه يدخل في القرض الربوي.

يشترط في السلف امور:

الأول: أن يكون المبيع مضبوط الأوصاف التي تختلف القيمة باختلافها كالجودة و الرداءة و الطعم و الريح و اللون و غيرها كالخضر و الفواكه و الحبوب و الجوز و اللوز و البيض و الملابس و الأشربة و الأدوية و آلات السلاح و آلات النجارة و النساجة و الخياطة، و غيرها من الأعمال و الحيوان و الإنسان و غير ذلك، فلا يصح فيما لا يمكن ضبط أوصافه كالجواهر و اللآلي و البساتين و غيرها مما لا ترتفع الجهالة و الغرر فيها إلّا بالمشاهدة.

الثاني: ذكر الجنس و الوصف الرافع للجهالة.

الثالث: قبض الثمن قبل التفرق و لو قبض البعض صح فيه و بطل في الباقي، و لو كان الثمن ديناً في ذمة البائع فالأقوى الصحة إذا كان الدين حالًا، لا مؤجلًا.

الرابع: تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقداره.

الخامس:

تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين أو نحوها، و لو جعل الأجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة بطل البيع و يجوز فيه أن يكون قليلًا كيوم و نحوه و أن يكون كثيراً كعشرين سنة.

السادس: أن لا يكون المتاع في نفسه نادر الوجود بحيث لا يمكن للبائع تسليمه وقت حلول الأجل.

(مسألة 247): إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلم فيه في بلد العقد

إلّا أن تقوم قرينة على الإطلاق أو على تعيين غيره فيعمل على طبقها و الأقوى عدم وجوب تعيينه في العقد إلّا إذا اختلفت الأمكنة في صعوبة التسليم فيها و لزوم الخسارة المالية بحيث يكون الجهل بها غرراً فيجب تعيينه حينئذ.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 65

(مسألة 248): إذا جعل الأجل شهراً قمرياً أو شمسياً أو شهرين

فإن كان وقوع المعاملة في أول الشهر فالمراد تمام ذلك الشهر، و إن كان في أثناء الشهر فالمراد من الشهر مجموع ما بقي منه مع إضافة مقدار من الشهر الثاني يساوي الماضي من الشهر الأول و هكذا.

(مسألة 249): إذا جعل الأجل جمادى أو ربيعاً حمل على أولهما من تلك السنة

وحل بأول جزء من ليلة الهلال، و إذا جعله الجمعة أو الخميس حمل على الأول من تلك السنة وحل بأول جزء من نهار اليوم المذكور.

(مسألة 250): إذا اشترى شيئاً سلفاً جاز بيعه من بايعه

قبل حلول الأجل و بعده بجنس آخر أو بجنس الثمن بشرط عدم الزيادة نعم إذا كان الثمن من الأوراق النقدية ففي اشتراط عدم الزيادة إشكال و لا يجوز بيعه من غيره قبل حلول الأجل و يجوز بعده سواء باعه بجنس آخر أو بجنس الثمن مع الزيادة أو النقيصة أو التساوي.

هذا في غير المكيل و الموزون و أما فيهما فلا يجوز بيعهما قبل القبض مرابحة مطلقاً كما تقدم.

(مسألة 251): إذا دفع البائع المسلم فيه دون الصفة لم يجب على المشتري القبول

، و لو رضي بذلك صح، و كذلك إذا دفع أقل من المقدار، و تبرأ ذمة البائع إذا أبرأ المشتري الباقي و إذا دفعه على الصفة و المقدار وجب عليه القبول و إذا دفع فوق الصفة، فإن كان شرط الصفة راجعاً إلى استثناء ما دونها فقط وجب القبول أيضاً، و إن كان راجعاً إلى استثناء ما دونها و ما فوقها لم يجب القبول، و لو دفع إليه زائداً على المقدار لم يجب القبول.

(مسألة 252): إذا حل الأجل و لم يتمكن البائع من دفع المسلم فيه تخير المشتري

بين الفسخ و الرجوع بالثمن بلا زيادة و لا نقيصة و بين أن ينتظر إلى أن يتمكن البائع من دفع المبيع إليه في وقت آخر، و لو تمكن من دفع بعضه و عجز عن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 66

الباقي كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه و الانتظار، و في جواز فسخه في الكل حينئذ إشكال، و الأظهر الجواز، نعم لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل.

(مسألة 253): لو كان المبيع موجوداً في غير البلد الذي يجب التسليم فيه

فإن تراضيا بتسليمه في موضع وجوده جاز و إلّا فإن أمكن و تعارف نقله إلى بلد التسليم وجب على البائع نقله و إلّا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ و الانتظار.

الفصل الثاني عشر بيع الثمار و الخضر و الزرع

اشارة

لا يجوز بيع ثمرة النخل و الشجر قبل ظهورها عاماً واحداً بلا ضميمة و يجوز بيعها عامين فما زاد و عاماً واحداً مع الضميمة على الأقوى، و أما بعد ظهورها فإن بدا صلاحها أو كان البيع في عامين أو مع الضميمة جاز بيعها بلا إشكال أما مع انتفاء الثلاثة فالأقوى الجواز و الأحوط العدم.

(مسألة 254): بدو الصلاح في الثمر هو كونه قابلًا للأكل في العادة

و إن كان أول أوان أكله.

(مسألة 255): يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل بدو صلاحه أن تكون مما يجوز بيعه منفرداً

، و يعتبر كونها مملوكة للمالك، و كون الثمن لها و للمنضم إليه على الإشاعة و لا يعتبر فيها أن تكون متبوعة على الأقوى فيجوز كونها تابعة.

(مسألة 256): يكتفى في الضميمة في ثمر النخل

مثل السعف و الكرب و الشجر اليابس الذي في البستان.

(مسألة 257): لو بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها

مع اصولها جاز بلا إشكال.

(مسألة 258): إذا ظهر بعض ثمر البستان جاز بيع المتجدد

في تلك السنة معه و إن لم يظهر، اتحد الجنس أم اختلف، اتحد البستان أم تكثر، على الأقوى.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 67

(مسألة 259): إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين

ففي جريان حكم العامين عليهما إشكال، أظهره الجريان.

(مسألة 260): إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر ثمّ باع اصولها على شخص آخر لم يبطل

بيع الثمرة بل تنتقل الاصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة و له الخيار في الفسخ مع الجهل.

(مسألة 261): لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها

بل تنتقل الاصول إلى ورثة البائع بموته مسلوبة المنفعة، و كذا لا يبطل بيعها بموت المشتري بل تنتقل إلى ورثته.

(مسألة 262): إذا اشترى ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد

و كانت الخسارة من مال البائع كما تقدم ذلك في أحكام القبض و تقدم أيضا إلحاق السرقة و نحوها بالتلف و حكم ما لو كان التلف من البائع أو المشتري أو الأجنبي.

(مسألة 263): يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها

و أن يستثني حصة مشاعة كالربع و الخمس و أن يستثني مقداراً معيناً كمائة كيلو لكن في هاتين الصورتين لو خاست الثمرة وزع النقص على المستثنى و المستثنى منه على النسبة ففي صورة استثناء حصة مشاعة يوزع الباقي بتلك النسبة و أما إذا كان المستثنى مقداراً معيناً فطريقة معرفة النقص تخمين الفائت بالثلث أو الربع مثلًا فيسقط من المقدار المستثنى بتلك النسبة فإن كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث و إن كان الربع يسقط الربع و هكذا.

(مسألة 264): يجوز بيع ثمرة النخل و غيره في اصولها

بالنقود و بغيرها كالأمتعة و الحيوان و الطعام و بالمنافع و الأعمال و غيرها، كغيره من أفراد البيع.

(مسألة 265): لا تجوز المزابنة و هي بيع ثمرة النخل

- تمراً كانت أو رطباً أو بسراً أو غيرها بالتمر من ذلك النخل و أما بيعها بثمرة غيره سواء كان في الذمة أم كان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 68

معيناً في الخارج فالظاهر جوازه و إن كان الترك أحوط.

(مسألة 266): الظاهر أن الحكم المزبور لا يختص بالنخل

فلا يجوز بيع ثمر غير النخل بثمره أيضاً و أما بيعه بغير ثمره فلا إشكال فيه أصلًا.

(مسألة 267): يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله بثمن زائد

على ثمنه الذي اشتراه به أو ناقص أو مساو، سواء أباعه قبل قبضه أم بعده.

(مسألة 268): لا يجوز بيع الزرع قبل ظهوره على الأحوط

، و يجوز بيعه تبعاً للأرض لو باعها معه، أما بعد ظهوره فيجوز بيعه مع أصله بمعنى بيع المقدار الظاهر مع اصوله الثابتة فإن شاء المشتري قصله، و إن شاء أبقاه مع اشتراط الإبقاء أو بإذن من صاحب الأرض، فإن أبقاه حتى يسنبل كان له السنبل و عليه اجرة الارض إذا لم يشترط الإبقاء مجاناً، و إن قصله قبل أن يسنبل فنمت الاصول الثابتة في الأرض حتى سنبلت كان له أيضاً و لا تجب عليه اجرة الأرض و إن كان الوجوب أحوط.

(مسألة 269): يجوز بيع الزرع لا مع أصله بل قصيلًا

إذا كان قد بلغ أوان قصله أو قبل ذلك على أن يبقى حتى يصير قصيلًا أو قبل ذلك فإن قطعه و نمت الاصول حتى صارت سنبلًا كان السنبل للبائع و إن لم يقطعه كان لصاحب الأرض إلزامه بقطعه و له إبقاؤه و المطالبة بالاجرة فلو أبقاه فنما حتى سنبل كان السنبل للمشتري و ليس لصاحب الأرض إلّا مطالبة الاجرة، و كذا الحال لو اشترى نخلًا.

(مسألة 270): لو اشترى الجذع بشرط القلع فلم يقلعه

و نما كان النماء للمشتري.

(مسألة 271): يجوز بيع الزرع محصوداً

و لا يشترط معرفة مقداره بالكيل أو الوزن، بل تكفي فيه المشاهدة.

(مسألة 272): لا تجوز المحاقلة و هي بيع سنبل الحنطة أو الشعير بالحنطة منه

، و كذا بيع سنبل الشعير بالشعير منه بل و كذا بيع سنبل غير الحنطة و الشعير من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 69

الحبوب بحب منه.

(مسألة 273): الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها

على الأحوط، و يجوز بعد ظهورها مع المشاهدة لقطة واحدة أو لقطات، و المرجع في تعيين اللقطة عرف الزراع.

(مسألة 274): لو كانت الخضرة مستورة كالشلغم و الجزر و نحوهما

فالظاهر جواز بيعها أيضاً.

(مسألة 275): إذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث و النعناع و اللفت و نحوها يجوز بيعها

بعد ظهورها جزة و جزات و لا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط و المرجع في تعيين الجزة عرف الزراع كما سبق و كذا الحكم فيما يخرط كورق الحناء و التوت فإنه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطة و خرطات.

(مسألة 276): إذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركاً بين اثنين جاز أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه

بعد خرصها بمقدار معين فيتقبلها بذلك المقدار فإذا خرص حصة صاحبه بوزنة مثلًا جاز أن يتقبلها بتلك الوزنة زادت عليها في الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها.

(مسألة 277): الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الشركاء اثنين أو أكثر

و كون المقدار المتقبل به منها و في الذمة، نعم إذا كان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان على المتقبل بخلاف ما لو كان في الذمة فإنه باق على ضمانه، و الظاهر أنه صلح على تعيين المقدار المشترك فيه في كمية خاصة على أن يكون اختيار التعيين بيد المتقبل، و يكفي فيها كل لفظ دال على المقصود بل تجري فيها المعاطاة كما في غيرها من العقود.

(مسألة 278): إذا مر الانسان بشي ء من النخل أو الشجر جاز له أن يأكل

مع الضرورة العرفية من ثمره بلا إفساد للثمر أو الأغصان أو الشجر أو غيرها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 70

(مسألة 279): الظاهر جواز الأكل للمار

و إن كان قاصداً له من أول الأمر و لا يجوز له أن يحمل معه شيئاً من الثمر و إذا حمل معه شيئاً حرم ما حمل و لم يحرم ما أكل و إذا كان للبستان جدار أو حائط أو علم بكراهة المالك ففي جواز الأكل إشكال.

(مسألة 280): لا بأس ببيع العرية و هي النخلة الواحدة لشخص في دار غيره

فيبيع ثمرتها مع خرصها بالتمر سواء كان تمراً خارجياً أم على العهدة و في بيعها بالتمر من تلك الشجرة إشكال.

الفصل الثالث عشر في بيع الحيوان

اشارة

يجوز استرقاق الكافر الأصلي إذا لم يكن معتصماً بعهد أو ذمام سواء أ كان في دار الحرب أم كان في دار الإسلام و سواء أ كان بالقهر و الغلبة أم بالسرقة أم بالغيلة و يسري الرق في أعقابه و إن كان قد أسلم.

(مسألة 281): المرتد الفطري و الملّي لا يجوز استرقاقهما

على الأقوى.

(مسألة 282): لو قهر حربي حربياً آخر فباعه ملكه المشتري

و إن كان أخاه أو زوجته أو ممن ينعتق عليه كأبيه و امه، و في كونه بيعاً حقيقة و تجري عليه أحكامه إشكال و إن كان أقرب.

(مسألة 283): يصح أن يملك الرجل كل أحد غير الأب و الام و الجد و إن علا

لأب كان أو لُام، و الولد- و إن نزل ذكراً كان أو انثى و المحارم من النساء و هي الاخت و العمة و الخالة و إن علون، و بنات الأخ و بنات الاخت و إن نزلن، و لا فرق في المذكور بين النسبيين و الرضاعيين.

(مسألة 284): إذا وجد السبب المملك فيما لا يصح ملكه اختيارياً

كان السبب

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 71

كالشراء أو قهرياً كالإرث انعتق قهراً.

(مسألة 285): لو ملك أحد الزوجين صاحبه و لو بعضاً منه استقر الملك

و بطل النكاح.

(مسألة 286): يكره أن يملك الرجل غير هؤلاء من ذوي قرابته

كالأخ و العم و الخال و أولادهم.

(مسألة 287): تملك المرأة كل أحد غير الأب و الام و الجد و الجدة و الولد

و إن نزل ذكراً كان أو انثى نسبيين كانوا أو رضاعيين.

(مسألة 288): الكافر لا يملك المسلم ابتداءً

و لو أسلم عبد الكافر بيع على مسلم و اعطي ثمنه.

(مسألة 289): كل من أقر على نفسه بالعبودية حكم عليه بها

مع الشك إذا كان عاقلًا بالغاً مختاراً.

(مسألة 290): لو اشترى عبداً فادعى الحرية لم يقبل

قوله إلّا بالبينة.

(مسألة 291): يجب على مالك الأمة إذا أراد بيعها و قد وطأها أن يستبرئها

قبل بيعها بحيضة إن كانت تحيض و بخمسة و أربعين يوماً من حين الوطء إن كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض.

(مسألة 292): لو باعها بدون الاستبراء صح البيع

و وجب على المشتري استبراؤها فلا يطؤها إلّا بعد حيضة أو مضي المدة المذكورة.

(مسألة 293): إذا لم يعلم أن البائع استبرأها أو وطأها وجب عليه

الاحتياط في استبرائها، و إذا علم أن البائع لم يطأها أو أنه استبرأها لم يجب عليه استبراؤها، و كذا إذا أخبره صاحبها بأنه قد استبرأها أو أنه لم يطأها إذا كان أميناً.

(مسألة 294): لا يجب الاستبراء في أمة المرأة

إلّا أن يعلم أنها موطوءة وطئاً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 72

محترماً و لا في الصغيرة و لا في اليائسة و لا في الحائض حال البيع، نعم لا يجوز وطؤها حال الحيض.

(مسألة 295): لا استبراء في الحامل

، نعم لا يجوز وطؤها في القبل إلّا بعد مضي أربعة أشهر و عشرة أيام من زمان حملها، فإن وطأها و قد استبان حملها عزل استحباباً، فإن لم يعزل فالأحوط لو لم يكن أقوى عدم جواز بيع الولد بل وجوب عتقه و جعل شي ء له من ماله يعيش به.

(مسألة 296): يثبت وجوب استبراء البائع للأمة قبل البيع

لكل مالك يريد نقلها الى غيره و لو بسبب غير البيع و كذلك وجوب استبراء المشتري قبل الوطء يثبت لكل من تنتقل إليه الأمة بسبب و إن كان إرثاً أو استرقاقاً أو نحوهما فلا يجوز له وطؤها إلّا بعد الاستبراء.

(مسألة 297): يجوز شراء بعض الحيوان مشاعاً كنصفه

و ربعه و لا يجوز شراء بعض معين منه كرأسه و جلده إذا لم يكن مما يطلب لحمه بل كان المقصود منه الإبقاء للركوب أو الحمل أو نحوهما.

(مسألة 298): لو كان الحيوان مما يطلب لحمه جاز شراء بعض معين منه

، لكن لو لم يذبح لمانع كما إذا كان في ذبحه ضرر مالي كان المشتري شريكاً بنسبة قيمة الجزء حين الشراء، و كذا لو باع الحيوان و استثنى الرأس و الجلد، و أما إذا اشترك اثنان أو جماعة و شرط أحدهم لنفسه الرأس و الجلد فإنه يكون شريكاً بنسبة المال لا بنسبة الرأس و الجلد.

(مسألة 299): لو قال شخص لآخر: اشتر حيواناً بشركتي صح

و يثبت البيع لهما على السوية مع الإطلاق و يكون على كل واحد منهما نصف الثمن، و لو قامت القرينة على كون المراد الاشتراك على التفاضل كان العمل عليها.

(مسألة 300): لو دفع المأمور عن الأمر بالشراء شركة

ما عليه من جزء الثمن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 73

فإن كان الأمر بالشراء على وجه الشركة قرينة على الأمر بالدفع عنه رجع الدافع عليه بما دفعه عنه و إلّا كان متبرعا و ليس له الرجوع عليه به.

(مسألة 301): لو اشترى أمة فوطأها فظهر أنها ملك لغير البائع

كان للمالك انتزاعها منه و له على المشتري عشر قيمتها إن كانت بكراً و نصف العشر إن كانت ثيباً، و لو حملت منه كان عليه قيمة الولد يوم ولد حيّاً و يرجع المشتري على البائع بما اغترمه للمالك إن كان جاهلًا.

(مسألة 302): الأقوى أن العبد يملك

فلو ملّكه مولاه شيئاً ملكه، و كذا لو ملّكه غيره أو حاز لنفسه شيئاً إذا كان بإذن المولى، و لا ينفذ تصرفه فيما ملكه بدون إذن مولاه.

(مسألة 303): إذا اشترى كل من العبدين المأذونين من مولاهما بالشراء صاحبه من مولاه

فإن اقترن العقدان و كان شراؤهما لأنفسهما بطلا و إن كان شراؤهما للسيدين فالأقوى الصحة، و إن ترتبا صح السابق، و أما اللاحق فهو باطل إن كان الشراء لنفسه و إن كان الشراء لسيده صح إذا كان إذنه بالشراء مطلقا و أما إذا كان مقيداً بعبديته فصحته تتوقف على إجازته.

(مسألة 304): لو وطأ الشريك جارية الشركة حُدَّ بنصيب غيره

فإن حملت قُوّمت عليه و انعقد الولد حراً و عليه قيمة حصص الشركاء من الولد عند سقوطه حيّاً، بل يحتمل تقويمهم لها عليه بمجرد الوطء مع احتمال الحمل.

(مسألة 305): يستحب لمن اشترى مملوكاً تغيير اسمه

و إطعامه شيئاً من الحلاوة و الصدقة عنه بأربعة دراهم و لا يريه ثمنه في الميزان.

(مسألة 306): الأحوط عدم التفرقة بين الام و الولد قبل الاستغناء عن الام

، أما البهائم فيجوز فيها ذلك ما لم يؤد إلى إتلاف المال المحترم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 74

خاتمة: في الإقالة

اشارة

و هي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر و الظاهر جريانها في عامة العقود اللازمة غير النكاح و الضمان، و في جريانها في الهبة اللازمة و الصدقة إشكال، و تقع بكل لفظ يدل على المراد و إن لم يكن عربياً بل تقع بالفعل كما تقع بالقول، فإذا طلب أحدهما الفسخ من صاحبه فدفعه إليه كان فسخاً و إقالة و وجب على الطالب إرجاع ما في يده إلى صاحبه.

(مسألة 307): لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان

فلو أقال كذلك بطلت و بقي كل من العوضين على ملك مالكه.

(مسألة 308): إذا جعل له مالًا في الذمة أو في الخارج ليقيله بأن قال له: أقلني

و لك هذا المال، أو أقلني و لك علي كذا- نظير الجعالة فالأظهر الصحة.

(مسألة 309): لو أقال بشرط مال عين أو عمل

كما لو قال للمستقيل أقلتك بشرط أن تعطيني كذا أو تخيط ثوبي فقبل صح.

(مسألة 310): لا يجري في الإقالة فسخ

أو إقالة.

(مسألة 311): في قيام وراث المتعاقدين مقام المورث في صحة الإقالة إشكال

و الظاهر العدم نعم تجوز الاستقالة من الوارث و الإقالة من الطرف الآخر.

(مسألة 312): تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد

و في بعضه و يتقسط الثمن حينئذ على النسبة، و إذا تعدد البائع أو المشتري تصح الإقالة بين أحدهما و الطرف الآخر بالنسبة إلى حصته و لا يشترط رضى الآخر.

(مسألة 313): تلف أحد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الإقالة

فإذا تقايلا رجع كل عوض إلى صاحبه الأول، فإن كان موجوداً أخذه، و إن كان تالفاً رجع بمثله إن كان مثلياً و بقيمته يوم الفسخ إن كان قيمياً.

(مسألة 314): الخروج عن الملك ببيع أو هبة أو نحوهما بمنزلة التلف

، و تلف

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 75

البعض كتلف الكل يستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف.

(مسألة 315): العيب في يد المشتري يستوجب الرجوع عليه بالأرش مع الإقالة

، و الحمد للّٰه رب العالمين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 77

كتاب الشفعة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 79

إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه أخذ المبيع بالثمن المجعول له في البيع و يسمى هذا الحق بالشفعة.

فصل في ما تثبت فيه الشفعة

(مسألة 316): تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة كالأرضين

و الدور و البساتين بلا إشكال و هل تثبت فيما ينقل كالآلات و الثياب و الحيوان و فيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة؟ قولان: أقواهما الأول فيما عدا السفينة و النهر و الطريق و الحمام و الرحى فإنه لا تثبت فيها الشفعة.

(مسألة 317): لا تثبت الشفعة بالجوار

فإذا باع أحد داره فليس لجاره الأخذ بالشفعة.

(مسألة 318): إذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص

و كانا مشتركين في طريقهما فبيعت إحدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق تثبت الشفعة لصاحب الدار الاخرى سواء أ كانت الداران قبل ذلك مشتركتين و قسمتا أم لم تكونا كذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 80

(مسألة 319): يجري هذا الحكم في الدور المختصة كل واحدة منها بواحد

مع الاشتراك في الطريق فإذا بيعت واحدة منها مع الحصة من الطريق ثبتت الشفعة

للباقين.

(مسألة 320): إذا بيعت إحدى الدارين بلا ضم حصة الطريق إليها لم تثبت

الشفعة للشريك في الطريق.

(مسألة 321): إذا بيعت الحصة من الطريق وحدها تثبت الشفعة للشريك

هذا إذا كان قابلًا للقسمة كالساحة كما في الحديث و إلّا فلا تثبت الشفعة فيه كسائر الطرق.

(مسألة 322): هل يختص الحكم المذكور بالدار أو يعم غيرها من الأملاك

المفروزة المشتركة في الطريق؟ وجهان، و المشهور هو الثاني و لكنه لا يخلو من إشكال.

(مسألة 323): ألحق جماعة بالطريق النهر، و الساقية، و البئر

فإذا كانت الداران المختصة كل منهما بشخص مشتركتين في نهر أو ساقية أو بئر فبيعت إحداهما مع الحصة من النهر أو الساقية أو البئر كان لصاحب الدار الاخرى الشفعة في الدار أيضاً و فيه إشكال بل منع.

(مسألة 324): إذا بيع المقسوم منضماً إلى حصة من المشاع صفقة واحدة

كان للشريك في المشاع الأخذ بالشفعة في الحصة المشاعة بما يخصها من الثمن بعد توزيعه و ليس له الأخذ في المقسوم.

(مسألة 325): تختص الشفعة في غير المساكن و الأرضين بالبيع

فإذا انتقل الجزء المشاع بالهبة المعوضة أو الصلح أو غيرهما فلا شفعة للشريك و أما المساكن و الأرضين فاختصاص الشفعة فيها بالبيع محل إشكال.

(مسألة 326): إذا كانت العين بعضها ملكاً و بعضها وقفاً

فبيع الملك لم يكن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 81

للموقوف عليهم الشفعة على الأقوى و إن كان الموقوف عليه واحداً.

(مسألة 327): إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه ففي ثبوت الشفعة للشريك قولان

أقربهما ذلك.

(مسألة 328): يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين

فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد و باع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة. و إذا باعوا جميعاً إلّا واحداً منهم ففي ثبوت الشفعة له إشكال بل منع.

(مسألة 329): إذا كانت العين بين شريكين فباع أحدهما بعض حصته

ثبتت الشفعة للآخر.

فصل في الشفيع

(مسألة 330): يعتبر في الشفيع الإسلام

إذا كان المشتري مسلماً فلا شفعة للكافر على المسلم و إن اشترى من كافر و تثبت للمسلم على الكافر و للكافر على مثله.

(مسألة 331): يشترط في الشفيع أن يكون قادراً على أداء الثمن

فلا تثبت للعاجز عنه و إن بذل الرهن أو وجد له ضامن إلّا أن يرضى المشتري بذلك. نعم إذا ادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام و إذا ادعى أن الثمن في بلد آخر اجل بمقدار وصول المال إليه و زيادة ثلاثة أيام، فإن انتهى الأجل فلا شفعة و يكفي في الثلاثة أيام التلفيق كما أن مبدأها زمان الأخذ بالشفعة لا زمان البيع.

(مسألة 332): إذا كان التأجيل إلى زمان نقل الثمن من البلد الآخر

حيث يدعي وجوده فيه زائداً على المقدار المتعارف فالظاهر سقوط الشفعة.

(مسألة 333): إذا كان الشريك غائباً عن بلد البيع وقت البيع جاز له الأخذ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 82

بالشفعة إذا حضر البلد و علم بالبيع و إن كانت الغيبة طويلة.

(مسألة 334): إذا كان له وكيل مطلق في البلد أو في خصوص الأخذ بالشفعة جاز

لذلك الوكيل الأخذ بالشفعة عنه.

(مسألة 335): تثبت الشفعة للشريك و إن كان سفيهاً أو صبياً أو مجنوناً

فيأخذ لهم الولي بها بل إذا أخذ السفيه بها بإذن الولي صح و كذا الصبي على احتمال قوي.

(مسألة 336): تثبت الشفعة للمفلس إذا رضي المشتري ببقاء الثمن في ذمته

أو استدان الثمن من غيره أو دفعه من ماله بإذن الغرماء.

(مسألة 337): إذا أسقط الولي عن الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعة لم يكن لهم المطالبة

بها بعد البلوغ و الرشد و العقل. و كذا إذا لم يكن الأخذ بها مصلحة فلم يطالب. أما إذا ترك المطالبة بها مساهلة منه في حقهم فالظاهر أن لهم المطالبة بها بعد البلوغ و الرشد.

(مسألة 338): إذا كان المبيع مشتركاً بين الولي و المولى عليه فباع الولي عنه

جاز له أن يأخذ بالشفعة على الأقوى.

(مسألة 339): إذا باع الولي عن نفسه فإنه يجوز له أن يأخذ بالشفعة

للمولى عليه و كذا الحكم في الوكيل إذا كان شريكاً مع الموكل.

فصل في الأخذ بالشفعة

(مسألة 340): الأخذ بالشفعة من الإنشائيات المعتبر فيها الإيقاع

و يكون بالقول مثل أن يقول: أخذت المبيع المذكور بثمنه، و بالفعل مثل أن يدفع الثمن و يستقل بالمبيع.

(مسألة 341): لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع و ترك بعضه

بل إما أن يأخذ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 83

الجميع أو يدع الجميع.

(مسألة 342): الشفيع يأخذ بقدر الثمن إذا كان مثلياً

لا بأكثر منه و لا بأقل سواء أ كانت قيمة المبيع السوقية مساوية للثمن أم زائدة أم ناقصة.

(مسألة 343): في ثبوت الشفعة في الثمن القيمي بأن يأخذ المبيع بقيمته قولان

أقواهما العدم.

(مسألة 344): إذا غرم المشتري شيئاً من اجرة الدلال أو غيرها أو تبرع به للبائع

من خلعة و نحوها لم يلزم الشفيع تداركه.

(مسألة 345): إذا حطّ البائع شيئاً من الثمن للمشتري

لم يكن للشفيع تنقيصه.

(مسألة 346): الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة

فيسقط مع المماطلة و التأخير بلا عذر و لا يسقط إذا كان التأخير عن عذر كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة، أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلًا، أو كون المشتري زيداً فبان عمراً، أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس أو أنه واحد فبان اثنين أو العكس، أو أن المبيع النصف بمائة فتبين أنه الربع بخمسين أو كون الثمن ذهباً فبان فضة، أو لكونه محبوساً ظلماً أو بحق يعجز عن أدائه، و كذا أمثال ذلك من الأعذار.

(مسألة 347): المبادرة اللازمة في استحقاق الأخذ بالشفعة يراد منها المبادرة

على النحو المتعارف الذي جرت به العادة فإذا كان مشغولًا بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها.

(مسألة 348): إذا كان مشغولًا بأكل أو شرب لم يجب قطعه

و لا يجب عليه الإسراع في المشي.

(مسألة 349): يجوز له إن كان غائباً انتظار الرفقة

إذا كان الطريق مخوفاً، أو انتظار زوال الحر أو البرد إذا جرت العادة بانتظاره، و قضاء وطره من الحمام إذا علم بالبيع و هو في الحمام، و أمثال ذلك مما جرت العادة بفعله لمثله، نعم يشكل مثل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 84

عيادة المريض و تشييع المؤمن و نحو ذلك إذا لم يكن تركه موجباً للطعن فيه و كذا الاشتغال بالنوافل ابتداء و الأظهر السقوط في كل مورد صدقت فيه المماطلة عرفاً.

(مسألة 350): إذا كان غائباً عن بلد البيع و علم بوقوعه و كان يتمكن من الأخذ

بالشفعة بالتوكيل فلم يبادر إليه سقطت الشفعة.

(مسألة 351): لا بد في الأخذ بالشفعة من إحضار الثمن

و لا يكفي قول الشفيع أخذت بالشفعة في انتقال المبيع إليه فإذا قال ذلك و هرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقي المبيع على ملك المشتري لا أنه ينتقل بالقول إلى ملك الشفيع و بالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع إلى ملك المشتري.

(مسألة 352): إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط

بل جاز للشفيع الأخذ من المشتري الأول بالثمن الأول فيبطل الثاني و تجزي الإجازة منه في صحته له، و له الأخذ من المشتري الثاني بثمنه فيصح البيع الأول.

(مسألة 353): إذا زادت العقود على اثنين فإن أخذ بالسابق بطل اللاحق

و يصح مع اجازته، و إن أخذ باللاحق صح السابق، و إن أخذ بالمتوسط صح ما قبله و بطل ما بعده و يصح مع إجازته.

(مسألة 354): إذا تصرف المشتري في المبيع بوقف أو هبة لازمة أو غير لازمة

أو بجعله صداقاً أو غير ذلك مما لا شفعة فيه كان للشفيع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلى البيع فتبطل التصرفات اللاحقة له.

(مسألة 355): الشفعة من الحقوق فتسقط بالإسقاط

و يجوز تعويض المال بإزاء إسقاطها و بإزاء عدم الأخذ بها لكن على الأول لا يسقط إلّا بالإسقاط فإذا لم يسقطه و أخذ بالشفعة صح و كان آثماً و معطى العوض مخير بين الفسخ و مطالبة العوض و أن يطالبه بأُجرة المثل للإسقاط و الظاهر صحة الأخذ بالشفعة على الثاني أيضاً. و يصح الصلح عليه نفسه فيسقط بذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 85

(مسألة 356): الظاهر أنه لا إشكال في أن حق الشفعة لا يقبل الانتقال

إلى غير الشفيع.

(مسألة 357): إذا باع الشريك نصيبه قبل الأخذ بالشفعة

فالظاهر سقوطها خصوصاً إذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة.

(مسألة 358): المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الأخذ بالشفعة

فإذا أخذ بها و كان جاهلًا به لم يصح لكن الصحة لا تخلو من وجه.

(مسألة 359): إذا تلف تمام المبيع قبل الأخذ

بالشفعة سقطت.

(مسألة 360): إذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط

و جاز له أخذ الباقي بتمام الثمن من دون ضمان على المشتري.

(مسألة 361): إذا كان التلف بعد الأخذ بالشفعة

فإن كان التلف بفعل المشتري ضمنه.

(مسألة 362): إذا كان التلف بغير فعل المشتري ضمنه المشتري

أيضاً فيما إذا كان التلف بعد المطالبة و مسامحة المشتري في الإقباض.

(مسألة 363): في انتقال الشفعة إلى الوارث إشكال

و على تقدير الانتقال ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون.

(مسألة 364): إذا أسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط

، و كذا إذا شهد على البيع أو بارك للمشتري إلّا أن تقوم القرينة على إرادة الإسقاط بذلك بعد البيع.

(مسألة 365): إذا كانت العين مشتركة بين حاضر و غائب و كانت حصة الغائب بيد ثالث

فباعها بدعوى الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه و التصرف فيه، و هل يجوز للشريك الحاضر الأخذ بالشفعة بعد اطلاعه على البيع؟ إشكال، و إن كان الجواز أقرب فإذا حضر الغائب و صدق فهو، و إن أنكر كان القول قوله بيمينه فإذا حلف انتزع الحصة من يد الشفيع و كان له عليه الاجرة إن كانت ذات منفعة مستوفاة بل مطلقاً فإن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 86

دفعها إلى المالك رجع بها على مدعي الوكالة.

(مسألة 366): إذا كان الثمن مؤجلًا جاز للشفيع الأخذ بالشفعة

بالثمن المؤجل و الظاهر جواز إلزامه بالكفيل، و يجوز أيضاً الأخذ بالثمن حالًا إن رضي المشتري به أو كان شرط التأجيل للمشتري على البائع.

(مسألة 367): الشفعة لا تسقط بالإقالة

فإذا تقايلا جاز للشفيع الأخذ بالشفعة فينكشف بطلان الإقالة فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري و نماء الثمن للبائع كما كان الحال قبلها كذلك.

(مسألة 368): إذا كان للبائع خيار رد العين فالظاهر أن الشفعة لا تسقط به

لكن البائع إذا فسخ يرجع المبيع إليه بل الظاهر ثبوت سائر الخيارات أيضاً و مع الفسخ يرجع المبيع إلى البائع.

(مسألة 369): إذا كانت العين معيبة فإن علمه المشتري فلا خيار له

و لا أرش فإذا أخذ الشفيع بالشفعة فإن كان عالماً به فلا شي ء له و إن كان جاهلًا كان له الخيار في الرد و ليس له اختيار الأرش، و إذا كان المشتري جاهلًا كان له الأرش و لا خيار له في الرد فإذا أخذ الشفيع بالشفعة كان له الرد فإن لم يكن الرد لم يبعد رجوعه على المشتري بالأرش حتى إذا كان قد أسقطه عن البائع.

(مسألة 370): إذا اتفق اطلاع المشتري على العيب بعد أخذ الشفيع فالظاهر أن له أخذ الأرش

و عليه دفعه إلى الشفيع، و إذا اطلع الشفيع عليه دون المشتري فليس له مطالبة البائع بالأرش و لا يبعد جواز مطالبة المشتري به إن لم يمكن الرد.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 87

كتاب الإجارة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 89

و هي تمليك المنفعة بعوض عملًا كانت أو غيره، فالأول مثل إجارة الخياط للخياطة، و الثاني مثل إجارة الدار.

(مسألة 371): لا بد فيها من الإيجاب و القبول

، فالإيجاب مثل قول الخياط:

آجرتك نفسي، و قول صاحب الدار: أجرتك داري، و القبول مثل قول المستأجر:

قبلت، و يجوز وقوع الإيجاب من المستأجر، مثل: استأجرتك لتخيط ثوبي و استأجرت دارك، فيقول المؤجر: قبلت و تجري فيها المعاطاة أيضاً.

(مسألة 372): يشترط في المتعاقدين أن لا يكون أحدهما محجوراً عن التصرف

لصغر أو سفه أو تفليس أو رقّ، كما يشترط أن لا يكون أحدهما مكرهاً على التصرف إلّا أن يكون الإكراه بحق.

يشترط في كل من العوضين امور:

الأول: أن يكون معلوماً بحيث لا يلزم الغرر

اشارة

على الأحوط بل على الأظهر، فالاجرة إذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لا بد من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العد، و ما يعرف منها بالمشاهدة لا بد من مشاهدته أو وصفه على نحو ترتفع الجهالة.

(مسألة 373): لا يعتبر العلم بمقدار المنفعة فيما لا غرر مع الجهل به

كما في إجارة السيارة مثلا إلى مكة أو غيرها من البلاد المعروفة فإن المنفعة حينئذ أمر عادي متعارف و لا بأس بالجهل بمقدارها و لا بمقدار زمان السير. و في غير ذلك لا بد من العلم بالمقدار و هو إما بتقدير المدة مثل سكنى الدار سنة أو شهراً، أو المسافة مثل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 90

ركوب الدابة فرسخاً أو فرسخين، و إما بتقدير موضوعها مثل خياطة الثوب المعلوم طوله و عرضه ورقته و غلظته و لا بد من تعيين الزمان في الأولين، فإذا استأجر الدار للسكنى سنة و الدابة للركوب فرسخاً من دون تعيين الزمان بطلت الإجارة إلّا أن تكون قرينة على التعيين كالإطلاق الذي هو قرينة على التعجيل.

(مسألة 374): الظاهر عدم اعتبار تعيين الزمان في الإجارة

على مثل الخياطة غير المتقوم ماليته بالزمان فيجب الإتيان به متى طالب المستأجر.

الثاني: أن يكون مقدوراً على تسليمه

فلا تصح إجارة العبد الآبق، و إن ضمت إليه ضميمة على الأقوى.

الثالث: أن تكون العين المستأجرة ذات منفعة

فلا تصح إجارة الأرض التي لا ماء لها للزراعة.

الرابع: أن تكون العين مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها

فلا تصح إجارة الخبز للأكل.

الخامس: أن تكون المنفعة محللة

فلا تصح إجارة المساكن لإحراز المحرمات، و لا إجارة الجارية للغناء.

السادس: تمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة

اشارة

فلا تصح إجارة الحائض لكنس المسجد.

(مسألة 375): إذا آجر مال غيره توقفت صحة الإجارة على إجازة المالك

و إذا آجر مال نفسه و كان محجوراً عليه لسفه أو رقّ توقفت صحتها على إجازة الولي و إذا كان مكرهاً توقفت على الرضا لا بداعي الإكراه.

(مسألة 376): إذا آجر السفيه نفسه لعمل ففي الصحّة إشكال

و الأحوط الاستيذان من الولي.

(مسألة 377): إذا استأجر دابة للحمل فلا بد من تعيين الحمل

، و إذا استأجر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 91

دابة للركوب فلا بد من تعيين الراكب، و إذا استأجر دابة لحرث جريب من الأرض فلا بد من تعيين الأرض. نعم إذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الأرض لا يوجب اختلافاً في المالية لم يجب التعيين.

(مسألة 378): إذا قال: آجرتك الدار شهراً أو شهرين بطلت الإجارة

، و إذا قال:

آجرتك كل شهر بدرهم صح في الشهر الأول و بطل في غيره و كذا إذا قال آجرتك شهراً بدرهم فإن زدت فبحسابه، هذا إذا كان بعنوان الإجارة، أما إذا كان بعنوان الجعالة بأن يجعل المنفعة لمن يعطي درهماً أو كان من قبيل الإباحة بالعوض بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهماً فلا بأس.

(مسألة 379): إذا قال: إن خِطت هذا الثوب بدرز فلك درهم و إن خطته بدرزين فلك درهمان

، فإن قصد الجعالة كما هو الظاهر صح و إن قصد الإجارة بطل، و كذا إن قال: إن خطته هذا اليوم فلك درهم و إن خطته غدا فلك نصف درهم. و الفرق بين الإجارة و الجعالة أن في الإجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد، و كذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض و لأجل ذلك صارت عقداً و ليس ذلك في الجعالة فإن اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبداً. و لأجل ذلك صارت إيقاعاً.

(مسألة 380): إذا استأجره على عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة

أو وصف فجاء به على خلاف القيد لم يستحق شيئاً على عمله فإن لم يمكن العمل ثانياً تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و بين مطالبة الأجير بأُجرة المثل للعمل المستأجر عليه فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه اجرة المثل و إن أمكن العمل ثانياً وجب الاتيان به على النهج الذي وقعت عليه الإجارة.

(مسألة 381): إذا استأجره على عمل بشرط

، بأن كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الإجارة كما إذا استأجره على خياطة ثوبه و اشترط عليه قراءة سورة من القرآن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 92

فخاط الثوب و لم يقرأ السورة كان له فسخ الإجارة و عليه حينئذ اجرة المثل و له إمضاؤه و دفع الاجرة المسماة و الفرق بين القيد و الشرط أن متعلق الإجارة في موارد التقييد حصة خاصة مغايرة لسائر الحصص، و أما في موارد الاشتراط فمتعلق الإجارة هو طبيعي العمل لكن الالتزام العقدي معلق على الالتزام بما جعل شرطاً.

(مسألة 382): إذا استأجر دابة إلى «كربلاء» مثلًا بدرهم

و اشترط على نفسه أنه إن أوصله المؤجر نهاراً أعطاه درهمين صح.

(مسألة 383): لو استأجر دابة مثلا إلى مسافة بدرهمين

و اشترط على المؤجر أن يعطيه درهماً واحداً إن لم يوصله نهاراً صح ذلك.

(مسألة 384): إذا استأجر دابة على أن يوصله المؤجر نهاراً بدرهمين

أو ليلًا بدرهم بحيث تكون الإجارة على أحد الأمرين مردداً بينهما فالإجارة باطلة.

(مسألة 385): إذا استأجره على أن يوصله إلى «كربلاء» و كان من نيته زيارة ليلة

النصف من شعبان و لكن لم يذكر ذلك في العقد و لم تكن قرينة على التعيين استحق الاجرة و إن لم يوصله ليلة النصف من شعبان.

فصل و فيه مسائل تتعلق بلزوم الإجارة

(مسألة 386): الإجارة من العقود اللازمة لا يجوز فسخها

إلّا بالتراضي بينهما أو يكون للفاسخ الخيار و الأظهر أن الإجارة المعاطاتية أيضاً لازمة.

(مسألة 387): إذا باع المالك العين المستأجرة قبل تمام مدة الإجارة لم تنفسخ

الإجارة بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الإجارة و إذا كان المشتري جاهلًا بالإجارة أو معتقداً قلة المدة فتبين زيادتها كان له فسخ البيع و ليس له المطالبة بالأرش، و إذا فسخت الإجارة رجعت المنفعة إلى البائع.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 93

(مسألة 388): لا فرق فيما ذكرناه من عدم انفساخ الإجارة بالبيع

بين أن يكون البيع على المستأجر و غيره.

(مسألة 389): إذا باع المالك العين على شخص و آجرها وكيله مدة معينة على شخص آخر

و اقترن البيع و الإجارة زماناً بطلت الإجارة و صح البيع مسلوب المنفعة مدة الإجارة و يثبت الخيار حينئذ للمشتري.

(مسألة 390): لا تبطل الإجارة بموت المؤجر

و لا بموت المستأجر حتى فيما إذا استأجر داراً على أن يسكنها بنفسه فمات.

(مسألة 391): إذا آجر نفسه للعمل بنفسه فمات قبل مضي زمان

يتمكن فيه من العمل بطلت الإجارة.

(مسألة 392): إذا آجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة

فانقرضوا قبل انتهاء مدة الإجارة بطلت و إذا آجرها البطن السابق ولاية منه على العين لمصلحة البطون جميعها لم تبطل بانقراضه.

(مسألة 393): إذا آجر نفسه للعمل بلا قيد المباشرة فإنها لا تبطل بموته

إذا كان متمكناً منه و لو بالتسبيب و يجب حينئذ أداء العمل من تركته كسائر الديون.

(مسألة 394): إذا آجر الولي مال الصبي في مدة تزيد على زمان بلوغه صح

و إذا آجر الولي الصبي كذلك ففي صحتها في الزيادة إشكال حتى إذا قضت ضرورة الصبي بذلك.

(مسألة 395): إذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت في أثنائها لم تبطل الإجارة

و إن كانت الخدمة منافية لحق الزوج.

(مسألة 396): إذا آجرت نفسها بعد التزويج توقفت صحة الإجارة على إجازة الزوج

فيما ينافي حقه و نفذت الإجارة فيما لا ينافي حقه.

(مسألة 397): إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثمّ أعتقه قبل انتهاء مدة الإجارة

لم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 94

تبطل الإجارة و تكون نفقته في كسبه إن أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة و إن لم يمكن فهي على المسلمين كفاية.

(مسألة 398): إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً

فإن كان عالماً به حين العقد فلا أثر له و إن كان جاهلًا به فإن كان موجباً لفوات بعض المنفعة كخراب بعض بيوت الدار قسطت الاجرة و رجع على المالك بما يقابل المنفعة الفائتة و له فسخ العقد من أصله هذا إذا لم يكن الخراب قابلًا للانتفاع أصلًا أو كان قابلًا للانتفاع إلّا أنّه قد استوجر للمنفعة الخاصّة و لو في ضمن المجموع و إلّا لم يكن له إلّا خيار العيب و إن كان العيب موجباً لعيب في المنفعة مثل عرج الدابة كان له الخيار في الفسخ و ليس له مطالبة الأرش، و إن لم يوجب العيب شيئاً من ذلك لكن يوجب نقص الاجرة كان له الخيار أيضاً، و إن لم يوجب ذلك أيضاً فلا خيار، هذا إذا كانت العين شخصية أما إذا كان كلياً و كان المقبوض معيباً كان له المطالبة بالصحيح و لا خيار في الفسخ، و إذا تعذر الصحيح كان له الخيار في أصل العقد.

(مسألة 399): إذا وجد المؤجر عيباً في الاجرة و كان جاهلًا به كان له الفسخ

و ليس له المطالبة بالأرش و إذا كانت الاجرة كلياً فقبض فرداً معيباً منها فليس له فسخ العقد بل له المطالبة بالصحيح فإن تعذر كان له الفسخ.

(مسألة 400): يجري في الإجارة خيار الغبن و خيار الشرط- حتى للأجنبي

و خيار العيب، و خيار تخلف الشرط و تبعض الصفقة، و تعذر التسليم و التفليس و التدليس و الشركة، و خيار شرط رد العوض نظير شرط رد الثمن و لا يجري فيها خيار المجلس، و لا خيار الحيوان.

(مسألة 401): إذا حصل الفسخ في عقد الإيجار ابتداء المدة فلا إشكال

و إذا حصل أثناء المدة فالاقوى كونه موجباً لانفساخ العقد في جميع المدة فيرجع المستأجر بتمام المسمى و يكون للمؤجر اجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 95

فصل و فيه مسائل في أحكام التسليم في الإجارة

اشارة

إذا وقع عقد الإجارة ملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان و العمل في الإجارة على الأعمال بنفس العقد، و كذا المؤجر و الأجير يملكان الاجرة بنفس العقد لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة و العمل إلّا في حال تسليم الاجرة و ليس للأجير و المؤجر المطالبة بالاجرة إلّا في حال تسليم المنفعة و يجب على كل منهما تسليم ما عليه تسليمه إلا إذا كان الآخر ممتنعاً عنه و تسليم المنفعة يكون بتسليم العين و تسليم العمل فيما لا يتعلق بالعين باتمامه و فيما يتعلق بالعين يكون بتسليم العين بمعنى التخلية بينها و بين المالك مع إتمام العمل فيها و ليس للأجير المطالبة بالاجرة قبل إتمام العمل إلّا إذا كان قد اشترط تقديم الاجرة صريحاً أو كانت العادة جارية على ذلك، و كذا ليس للمستأجر المطالبة بالعين المستأجرة أو العمل المستأجر عليه مع تأجيل الاجرة إلّا إذا كان قد شرط ذلك و إن كان لأجل جريان العادة عليه، و إذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الاجرة جاز للمستأجر إجباره على تسليم العين كما جاز له الفسخ و أخذ الاجرة إذا كان قد دفعها و له إبقاء الاجارة و المطالبة بقيمة المنفعة الفائتة، و كذا إذا دفع المؤجر العين ثمّ أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدة و مع الفسخ في الأثناء يرجع بتمام الاجرة و عليه اجرة المثل لما مضى و كذا الحكم فيما إذا امتنع المستأجر من تسليم

الاجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة.

(مسألة 402): إذا كان العمل المستأجر عليه في العين التي هي بيد الأجير

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 95

، فتلفت العين، بعد تمام العمل قبل دفعها إلى المستأجر من غير تفريط استحق الأجير المطالبة بالاجرة فإذا كان أجيراً على خياطة ثوب فتلف بعد الخياطة و قبل دفعه إلى المستأجر استحق الأجير مطالبة الاجرة فإذا كان الثوب مضموناً على الأجير استحق

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 96

عليه المالك قيمة الثوب مخيطاً و إلا لم يستحق عليه شيئاً.

(مسألة 403): يجوز للأجير بعد إتمام العمل حبس العين إلى أن يستوفي الاجرة

و إذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن.

(مسألة 404): إذا تلفت العين المستأجرة قبل انتهاء المدة بطلت الإجارة

فإن كان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل لم يستحق المالك على المستأجر شيئاً، و إن كان بعد القبض بمدة كان للمستأجر الخيار في فسخ الإيجار فإن فسخ رجع على المؤجر بتمام الاجرة المسماة و عليه للمؤجر اجرة المثل بالنسبة إلى المدة الماضية، و إن لم يفسخ قسطت الاجرة على النسبة و كان للمالك حصة من الاجرة على نسبة المدة، هذا إذا تلفت العين بتمامها، و أما إذا تلف بعضها و لم يمكن الانتفاع به تبطل الإجارة بنسبته من أول الأمر أو في أثناء المدة و يثبت الخيار للمستأجر حينئذ أيضاً.

(مسألة 405): إذا قبض المستأجر العين المستأجرة و لم يستوف منفعتها حتى انقضت مدة الإجارة

كما إذا استأجر دابة أو سفينة للركوب أو حمل المتاع فلم يركبها و لم يحمل متاع عليها أو استأجر داراً و قبضها و لم يسكنها حتى مضت المدة استقرت عليه الاجرة، و كذا إذا بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر من قبضها و استيفاء المنفعة منها حتى انقضت مدة الإجارة، و كذا الحكم في الإجارة على الأعمال فإنه إذا بذل الأجير نفسه للعمل و امتنع المستأجر من استيفائه كما إذا استأجر شخصاً لخياطة ثوبه في وقت معين فهيأ الأجير نفسه للعمل فلم يدفع المستأجر إليه الثوب حتى مضى الوقت فإنه يستحق الاجرة سواء اشتغل الأجير في ذلك الوقت بشغل لنفسه أو غيره أم لم يشتغل، كما لا فرق على الأقوى في الإجارة الواقعة على العين بين أن تكون العين شخصية مثل أن يؤجره الدابة فيبذلها المؤجر للمستأجر فلا يركبها حتى يمضي الوقت و أن تكون كلية كما إذا آجره دابة كلية فسلم فرداً منها إليه أو بذله له حتى انقضت المدة فإنه يستحق تمام الاجرة على المستأجر،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 97

كما

لا فرق في الإجارة الواقعة على الكلي بين تعيين الوقت و عدمه إذا كان قد قبض فرداً من الكلي بعنوان الجري على الإجارة فإن الاجرة تستقر على المستأجر في جميع ذلك و إن لم يستوف المنفعة هذا إذا كان عدم الاستيفاء باختياره، أما إذا كان لعذر فإن كان عاماً مثل نزول المطر المانع من السفر على الدابة أو في السفينة حتى انقضت المدة بطلت الإجارة و ليس على المستأجر شي ء من الاجرة، و إن كان العذر خاصاً بالمستأجر كما إذا مرض فلم يتمكن من السفر فلا إشكال في الصحة فيما لم تشترط فيه المباشرة بل الأقوى الصحة فيما إذا اشترطت مباشرته في الاستيفاء أيضاً إلّا إذا كان العذر على نحو يوجب بطلان الإجارة إذا كان حاصلًا قبل العقد فإذا استأجره لقلع ضرسه فبرئ من الألم و كان القلع حينئذ محرماً بطلت الإجارة.

(مسألة 406): إذا لم يستوف المستأجر المنفعة في بعض المدة جرت الأقسام

المذكورة بعينها و جرت عليه أحكامها.

(مسألة 407): إذا غصب العين المستأجرة غاصب فتعذر استيفاء المنفعة

فإن كان الغصب قبل القبض تخير المستأجر بين الفسخ فيرجع على المؤجر بالاجرة إن كان قد دفعها إليه و الرجوع على الغاصب بأُجرة المثل هذا فيما إذا أمكن الرجوع إلى الغاصب و إلّا يكون من تلف المنفعة قبل القبض الموجب لبطلان الإجارة على الأظهر و إن كان الغصب بعد القبض تعين الثاني. نعم، إذا كانت العين المستأجرة في معرض الغصب بحيث تعدّ معيبة و لم يكن المستأجر عالماً بها حال العقد فيخير أيضاً بين الفسخ و الرجوع و كذلك إذا منعه الظالم من الانتفاع بالعين المستأجرة من دون غصب العين فيرجع عليه بالمقدار الذي فوته عليه من المنفعة إلّا أن يكون المنع لأجل خصوصية في العين بحيث يعدّ عيباً على ما تقدّم.

(مسألة 408): إتلاف المستأجر للعين المستأجرة بمنزلة قبضها

و استيفاء منفعتها فتلزمه الاجرة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 98

(مسألة 409): إذا أتلفها المؤجر تخير المستأجر بين الفسخ و الرجوع عليه

بالاجرة و بين الرجوع عليه بقيمة المنفعة.

(مسألة 410): إذا أتلفها الأجنبي فإن كان بعد القبض رجع المستأجر عليه بالقيمة

و إن كان قبل القبض تخير بين الفسخ و الرجوع إلى المؤجر بالاجرة و بين الإمضاء و الرجوع إلى المتلف بالقيمة هذا فيما إذا أمكن الرجوع إلى المتلف و إلّا تبطل الإجارة.

(مسألة 411): إذا انهدم بعض الدار التي استأجرها فبادر المؤجر إلى تجديدها

فالأقوى أنه إن كانت الفترة غير معتد بها فلا فسخ و لا انفساخ و إن كانت معتداً بها رجع المستأجر بما يقابلها من الاجرة و كان له الفسخ في الجميع لتبعض الصفقة، فإذا فسخ رجع بتمام الاجرة و عليه اجرة المثل لما قبل الانهدام. و إذا انهدم تمام الدار فالظاهر انفساخ العقد.

(مسألة 412): المواضع التي تبطل فيها الإجارة و تثبت للمالك اجرة المثل

لا فرق بين أن يكون المالك عالماً بالبطلان و جاهلًا به.

(مسألة 413): تجوز إجارة الحصة المشاعة من العين

لكن لا يجوز تسليمها إلى المستأجر إلّا بإذن الشريك إذا كانت العين مشتركة.

(مسألة 414): يجوز أن يستأجر اثنان داراً أو دابة فيكونان مشتركين في المنفعة

فيقتسمانها بينهما كالشريكين في ملك العين.

(مسألة 415): يجور أن يستأجر شخصين لعمل شي ء معين كحمل متاع

أو غيره أو بناء جدار أو هدمه أو غير ذلك فيشتركان في الاجرة و عليهما معاً القيام بالعمل الذي استؤجرا عليه و يستحقّ كل منهما من الاجرة المسمّاة بنسبة اجرة

المثل لعمله بالإضافة إلى اجرة المثل لعمل الآخر إلّا مع التراضي بغيره في عقد الإجارة أو بعدها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 99

(مسألة 416): لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد على الأقوى

فيجوز أن يؤجر داره سنة مثلًا متأخرة عن العقد بسنة أو أقل أو أكثر و لا بد من تعيين مبدأ المدة، و إذا كانت المدة محدودة و اطلقت الإجارة و لم يذكر البدء انصرف إلى الاتصال.

(مسألة 417): إذا آجره دابة كلية و دفع فرداً منها فتلف

كان على المؤجر دفع فرد آخر.

فصل و فيه مسائل في أحكام التلف

(مسألة 418): العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لا يضمنها

إذا تلفت أو تعيبت إلّا بالتعدي أو التفريط، و إذا اشترط المؤجر ضمانها بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صح، و أما بمعنى اشتغال الذمة بمثلها أو قيمتها فالظاهر عدم صحة اشتراطه كما أن الظاهر أنه لا ضمان في الإجارة الباطلة إذا تلفت العين أو تعيبت.

(مسألة 419): العين التي للمستأجر بيد الأجير الذي آجر نفسه على عمل فيها

كالثوب الذي أخذه ليخيطه لا يضمن تلفه أو نقصه إلّا بالتعدي أو التفريط.

(مسألة 420): إذا اشترط المستأجر ضمان العين على الأجير

بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صح الشرط.

(مسألة 421): إذا تلف محل العمل في الإجارة أو أتلفه الأجنبي قبل العمل

أو في الأثناء قبل مضي زمان يمكن فيه إتمام العمل بطلت الإجارة و رجعت الاجرة كلًا أو بعضاً إلى المستأجر.

(مسألة 422): إذا أتلفه المستأجر كان إتلافه بمنزلة قبضه

فيستحق الأجير عليه تمام الاجرة.

(مسألة 423): إذا أتلفه الأجير كان المستأجر مخيراً بين فسخ العقد و إمضائه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 100

فإن أمضى جاز له مطالبة الأجير بقيمة العمل الفائت.

(مسألة 424): المدار في القيمة

على زمان الضمان.

(مسألة 425): كل من آجر نفسه لعمل في مال غيره إذا أفسد ذلك المال ضمن

كالحجام إذا جنى في حجامته. و الختان في ختانه، و هكذا الخياط و النجار و الحداد إذا أفسدوا. هذا إذا تجاوز الحد المأذون فيه أما إذا لم يتجاوز ففي الضمان إشكال و إن كان الأظهر العدم، و كذا الطبيب المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد فهو ضامن، و أما إذا كان واصفاً فالأظهر عدم الضمان.

(مسألة 426): إذا تبرأ الطبيب من الضمان و قبل المريض أو وليه بذلك

و لم يقصر في الاجتهاد فإنه يبرأ من الضمان بالتلف و إن كان مباشراً للعلاج.

(مسألة 427): إذا عثر الحمال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره

فانكسر ضمنه مع التفريط في مشيه و لا يضمنه مع عدمه و لكنه يضمن إذا عثر فوقع ما على رأسه على إناء غيره فكسره.

(مسألة 428): إذا قال للخياط: إن كان هذا القماش يكفيني قميصاً فاقطعه

فقطعه فلم يكفه ضمن، و أما إذا قال له: هل يكفيني قميصاً فقال: نعم، فقال: اقطعه، فقطعه فلم يكفه فالظاهر أنه لا ضمان إذا كان الخياط مخطئاً في اعتقاده.

(مسألة 429): إذا آجر عبده لعمل فأفسده فالأقوى كون الضمان في كسبه

فإن لم يفِ فعلى ذمة العبد يتبع به بعد العتق إذا لم يكن جناية على نفس أو طرف، و إلّا تعلق برقبته و للمولى فداؤه بأقل الأمرين من الأرش و القيمة إن كانت خطأً، و إن كانت عمداً تخير ولي المجني عليه بين قتله و استرقاقه على تفصيل يأتي في محله.

(مسألة 430): إذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان

على صاحبها إلّا إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب أو حمل الأجير المتاع زائداً على استعداد دابته مع جهل المستأجر بالحال و إذا كان غيره السبب كان هو الضامن.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 101

(مسألة 431): إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن

صاحبها و لو شرط عليه أداء قيمة التالف أو أرش النقص صح الشرط و لزم.

(مسألة 432): إذا حمل الدابة المستأجرة أكثر من المقدار المقرر بينهما بالشرط

أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيبت ضمن ذلك و عليه اجرة المثل للزيادة مضافة إلى الاجرة المسماة، و كذا إذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معينة فزاد على ذلك.

(مسألة 433): إذا استأجر دابة لحمل المتاع مسافة معينة فركبها أو بالعكس

كفت الاجرة المسماة فيما كان استعمالها في المنفعة الاخرى أقل اجرة أو مساوياً لها و يلزمه أكثر الاجرتين في غيره، و كذا الحكم في أمثاله مما كانت فيه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالإجارة بلا فرق بين الإجارة الواقعة على الأعيان كالدار و الدابة، و الإجارة الواقعة على الأعمال كما إذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة.

(مسألة 434): إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر

عمداً أو خطأ لم يستحق على المستأجر شيئاً.

(مسألة 435): إذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحملها المالك متاع عمرو لم يستحق

اجرة لا على زيد و لا على عمرو.

(مسألة 436): إذا استأجر دابة معينة من زيد للركوب إلى مكان معين

فركب غيرها عمداً أو خطأ لزمته الاجرة المسماة للُاولى و اجرة المثل للثانية، و إذا اشتبه فركب دابة عمرو لزمته اجرة المثل لها مضافة إلى الاجرة المسماة لدابة زيد.

(مسألة 437): إذا استأجر سفينة لحمل الخل المعين مسافة معينة فحملها خمراً

مع الخل المعين استحق المالك عليه الاجرة المسماة و اجرة المثل لحمل الخمر لو فرض أنه كان حلالًا.

(مسألة 438): يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 102

باللجام على النحو المتعارف إلّا مع منع المالك، و إذا تعدى عن المتعارف أو مع منع المالك ضمن نقصها أو تلفها، و في صورة الجواز لا ضمان للنقص على الأقوى.

(مسألة 439): صاحب الحمّام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت

إلّا إذا جعلت عنده وديعة و قد تعدى أو فرط.

(مسألة 440): إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن

إلّا مع التقصير في الحفظ و الظاهر أن غلبة النوم لا تعد من التقصير، نعم إذا اشترط عليه أداء القيمة إذا سرق المتاع وجب الوفاء به. و لم يستحق اجرة في الصورتين.

(مسألة 441): إنما يجب تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر إذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها

كما في إجارة آلات النساجة و النجارة و الخياطة أو كان المستأجر قد اشترط ذلك و إلّا لم يجب، فمن استأجر سفينة للركوب لم يجب على المؤجر تسليمها إليه.

(مسألة 442): يكفي في صحة الإجارة ملك المؤجر المنفعة

و إن لم يكن مالكاً للعين، فمن استأجر داراً جاز له أن يؤجرها من غيره و إن لم يكن مالكاً لنفس الدار، فإذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها وجب على المؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه و إن لم يأذن له المالك، و إذا لم يتوقف استيفاء المنفعة على التسليم كالسفينة و السيارة لم يجب على المؤجر الأول تسليمها إلى الثاني إلّا إذا اشترط عليه ذلك. و لا يجوز للمؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه و إن اشترط عليه بل الشرط يكون فاسداً، نعم إذا أذن له المالك فلا بأس كما أنه في الصورة السابقة التي يجب فيها تسليم المؤجر الثاني إلى المستأجر منه لا يجوز التسليم إلّا إذا كان المستأجر منه أميناً فإذا لم يكن أميناً و سلمها إليه كان ضامناً، هذا إذا كانت الإجارة مطلقة، أما إذا كانت مقيدة كما إذا استأجر دابة لركوب نفسه فلا تصح إجارتها من غيره فإذا آجرها من غيره بطلت الإجارة فإذا ركبها المستأجر الثاني و كان عالماً بالفساد كان آثماً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 103

و يضمن للمالك اجرة المثل للمنفعة المستوفاة هذا فيما إذا فسخ المالك إجارته مع المستأجر الأوّل لتخلّف الشرط بدفعه للعين إلى الآخر أو استيفائه للمنفعة و ذلك لرجوع التقييد في أمثال المقام إلى الاشتراط و أمّا مع عدم الفسخ فيضمن المستوفي للمستأجر الأول أقل الأمرين من اجرة المثل و الاجرة المسماة في الإجارة الفاسدة.

و لكنه مع الجهل و علم المؤجر بالحال يرجع

إلى المؤجر بما غرمه للمالك.

(مسألة 443): إذا آجر الدابة للركوب و اشترط على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه

أو أن لا يؤجرها من غيره فآجرها بطلت الإجارة، فإذا استوفى المستأجر منه المنفعة كان ضامناً على ما تقدم.

(مسألة 444): إذا استأجر الدكان مثلًا مدة فانتهت المدة وجب عليه إرجاعه

إلى المالك و لا يجوز له إيجاره من ثالث إلّا بإذن المالك، كما لا يجوز له أخذ مال من ثالث ليمكنه من الدكان المسمى في عرفنا (سرقفلية) إذا لم يشترط له ذلك إلّا إذا رضي المالك به. و إذا مات المستأجر و الحال هذه لم يجز لوارثه أخذ (السرقفلية) إلّا إذا رضي المالك به فإذا أخذها برضا المالك لم يجب إخراج ثلث للميت إذا كان قد أوصى إلّا إذا كان رضا المالك مشروطاً بإخراج الثلث.

(مسألة 445): إذا اشترط المستأجر على المالك في عقد الإجارة أو عقد آخر لازم

أن يأخذ (السرقفلية) جاز له أخذها فإذا مات كان ذلك موروثاً لوارثه و وجب إخراج ثلثه إذا كان أوصى به، و إذا كان للمستأجر حق في أخذ (السرقفلية) من غيره و إن لم يرض المالك به كان ذلك من أرباح التجارة وجب إخراج خمسه بقيمته و ربما زادت القيمة و ربما نقصت و ربما ساوت ما دفعه.

(مسألة 446): يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة

و ما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل مما استأجرها به و بالمساوي، و كذا بالأكثر منه إذا أحدث فيها حدثاً أو كانت الاجرة من غير جنس الاجرة السابقة بل يجوز أيضا مع عدم الشرطين

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 104

المذكورين عدا البيت و الدار و الدكان و الاجير فلا يجوز إجارتها بالأكثر حينئذ، و الأحوط إلحاق السفينة بها بل الأحوط إلحاق الرحى و الأرض أيضاً و إن كان الأقوى فيهما الجواز على كراهة.

(مسألة 447): لا يجوز أن يؤجر بعض أحد هذه الأربعة بل السفينة أيضاً على الأحوط

بأكثر من الاجرة كما إذا استأجر داراً بعشرة دراهم فسكن بعضها و آجر البعض الآخر بأكثر من عشرة دراهم إلّا أن يحدث فيها حدثاً، و أما إذا آجره بأقل من العشرة فلا إشكال و الأقوى الجواز بالعشرة أيضاً.

(مسألة 448): إذا استؤجر على عمل من غير اشتراط المباشرة

و لا مع الانصراف إليها يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الاجرة أو الأكثر و لا يجوز بالأقل إلّا إذا أتى ببعض العمل و لو قليلًا كما إذا تقبل خياطة ثوب بدرهمين ففصله أو خاط منه شيئاً و لو قليلًا فإنه يجوز أن يستأجر غيره على خياطته بدرهم بل لا يبعد الاكتفاء في جواز الاستيجار بالأقل بشراء الخيوط و الإبرة.

(مسألة 449): في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه على تسليم العين

إلى الأجير إذا جاز للأجير أن يستأجر غيره على العمل الذي استؤجر عليه جاز له أن يسلم العين إلى الأجير الثاني نظير ما تقدم في تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر الثاني.

(مسألة 450): إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره قبل مضي زمان يتمكن فيه الأجير

من العمل بطلت الإجارة و لم يستحق العامل و لا الأجير الاجرة، و كذلك إذا استؤجر على عمل في ذمته لا بقيد المباشرة ففعله غيره لا بقصد التبرع عنه و أما إذا فعله بقصد التبرع عنه كان أداء للعمل المستأجر عليه و استحق الأجير الاجرة.

(مسألة 451): إجارة الأجير على قسمين:

(الأول): أن تكون الإجارة واقعة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 105

على منفعته الخارجية من دون اشتغال ذمته بشي ء نظير إجارة الدابة و الدار و نحوهما من الأعيان المملوكة. (الثاني): أن تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمة فيكون العمل المستأجر عليه في ذمته كسائر الديون، فإن كانت على النحو الأول فقد تكون الإجارة على جميع منافعه في مدة معينة، و حينئذ لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه و لا لغيره لا تبرعاً و لا بإجارة و لا بجعالة، نعم لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة و لا تشملها و لا تكون منافية لما شملته كما أنه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار مثلًا فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال في الليل له أو لغيره تبرعاً أو بإجارة أو جعالة إلّا إذا أدى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه، فإذا عمل في المدة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها فإن كان العمل لنفسه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و استرجاع تمام الاجرة و بين إمضاء الإجارة و مطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه، و كذا إذا عمل لغيره تبرعاً، نعم يحتمل أن له أيضاً حينئذ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي استوفاه فيتخير بين امور ثلاثة و لا يخلو من وجه، و أما إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة فله

الخيار بين الأمرين المذكورين أولًا و بين إمضاء الإجارة أو الجعالة و أخذ الاجرة أو الجعل المسمى فيها و يحتمل قريباً أن له مطالبة غيره على ما عرفت فيتخير بين امور أربعة ثمّ إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الاولى في جميع الصور المذكورة و رجع بالاجرة المسماة فيها و كان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه اجرة المثل. هذا إذا كانت الإجارة واقعة على جميع منافعه، أما إذا كانت على خصوص عمل بعينه كالخياطة فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه و لا لغيره لا تبرعاً و لا بإجارة و لا بجعالة فإذا خالف و عمل لنفسه تخير المستأجر بين الأمرين السابقين، و إن عمل لغيره تبرعاً تخير بين الامور الثلاثة و إن عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخير بين الامور الأربعة كما في الصورة السابقة و في هذه الصورة لا مانع من أن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 106

يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك العمل إذا لم يكن منافيا له، فإذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد جاز له أن يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة و له الأجر أو الجعل المسمى، أما إذا كان منافياً له كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و المطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوته على المستأجر، و إذا كانت الإجارة على النحو الثاني الذي يكون العمل المستأجر عليه في الذمة، فتارة تؤخذ المباشرة قيداً على نحو وحدة المطلوب، و تارة على نحو تعدد المطلوب، فإن كان على النحو الأول جاز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة و لا يجوز له

ما ينافيه سواء أ كان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره، و إذا عمل ما ينافيه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة و المطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه، و إذا آجر نفسه لما ينافيه توقفت صحة الإجارة الثانية على إجازة المستأجر الأول بمعنى رفع يده عن حقه. فإن لم يجز بطلت و استحق الأجير على من عمل له اجرة المثل، كما أن المستأجر الأول يتخير كما تقدم بين فسخ الإجارة الاولى و المطالبة بقيمة العمل الفائت و إن أجاز صحت الإجارة الثانية و استحق الأجير على كل من المستأجر الأول و الثاني الاجرة المسماة في الإجارتين و برئت ذمته من العمل الذي استؤجر عليه أولًا، و إن كانت الإجارة على نحو تعدد المطلوب فالحكم كذلك، نعم لا يسقط العمل المستأجر عليه عن ذمة الأجير بمجرد الإجازة للإجارة الواقعة على ما ينافيه بل يسقط شرط المباشرة و يجب على الأجير العمل للمستأجر الأول لا بنحو المباشرة و العمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة. لكن فرض تعدد المطلوب في الذميات لا يخلو من شبهة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 107

فصل و فيه مسائل متفرقة

(مسألة 452): لا تجوز إجارة الأرض للزرع بما يحصل منها كحنطة أو شعير

مقداراً معينا كما لا تجوز إجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعاً أو نصفاً و تجوز إجارتها بالحنطة أو الشعير في الذمة و لو كان من جنس ما يزرع فيها، فضلًا عن إجارتها بغير الحنطة و الشعير من الحبوب و إن كان الأحوط تركه.

(مسألة 453): تجوز إجارة حصة مشاعة من أرض معينة

كما تجوز إجارة حصة منها على نحو الكلي في المعين.

(مسألة 454): لا تجوز إجارة الأرض مدة طويلة لتوقف مسجداً

و لا تترتب آثار المسجد عليها، نعم تجوز إجارتها لتعمل مصلى يصلى فيه أو يتعبد فيه أو نحو ذلك من أنواع الانتفاع و لا تترتب عليها أحكام المسجد.

(مسألة 455): يجوز استيجار الشجرة لفائدة الاستظلال و نحوه

كربط الدواب و نشر الثياب، و يجوز استيجار البستان لفائدة التنزه.

(مسألة 456): يجوز استيجار الإنسان للاحتطاب و الاحتشاش و الاستقاء

و نحوها، فإن كانت الإجارة واقعة على المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها ملك المستأجر العين المحازة و إن قصد الأجير نفسه أو شخصاً آخر غير المستأجر، و إن كانت واقعة على العمل في الذمة فإن قصد الأجير تطبيق العمل المملوك عليه على فعله الخاص بأن كان في مقام الوفاء بعقد الإجارة ملك المستأجر المحاز أيضاً و إن لم يقصد ذلك بل قصد الحيازة لنفسه أو غيره فيما يجوز الحيازة له كان المحاز ملكاً لمن قصد الحيازة له و كان للمستأجر الفسخ و الرجوع بالاجرة المسماة، و الإمضاء و الرجوع بقيمة العمل المملوك له بالإجارة الذي فوته عليه.

(مسألة 457): يجوز استيجار المرأة للإرضاع بل للرضاع أيضاً

بمعنى ارتضاع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 108

اللبن و إن لم يكن بفعل منها أصلًا مدة معينة، و لا بد من معرفة الصبي الذي استؤجرت لإرضاعه و لو بالوصف على نحو يرتفع الغرر كما لا بد من معرفة المرضعة كذلك كما لا بد أيضاً من معرفة مكان الرضاع و زمانه إذا كانت تختلف المالية باختلافهما.

(مسألة 458): لا بأس باستيجار الشاة و المرأة مدة معينة للانتفاع بلبنها

الذي يتكون فيها بعد الإيجار و كذلك استيجار الشجرة للثمرة و البئر للاستقاء و في جواز استيجارها للمنافع الموجودة فيها فعلًا من اللبن و الثمر و الماء إشكال بل المنع أظهر نعم إذا قصد الموجر تمليك الأعيان المزبورة أي اللبن و الثمر و الماء بعوض تكون المعاملة بيعاً و تصح في الثمر و الماء و في اللبن مع ضميمة لبن آخر إذا لم يعلم وجود مقدار معتد به في الضرع.

(مسألة 459): تجوز الإجارة لكنس المسجد

، و المشهد، و نحوهما و إشعال سراجهما و نحو ذلك.

(مسألة 460): لا تجوز الإجارة عن الحي في العبادات الواجبة

إلّا في الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة و كذلك في بعض أعمال الحج و العمرة و تجوز في المستحبات و لكنّ في جوازها فيها على الإطلاق حتى في مثل الصلاة و الصيام إشكالًا، و لا بأس بها في فرض الإتيان بها رجاءً.

(مسألة 461): تجوز الإجارة عن الميت في الواجبات و المستحبات

و تجوز أيضاً الإجارة على أن يعمل الأجير عن نفسه و يهدي ثواب عمله إلى غيره.

(مسألة 462): إذا أمر غيره بإتيان عمل فعمله المأمور

فإن قصد المأمور التبرع لم يستحق اجرة و إن كان من قصد الآمر دفع الاجرة، و إن قصد الاجرة استحقها، و إن كان من قصد الآمر التبرع إلّا أن تكون قرينة على قصد المجانية كما إذا جرت العادة على فعله مجاناً أو كان المأمور ممن ليس من شأنه فعله بأُجرة أو نحو ذلك مما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 109

يوجب ظهور الطلب في المجانية.

(مسألة 463): إذا استأجره على الكتابة أو الخياطة فمع إطلاق الإجارة

يكون المداد و الخيوط على الأجير، و كذا الحكم في جميع الأعمال المتوقفة على بذل عين فإنها لا يجب بذلها على المستأجر إلّا أن يشترط كونها عليه أو تقوم القرينة على ذلك.

(مسألة 464): يجوز استيجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون مقدوراً له

و يتعارف قيامه به و الأقوى أن نفقته حينئذ على نفسه لا على المستأجر إلّا مع الشرط أو قيام القرينة و لو كانت هي العادة.

(مسألة 465): يجوز أن يستعمل العامل و يأمره بالعمل من دون تعيين اجرة

و لكنه مكروه، و يكون عليه اجرة المثل لاستيفاء عمل العامل و ليس من باب الإجارة.

(مسألة 466): إذا استأجر أرضاً مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقى بعد انقضاء تلك المدة

فإذا انقضت المدة جاز للمالك أن يأمره بقلعه، و كذا إذا استأجرها لخصوص الزرع أو الغرس و ليس له الإبقاء بدون رضا المالك و إن بذل الاجرة، كما أنه ليس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع، و كذلك إذا غرس ما لا يبقى فاتفق بقاؤه لبعض الطوارئ على الأظهر.

(مسألة 467): خراج الأرض المستأجرة- إذا كانت خراجية على المالك

نعم إذا شرط أن تكون على المستأجر صح على الأقوى.

(مسألة 468): لا بأس بأخذ الاجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء عليه السلام

و فضائل أهل البيت عليهم السلام و الخطب المشتملة على المواعظ و نحو ذلك مما له فائدة عقلائية دينية أو دنيوية.

(مسألة 469): يجوز الاستئجار للنيابة عن الأحياء و الأموات في العبادات

التي تشرع فيها النيابة دون ما لا تشرع فيه كالواجبات العبادية مثل الصلاة و الصيام عن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 110

الأحياء، و تجوز عن الأموات. و لا تجوز الإجارة على تعليم الحلال و الحرام و تعليم الواجبات مثل الصلاة و الصيام و غيرهما مما هو محل الابتلاء على الأحوط وجوباً، بل إذا لم يكن محل الابتلاء فلا يخلو عن إشكال أيضاً. و لا يجوز أخذ الاجرة على تغسيل الأموات و تكفينهم و دفنهم. نعم الظاهر أنه لا بأس بأخذ الاجرة على حفر القبر على نحو خاص من طوله و عرضه و عمقه. أما أخذ الاجرة على مسمى حفر القبر اللازم فلا يجوز و لا تصح الإجارة عليه.

(مسألة 470): إذا بقيت اصول الزرع في الأرض المستأجرة للزراعة فنبتت

فإن أعرض المالك عنها فهي لمن سبق إليها بلا فرق بين مالك الأرض و غيره، نعم لا يجوز الدخول في الأرض إلّا بإذنه. و إن لم يعرض عنها فهي له.

(مسألة 471): إذا استأجر شخصاً لذبح حيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي فصار حراماً ضمن

، و كذا لو تبرع بلا إجارة فذبحه كذلك.

(مسألة 472): إذا استأجر شخصاً لخياطة ثوب معين مثلًا لا بقيد المباشرة جاز لغيره التبرع عنه

فيه و حينئذ يستحق الأجير الاجرة المسماة لا العامل و إذا خاطه غيره لا بقصد النيابة عنه بطلت الإجارة إذا لم يمض زمان يتمكن فيه الأجير من الخياطة و إلّا ثبت الخيار لكل منهما. هذا فيما إذا لم تكن الخياطة من غير الأجير بأمر من المستأجر أو بإجارته ثانية و إلّا فالظاهر أن الأجير يستحق الاجرة لأن التفويت حينئذ مستند إلى المستأجر نفسه كما إذا كان هو الخائط. و أما الخائط فيستحق على المالك اجرة المثل إن خاط بأمره، و أما إذا كان قد استأجره ثانية للخياطة فقيل: إن الإجارة الثانية باطلة و يكون للخائط اجرة المثل و لكن الأظهر صحتها و استحقاق الأجير الاجرة المسماة. و إن خاط بغير أمره و لا إجازته لم يستحق عليه شيئاً و إن اعتقد أن المالك أمره بذلك.

(مسألة 473): إذا استأجره ليوصل متاعه إلى بلد كذا في مدة معينة

فسافر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 111

بالمتاع و في أثناء الطريق حصل مانع عن الوصول بطلت الإجارة فإن كان المستأجر عليه نفس إيصال المتاع لم يستحق شيئاً، و إن كان مجموع السفر و إيصال المتاع على نحو تعدد المطلوب استحق من الاجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة إلى مجموع المستأجر عليه، أما إذا كان على نحو وحدة المطلوب فالأظهر عدم استحقاقه شيئاً.

(مسألة 474): إذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط

أو وجود عيب أو غيرها فإن فسخ قبل الشروع في العمل فلا شي ء له، و إن كان بعد تمام العمل كان له اجرة المثل و إن كان في أثنائه استحق بمقدار ما أتى به من اجرة المثل إلّا إذا كان مجموع العمل ملحوظاً بنحو وحدة المطلوب كما إذا استأجره على الصلاة أو الصيام فإنه لو فسخ في الأثناء لم يكن له شي ء، و كذا إذا كان الخيار للمستأجر، و يحتمل بعيداً أنه إذا كان المستأجر عليه هو المجموع على نحو وحدة المطلوب ففسخ المستأجر في الأثناء كما إذا استأجره على الصلاة ففسخ في أثنائها أن يستحق الأجير بمقدار ما عمل من اجرة المثل.

(مسألة 475): إذا استأجر عيناً مدة معينة ثمّ اشتراها في أثناء المدة فالإجارة باقية

على صحتها و إذا باعها في أثناء المدة ففي تبعية المنفعة للعين وجهان أقواهما ذلك.

(مسألة 476): تجوز إجارة الأرض مدة معينة بتعميرها داراً أو تعميرها بستاناً

بكري الأنهار، و تنقية الآبار، و غرس الأشجار، و نحو ذلك و لا بد من تعيين مقدار التعمير كماً و كيفاً.

(مسألة 477): تجوز الإجارة على الطبابة و معالجة المرضى

سواء أ كانت بمجرد وصف العلاج أم بالمباشرة كجبر الكسير و تضميد القروح و الجروح و نحو ذلك.

(مسألة 478): تجوز المقاطعة على العلاج بشرط البرء

بمعنى أن يسقط الاجرة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 112

عن ذمته مع عدمه سواء كانت العادة تقتضي ذلك أم لا.

(مسألة 479): إذا أسقط المستأجر حقه من العين المستأجرة لم يسقط

و بقيت المنفعة على ملكه.

(مسألة 480): لا يجوز في الاستيجار للحج البلدي أن يستأجر شخصاً من بلد الميت

إلى (النجف) مثلًا و آخر من (النجف) إلى (المدينة) و ثالثاً من المدينة إلى (مكة) بل لا بد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج إلى أن يحج.

(مسألة 481): إذا استؤجر للصلاة عن الميت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط غير الركنية سهواً

، فإن كانت الإجارة على الصلاة الصحيحة كما هو الظاهر عند الإطلاق استحق تمام الاجرة و كذا إذا كانت على نفس الأعمال المخصوصة و كان النقص على النحو المتعارف و إن كان على خلاف المتعارف نقص من الاجرة بمقداره.

(مسألة 482): إذا استؤجر لختم القرآن الشريف فالأحوط الترتيب بين السور

و الظاهر لزوم الترتيب بين آيات السور و كلماتها و إذا قرأ بعض الكلمات غلطاً و التفت إلى ذلك بعد الفراغ من السورة أو الختم، فإن كان بالمقدار المتعارف لم ينقص من الاجرة شي ء، و إن كان بالمقدار غير المتعارف ففي إمكان تداركه بقراءة ذلك المقدار صحيحاً إشكال، و الأحوط للأجير أن يقرأ السورة من مكان الغلط إلى آخرها.

(مسألة 483): إذا استؤجر للصلاة عن (زيد) فاشتبه و صلّى عن (عمرو)

فإن كان على نحو الخطأ في التطبيق بأن كان مقصوده الصلاة عمن استؤجر للصلاة عنه فأخطأ في اعتقاده أنه عمرو، صح عن زيد و استحق الاجرة، و إن كان على نحو آخر لم يستحق الاجرة و لم يصح عن زيد.

(مسألة 484): الموارد التي يجوز فيها استيجار البالغ للنيابة في العبادات

المستحبة يجوز فيها أيضاً استيجار الصبي و اللّٰه سبحانه العالم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 113

كتاب المزارعة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 115

المزارعة هي المعاملة على الأرض بالزراعة بحصة من حاصلها.

يعتبر في المزارعة امور:

الأول: الإيجاب من المالك و القبول من الزارع بكل ما يدل على تسليم الأرض للزراعة، و قبول الزارع لها من لفظ كقول المالك للزارع مثلًا: سلمت إليك الأرض لتزرعها، فيقول الزارع: قبلت أو فعل دال على تسليم الأرض للزارع و قبول الزارع لها من دون كلام و لا يعتبر فيها العربية و الماضوية كما لا يعتبر تقديم الإيجاب على القبول و لا يعتبر أن يكون الإيجاب من المالك و القبول من الزارع بل يجوز العكس.

الثاني: أن يكون كل من المالك و الزارع بالغاً و عاقلًا و مختاراً و أن يكون المالك غير محجور عليه لسفه أو فلس و كذلك العامل إذا استلزم تصرفاً مالياً.

الثالث: أن يكون نصيبهما من تمام حاصل الأرض فلو جعل لأحدهما أول الحاصل و للآخر آخره بطلت المزارعة، و كذا الحال لو جعل الكل لأحدهما.

الرابع: أن تجعل حصة كل منهما على نحو الإشاعة كالنصف و الثلث و نحوهما فلو قال للزارع ازرع و اعطني ما شئت لم تصح المزارعة و كذا لو عين للمالك أو الزارع مقدار معين كعشرة أطنان.

الخامس: تعيين المدة بالأشهر أو السنين أو الفصل بمقدار يمكن حصول الزرع فيه، و عليه فلو جعل آخر المدة إدراك الحاصل بعد تعيين أوّلها كفى في الصحة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 116

السادس: أن تكون الأرض قابلة للزرع و لو بالعلاج و الإصلاح و أما إذا لم تكن كذلك كما إذا كانت الأرض سبخة لا يمكن الانتفاع بها أو نحوها

بطلت المزارعة.

السابع: تعيين الزرع إذا كان بينهما اختلاف نظر في ذلك و إلّا لم يلزم التعيين.

الثامن: تعيين الأرض و حدودها و مقدارها فلو لم يعينها بطلت و كذا إذا لم يعين مقدارها نعم لو عين كلياً موصوفاً على وجه لا يكون فيه غرر كمقدار جريب من هذه القطعة من الأرض التي لا اختلاف بين أجزائها صحت.

التاسع: تعيين ما عليهما من المصارف كالبذر و نحوه بأن يجعل على أحدهما أو كليهما و يكفي في ذلك المتعارف الخارجي لانصراف الإطلاق إليه.

(مسألة 485): يجوز للعامل أن يزرع الأرض بنفسه أو بغيره أو بالشركة

مع غيره هذا فيما إذا لم يشترط المالك عليه المباشرة و إلّا لزم أن يزرع بنفسه.

(مسألة 486): لو أذن شخص لآخر في زرع أرضه على أن يكون الحاصل بينهما

بالنصف أو الثلث أو نحوهما فهل هو من المزارعة المصطلحة أو لا؟ وجهان و الأظهر أنه لا يكون من المزارعة ما لم يتعهد العامل بالزرع و الإذن المذكور على أن يكون الحاصل بينهما بالمناصفة و نحوها بنحو شرط النتيجة لا يخلو عن إشكال، و كذلك الحال لو أذن لكل من يتصدى للزرع و إن لم يعين شخصاً معيناً بأن يقول: لكل من زرع أرضي هذه نصف حاصلها أو ثلثه.

(مسألة 487): يجوز اشتراط مقدار معين من الحاصل لأحدهما و تقسيم الباقي بينهما

بنسبة معينة إذا علما ببقاء شي ء من الحاصل بعد استثناء ذلك المقدار كما يجوز استثناء مقدار البذر لمن كان منه أو استثناء مقدار خراج السلطان أو ما يصرف في تعمير الأرض.

(مسألة 488): إذا عين المالك نوعا خاصاً من الزرع من حنطة أو شعير

أو نحو ذلك في ضمن عقد المزارعة تعين ذلك على الزارع فلا يجوز له التعدي عنه و لكن لو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 117

تعدى إلى غيره و زرع نوعاً آخر منه فللمالك الخيار بين الفسخ و الإمضاء فإن فسخ رجع على العامل بأُجرة مثل المنفعة الفائتة للأرض. و أما الحاصل فهو للعامل إن كان البذر له و إن كان للمالك فله المطالبة ببدله أيضاً و على تقدير البذل كان الحاصل للعامل أيضاً و ليست له مطالبة المالك بأُجرة العمل مطلقاً. هذا إذا علم المالك بذلك بعد بلوغ الحاصل، و أما إذا علم به قبل بلوغه فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و إلزام العامل بقطع الزرع أو إبقائه بالاجرة أو مجاناً إن كان البذر له و أما إذا كان للمالك فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة و بدل البذر أيضاً و مع بذله يكون الزرع للعامل. هذا إذا كان على نحو الاشتراط بأن صرّحا في عقد المزارعة بالمشاركة في الحاصل من أيّ زرع كان و مع ذلك على الزارع أن يزرع الحنطة مثلًا، و أما إذا كان التعيين على نحو التقييد بطلت المزارعة، و حكمه ما تقدم في فرض الفسخ.

(مسألة 489): إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع فإن كان البذر للمالك كان الزرع له

و عليه للزارع ما صرفه من الأموال، و كذا اجرة عمله و اجرة الآلات التي استعملها في الأرض و إن كان البذر للزارع فالزرع له و عليه للمالك اجرة الأرض و ما صرفه المالك و اجرة أعيانه التي استعملت في ذلك الزرع. ثمّ إن رضي المالك و الزارع ببقاء الزرع في الأرض بالاجرة أو مجاناً فهو، و إن لم يرض المالك بذلك جاز له إجبار الزارع على إزالة الزرع و إن لم يدرك الحاصل و

تضرر بذلك و ليس للزارع إجبار المالك على بقاء الزرع في الأرض و لو بأُجرة كما أنه ليس للمالك إجبار الزارع على إبقاء الزرع في الأرض و لو مجاناً. و كذلك الحال فيما إذا انقضت مدة المزارعة الصحيحة و لم يدرك الحاصل.

(مسألة 490): يصح أن يشترط أحدهما على الآخر شيئاً على ذمته

من ذهب أو فضة أو نحوهما مضافاً إلى حصته.

(مسألة 491): المزارعة عقد لازم لا ينفسخ

إلّا بالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 118

أو بخيار تخلف بعض الشروط المشترطة فيه و لا ينفسخ بموت أحدهما فيقوم الوارث مقامه. نعم، ينفسخ بموت الزارع إذا قيدت المزارعة بمباشرته للعمل.

(مسألة 492): إذا ترك الزارع الأرض بعد عقد المزارعة فلم يزرع حتى انقضت المدة

فإن كانت الأرض في تصرفه و كان تركه بلا عذر و لم يمكنه إرجاعها إلى المالك ضمن اجرة المثل للمالك و لا فرق في ضمانه في هذه الصورة بين أن يكون المالك عالماً بالحال و أن يكون غير عالم و إن لم تكن الأرض تحت يده بل كانت تحت يد المالك فحينئذ إن كان المالك مطلعاً على ذلك فالظاهر عدم ضمان الزارع، و إن لم يكن المالك مطلعاً فالظاهر ضمانه.

(مسألة 493): يجوز لكل من المالك و الزارع أن يخرص الزرع بعد إدراكه

بمقدار معين منه بشرط رضا الآخر به، و عليه فيكون الزرع للآخر و له المقدار المعين و لو تلف الزرع أو بعضه كان عليهما معاً.

(مسألة 494): إذا غرقت الأرض قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع أو قبل إدراكه بطلت المزارعة

و إذا غرق بعضها تخير المالك و العامل في الباقي بين الفسخ و الإمضاء.

(مسألة 495): الأقوى عدم جواز عقد المزارعة بين أكثر من اثنين

بأن تكون الأرض من واحد، و البذر من آخر، و العمل من ثالث، و العوامل من رابع، و كذا الحال إذا وقع العقد بين جماعة على النحو المذكور.

(مسألة 496): لا فرق في صحة عقد المزارعة بين أن يكون البذر من المالك أو العامل أو منهما معاً

، و لكن كل ذلك يحتاج إلى تعيين و جعل في ضمن العقد إلّا أن يكون هناك متعارف ينصرف إليه الإطلاق. و كذا لا فرق بين أن تكون الأرض مختصة بالمزارع أو مشتركة بينه و بين العامل، كما أنه لا يلزم أن يكون تمام العمل على العامل فيجوز أن يكون عليهما و كذا الحال في سائر التصرفات و الآلات، كما يجوز أن يكون

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 119

البذر من شخص و الأرض و العمل من شخص آخر. و الضابط أن كل ذلك تابع للجعل في ضمن العقد.

(مسألة 497): إذا وجد مانع في الأثناء قبل ظهور الزرع أو قبل بلوغه و إدراكه كما إذا انقطع الماء عنه

و لم يمكن تحصيله أو استولى عليه الماء و لم يمكن قطعه أو وجد مانع لم يمكن رفعه فالظاهر بطلان المزارعة من الأول لكشفه عن عدم قابلية الأرض للزراعة و عليه فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر فإن كان البذر للمالك فعليه اجرة مثل عمل العامل و ان كان للعامل فعليه اجرة مثل أرضه.

(مسألة 498): إذا كانت الأرض التي وقعت المزارعة عليها مغصوبة

و كان البذر من العامل بطلت المزارعة بالإضافة إلى المزارع فإن أجاز المالك عقد المزارعة وقع له و إلّا كان الزرع للزارع و عليه اجرة المثل لمالك الأرض و إذا انكشف الحال قبل بلوغ الزرع و إدراكه كان المالك مخيراً أيضاً بين الإجازة و الرد فإن ردّ فله الأمر بالازالة أو الرضا ببقائه و لو بأُجرة و على الزارع اجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

(مسألة 499): تجب على كل من المالك و الزارع الزكاة

إذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب و تجب على أحدهما إذا بلغت حصته كذلك. هذا إذا كان الزرع مشتركاً بينهما من الأول أو من حين ظهور الثمر قبل صدق الاسم. و أما إذا اشترطا الاشتراك بعد صدق الاسم أو من حين الحصاد و التصفية فالزكاة على صاحب البذر سواء أ كان هو المالك أم العامل.

(مسألة 500): الباقي في الأرض من اصول الزرع بعد الحصاد و انقضاء المدة

إذا نبت في السنة الجديدة و أدرك فحاصله لمالك الأرض إن لم يشترط في عقد المزارعة اشتراكهما في الاصول.

(مسألة 501): إذا اختلف المالك و الزارع في المدة فادعى أحدهما الزيادة و الآخر القلة

فالقول قول منكر الزيادة و لو اختلفا في الحصة قلة و كثرة فالقول قول

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 120

صاحب البذر المدعي للقلة. و أما إذا اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل على أيهما فالمرجع التحالف و مع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة.

(مسألة 502): الزارع إذا قصر في تربية الأرض فقلّ الحاصل لم يبعد ضمانه

التفاوت فيما إذا كان البذر للمالك. و أما إذا كان للعامل و كان التقصير قبل ظهور الزرع فلا ضمان و كذا إذا كان التقصير بعد ظهوره و كان الشرط المشاركة في الحاصل لا من حين ظهور الزرع و لكن للمالك حينئذ الفسخ و المطالبة بأُجرة المثل للأرض.

(مسألة 503): لو ادعى المالك على الزارع عدم العمل بما اشترط عليه في ضمن عقد المزارعة

من بعض الأعمال أو ادعى تقصيره فيه على وجه يضر بالزراعة أو تقصيره في الحفظ أو نحو ذلك و أنكره الزارع فالقول قوله. و كذلك الحال في كل مورد ادعى أحدهما شيئاً و أنكره الآخر ما لم يثبت ما ادعاه شرعا.

(مسألة 504): إذا أوقع المتولي للوقف عقد المزارعة على الأرض الموقوفة

على البطون إلى مدة حسب ما يراه صالحا لهم لزم و لا يبطل بالموت، و أما إذا أوقعه البطن المتقدم من الموقوف عليهم ثمّ مات في الأثناء قبل انقضاء المدة بطل العقد من ذلك الحين إلّا إذا أجاز البطن اللاحق.

(مسألة 505): يجوز لكل من المالك و العامل بعد ظهور الحاصل أن يصالح الآخر عن حصته

بمقدار معين على نحو الكلي في الذمة أو في المعين الآخر من جنسه أو غير جنسه فإنّ الحاصل قبل الحصاد ليس من المكيل أو الموزون و أمّا إذا عُيّنت الحصّة بمقدار معيّن من الحاصل و لو بنحو الكلّي في المعين فيحتاج إلى التخمين بحسب المتعارف في الخارج كما يجوز ذلك قبل ظهور الحاصل مع الضميمة.

(مسألة 506): لا يعتبر في عقد المزارعة على الأرض أن تكون قابلة للزرع

من حين العقد و في السنة الاولى بل يصح العقد على أرض بائرة و خربة لا تصلح للزرع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 121

إلّا بعد إصلاحها و تعميرها سنة أو أكثر. و عليه فيجوز للمتولي أن يزارع الأراضي الموقوفة وقفاً عاماً أو خاصاً التي أصبحت بائرة إلى عشر سنين أو أقل أو أكثر حسب ما يراه صالحاً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 123

كتاب المساقاة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 125

المساقاة هي اتفاق شخص مع آخر على سقي أشجار مثمرة و إصلاح شئونها إلى مدة معينة بحصة من أثمارها و يشترط فيها امور:

الأول: الإيجاب و القبول و يكفي فيه كل ما يدل على المعنى المذكور من لفظ أو فعل أو نحوهما و لا تعتبر فيها العربية و لا الماضوية.

الثاني: البلوغ و العقل و الاختيار و أما عدم الحجر لسفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل محضاً.

الثالث: أن تكون اصول الأشجار مملوكة عيناً و منفعة أو منفعة فقط أو يكون تصرفه فيها نافذاً بولاية أو وكالة أو تولية.

الرابع: أن تكون معلومة و معينة عندهما.

الخامس: تعيين مدة العمل فيها إما ببلوغ الثمرة المساقى عليها، و إما بالأشهر أو السنين بمقدار تبلغ فيها الثمرة غالباً فلو كانت أقل من المقدار بطلت المساقاة.

السادس: تعيين الحصة و كونها مشاعة في الثمرة فلا يجوز أن يجعل للعامل ثمرة شجر معين دون غيره. نعم، يجوز اشتراط مقدار معين كطن من الثمرة مثلًا بالاضافة إلى الحصة المشاعة لأحدهما إذا علم وجود ثمرة غيرها.

السابع: تعيين ما على المالك من الامور و ما على العامل من الأعمال و يكفي الانصراف إذا كان قرينة على التعيين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 126

الثامن: أن

تكون المساقاة قبل ظهور الثمرة أو بعده قبل البلوغ إذا كان محتاجاً إلى السقي و نحوه، و أما إذا لم يحتج إلى ذلك فصحتها بلحاظ القطف و الحفظ محل إشكال و لكن لا بأس باستيجار الغير على القطف و الحفظ بحصّة من الثمرة لكون الثمرة على الشجرة تعيّن بالمشاهدة و كذا فيما إذا كان بنحو الجعالة.

التاسع: أن تكون الأشجار مثمرة فلا تصح المساقاة على الأشجار غير المثمرة كالصفصاف و الغَرَب و نحوهما بل صحتها على الشجر الذي ينتفع بورقه كالحناء و نحوه لا تخلو عن إشكال، و لا يبعد وقوع المساقاة على اصول غير ثابتة كالبطيخ و الباذنجان و نحوهما خصوصاً مع الضميمة إلى ما هو أصله ثابت.

(مسألة 507): يصح عقد المساقاة في الأشجار المستغنية عن السقي بالمطر

أو بمص رطوبة الأرض إذ احتاجت إلى أعمال اخرى.

(مسألة 508): يجوز اشتراط شي ء من الذهب أو الفضة للعامل أو المالك

زائداً على الحصة من الثمرة، و هل يجب الوفاء به إذا لم تسلم الثمرة؟ قولان بل أقوال أظهرها العدم و ذلك لعدم صحّة المساقاة مع عدم ظهور الثمرة فلا موجب لوجوب الوفاء بالشرط سواء كان الشرط للمالك أو عليه و يلحق بذلك ما إذا كان عدم ظهور الثمرة في قسم من الأشجار فإنه تبطل المساقاة بالإضافة إليها و مع بطلانها بالإضافة إليها لا يحصل الموضوع للاشتراط حيث إن الشرط ظاهره تمام المساقاة في الكل إلّا مع القرينة على خلاف ذلك.

(مسألة 509): يجوز تعدد المالك و اتحاد العامل فيساقي الشريكان عاملًا واحداً

، و يجوز العكس فيساقي المالك الواحد عاملين بالنصف له مثلًا و النصف الآخر لهما و يجوز تعددهما معاً.

(مسألة 510): خراج الأرض على المالك و كذا بناء الجدران

و عمل الناضح و نحو ذلك مما لا يرجع إلى الثمرة و إنما يرجع إلى غيرها من الأرض أو الشجرة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 127

(مسألة 511): يملك العامل مع إطلاق العقد الحصة في المساقاة من حين ظهور الثمرة

و إذا كانت المساقاة بعد الظهور ملك الحصة من حين تحقق العقد.

(مسألة 512): الظاهر أن عقد المغارسة باطل

و هي أن يدفع شخص أرضه إلى غيره ليغرس فيها على أن تكون الأشجار المغروسة بينهما بالسوية أو بالتفاضل على حسب القرار الواقع بينهما. فإذا اتفق وقوعها كان الغرس لمالكه فإن كان هو مالك الأرض استحق العامل عليه اجرة مثل عمله و إن كان هو العامل استحق عليه مالك الأرض اجرة مثل أرضه و لكن ليس له إجبار مالك الأرض على إبقائها و لو بأُجرة بل وجب عليه قلعها إن لم يرض المالك ببقائها، كما أن عليه طم الحفر التي تحدث في الأرض بذلك و ليس على المالك نقص الأشجار بالقلع نعم لو قلعها المالك فنقصت و عابت ضمن تفاوت القيمة.

(مسألة 513): يبطل عقد المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالك

و مع ذلك يكون تمام الحاصل و الثمرة له و ليس للعامل مطالبته بالاجرة حيث إنه أقدم على العمل في هذه الصورة مجاناً، و أما إذا كان بطلان المساقاة من جهة اخرى وجب على المالك أن يدفع للعامل اجرة مثل ما عمله حسب المتعارف.

(مسألة 514): عقد المساقاة لازم لا يبطل

و لا ينفسخ إلّا بالتقايل و التراضي أو الفسخ ممن له الخيار و لو من جهة تخلف بعض الشروط التي جعلاها في ضمن العقد أو بعروض مانع موجب للبطلان.

(مسألة 515): إذا مات المالك قام وارثه مقامه

و لا تنفسخ المساقاة و إذا مات العامل قام وارثه مقامه إن لم تؤخذ المباشرة في العمل قيداً فإن لم يقم الوارث بالعمل و لا استأجر من يقوم به فللحاكم الشرعي أن يستأجر من مال الميت مَنْ يقوم بالعمل و يقسم الحاصل بين المالك و الوارث. و أما إذا اخذت المباشرة في العمل قيداً انفسخت المعاملة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 128

(مسألة 516): مقتضى إطلاق عقد المساقاة كون الأعمال التي تتوقف تربية الأشجار و سقيها عليها

و الآلات مشتركة بين المالك و العامل بمعنى أنهما عليهما لا على خصوص واحد منهما. نعم، إذا كان هناك تعيين أو انصراف في كون شي ء على العامل أو المالك فهو المتبع.

و الضابط أن كون عمل خاص أو آلة خاصة على أحدهما دون الآخر تابع للجعل في ضمن العقد بتصريح منهما أو من جهة الانصراف من الإطلاق و إلّا فهو عليهما معاً.

(مسألة 517): إذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الأعمال فللمالك إجباره على العمل

المزبور كما أن له حق الفسخ و إن فات وقت العمل فله الفسخ من جهة تخلف الشرط و ليس له أن لا يفسخ و يطالبه بأُجرة العمل بالإضافة إلى حصته على الأظهر الأقوى.

(مسألة 518): لا يعتبر في المساقاة أن يكون العامل مباشراً للعمل بنفسه

إن لم يشترط عليه المباشرة فيجوز له أن يستأجر شخصاً في بعض أعمالها أو في تمامها و عليه الاجرة، كما أنه يجوز أن يشترط كون اجرة بعض الأعمال على المالك.

(مسألة 519): إذا كان البستان مشتملًا على أنواع من الأشجار كالنخل و الكرم و الرمان و نحوها من أنواع الفواكه فلا يعتبر العلم بمقدار كل واحد من هذه الأنواع

تفصيلًا في صحة المساقاة عليها بل يكفي العلم الإجمالي بها على نحو يرتفع معه الغرر بل و إن لم يرتفع معه الغرر أيضاً.

(مسألة 520): لا فرق في صحة المساقاة بين أن تكون على المجموع بالنصف أو الثلث أو نحوهما

و بين أن تكون على كل نوع منها بحصة مخالفة لحصة نوع آخر كأن تجعل في النخل النصف مثلًا، و في الكرم الثلث، و في الرمان الربع و هكذا.

(مسألة 521): قيل تصح المساقاة مردداً مثلًا بالنصف

إن كان السقي بالناضح،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 129

و بالثلث إن كان السقي بالسيح، و لا يضر هذا المقدار من الجهالة بصحتها و لكن الأظهر عدم الصحة كما في الإجارة.

(مسألة 522): إذا تلف بعض الثمرة فهل ينقص عما اشترط أحدهما على الآخر من ذهب أو فضة أو نحوهما

بنسبة ما تلف من الثمرة أم لا وجهان الأقوى الثاني.

(مسألة 523): إذا ظهر بطريق شرعي أن الاصول في عقد المساقاة مغصوبة

فعندئذ إن أجاز المالك المعاملة صحت المساقاة بينه و بين العامل و إلّا بطلت و كان تمام الثمرة للمالك و للعامل اجرة المثل يرجع بها إلى الغاصب.

(مسألة 524): إذا كان ظهور غصب الاصول بعد تقسيم الثمرة و تلفها

فعندئذ للمالك أن يرجع إلى الغاصب فقط بتمام عوضها و له أن يرجع إلى كل منهما بمقدار حصته و ليس له أن يرجع إلى العامل بتمام العوض.

(مسألة 525): تجب الزكاة على كل من المالك و العامل

إذا بلغت حصة كل منهما حد النصاب فيما إذا كانت الشركة قبل زمان الوجوب و إلّا فالزكاة على المالك فقط.

(مسألة 526): إذا اختلف المالك و العامل في اشتراط شي ء على أحدهما و عدمه

فالقول قول منكره.

(مسألة 527): لو اختلف المالك و العامل في صحة العقد و فساده

قدم قول مدعي الصحة.

(مسألة 528): لو اختلف المالك و العامل في مقدار حصة العامل

فالقول قول المالك المنكر للزيادة و كذا الحال فيما إذا اختلفا في المدة. و أما إذا اختلفا في مقدار الحاصل زيادة و نقيصة بأن يطالب المالك العامل بالزيادة فالقول قول العامل و لا تسمع دعوى المالك على العامل الخيانة أو السرقة أو الاتلاف أو كون التلف بتفريط منه ما لم تثبت شرعاً بعد ما كان المفروض أن العامل كان أميناً له.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 131

كتاب الجعالة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 133

الجعالة من الإيقاعات لا بد فيها من الإيجاب عاماً مثل: من رد عبدي الآبق أو بنى جداري فله كذا، أو خاصاً مثل إن خطت ثوبي فلك كذا. و لا يحتاج إلى القبول لأنها ليست معاملة بين طرفين حتى يحتاج إلى قبول بخلاف المضاربة و المزارعة و المساقاة و نحوها. و تصح على كل عمل محلل مقصود عند العقلاء. و يجوز أن يكون مجهولًا كما يجوز في العوض أن يكون مجهولًا إذا كان بنحو لا يؤدي إلى التنازع مثل:

من ردّ عبدي فله نصفه أو هذه الصبرة أو هذا الثوب. و إذا كان العوض مجهولًا محضاً مثل من رد عبدي فله شي ء بطلت و كان للعامل اجرة المثل.

(مسألة 529): إذا تبرع العامل بالعمل فلا اجرة له

، سواء أجعل لغيره أم لم يجعل.

(مسألة 530): يجوز أن يكون الجعل من غير المالك

كما إذا قال: من خاط ثوب زيد فله درهم فإذا خاطه أحد لزم القائل الدرهم دون زيد.

(مسألة 531): يستحق الجعل بالتسليم إذا كان المجعول عليه التسليم

أما إذا كان المجعول عليه غيره كما إذا قال: من أوصل عبدي إلى البلد كان له درهم استحق العامل الدرهم بمجرد الإيصال إلى البلد و إن لم يسلمه إلى أحد، و إذا قال: من خاط هذا الثوب فله درهم، استحق الخياط الدرهم بمجرد الخياطة.

(مسألة 532): الجعالة جائزة يجوز للجاعل الرجوع فيها

قبل العمل و في جواز الرجوع في أثنائه إشكال فإن صح رجوعه فيها فلا إشكال في أن للعامل اجرة المقدار

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 134

الذي عمله.

(مسألة 533): إذا جعل جعلين بأن قال: من خاط هذا الثوب فله درهم

ثمّ قال: من خاط هذا الثوب فله دينار، كان العمل على الثاني فإذا خاطه الخياط لزم الجاعل الدينار لا الدرهم. و لو انعكس الفرض لزم الجاعل الدرهم لا الدينار، و إذا لم تكن قرينة على العدول من الأول إلى الثاني وجب الجعلان معاً.

(مسألة 534): إذا جعل جعلًا لفعل فصدر جميعه من جماعة

من كل واحد منهم بعضه كان للجميع جعل واحد لكل واحد منهم بعضه بمقدار عمله، و لو صدر الفعل بتمامه من كل واحد منهم كان لكل واحد منهم جعل تام.

(مسألة 535): إذا جعل جعلًا رده من مسافة معينة فرده من بعضها

كان له من الجعل بنسبة عمله مع قصد الجاعل التوزيع.

(مسألة 536): إذا تنازع العامل و المالك في الجعل و عدمه أو في تعيين المجعول عليه

أو القدر المجعول عليه أو في سعي العامل كان القول قول المالك.

(مسألة 537): إذا تنازع العامل و المالك في تعيين الجعل ففيه إشكال

. و الأظهر أنه مع التنازع في قدره يكون القول قول مدعي الأقل، و مع التنازع في ذاته يكون القول قول الجاعل في نفي دعوى العامل و تجب عليه التخلية بين ما يدعيه للعامل و بينه.

(مسألة 538): عقد التأمين للنفس أو المال- المعبر عنه في هذا العصر بال «سيكورته» صحيح

بعنوان المعاوضة إن كان للمتعهد بالتأمين عمل محترم له مالية و قيمة عند العقلاء من وصف نظام للأكل أو الشرب أو غيرهما أو وضع محافظ على المال أو غير ذلك من الأعمال المحترمة فيكون نوعاً من المعاوضة و أخذ المال من الطرفين حلال و إلّا فالعقد باطل و أخذ المال حرام. نعم إذا كان بعنوان الهبة المشروطة فيدفع مقداراً من المال هبة و يشترط على المتهب دفع مال آخر على نهج خاص بينهم فأخذ المال من الطرفين حلال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 135

كتاب السبق و الرماية

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 137

(مسألة 539): لا بد فيهما من إيجاب و قبول

، و إنما يصحان في السهام، و الحراب، و السيوف، و الإبل، و الفيلة، و الخيل، و البغال، و الحمير و لا يبعد صحة المسابقة في جميع الآلات المستعملة في الحرب كالآلات المتداولة في زماننا.

(مسألة 540): يجوز أن يكون العوض عيناً و ديناً

، و أن يبذله أجنبي أو أحدهما أو من بيت المال، و يجوز جعله للسابق و للمحلل و ليس المحلل شرطاً.

(مسألة 541): لا بد في المسابقة من تعيين الجهات التي يكون الجهل بها موجباً للنزاع

فلا بد من تقدير المسافة، و العوض و تعيين الدابة، و لا بد في الرماية من تقدير عدد الرمي و عدد الإصابة وصفتها، و قدر المسافة، و الغرض، و العوض، و نحو ذلك.

(مسألة 542): إذا قالا بعد أن أخرج كل منهما سبقاً من نفسه و أدخلا محللًا

: من سبق منا و من المحلل فله العوضان، فمن سبق من الثلاثة فهما له فإن سبقا فلكل ماله، و إن سبق أحدهما و المحلل فللسابق ماله و نصف الآخر و الباقي للمحلل.

(مسألة 543): المحلل هو الذي يدخل بين المتراهنين و لا يبذل معهما عوضاً

بل يجري دابته بينهما أو في أحد الجانبين على وجه يتناوله العقد على أنه إن سبق بنفسه أو مع غيره أخذ العوض أو بعضه على حسب الشرط و إن لم يسبق لم يغرم شيئاً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 138

(مسألة 544): إذا فسد العقد فلا اجرة للغالب

و يضمن العوض إذا ظهر مستحقاً للغير مع عدم إجازته و عدم كون الباذل غاراً، و يحصل السبق بتقدم العنق أو الكتد و هو العظم الناتئ بين الظهر و أصل العنق إذا لم تكن قرينة على خلاف ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 139

كتاب الشركة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 141

(مسألة 545): الشركة عقد جائز فيجوز لكل من المتعاقدين فسخه

فإذا فسخ أحدهما لم يجز للآخر التصرف في المال المشترك فيه و ينفسخ عقد الشركة بعروض الموت أو الجنون أو الحجر بفلس أو سفه لأحد الشريكين و يكره مشاركة الذمي.

(مسألة 546): تصح الشركة في الأموال و لا تصح في الأعمال

بأن يتعاقدا على أن تكون اجرة عمل كل منهما مشتركة بينهما فإذا تعاقدا على ذلك بطل و كان لكل منهما اجرة عمله. نعم لو صالح كل منهما صاحبه على أن يكون نصف منفعة نفسه بنصف منفعة صاحبه مدة معينة فقبل الآخر صح و كان عمل كل منهما مشتركاً بينهما.

(مسألة 547): لو تصالح العاملان في ضمن عقد آخر لازم على أن يعطي كل منهما نصف اجرته للآخر صح

ذلك و وجب العمل بالشرط.

(مسألة 548): لا تصح الشركة في الوجوه

بأن يتعاقدا على أن يشتري كل منهما مالًا بثمن في ذمته إلى أجل ثمّ يبيعانه و يكون ربحه بينهما و الخسران عليهما.

(مسألة 549): لا تصح شركة المفاوضة بأن يتعاقدا على أن يكون ما يحصل لكل منهما

من ربح تجارة أو زراعة أو إرث أو غير ذلك بينهما و ما يرد على كل منهما من غرامة تكون عليهما معاً.

(مسألة 550): لو تعاقدا في شركة الوجوه أو شركة المفاوضة على ما ذكر

كان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 142

لكل منهما ربحه و عليه خسارته، نعم إذا تصالحا في ضمن عقد آخر لازم على أنه إن ربح أحدهما أعطى صاحبه نصف ربحه و إن خسر أحدهما تدارك صاحبه نصف خسارته صح في المقامين.

(مسألة 551): تتحقق الشركة في المال باستحقاق شخصين فما زاد

مالًا واحداً عيناً كان أو ديناً بإرث أو وصية أو بفعلهما معاً كما إذا حفرا بئراً، أو اصطادا صيداً، أو اقتلعا شجرة أو نحو ذلك من الأسباب الاختيارية و غيرها. و قد تكون بمزج المالين على نحو يرتفع الامتياز بينهما مع الاتحاد في الجنس كمزج الحنطة بالحنطة و الماء بالماء و اختلافه كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير و دهن اللوز بدهن الجوز.

(مسألة 552): يلحق كلا من الشريكين من الربح و الخسران بنسبة ماله

فإن تساويا في الحصة كان الربح و الخسران بينهما بالسوية و إن اختلفا فبالنسبة.

(مسألة 553): إذا اشترطا المساواة في الربح مع اختلاف الحصص

أو اشترطا الاختلاف مع تساوي الحصص صح إذا كان للمشروط له عمل و إلّا لم يصح الشرط.

(مسألة 554): لا يجوز لأحد الشريكين التصرف في العين المشتركة بدون إذن شريكه

و إذا أذن له في نوع من التصرف لم يجز التعدي إلى نوع آخر. نعم إذا كان الاشتراك في أمر تابع مثل البئر و الطريق غير النافذ و الدهليز و نحوها مما كان الانتفاع به مبنياً عرفاً على عدم الاستئذان جاز التصرف و إن لم يأذن الشريك.

(مسألة 555): إذا كان ترك التصرف موجباً لنقص العين

كما لو كانا مشتركين في طعام فإذا لم يأذن أحدهما في التصرف رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في أكله أو بيعه أو نحوهما ليسلم من الضرر.

(مسألة 556): إذا كانا شريكين في دار مثلًا فتعاسرا

، و امتنع أحدهما من الإذن في جميع التصرفات بحيث أدى ذلك إلى الضرر رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن في التصرف الأصلح حسب نظره.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 143

(مسألة 557): إذا طلب أحد الشريكين القسمة

فإن لزم الضرر منها لنقصان في العين أو القيمة بما لا يتسامح فيه عادة لم تجب إجابته و إلّا وجبت الإجابة و يجبر عليها لو امتنع.

(مسألة 558): إذا طلب الشريك بيع ما يترتب على قسمته نقص ليقسم الثمن فإنه تجب الإجابة

أو شراء حصته و يجبر الشريك عليها لو امتنع هذا إذا كان بقاء الشركة تعطيلًا للمال المشترك و إلّا ففي وجوب الإجابة تأمل.

(مسألة 559): إذا اشترط أحد الشريكين في عقد لازم عدم القسمة إلى أجل بعينه

لم تجب الإجابة حينئذ إلى أن ينتهي الأجل.

(مسألة 560): يكفي في تحقق القسمة تعديل السهام ثمّ القرعة

و في الاكتفاء بمجرد التراضي وجه لكن الأحوط استحباباً خلافه.

(مسألة 561): تصح قسمة الوقف مع الملك الطلق و لا تصح قسمة الوقف

في نفسه إذا كانت منافية لشرط الواقف و إلّا صحت.

(مسألة 562): الشريك المأذون أمين لا يضمن ما في يده من المال المشترك إلّا بالتعدي أو التفريط

. و إذا ادعى التلف قبل قوله مع يمينه، و كذلك يقبل قوله مع يمينه إذا ادعى عليه التعدي أو التفريط فأنكر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 145

كتاب المضاربة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 147

المضاربة هي أن يدفع الإنسان مالًا إلى غيره ليتجر فيه على أن يكون الربح بينهما بالنصف أو ثلث أو نحو ذلك و يعتبر فيها امور:

الأول: الإيجاب و القبول، و يكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو نحو ذلك و لا يعتبر فيهما العربية و لا الماضوية.

الثاني: البلوغ و العقل و الاختيار في كل من المالك و العامل. و أما عدم الحجر من سفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل.

الثالث: تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك إلّا أن يكون هناك تعارف خارجي ينصرف إليه الإطلاق.

الرابع: أن يكون الربح بينهما فلو شرط مقدار منه لأجنبي لم تصح المضاربة إلّا إذا اشترط عليه عمل متعلق بالتجارة.

الخامس: أن يكون العامل قادراً على التجارة فيما كان المقصود مباشرته للعمل فإذا كان عاجزاً عنه لم تصح. هذا إذا أخذت المباشرة قيداً، و أما إذا كانت شرطاً لم تبطل المضاربة و لكن يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط. و أما إذا لم يكن لا هذا و لا ذاك و كان العامل عاجزاً عن التجارة حتى مع الاستعانة بالغير بطلت المضاربة. و لا فرق في البطلان بين تحقق العجز من الأول و طروه بعد حين فتنفسخ المضاربة من حين طرو العجز.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 148

(مسألة 563): الأقوى صحة المضاربة بغير الذهب و الفضة المسكوكين

بسكة المعاملة من الأوراق النقدية و نحوها و لا تصحّ المضاربة في الدين و العروض و المنفعة.

(مسألة 564): لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال بيد العامل

فلو كان بيد المالك و تصدى العامل للمعاملة صحت.

(مسألة 565): مقتضى عقد المضاربة الشركة في الربح

و يكون لكل من العامل و المالك ما جعل له من الحصة نصفاً أو ثلثاً أو نحو ذلك و إذا وقع فاسداً كان للعامل أقل الأمرين من اجرة المثل و حصّته و للمالك تمام الربح.

(مسألة 566): يجب على العامل أن يقتصر على التصرف المأذون فيه

فلا يجوز التعدي عنه فلو أمره أن يبيعه بسعر معين أو بلد معين أو سوق معين أو جنس معين فلا يجوز التعدي عنه، و لو تعدى إلى غيره لم ينفذ تصرفه و توقف على إجازة المالك نعم لا يبعد عدم التوقف فيما إذا كان غرض المالك في تقييد إذنه و شرطه التحفّظ على مال المضاربة و استرباحها فيضمن العامل رأس المال و لكن لو ربح فالربح بينهما على ما عيّناه.

(مسألة 567): لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال معلوماً قدراً و وصفاً

كما لا يعتبر أن يكون معيناً فلو أحضر المالك مالين و قال قارضتك بأحدهما صحت و إن كان الأحوط أن يكون معلوماً كذلك و معيناً.

(مسألة 568): لا خسران على العامل من دون تفريط

و إذا اشترط المالك على العامل أن تكون الخسارة عليهما كالربح في ضمن العقد فالظاهر بطلان الشرط نعم لو اشترط على العامل أن يتدارك الخسارة من كيسه إذا وقعت صح و لا بأس به.

(مسألة 569): إذا كان لشخص مال موجود في يد غيره أمانة أو غيرها فضاربه عليه صح

.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 149

(مسألة 570): إذا كان المال في يده غصباً أو لغيره مما تكون اليد فيه يد ضمان

فضاربه عليه فهل يرتفع الضمان بذلك أم لا قولان، الأقوى هو الأول.

و ذلك لأن عقد المضاربة في نفسه و إن لم يقتض رضا المالك ببقاء المال في يده لما عرفت من أنه لا يعتبر في صحته كون المال بيد العامل إلّا أن عقد المضاربة من المالك على ذلك المال قرينة عرفية على رضاه ببقاء هذا المال في يده و تصرفه فيه.

نعم، إذا لم تكن قرينة على ذلك لم يرتفع الضمان.

(مسألة 571): عقد المضاربة جائز من الطرفين

فيجوز لكل منهما فسخه سواء أ كان قبل الشروع في العمل أم بعده، كان قبل تحقق الربح أو بعده كما أنه لا فرق في ذلك بين كونه مطلقاً أو مقيداً إلى أجل خاص.

(مسألة 572): لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر لنفسه أو غيره

إلّا مع إذن المالك عموماً أو خصوصاً و عليه فلو خلط بدون إذنه ضمن ما تلف تحت يده من ذلك المال، و لكن هذا لا يضر بصحة المضاربة بل هي باقية على حالها و الربح بينهما على النسبة.

(مسألة 573): يجوز للعامل مع إطلاق عقد المضاربة التصرف حسب ما يراه مصلحة

من حيث البائع و المشتري و نوع الجنس. نعم، لا يجوز له أن يسافر به من دون إذن المالك إلّا إذا كان هناك تعارف ينصرف الإطلاق إليه و عليه فلو خالف و سافر و تلف المال ضمن. و كذا الحال في كل تصرف و عمل خارج عن عقد المضاربة.

(مسألة 574): مع إطلاق العقد يجوز البيع حالًّا و نسيئة

إذا كان البيع نسيئة أمراً متعارفاً في الخارج يشمله الإطلاق و أما إذا لم يكن أمراً متعارفاً فلا يجوز بدون الإذن الخاص.

(مسألة 575): لو خالف العامل المضارب و باع نسيئة بدون إذنه

فعندئذ إن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 150

استوفى الثمن قبل اطلاع المالك فهو، و كذلك إن أطّلع المالك قبل الاستيفاء و كانت المعاملة مربحةً كما إذا كان الثمن في ذمة المشتري يمكن بيعه على الآخرين و تحويله الى النقد فعلًا و لو بأقل منه و أمّا إذا لم تكن كذلك فصحتها تتوقف على إجازة المالك.

(مسألة 576): إطلاق العقد لا يقتضي بيع الجنس بالنقد

بل يجوز بيع الجنس بجنس آخر أيضاً، نعم لو كان الجنس من الاجناس التي لا رغبة للناس فيها أصلًا فعندئذ لا يجوز ذلك لانصراف الإطلاق عنه.

(مسألة 577): يجب على العامل بعد عقد المضاربة العمل بما يعتاد بالنسبة إليه

، و عليه أن يتولى ما يتولاه التاجر لنفسه من الامور المتعارفة في التجارة اللائقة بحاله فيجوز له استئجار من يكون متعارفاً استئجاره كالدلال و الحمال و الوزان و الكيال و المحل و ما شاكل ذلك. و من هنا يظهر أنه لو استأجر فيما كان المتعارف مباشرته فيه بنفسه فالاجرة من ماله لا من الوسط كما أنه لو تولى ما يتعارف الاستئجار جاز له أن يأخذ الاجرة إن لم يتصد له مجاناً.

(مسألة 578): نفقة سفر العامل من المأكل و المشرب و الملبس و المسكن

و اجرة الركوب و غير ذلك مما يصدق عليه النفقة من رأس المال إذا كان السفر بإذن المالك و لم يشترط نفقته عليه. و كذلك الحال بالإضافة إلى كل ما يصرفه من الأموال في طريق التجارة. نعم ما يصرفه مما لا تتوقف عليه التجارة فعلى نفسه.

و المراد من النفقة هي اللائقة بحاله فلو أسرف حسب عليه، نعم لو قتر على نفسه أو حلّ ضيفاً عند شخص لا يحسب له.

(مسألة 579): إذا كان شخص عاملًا لاثنين أو أكثر أو عاملًا لنفسه و لغيره توزعت النفقة

على نسبة العملين على الأظهر لا على نسبة المالين كما قيل.

(مسألة 580): لا يشترط في استحقاق العامل النفقة تحقق الربح

بل ينفق من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 151

أصل المال نعم إذا حصل الربح بعد هذا تحسب منه و يعطى المالك تمام رأس ماله ثمّ يقسم الربح بينهما.

(مسألة 581): إذا مرض العامل في السفر فإن لم يمنعه من شغله فله أخذ النفقة

نعم ليس له أخذ ما يحتاج إليه للبرء من المرض و أما إذا منعه عن شغله فليس له أخذ النفقة.

(مسألة 582): إذا فسخ العامل عقد المضاربة في أثناء السفر أو انفسخ

فنفقة الرجوع عليه لا على المال المضارب به.

(مسألة 583): إذا اختلف المالك و العامل في أنها مضاربة فاسدة أو قرض

و لم يكن هناك دليل معين لأحدهما فقد يكون الاختلاف من جهة أن العامل يدّعي القرض ليكون الربح له و المالك يدعي المضاربة لئلا يكون عليه غير اجرة المثل و يكون الربح له ففي مثل ذلك يتوجه الحلف على المالك و بعده يحكم بكون الربح للمالك و ثبوت اجرة المثل للعامل. و قد يكون من جهة أن المالك يدّعي القرض لدفع الخسارة عن نفسه أو لعدم اشتغال ذمته للعامل بشي ء و العامل يدّعي المضاربة الفاسدة فالأظهر أنّه إذا كانت تجارة العامل لا خاسرة و لا رابحة لا تسمع لا دعواه و لا دعوى المالك بناءً على ما هو الأظهر من عدم استحقاق العامل للُاجرة مع فساد المضاربة إذا لم تكن تجارته رابحة لإقدامه على التبرّع بعمله في هذا الفرض، و أما إذا كانت المعاملة خاسرة فيحلف العامل على عدم القرض لبراءة ذمته عن الخسران و المفروض أنّه لا يدعى على المالك شيئاً. و في تقديم قول المالك وجه أيضاً لورود النص في تقديم قول المالك المدّعي لكون المال وديعة فالأحوط التصالح.

هذا إذا كان الاختلاف بينهما في كونها مضاربة فاسدة أو قرضاً و أما إذا كان الاختلاف بينهما في أنها مضاربة فاسدة أو بضاعة فالظاهر في هذه الصورة أن يكون الربح تماماً للمالك بعد حلف المالك و لا يكون للعامل اجرة المثل.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 152

(مسألة 584): يجوز أن يكون المالك واحداً و العامل متعددا

سواء أ كان المال أيضاً واحداً أو كان متعدداً، و سواء أ كان العمال متساوين في مقدار الجعل في العمل أم كانوا متفاضلين. و كذا يجوز أن يكون المالك متعدداً و العامل واحداً.

(مسألة 585): إذا كان المال مشتركاً بين شخصين و قارضاً واحداً و اشترطا له النصف

و تفاضلا في النصف الآخر بأن جعل لأحدهما أكثر من الآخر مع تساويهما في رأس المال أو تساويا فيه بأن كانت حصة كل منهما مساوية لحصة الآخر مع تفاضلهما في رأس المال فالظاهر بطلان المضاربة إذا لم تكن الزيادة في مقابل عمل.

نعم لو كان المقصود من ذلك النقص على حصة العامل بمعنى أن أحدهما قد جعل للعامل في العمل بماله أقل مما جعله الآخر، مثلا جعل أحدهما له ثلث ربح حصته و جعل الآخر له ثلثي ربح حصته صحت المضاربة.

(مسألة 586): تبطل المضاربة بموت كل من المالك و العامل

أما على الأول فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته فإبقاء المال بيد العامل يحتاج إلى مضاربة جديدة. و أما على الثاني فلفرض اختصاص الإذن به.

(مسألة 587): لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلًا في عمله

أو يستأجر شخصاً إلّا بأذن المالك كما لا يجوز أن يضارب غيره إلّا بأذنه فلو فعل ذلك بدون إذنه و تلف ضمن.

نعم لا بأس بالاستئجار أو التوكيل في بعض المقدمات على ما هو المتعارف في الخارج المنصرف إليه الإطلاق.

(مسألة 588): يجوز لكل من المالك و العامل أن يشترط على الآخر في ضمن عقد المضاربة مالًا

أو عملا كخياطة ثوب أو نحوها أو إيقاع بيع أو صلح أو وكالة أو قرض أو نحو ذلك و يجب الوفاء بهذا الشرط إلّا مع انفساخ المضاربة أو فسخها سواء أتحقق الربح بينهما أم لم يتحقق. و سواء أ كان عدم تحقق الربح من جهة مانع خارجي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 153

أم من جهة ترك العامل العمل بالتجارة.

(مسألة 589): مقتضى عقد المضاربة خارجاً ملكية العامل لحصته من حين ظهور الربح

و لا تتوقف على الانضاض أو القسمة. نعم لو عرض بعد ذلك خسران أو تلف يجبر به إلى أن تستقر ملكية العامل. و هل يكفي في الاستقرار قسمة تمام الربح و المال بينهما فحسب من دون فسخ المضاربة خارجاً أو لا يكفي؟ وجهان، الظاهر هو الأول لأنها فسخ فعلي. و عليه فلا يكون التلف بعد القسمة محسوباً من الربح.

(مسألة 590): إذا ظهر الربح و تحقق في الخارج فطلب أحدهما قسمته

فإن رضي الآخر فلا مانع منها، و إن لم يرض فإن كان هو المالك فليس للعامل إجباره عليها ما دام عقد المضاربة باقياً و إن كان هو العامل فالظاهر أن للمالك إجباره عليها.

(مسألة 591): إن اقتسما الربح ثمّ عرض الخسران فإن حصل بعده ربح جبر به

إذا كان بمقداره أو أكثر، و أما إذا كان أقل منه وجب على العامل رد أقل الأمرين من مقدار الخسران و ما أخذه من الربح.

(مسألة 592): إذا باع العامل حصته من الربح أو وهبها أو نحو ذلك ثمّ طرأت الخسارة على مال المضاربة

وجب على العامل دفع أقل الأمرين من قيمة ما باعه أو وهبه و مقدار الخسران. و لا يكشف الخسران اللاحق عن بطلان البيع أو الهبة أو نحوهما بل هو في حكم التلف.

(مسألة 593): لا فرق في جبر الخسارة بالربح بين الربح السابق و اللاحق

ما دام عقد المضاربة باقياً بل الأظهر الجبر و إن كانت الخسارة قبل الشروع في التجارة كما إذا سرق في أثناء سفر التجارة قبل الشروع فيها أو في البلد قبل الشروع في السفر. هذا في تلف البعض، و أما لو تلف الجميع قبل الشروع في التجارة فالظاهر أنه موجب لبطلان المضاربة. هذا في التلف السماوي، و أما إذا أتلفه العامل أو الأجنبي فالمضاربة لا تبطل إذا أدى المتلف بدل التالف.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 154

(مسألة 594): فسخ عقد المضاربة أو انفساخه تارة يكون قبل الشروع في العمل

، و اخرى بعده و قبل ظهور الربح و على كلا التقديرين لا شي ء للمالك و لا عليه و كذا العامل من دون فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو المالك.

(مسألة 595): لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك

و صرف مقدار من رأس المال في نفقته فالاحتياط في هذه الصورة بإرضاء المالك لا يترك.

(مسألة 596): إذا كان الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح

فإن رضي كل من المالك و العامل بالقسمة فلا كلام و إن لم يرضَ أحدهما اجبر عليها.

(مسألة 597): إذا كانت في مال المضاربة ديون فهل يجب على العامل أخذها

بعد الفسخ أو الانفساخ أو لا؟ وجهان، و الوجوب إن لم يكن أقوى فهو أحوط.

(مسألة 598): لا يجب على العامل بعد الفسخ إلّا التخلية بين المالك و بين ماله

و أما الإيصال إليه فلا يجب إلّا إذا أرسله إلى بلد آخر فعندئذ الأظهر وجوب الرد إلى بلده.

(مسألة 599): إذا اختلف المالك و العامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل

بأن ادعى المالك الزيادة و أنكرها العامل قدم قول العامل مع يمينه إذا لم تكن للمالك بينة عليها. و لا فرق في ذلك بين كون رأس المال موجوداً أو تالفاً مع ضمان العامل.

(مسألة 600): إذا اختلفا في مقدار نصيب العامل بأن يدعي المالك الأقل

و العامل يدعي الأكثر فالقول قول المالك.

(مسألة 601): إذا ادعى المالك على العامل الخيانة و التفريط

فالقول قول العامل.

(مسألة 602): لو ادعى المالك على العامل أنه شرط عليه بأن لا يشتري

الجنس الفلاني أو لا يبيع من فلان أو نحو ذلك و العامل ينكره فالقول قول المالك فإن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 155

الشك يرجع إلى أن المالك هل أذن فيما يدعيه العامل أم لا؟ فالأصل عدمه.

(مسألة 603): لو ادعى العامل التلف و أنكره المالك قدم قول العامل

، و كذا الحال إذا ادعى الخسارة أو عدم الربح أو عدم حصول المطالبات مع فرض كونه مأذوناً في المعاملات النسيئة.

(مسألة 604): لا فرق في سماع قول العامل في هذه الفروض بين أن تكون الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده

بل الأظهر سماع قوله حتى فيما إذا ادعى بعد الفسخ التلف بعده.

(مسألة 605): إذا مات العامل و كان عنده مال المضاربة فإن كان معلوماً بعينه فلا كلام

، و إن علم بوجوده في التركة الموجودة في يد الورثة من غير تعيين فيأخذ المالك مقدار ماله منها و لو بالتصالح مع الورثة أو القرعة و لا يكون المالك شريكاً مع الورثة بالنسبة على الأظهر الأقوى، و أما إذا علم ببقاء مال المضاربة في يد الميت إلى ما بعد موته و لم يعلم أنه في تركته الموجودة في يد الورثة بأن احتمل أنّ الميّت كان قد دفنه في مكان غير معلوم أو أودعه عند شخص آخر لا يعرفونه و نحو ذلك فالأظهر أنه لا يجب على الورثة إعطاء المقدار مما بأيديهم حيث إن قاعدة يد الميت بالنسبة إلى ما انتقل إلى الورثة مقتضاها كونه بتمامه للميت فينتقل إليهم بالإرث.

و دعوى أنه لا يجوز للورثة التصرّف فيما بأيديهم حتى يتخلصوا من مال المضاربة للعلم الإجمالي بكون بعض ما كان في يد الميّت إلى موته، مال الغير و هذا العلم قد أسقط اعتبارها في جميع أطرافه بالإضافة إلى القدر المعلوم. لا يمكن المساعدة عليها فإن هذا العلم الإجمالي بالإضافة إلى قبل موت المورّث لا أثر له لعدم جواز تصرّف الوارث في شي ء ممّا بيده لعدم الإذن كان ملكه أو ملك غيره فلا مورد لجريان القاعدة و بعد موته لا تجري القاعدة فيما هو خارج عن يد الورثة إمّا لعدم وجوده أو لكونه مال الغير يعني مال المضاربة فتجرى فيما بأيديهم بلا معارضة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 156

و دعوى ضمان الميّت بالإضافة إلى ذلك المال فيجب على الورثة أداء ضمانه تختص بصورة إحراز التفريط و لو بترك الوصية و لا تعمّ صورة الموت فجأة

أو صورة نسيانه عند موته أنّ عنده مال المضاربة.

(مسألة 606): إذا كان رأس المال مشتركاً بين شخصين فضاربا واحداً ثمّ فسخ

أحد الشريكين دون الآخر فالظاهر بقاء عقد المضاربة بالإضافة إلى حصة الآخر.

(مسألة 607): إذا أخذ العامل مال المضاربة و أبقاه عنده و لم يتجر به إلى مدة قليلة أو كثيرة

لم يستحق المالك عليه غير أصل المال، و إن كان عاصياً في تعطيل مال الغير.

(مسألة 608): إذا اشترط العامل على المالك في عقد المضاربة عدم كون الربح جابراً

للخسران المتقدم على الربح أو المتأخر عنه فالظاهر الصحة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 157

كتاب الوديعة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 159

و هي من العقود الجائزة و مفادها الائتمان في الحفظ.

(مسألة 609): يجب على الودعي حفظ الوديعة

بمجرى العادة و إذا عين المالك محرزاً تعين، فلو خالف ضمن إلّا مع الخوف إذا لم ينص المالك على الخوف و إلّا ضمن حتى مع الخوف.

(مسألة 610): يضمن الودعي الوديعة لو تصرف فيها

تصرفاً منافياً للاستئمان و موجباً لصدق الخيانة كما إذا خلطها بماله بحيث لا تتميز أو أودعه كيساً مختوماً ففتح ختمه أو أودعه طعاماً فأكل بعضه أو دراهم فاستقرض بعضها.

(مسألة 611): إذا أودعه كيسين

فتصرف في أحدهما ضمنه دون الآخر.

(مسألة 612): إذا كان التصرف لا يوجب صدق الخيانة

كما إذا كتب على الكيس بيتاً من الشعر أو نقش عليه نقشاً أو نحو ذلك فإنه لا يوجب ضمان الوديعة و إن كان التصرف حراماً لكونه غير مأذون فيه و لم يحرز رضا المالك.

(مسألة 613): يجب على الودعي علف الدابة

و سقيها و يرجع به على المالك.

(مسألة 614): إذا فرط الودعي ضمن

و لا يزول الضمان إلّا بالرد إلى المالك أو الإبراء منه.

(مسألة 615): يجب على الودعي أن يحلف للظالم

و يورِّي إن أمكن و لو أقر له ضمن.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 160

(مسألة 616): يجب رد الوديعة إلى المودع أو وارثه بعد موته

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 160

و إن كان كافراً إلّا إذا كان المودع غاصباً فلا يجوز ردها إليه بل يجب ردها إلى مالكها فإن ردها إلى المودع ضمن. و لو جهل المالك عرف بها سنة على الأظهر فإن لم يعرفه تصدق بها عنه. فإن وجد و لم يرض بذلك فللمالك أن يغرمه و لو أجبره الغاصب على أخذها منه لم يكن الضمان مستقراً عليه.

(مسألة 617): إذا أودعه الكافر الحربي فالأحوط أنه تحرم عليه الخيانة

و لم يصح له تملك المال و لا بيعه.

(مسألة 618): إذا اختلف المالك و الودعي في التفريط أو قيمة العين

كان القول قول الودعي مع يمينه و كذلك إذا اختلفا في التلف إن لم يكن الودعي متهماً بل لا يبعد تقديم قول الودعي و إن كان متهماً فيكون عليه الحلف.

(مسألة 619): إذا اختلفا في الرد فالأظهر أن القول قول المالك

مع يمينه و كذلك إذا اختلفا في أنها دين أو وديعة مع التلف.

(مسألة 620): لا يصح إيداع الصبي و المجنون

فإن لم يكن مميزاً لم يضمن الوديعة حتى إذا أتلف و كذلك المجنون.

(مسألة 621): إذا كان الودعي صبياً مميزاً ضمن بالإتلاف

. و لا يضمن بمجرد القبض. و لا سيما إذا كان بإذن الولي. و في ضمانه بالتفريط و الإهمال إشكال و الأظهر الضمان.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 161

كتاب العارية

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 163

و هي التسليط على العين للانتفاع بها مجاناً.

(مسألة 622): كل عين مملوكة يصح الانتفاع بها مع بقائها تصح إعارتها

، و تجوز إعارة ما تملك منفعته و إن لم تملك عينه.

(مسألة 623): ينتفع المستعير على العادة الجارية

و لا يجوز له التعدي عن ذلك فإن تعدى ضمن و لا يضمن مع عدمه إلّا أن يشترط عليه الضمان أو تكون العين من الذهب أو الفضة و إن لم يكونا مسكوكين على إشكال ضعيف، و لو اشترط عدم الضمان فيهما صح.

(مسألة 624): إذا نقصت العين المستعارة بالاستعمال المأذون فيه لم تضمن

، و إذا استعار من الغاصب ضمن فإن كان جاهلًا رجع على المعير بما أخذ منه إذا كان قد غرَّه.

(مسألة 625): إذا أذن له في انتفاع خاص لم يجز التعدي عنه إلى غيره

و إن كان معتاداً.

(مسألة 626): تصح الإعارة للرهن و للمالك المطالبة بالفك

بعد المدة، بل قيل له المطالبة قبلها أيضاً و لا يبطل الرهن.

(مسألة 627): إذا لم يفك الرهن جاز بيع العين في وفاء الدين

فإن كان الرهن عارية ضمن المستعير العين بما بيعت به إلّا أن تباع بأقل من قيمة المثل. و في ضمان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 164

الراهن العين لو تلفت قبل الفك إشكال، و الظاهر عدم الضمان إلّا مع اشتراطه، و أما لو تلفت بعد فكه للعين من الرهن فلا إشكال في عدم ضمان الراهن.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 165

كتاب اللقطة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 167

و هي المال الضائع الذي لا يد لأحد عليه، المجهول مالكه.

(مسألة 628): الضائع إما إنسان أو حيوان أو غيرهما من الأموال

: و الأول: يسمى لقيطاً.

و الثاني: يسمى ضالة.

و الثالث: يسمى لقطة بالمعنى الأخص.

(مسألة 629): لقيط دار الإسلام محكوم بحريته

و كذا لقيط دار الكفر إذا كان فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه و وارثه الإمام إذا لم يكن له وارث و كذلك الإمام عاقلته، و إذا بلغ رشيداً فأقر برقيته قبل منه.

(مسألة 630): لقيط دار الكفر إذا لم يكن فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه

يجوز استرقاقه.

(مسألة 631): أخذ اللقيط واجب على الكفاية

إذا توقف عليه حفظه. نعم، في وجوبه فيما إذا كان اللقيط محكوماً بالكفر تأمل فإذا أخذه كان أحق بتربيته و حضانته من غيره إلّا أن يوجد من له الولاية عليه لنسب أو غيره فيجب دفعه إليه حينئذ و لا يجري عليه حكم الالتقاط.

(مسألة 632): ما كان في يد اللقيط من مال محكوم بأنه ملكه

نعم لو كان اللقيط غير مميز فيشكل الحكم بأن المال ملكه و إن كان الأظهر أنه لا يجري عليه حكم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 168

المال الذي لا يد لأحدٍ عليه ليكون ملكاً لمن ادّعاه.

(مسألة 633): يشترط في ملتقط الصبي البلوغ و العقل و الحرية

فلا اعتبار بالتقاط الصبي و المجنون و العبد إلّا بإذن مولاه بل يشترط الإسلام فيه إذا كان اللقيط محكوماً بإسلامه، فلو التقط الكافر صبياً في دار الإسلام لم يجر على التقاطه أحكام الالتقاط و لا يكون أحق بحضانته.

(مسألة 634): اللقيط إن وجد متبرع بنفقته أنفق عليه

و إلّا فإن كان له مال أنفق عليه منه بعد الاستئذان من الحاكم الشرعي أو من يقوم مقامه و إلّا أنفق الملتقط من ماله عليه و رجع بها عليه إن لم يكن قد تبرع بها و إلّا لم يرجع.

(مسألة 635): يكره أخذ الضالة حتى لو خيف عليها التلف

أما مع العلم بالتلف فلا كراهة.

(مسألة 636): إذا وجد حيوان في غير العمران كالبراري و الجبال و الآجام

و الفلوات و نحوها من المواضع الخالية من السكان فإن كان الحيوان يحفظ نفسه و يمتنع عن السباع لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير و الفرس و الجاموس و الثور و نحوها لم يجز أخذه سواء أ كان في كلأ و ماء أم لم يكن فيهما إذا كان صحيحاً يقوى على السعي إليهما. فإن أخذه الواجد حينئذ كان آثماً و ضامناً له و تجب عليه نفقته و لا يرجع بها على المالك. و إذا استوفى شيئاً من نمائه كلبنه و صوفه كان عليه مثله أو قيمته. و إذا ركبه أو حمله حملًا كان عليه اجرته و لا يبرأ من ضمانه إلّا بدفعه إلى مالكه.

نعم إذا يئس من الوصول إليه و معرفته تصدق به عنه بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة 637): إن كان الحيوان لا يقوى على الامتناع من السباع جاز أخذه كالشاة

و أطفال الإبل و البقر و الخيل و الحمير و نحوها. فإن أخذه عرّفه في موضع الالتقاط و الأحوط أن يعرّفه في ما حول موضع الالتقاط أيضاً فإن لم يعرف المالك جاز له تملكها و التصرف فيها بالأكل و البيع.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 169

و المشهور أنه يضمنها حينئذ بقيمتها لكن من الظاهر أن الضمان مشروط بمطالبة المالك فإذا جاء صاحبها و طلبها وجب عليه دفع القيمة، و جاز له أيضاً إبقاؤها عنده إلى أن يعرف صاحبها و لا ضمان عليه حينئذ.

(مسألة 638): إذا ترك الحيوان صاحبه في الطريق فإن كان قد أعرض عنه جاز لكل أحد تملكه كالمباحات الأصلية

و لا ضمان على الآخذ، و إذا تركه عن جهد و كلل بحيث لا يقدر أن يبقى عنده و لا يقدر أن يأخذه معه فإذا كان الموضع الذي تركه فيه لا يقدر الحيوان على التعيش فيه لأنه لا ماء و لا كلأ و لا يقوى الحيوان فيه على السعي إليهما جاز لكل أحد أخذه و تملكه. و أما إذا كان الحيوان يقدر فيه على التعيش لم يجز لأحد أخذه و لا تملكه فمن أخذه كان ضامناً له. و كذا إذا تركه عن جهد و كان ناوياً للرجوع إليه قبل ورود الخطر عليه و كذا فيما كان رجوعه إليه قبل الخطر محتملًا.

(مسألة 639): إذا وجد الحيوان في العمران و هو المواضع المسكونة التي يكون الحيوان فيها مأمونا

كالبلاد و القرى و ما حولها مما يتعارف وصول الحيوان منها إليه لم يجز له أخذه، و من أخذه ضمنه و يجب عليه التعريف و يبقى في يده مضموناً إلى أن يؤديه إلى مالكه فإن يئس منه تصدق به بإذن الحاكم الشرعي. نعم إذا كان غير مأمون من التلف عادة لبعض الطوارئ لم يبعد جريان حكم غير العمران عليه من جواز تملكه في الحال بعد التعريف و من ضمانه له كما سبق.

(مسألة 640): إذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار إنسان لا يجوز له أخذها

و يجوز إخراجها من الدار و ليس عليه شي ء إذا لم يكن قد أخذها، أما إذا أخذها ففي جريان حكم اللقطة عليها إشكال و الأحوط التعريف بها حتى يحصل اليأس من معرفة مالكها ثمّ يتصدق بها، و لا يبعد عدم ضمانها لصاحبها إذا ظهر.

(مسألة 641): إذا احتاجت الضالة إلى نفقة فإن وجد متبرع بها أنفق عليها

و إلّا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 170

أنفق عليها من ماله و رجع بها على المالك.

(مسألة 642): إذا كان للضالة نماء أو منفعة استوفاها الآخذ

يكون ذلك بدل ما أنفقه عليها و لكن بحسب القيمة على الأحوط.

(مسألة 643): كل ما ليس حيواناً و لا إنساناً إذا كان ضائعاً و مجهول المالك

و هو المسمى: لقطة بالمعنى الأخص يجوز أخذه على كراهة و لا فرق بين ما يوجد في الحرم و غيره و إن كانت كراهة الأخذ في الأول أشد و آكد.

(مسألة 644): لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه من متاعها فهو لصاحبه

و ما اخرج بالغوص فهو لمخرجه إذا كان صاحبه قد تركه.

(مسألة 645): اللقطة المذكورة إن كانت قيمتها دون الدرهم جاز تملكها

بمجرد الأخذ و لا يجب فيها التعريف و لا الفحص عن مالكها. ثمّ إذا جاء المالك فإن كانت العين موجودة ردها إليه و إن كانت تالفة لم يكن عليه البدل.

(مسألة 646): إذا كانت قيمة اللقطة درهماً فما زاد وجب على الملتقط

التعريف بها و الفحص عن مالكها فإن لم يعرفه فإن كان قد التقطها في الحرم فالأحوط أن يتصدق بها عن مالكها و ليس له تملكها، و إن التقطها في غير الحرم تخير بين امور ثلاثة: تملكها مع الضمان، و التصدق بها مع الضمان، و إبقاءها أمانة في يده بلا ضمان.

(مسألة 647): المدار في القيمة على مكان الالتقاط و زمانه دون غيره من الأمكنة

و الأزمنة.

(مسألة 648): المراد من الدرهم ما يساوي (6، 12) حمصة من الفضة المسكوكة

فإن عشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية و ربع مثقال.

(مسألة 649): إذا كان المال الملتقط مما لا يمكن تعريفه

إما لأنه لا علامة فيه كالمسكوكات المفردة و المصنوعات بالمصانع المتداولة في هذه الأزمنة أو لأن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 171

مالكه قد سافر إلى البلاد البعيدة التي يتعذر الوصول إليها أو لأن الملتقط يخاف من الخطر و التهمة إن عرف به أو نحو ذلك من الموانع سقط التعريف و الأحوط التصدق به عنه، و جواز التملك لا يخلو من إشكال، و إن كان الأظهر جوازه فيما لا علامة له بل الأظهر جواز التملك فيما له علامة إذا لم يمكن الوصول إلى صاحبه و كان المال من النقود.

(مسألة 650): تجب المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط إلى تمام السنة على وجه التوالي

فإن لم يبادر إليه كان عاصيا و لكن لا يسقط وجوب التعريف عنه بل تجب المبادرة إليه بعد ذلك إلى أن ييأس من المالك. و كذا الحكم لو بادر إليه من حين الالتقاط و لكن تركه بعد ستة أشهر مثلًا حتى تمت السنة. فإذا تم التعريف تخير بين التصدق و الإبقاء للمالك.

(مسألة 651): إذا كان الملتقط قد ترك المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط

لعذر أو ترك الاستمرار عليه كذلك إلى انتهاء السنة فالحكم كما تقدم فيتخير بين التصدق و الإبقاء للمالك غير أنه لا يكون عاصياً.

(مسألة 652): لا تجب مباشرة الملتقط للتعريف فتجوز له الاستنابة فيه بلا اجرة

أو بأُجرة، و الأقوى كون الاجرة عليه لا على المالك و إن كان الالتقاط بنية إبقائها في يده للمالك.

(مسألة 653): إذا عرّفها سنة كاملة، فقد عرفت أنه يتخير بين التصدق و غيره

من الامور المتقدمة، و لا يشترط في التخيير بينها اليأس من معرفة المالك.

(مسألة 654): إذا كان الملتقط يعلم بالوصول إلى المالك لو زاد في التعريف على السنة

فالأحوط لو لم يكن أقوى لزوم التعريف حينئذ و عدم جواز التملك أو التصدق.

(مسألة 655): إذا كانت اللقطة مما لا تبقى كالخضر و الفواكه

و اللحم و نحوها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 172

جاز أن يقومها الملتقط على نفسه و يتصرف فيها بما شاء من أكل و نحوه و يبقى الثمن في ذمته للمالك. كما يجوز له أيضاً بيعها على غيره و يحفظ ثمنها للمالك و الأحوط أن يكون بيعها على غيره بإذن الحاكم الشرعي و لا يسقط التعريف عنه على الأحوط بل يحفظ صفاتها و يعرّف بها سنة فإن وجد صاحبها دفع إليه الثمن الذي باعها به أو القيمة التي في ذمته، و إلّا لم يبعد جريان التخيير المتقدم.

(مسألة 656): إذا ضاعت اللقطة من الملتقط فالتقطها آخر وجب عليه التعريف

بها سنة فإن وجد المالك دفعها إليه و إن لم يجده و وجد الملتقط الأول فإن أحرز أنه قد أكمل تعريف السنة تعيّن دفعها إليه و إلّا جاز دفع اللقطة إليه إذا كان واثقاً بأنه يعمل بوظيفته و عليه إكمال التعريف سنة و لو بضميمة تعريف الملتقط الثاني فإن لم يجد أحدهما أو وجد الملتقط الأول و لم يدفعها إليه حتى تمت السنة جرى التخيير المتقدم من التملك و التصدق و الإبقاء للمالك.

(مسألة 657): قد عرفت أنه يعتبر تتابع التعريف طوال السنة

فقال بعضهم يتحقق التتابع بأن لا ينسى اتصال الثاني بما سبقه و يظهر أنه تكرار لما سبق و نسب إلى المشهور أنه يعتبر فيه أن يكون في الاسبوع الأول كل يوم مرة، و في بقية الشهر الأول كل اسبوع مرة، و في بقية الشهور كل شهر مرة. و كلا القولين مشكل و اللازم الرجوع إلى العرف فيه و لا يبعد صدقه إذا كان في كل ثلاثة أيام نعم لو كان تعارف في بعض البلاد بالإضافة إلى زمان الإعلان و مكانه كالإعلان يوم الجمعة أو في المسجد الجامع يجوز الاكتفاء به.

(مسألة 658): يجب أن يكون التعريف في موضع الالتقاط

و لا يجزئ في غيره.

(مسألة 659): إذا كان الالتقاط في طريق عام أو في السوق أو ميدان البلد

و نحو ذلك وجب أن يكون التعريف في مجامع الناس كالأسواق و محل إقامة الجماعات و المجالس العامة و نحو ذلك مما يكون مظنة وجود المالك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 173

(مسألة 660): إذا كان الالتقاط في القفار و البراري فإن كان فيها نزّال عرّفهم

و إن كانت خالية فالأحوط التعريف في المواضع القريبة التي هي مظنة وجود المالك.

(مسألة 661): إذا التقط في موضع الغربة جاز له السفر

و استنابة شخص أمين في الحفظ و ثقة في التعريف و لا يجوز السفر بها إلى بلده.

(مسألة 662): إذا التقطها في منزل السفر جاز له السفر بها

و التعريف بها في بلد المسافرين.

(مسألة 663): إذا التقط في بلده جاز له السفر مع الاستنابة

كما مرّ.

(مسألة 664): اللازم في عبارة التعريف مراعاة ما هو أقرب إلى تنبيه السامع

لتفقد المال الضائع و ذكر صفاته للملتقط. فلا يكفي أن يقول من ضاع له شي ء أو مال بل لا بد أن يقال من ضاع له ذهب أو فضة أو إناء أو ثوب أو نحو ذلك مع الاحتفاظ ببقاء إبهام للّقطة فلا يذكر جمع صفاتها. و بالجملة يتحرى ما هو أقرب إلى الوصول إلى المالك فلا يجدي المبهم المحض و لا المتعين المحض بل أمر بين الأمرين.

(مسألة 665): إذا وجد مقداراً من الدراهم أو الدنانير و أمكن معرفة صاحبها

بسبب بعض الخصوصيات التي هي فيها مثل العدد الخاص و الزمان الخاص و المكان الخاص وجب التعريف و لا تكون حينئذ مما لا علامة له الذي تقدم سقوط التعريف فيه.

(مسألة 666): إذا التقط الصبي أو المجنون فإن كانت اللقطة دون الدرهم جاز للولي أن يقصد تملكها لهما

و إن كانت درهماً فما زاد جاز لوليهما التعريف بها سنة و بعد التعريف سواء أ كان من الولي أم من غيره يجري التخيير المتقدم.

(مسألة 667): إذا تملك الملتقط اللقطة بعد التعريف فعرف صاحبها فإن كانت العين موجودة دفعها إليه

و ليس للمالك المطالبة بالبدل، و إن كانت تالفة أو منتقلة منه إلى غيره ببيع أو صلح أو هبة أو نحوها كان للمالك عليه البدل و هو المثل في المثلي،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 174

و القيمة في القيمي.

(مسألة 668): إذا تصدق الملتقط بها فعرف صاحبها غرم له المثل أو القيمة

و ليس له الرجوع بالعين إن كانت موجودة و لا الرجوع على المتصدق عليه بالمثل أو القيمة إن كانت مفقودة. هذا إذا لم يرض المالك بالصدقة و إلّا فلا رجوع له على أحد و كان له أجر التصدق.

(مسألة 669): اللقطة أمانة في يد الملتقط لا يضمنها

إلّا بالتعدي عليها أو التفريط بها و لا فرق بين مدة التعريف و ما بعدها. نعم إذا تملكها أو تصدق بها ضمنها على ما عرفت.

(مسألة 670): المشهور جواز دفع الملتقط اللقطة إلى الحاكم

فيسقط وجوب التعريف عن الملتقط و فيه إشكال. و كذا الإشكال في جواز أخذ الحاكم لها أو وجوب قبولها.

(مسألة 671): إذا شهدت البينة بأن مالك اللقطة فلان وجب دفعها إليه

و سقط التعريف سواء أ كان ذلك قبل التعريف أم في أثنائه أم بعده قبل التملك أم بعده. نعم، إذا كان بعد التملك فقد عرفت أنه إذا كانت موجودة عنده دفعها إليه، و إن كانت تالفة أو بمنزلة التالفة دفع إليه البدل و كذا إذا تصدق بها و لم يرض المالك بالصدقة.

(مسألة 672): إذا تلفت العين قبل التعريف فإن كانت غير مضمونة

بأن لم يكن تعد أو تفريط سقط التعريف و لو عرف صاحبها بعد ذلك فلا ضمان عليه و إذا كانت مضمونة لم يسقط. و كذا إذا كان التلف في أثناء التعريف ففي الصورة الاولى يسقط التعريف، و في الصورة الثانية يجب إكماله فإذا عرف المالك دفع إليه المثل أو القيمة.

(مسألة 673): إذا ادعى اللقطة مدع و علم صدقه وجب دفعها إليه

و كذا إذا وصفها بصفاتها الموجودة فيها مع حصول الاطمئنان بصدقه و لا يكفي مجرد التوصيف بل لا يكفي حصول الظن أيضاً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 175

(مسألة 674): إذا عرف المالك و قد حصل للّقطة نماء متصل دفع إليه العين و النماء

سواء حصل النماء قبل التملك أم بعده.

(مسألة 675): إذا حصل للقطة نماء منفصل فإن حصل قبل التملك كان للمالك،

و إن حصل بعده كان للملتقط.

(مسألة 676): إذا لم يعرف المالك و قد حصل للقطة نماء فإن كان متصلًا ملكه الملتقط

تبعا لتملك اللقطة، و أما إذا كان منفصلًا ففي جواز تملكه إشكال و الأحوط التصدق به.

(مسألة 677): لو عرف المالك و لكن لم يمكن إيصال اللقطة إليه

و لا إلى وكيله فإن أمكن الاستيذان منه في التصرف فيها و لو بمثل الصدقة عنه أو دفعها إلى أقاربه أو نحو ذلك تعين و إلّا تعين التصدق بها عنه.

(مسألة 678): إذا مات الملتقط فإن كان بعد التعريف و التملك انتقلت إلى وارثه

كسائر أملاكه. و إن كان بعد التعريف و قبل التملك فالمشهور قيام الوارث مقامه في التخيير بين الامور الثلاثة أو الأمرين. و إن كان قبل التعريف قام الوارث مقامه فيه، و إن كان في أثنائه قام مقامه في إتمامه. فإذا تم التعريف تخير الوارث بين الامور الثلاثة أو الاثنين و الأحوط إجراء حكم مجهول المالك عليه في التعريف به إلى أن يحصل اليأس من الوصول إلى مالكه ثمّ يتصدق به عنه.

(مسألة 679): إذا وجد مالًا في صندوقه و لم يعلم أنه له أو لغيره

فإن كان لا يدخل أحد يده في صندوقه فهو له. و إن كان يدخل أحد يده في صندوقه عرفه إياه فإن عرفه دفعه إليه و إن أنكره فهو له و إن جهله لم يبعد الرجوع إلى القرعة كما في سائر موارد تردد المال بين مالكين. هذا إذا كان الغير محصوراً، أما إذا لم يكن فلا يبعد الرجوع إلى القرعة فإن خرجت باسم غيره فحص عن المالك و بعد اليأس منه تصدق به عنه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 176

(مسألة 680): إذا وجد مالًا في داره و لم يعلم أنه له أو لغيره

فإن لم يدخلها أحد غيره أو يدخلها قليل فهو له و إن كان يدخلها كثير كما في المضائف و نحوها جرى عليه حكم اللقطة.

(مسألة 681): إذا تبدلت عباءة إنسان بعباءة غيره أو حذاؤه بحذاء غيره

فإن علم أن الذي بدله قد تعمد ذلك جاز له أخذ البدل من باب المقاصة، فإن كانت قيمته أكثر من ماله تصدق بالزائد إن لم يمكن إيصاله إلى المالك. نعم، إذا علم بالقرائن أن مالك البدل أعرض عنه. أو وضعه مكانه بالمعاوضة العدوانية فله تملك البدل و لو بإجازة تلك المعاوضة بلا حاجة إلى التصدق بالزائد أو إيصاله إلى المالك. و إن لم يعلم أنه قد تعمد ذلك فإن علم رضاه بالتصرف جاز له التصرف فيه و إلّا جرى عليه حكم مجهول المالك فيفحص عن المالك فإن يئس منه ففي جواز أخذه وفاء عما أخذه إشكال، و الأحوط التصدق به بإذن الحاكم الشرعي، و أحوط منه أخذه وفاءً ان لم يعرض عن المأخوذ منه ثمّ التصدق به عن صاحبه كل ذلك بإذن الحاكم الشرعي.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 177

كتاب الغصب

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 179

و هو حرام عقلًا و شرعاً و يتحقق بالاستيلاء على مال الغير ظلماً و إن كان عقاراً و يضمن تمامه بالاستقلال، و لو سكن الدار قهراً مع المالك ضمن النصف لو كانت بينهما بنسبة واحدة و لو اختلفت فبتلك النسبة و يضمن المنفعة إذا كانت مستوفاة، و كذا إذا فاتت تحت يده، و لو غصب الحامل ضمن الحمل.

(مسألة 682): لو منع المالك من إمساك الدابة المرسلة فشردت

أو من القعود على بساطه فسرق لم يضمن ما لم يستند الإتلاف إليه و إلّا فيضمن.

(مسألة 683): لو غصب من الغاصب تخير المالك في الاستيفاء ممن شاء

فإن رجع على الاول رجع الاول على الثاني و إن رجع على الثاني لم يرجع على الأول.

(مسألة 684): إذا استولى على حر فتلف عنده فلا ضمان على المستولي

و إن كان الحر صغيراً إلّا أن يكون تلفه مستنداً إليه.

(مسألة 685): إذا منع حراً عن عمله لم يضمن إلّا إذا كان أجيراً خاصاً

لغيره فيضمن لمن استأجره و لو كان أجيراً له لزمته الاجرة و لو استعمل الحر فعليه اجرة عمله.

(مسألة 686): لو أزال القيد عن العبد المجنون أو الفرس ضمن جنايتهما

و كذا الحكم في كل حيوان جنى على غيره من إنسان أو حيوان أو غيرهما فإن صاحبه يضمن جنايته إذا كان بتفريط منه إما بترك رباطه أو بحله من الرباط إذا كان الحيوان من شأنه أن يربط وقت الجناية للتحفظ منه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 180

(مسألة 687): لو انهار جدار الجار فوقع على إنسان أو حيوان أو غيرهما فصاحب الدار ضامن

إذا كان عالماً بالانهيار فلم يصلحه أو يهدمه و تركه حتى انهدم فأصاب عينا فاتلفها. و كذا لو كان الجدار في الطريق العام فإن صاحب الجدار ضامن للتلف الحاصل من انهدامه إذا لم يبادر إلى قلعه أو إصلاحه، و ضمان صاحب الجدار في الفرضين مشروط بجهل التالف بالحال إن كان إنساناً و بجهل مالكه إن كان من الأموال فلو وقف شخص تحت الجدار المنهار أو ربط حيوانه هناك مع علمه بالحال فانهدم الجدار فتلف الإنسان أو الحيوان لم يكن على صاحب الجدار ضمان.

(مسألة 688): ضمان الإنسان يتعلق بذمته

في ماله لا على عاقلته.

(مسألة 689): لو فتح باباً فسرق غيره

المتاع ضمن السارق.

(مسألة 690): لو أجج ناراً من شأنها السراية إلى مال الغير فسرت إليه ضمنه

، و إذا لم يكن من شأنها السراية فاتفقت السراية بتوسط الريح أو غيره لم يضمن.

(مسألة 691): يضمن المسلم للذمي الخمر و الخنزير بقيمتهما عندهم

مع الاستتار و قيل: يضمن للمسلم حق اختصاصه فيما إذا استولى عليهما لغرض صحيح، و فيه تأمل بل منع فإنّ الخمر القابل للتخليل ملك للمسلم و لكن لا مالية لها شرعاً ليضمن.

(مسألة 692): يجب رد المغصوب فإن تعيب ضمن الأرش

فإن تعذر الرد ضمن مثله و لو لم يكن مثلياً ضمنه بقيمته يوم الغصب، و الأحوط التصالح لو اختلفت القيمة من يوم غصبه إلى أدائه.

(مسألة 693): لو اعوز المثل في المثلي ضمن قيمة يوم الأداء

(مسألة 694): لو زادت القيمة للسوق فنقصت لم يضمنها

، و لو زادت الصفة فنقصت ضمنها فعليه رد العين و قيمة تلك الزيادة، و لو تجددت صفة لا قيمة لها لم يضمنها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 181

(مسألة 695): لو زادت القيمة لنقص بعضه مما له مقدر كالجب فعليه دية الجناية

، و لو زادت العين زيادة حكمية أو عينية كانت الزيادة للمالك و إن كانت مستندة إلى فعل الغاصب نعم إذا كانت الزيادة ملك الغاصب كما إذا غرس في الأرض المغصوبة شجراً رجع بها و عليه أرش النقصان لو نقصت العين و ليس له الرجوع بأرش نقصان عينه.

(مسألة 696): لو غصب عبداً و جنى عليه بكمال قيمته رده مع القيمة

على قول و فيه تأمل.

(مسألة 697): لو امتزج المغصوب بجنسه فإن كان بما يساويه شارك المالك بقدر كميته

و إن كان بأجود منه أو بالأدون فله أن يشارك بقدر ماليته و له أن يطالب الغاصب ببدل ماله و كذا لو كان المزج بغير جنسه و لم يتميز كامتزاج الخل بالعسل و نحو ذلك.

(مسألة 698): لو اشترى شيئاً جاهلًا بالغصب رجع بالثمن على الغاصب

و بما غرم للمالك عوضاً عما لا نفع له في مقابله أو كان له فيه نفع، و لو كان عالماً فلا رجوع بشي ء مما غرم للمالك.

(مسألة 699): لو غصب أرضاً فزرع فيها زرعاً كان الزرع له

و عليه الاجرة للمالك و القول قول الغاصب في مقدار القيمة مع اليمين و تعذر البينة.

(مسألة 700): يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب و لو قهراً

و إذا انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الحاكم الجائر جاز ذلك و لا يجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه في سبيل أخذ الحق.

(مسألة 701): إذا كان له دين على آخر و امتنع من أدائه و صرف مالًا في سبيل تحصيله لا يجوز له أن يأخذه من المدين

إلّا إذا اشترط عليه ذلك في ضمن معاملة لازمة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 182

(مسألة 702): إذا وقع في يده مال الغاصب جاز أخذه مقاصة

و لا يتوقف على إذن الحاكم الشرعي، كما لا يتوقف ذلك على تعذر الاستيفاء بواسطة الحاكم الشرعي.

(مسألة 703): لا فرق في مال الغاصب المأخوذ مقاصة بين أن يكون من جنس المغصوب و غيره

كما لا فرق بين أن يكون وديعة عنده و غيره.

(مسألة 704): إذا كان مال الغاصب أكثر قيمة من ماله أخذ منه حصة تساوي ماله

و كان بها استيفاء حقه و لا يبعد جواز بيعها أجمع و استيفاء دينه من الثمن، و الأحوط أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي و يرد الباقي من الثمن إلى الغاصب.

(مسألة 705): لو كان المغصوب منه قد استحلف الغاصب فحلف على عدم الغصب

لم تجز المقاصة منه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 183

كتاب إحياء الموات

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 185

المراد بالموات: الأرض المتروكة التي لا ينتفع بها إما لعدم المقتضي لإحيائها، و إما لوجود المانع عنه كانقطاع الماء عنها أو استيلاء المياه أو الرمال أو الأحجار أو السبخ عليها أو نحو ذلك.

(مسألة 706): الموات على نوعين:

1- الموات بالأصل و هو ما لم يعلم بعروض الحياة عليه أو علم عدمه كأكثر البراري و المفاوز و البوادي و سفوح الجبال و نحو ذلك.

2- الموات بالعارض و هو ما عرض عليه الخراب و الموتان بعد الحياة و العمران.

(مسألة 707): يجوز لكل أحد إحياء الموات بالأصل

، و الظاهر أن يملك به من دون فرق بين كون المحيي مسلماً أو كافراً.

(مسألة 708): الموات بالعارض على أقسام:

الأول: ما لا يكون له مالك و ذلك كالأراضي الدارسة المتروكة و القرى أو البلاد الخربة و القنوات الطامسة التي كانت للُامم الماضية الذين لم يبق منهم أحد بل و لا اسم و لا رسم أو أنها تنسب إلى طائفة لم يعرف عنهم سوى الاسم.

الثاني: ما يكون له مالك مجهول لم يعرف شخصه.

الثالث: ما يكون له مالك معلوم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 186

أما القسم الأول فحاله حال الموات بالأصل و لا يجري عليه حكم مجهول المالك.

و أما القسم الثاني ففي جواز إحيائه و القيام بعمارته و عدمه وجهان: المشهور هو الأول و لكن الأحوط الأولى فيه الفحص عن صاحبه و بعد اليأس عنه يعامل معه معاملة مجهول المالك فإما أن يشتري عينه من الحاكم الشرعي أو وكيله المأذون و يصرف ثمنه على الفقراء، و إما أن يستأجره منه بأُجرة معينة أو يقدر ما هو اجرة مثله و يتصدق بها على الفقراء هذا فيما إذا لم يعلم بإعراض مالكه عنه، و أما إذا علم به جاز إحياؤه و تملكه بلا حاجة إلى الإذن أصلًا.

و أما القسم الثالث فإن أعرض عنه صاحبه جاز لكل أحد إحياؤه و إن لم يعرض عنه فإن أبقاه مواتاً للانتفاع به على تلك الحال من حشيشه أو قصبه أو جعله مرعى لدوابه و أنعامه أو أنه كان عازماً على إحيائه و إنما أخّر ذلك لانتظار وقت صالح له أو لعدم توفر الآلات و الأسباب المتوقف عليها الإحياء و نحو ذلك فلا إشكال في جميع ذلك في عدم جواز إحيائه لأحد و التصرف فيه بدون إذن مالكه.

و

أما إذا علم أن إبقاءه من جهة عدم الاعتناء به و أنه غير قاصد لإحيائه فالظاهر جواز إحيائه لغيره إذا كان سبب ملك المالك الأول الإحياء و ليس له على الأحوط انتزاعه من يد المحيي كما أنّ الأحوط أنه لو رجع إليه المالك الأول أن يعطي حقه إليه و لا يتصرف فيه بدون إذنه. و أما إذا كان سبب ملكه غير الإحياء من الشراء أو الإرث فالأحوط عدم جواز إحيائه لغيره و التصرف فيه بدون إذنه و لو تصرف فيه بزرع أو نحوه فعليه اجرته لمالكه على الأحوط.

(مسألة 709): كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة و القرى الدارسة التي باد أهلها كذلك يجوز حيازة موادها

و أجزائها الباقية من الأخشاب و الأحجار و الآجر و ما شاكل ذلك و يملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 187

(مسألة 710): الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها الموتان و الخراب على أقسام:

1- ما لا يعلم كيفية وقفها أصلًا و أنها وقف خاص أو عام أو أنها وقف على الجهات.

2- ما علم أنها وقف على قوم و لم يبق منهم أثر أو على طائفة لم يعرف منهم سوى الاسم خاصة.

3- ما علم أنها وقف على جهة من الجهات و لكن تلك الجهة غير معلومة أنها مسجد أو مدرسة أو مشهد أو مقبرة أو غير ذلك.

4- ما علم أنها وقف على أشخاص و لكنهم غير معلومين بأشخاصهم و أعيانهم كما إذا علم أن مالكها وقفها على ذريته مع العلم بوجودهم فعلًا.

5- ما علم أنها وقف على جهة معينة أو أشخاص معلومين بأعيانهم.

6- ما علم إجمالًا بأن مالكها قد وقفها و لكن لا يدري أنه وقفها على جهة كمدرسته المعينة أو أنه وقفها على ذريته المعلومين بأعيانهم و لم يكن طريق شرعي لإثبات وقفها على أحد الأمرين.

أما القسم الأول و الثاني الظاهر أنه لا إشكال في جواز إحيائهما لكل أحد و يملكهما المحيي فحالهما من هذه الناحية حال سائر الأراضي الموات.

و أما القسم الثالث فالمشهور جواز إحيائه و لكنه لا يخلو من إشكال فالأحوط لمن يقوم بإحيائه و عمارته بزرع أو نحوه أن يراجع الحاكم الشرعي أو وكيله و يدفع اجرة مثله إليه أو يصرفها في وجوه البر و له أن يشتريه منه أو يستأجره بأُجرة معينة و كذلك الحال في القسم الرابع.

و أما القسم الخامس فيجب على من أحياه و عمره اجرة مثله و يصرفها في الجهة المعينة إذا كان الوقف عليها،

و يدفعها إلى الموقوف عليهم المعينين إذا كان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 188

الوقف عليهم، و يجب أن يكون التصرف بإجازة المتولي أو الموقوف عليهم.

و أما السادس فيجب على من يقوم بعمارته و إحيائه اجرة مثله و يجب صرفها في الجهة المعينة بإجازة من الذرية كما أنه يجب عليه أن يستأذن في تصرفه فيه منهم و من المتولي لتلك الجهة إن كان و إلّا فمن الحاكم الشرعي أو وكيله و إذا لم تُجز الذرية الصرف في تلك الجهة فينتهي الأمر إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه كما يأتي.

(مسألة 711): من أحيا أرضاً مواتاً تبعها حريمها بعد الإحياء

و حريم كل شي ء مقدار ما يتوقف عليه الانتفاع به و لا يجوز لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضا صاحبه.

(مسألة 712): حريم الدار عبارة عن مسلك الدخول إليها و الخروج منها

في الجهة التي يفتح إليها باب الدار و مطرح ترابها و رمادها و مصب مائها و ثلوجها و ما شاكل ذلك.

(مسألة 713): حريم حائط البستان و نحوه مقدار مطرح ترابه و الآلات و الطين

و الجص إذا احتاج إلى الترميم و البناء.

(مسألة 714): حريم النهر مقدار مطرح ترابه و طينه إذا احتاج إلى الإصلاح

و التنقية و المجاز على حافتيه للمواظبة عليه.

(مسألة 715): حريم البئر موضع وقوف النازح إذا كان الاستقاء منها باليد

و موضع تردد البهيمة و الدولاب و الموضع الذي يجتمع فيه الماء للزرع أو نحوه و مصبه و مطرح ما يخرج منها من الطين عند الحاجة و نحو ذلك.

(مسألة 716): حريم العين ما تحتاج إليه في الانتفاع منها

على نحو ما مر في غيرها.

(مسألة 717): حريم القرية ما تحتاج إليه في حفظ مصالحها

و مصالح أهلها من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 189

مجمع ترابها و كناستها و مطرح سمادها و رمادها و مجمع أهاليها لمصالحهم و مسيل مائها و الطرق المسلوكة منها و إليها و مدفن موتاهم و مرعى ماشيتهم و محتطبهم و ما شاكل ذلك كل ذلك بمقدار حاجة أهل القرية بحيث لو زاحم مزاحم لوقعوا في ضيق و حرج و هي تختلف باختلاف سعة القرية و ضيقها و كثرة أهليها و قلتهم و كثرة مواشيها و دوابها و قلتها و هكذا و ليس لذلك ضابط غير ذلك و ليس لأحد أن يزاحم أهاليها في هذه المواضع.

(مسألة 718): حريم المزرعة ما يتوقف عليه الانتفاع منها

و يكون من مرافقها كمسالك الدخول إليها و الخروج منها و محل بيادرها و حظائرها و مجتمع سمادها و نحو ذلك.

(مسألة 719): الأراضي المنسوبة إلى قرى طوائف العرب و العجم و غيرهم

أو بلادهم لمجاورتها لبيوتهم و مساكنهم من دون تملكهم لها بالاحياء باقية على إباحتها الأصلية فلا يجوز لهم منع غيرهم من الانتفاع بها و لا يجوز لهم أخذ الاجرة ممن ينتفع بها و إذا قسموها فيما بينهم لرفع التشاجر و النزاع لا تكون القسمة صحيحة فيجوز لكل من المتقاسمين التصرف فيما يختص بالآخر بحسب القسمة. نعم إذا كانوا يحتاجون إليها لرعي الحيوان أو نحو ذلك كانت من حريم أملاكهم و لا يجوز لغيرهم مزاحمتهم و تعطيل حوائجهم.

(مسألة 720): للبئر حريم آخر و هو أن يكون الفصل بين بئر و بئر اخرى

بمقدار لا يكون في إحداث البئر الثانية ضرر على الاولى من جذب مائها تماماً أو بعضاً أو منع جريانه من عروقها و هذا هو الضابط الكلي في جميع أقسامها.

(مسألة 721): للعين و القناة أيضاً حريم آخر و هو أن يكون الفصل بين عين و عين اخرى

و قناة و قناة ثانية في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع و في الأرض الرخوة ألف ذراع. و لكن الظاهر أن هذا التحديد غالبي حيث إن الغالب يندفع الضرر بهذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 190

المقدار من البعد و ليس تعبدياً. و عليه فلو فرض أن العين الثانية تضر بالاولى و ينقص ماؤها مع هذا البعد فالظاهر عدم جواز إحداثها و لا بد من زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو يرضى به مالك الاولى كما أنه لو فرض عدم لزوم الضرر عليها في إحداث قناة اخرى في أقل من هذا البعد فالظاهر جوازه بلا حاجة إلى الإذن من صاحب القناة الاولى. و لا فرق في ذلك بين إحداث قناة في الموات و بين إحداثها في ملكه فكما يعتبر في الأول أن لا يكون مضراً بالاولى فكذلك في الثاني و أما حفر البئر في ملكه فلا بأس بذلك فيما إذا كان أمراً متعارفاً كما هو الحال في حفر الآبار في الأراضي الزراعية. كما أن الأمر كذلك في الآبار و الأنهار التي تكون مجاري للماء فيجوز إحداث بئر يجري فيها الماء من منبعها قرب بئر اخرى كذلك. و كذلك إحداث نهر قرب آخر و ليس لمالك الأول منعه إلّا إذا استلزم ضرراً فعندئذ يجوز منعه.

(مسألة 722): يجوز إحياء الموات التي في أطراف القنوات و الآبار في غير المقدار الذي يتوقف عليه الانتفاع منها

فإن اعتبار البعد المذكور في القنوات و الآبار إنما هو بالإضافة إلى إحداث قناة أو بئر اخرى فقط.

(مسألة 723): إذا لم تكن الموات من حريم العامر و مرافقه على النحو المتقدم

جاز إحياؤها لكل أحد و إن كانت بقرب العامر و لا تختص بمن يملك العامر و لا أولوية له.

(مسألة 724): الظاهر أن الحريم مطلقاً ليس ملكاً لمالك ما له الحريم

سواء أ كان حريم قناة أو بئر أو قرية أو بستان أو دار أو نهر أو غير ذلك و إنما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار أنه من متعلقات حقه.

(مسألة 725): لا حريم للأملاك المتجاورة

مثلًا لو بنى المالكان المتجاوران حائطاً في البين لم يكن له حريم من الجانبين و كذا لو بنى أحدهما في نهاية ملكه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 191

حائطاً أو غيره لم يكن له حريم في ملك الآخر.

(مسألة 726): يجوز لكل مالك أن يتصرف في ملكه بما شاء ما لم يستلزم ضرراً

على جاره و إلّا فالظاهر عدم جوازه كما إذا تصرف في ملكه على نحو يوجب خللًا في حيطان دار جاره أو حبس ماء في ملكه بحيث تسري الرطوبة إلى بناء جاره أو أحدث بالوعة أو كنيفاً بقرب بئر الجار فأوجب فساد مائها، و أما حفر بئرٍ بقرب بئر جاره توجب نقصان مائها فقد تقدم أنه لا بأس به فيما إذا كان أمراً متعارفاً. و الظاهر عدم الفرق بين أن يكون النقص مستنداً إلى جذب البئر الثانية ماء الاولى و أن يكون مستنداً إلى كون الثانية أعمق من الاولى. نعم، لا مانع من تعلية البناء و إن كانت مانعة عن الاستفادة من الشمس أو الهواء.

(مسألة 727): إذا لزم من تصرفه في ملكه ضرر معتد به على جاره

و لم يكن مثل هذا الضرر أمراً متعارفاً فيما بين الجيران لم يجز له التصرف فيه و لو تصرف وجب عليه رفعه. هذا إذا لم يكن في ترك التصرف ضرر على المالك، و أما إذا كان في تركه ضرر عليه ففي جواز تصرفه عندئذ و عدمه وجهان و الاحتياط في ترك التصرف لا يترك. كما أن الأحوط إن لم يكن أقوى ضمانه للضرر الوارد على جاره إذا كان مستنداً إليه عرفاً مثلًا لو حفر بالوعة في داره تضر ببئر جاره وجب عليه طمّها إلّا إذا كان فيه ضرر على المالك و عندئذ ففي وجوب طمها و عدمه إشكال و الاحتياط لا يترك. نعم، الظاهر عدم جريان هذا الحكم لو كان حفر البئر متأخراً عن حفر البالوعة.

(مسألة 728): قيل: من سبق من المؤمنين إلى أرض ذات أشجار و قابلة للانتفاع بها ملكها

و لا يتحقق السبق إليها إلّا بالاستيلاء عليها و صيرورتها تحت سلطانه و خروجها من إمكان استيلاء غيره عليها و لكن حصول الملك في مثل الغابات محل تأمل بل منع. و إنما الثابت تملك الموات بالإحياء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 192

(مسألة 729): قد حُثَّ في الروايات الكثيرة على رعاية الجار و حسن المعاشرة

مع الجيران و كف الأذى عنهم و حرمة إيذائهم، و قد ورد في بعض الروايات أن الجار كالنفس و أن حرمته كحرمة امه، و في بعضها الآخر أن حسن الجوار يزيد في الرزق و يعمر الديار و يزيد في الأعمار، و في الثالث: من كف أذاه عن جاره أقال اللّٰه عثرته يوم القيامة، و في الرابع: ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره، و غيرها مما قد أكد الوصية بالجار و تشديد الأمر فيه.

(مسألة 730): يستحب للجار الإذن في وضع خشب جاره على حائطه مع الحاجة

و لو أذن جاز له الرجوع قبل البناء عليه و كذا بعد البناء إذا لم يضر الرفع بل لا يبعد الجواز مع الإضرار ايضاً نعم لو كان الإذن في ضمن إنشاء الصلح و لو بلا عوض فلا يجوز له الرجوع مطلقاً.

(مسألة 731): لو تداعيا جداراً لا يد لأحدهما عليه فهو للحالف منهما

مع نكول الآخر و لو حلفا أو نكلا فهو لهما و لو اتصل ببناء أحدهما دون الآخر أو كان له عليه طرح فهو له مع اليمين.

(مسألة 732): إذا اختلف مالك العلو و مالك السفل كان القول قول مالك السفل

في جدران البيت و قول مالك العلو في جدران الغرفة و الدرجة و في اختصاص أصل السقف من البيت بمالك العلو تأمل خصوصاً فيما كان بنحو الأرج و لا يبعد أن يكون قولهما فيه من قبيل دعوى كل من الشخصين في مال بيدهما و أما المخزن تحت الدرجة فلا يبعد كونه لمالك السفل و طريق العلو في الصحن بينهما و الباقي للأسفل.

(مسألة 733): يجوز للجار عطف أغصان شجر جاره عن ملكه إذا تدلت عليه

فإن تعذر عطفها قطعها بإذن مالكها فإن امتنع أجبره الحاكم الشرعي، هذا فيما إذا ادّعى أن له الحق في تدلّي الأغصان و إلّا فالأظهر جواز قطع الجار مع عدم إمكان

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 193

عطفها و امتناع المالك عن قطعها كما هو الفرض لعدم احترامها للجار.

(مسألة 734): راكب الدابة أولى بها من قابض لجامها

و المراد بالأولى اعتباره منكراً في مقام المنازعة و مالكاً في غيره فيجوز شراؤها منه و مالك الأسفل أولى بالغرفة المفتوح بابها إلى الجار من الجار مع التنازع و اليمين و عدم البينة.

(مسألة 735): يعتبر في تملك الموات أن لا تكون مسبوقة بالتحجير

من غيره و لو أحياها بدون إذن المحجر لم يملكها و يتحقق التحجير بكل ما يدل على إرادة الإحياء كوضع الأحجار في أطرافها أو حفر أساس أو حفر بئر من آبار القناة الدارسة الخربة فإنه تحجير بالإضافة إلى بقية آبار القناة بل هو تحجير أيضاً بالإضافة إلى الأراضي الموات التي تسقى بمائها بعد جريانه فلا يجوز لغيره إحياؤها.

(مسألة 736): لو حفر بئراً في الموات بالأصل لإحداث قناة فيها فالظاهر أنه تحجير بالإضافة إلى أصل القناة

و بالإضافة إلى الأراضي الموات التي يصل إليها ماؤها بعد تمامها و ليس لغيره إحياء تلك الأراضي.

(مسألة 737): الأظهر أنّ حق التحجير كحق السرقفلية نوع حق قابل للنقل

إلى الغير و يتعلّق بالأرض المحجرة.

(مسألة 738): يعتبر في كون التحجير مانعاً تمكن المحجر من القيام بعمارته

و إحيائه فإن لم يتمكن من إحياء ما حجره لمانع من الموانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الأسباب المتوقف عليها الإحياء جاز لغيره إحياؤه، هذا فيما عدّ ترك عمارة الأرض تعطيلًا لها من استثمارها كالأراضي الصالحة للزراعة و غرس الأشجار و أما لو لم تكن الأرض صالحة إلّا لبناء المسكن فالتحجير و لو لاحتمال تمكّنه من إحيائها مستقبلًا لسكناه كافٍ في ثبوت الحق له على الأظهر.

(مسألة 739): لو حجر زائداً على ما يقدر على إحيائه

لا أثر لتحجيره بالإضافة إلى المقدار الزائد.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 194

(مسألة 740): لو حجر الموات من كان عاجزاً عن إحيائها

ليس له نقلها إلى غيره بصلح أو هبة أو بيع أو نحو ذلك.

(مسألة 741): لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة

بل يجوز أن يكون بالتوكيل و الاستيجار و عليه فالحق الحاصل بسبب عملهما للموكل و المستأجر لا للوكيل و الأجير.

(مسألة 742): إذا وقع التحجير عن شخص نيابة عن غيره ثمّ أجاز النيابة

فهل يثبت الحق للمنوب عنه أو لا وجهان لا يبعد عدم الثبوت.

(مسألة 743): إذا انمحت آثار التحجير فإن كان من جهة إهمال المحجر بطل حقه

و جاز لغيره إحياؤه و إذا لم يكن من جهة إهماله و تسامحه و كان زوالها بدون اختياره كما إذا أزالها عاصف و نحوه فلا يبطل حقه.

(مسألة 744): اللازم على المحجر أن يشتغل بالعمارة و الإحياء عقيب التحجير

فلو أهمل و ترك الإحياء و طالت المدة ففي جواز إحيائه لغيره بدون إذنه إشكال فالأحوط أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي مع بسط يده أو وكيله فيلزم المحجر بأحد أمرين إما الإحياء أو رفع اليد عنه. نعم، إذا أبدى عذراً مقبولًا يمهل بمقدار زوال عذره فإذا اشتغل بعده بالتعمير و نحوه فهو و إلّا بطل حقه و جاز لغيره إحياؤه، و إذا لم يكن الحاكم موجوداً فالظاهر سقوط حق المحجر إذا أهمل بمقدار يعد عرفاً تعطيلًا له و الأحوط الأولى مراعاة حقه إلى ثلاث سنين.

(مسألة 745): الظاهر أنه لا يعتبر في التملك بالإحياء قصد التملك

بل يكفي قصد الإحياء و الانتفاع به بنفسه أومن هو بمنزلته فلو حفر بئراً في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته ملكها و لكن إذا ارتحل و أعرض عنها فهي مباحة للجميع.

(مسألة 746): لا بد في صدق إحياء الموات من العمل فيه إلى حد يصدق عليه أحد العناوين العامرة

كالدار و البستان و المزرعة و الحظيرة و البئر و القناة و النهر و ما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 195

شاكل ذلك و لذلك يختلف ما اعتبر في الإحياء باختلاف العمارة فما اعتبر في إحياء البستان و المزرعة و نحوهما غير ما معتبر في إحياء الدار و ما شاكلها، و عليه فحصول الملك تابع لصدق أحد هذه العناوين و يدور مداره وجوداً و عدماً و عند الشك في حصوله يحكم بعدمه.

(مسألة 747): الإعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته

، نعم إذا سبق إليه من تملكه ملكه و إلّا فهو يبقى على ملك مالكه فإذا مات فهو لوارثه، و لا يجوز التصرف فيه إلّا باذنه أو إعراضه عنه هذا في المنقولات، و أما غيرها كالآبار و الأراضي و البساتين فلا يدخل بعد إعراض المالك في ملك أحدٍ بالسبق إليه و إنما يكون للسابق حق السبق فلا يجوز مزاحمته نعم إذا صارت الأرض مواتاً فيملكها من أحياها كسائر الأراضي الموات.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 197

كتاب المشتركات

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 199

المراد بالمشتركات: الطرق و الشوارع و المساجد و المدارس و الربط و المياه و المعادن.

(مسألة 748): الطرق على قسمين نافذ و غير نافذ

، أما الأول فهو الطريق المسمى بالشارع العام و الناس فيه شرع سواء، و لا يجوز التصرف لأحد فيه بإحياء أو نحوه، و لا في أرضه ببناء حائط أو حفر بئر أو نهر أو مزرعة أو غرس أشجار و نحو ذلك، و إن لم يكن مضراً بالمارة. و أما حفر بالوعة فيه ليجتمع فيها ماء المطر و نحوه فلا إشكال في جوازه، لكونها من مصالحه و مرافقه. و كذا لا بأس بحفر سرداب تحته إذا أحكم أساسه و سقفه. كما أنه لا بأس بالتصرف في فضائه بإخراج روشن أو جناح أو فتح باب أو نصب ميزاب أو غير ذلك. و الضابط أن كل تصرف في فضائه لا يكون مضراً بالمارة جائز.

(مسألة 749): لو أحدث جناحاً على الشارع العام ثمّ انهدم أو هدم

فإن كان من قصده تجديده ثانياً، فالظاهر أنه لا يجوز للطرف الآخر إشغال ذلك الفضاء، و إن لم يكن من قصده تجديده جاز له ذلك.

(مسألة 750): الطريق الذي لا يسلك منه إلى طريق آخر أو أرض مباحة لكونه محاطاً بالدور من جوانبه الثلاثة

، و هو المسمى بالسكة المرفوعة و الدريبة، فهو ملك لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه، دون كل من كان حائط داره إليه، و هو مشترك بينهم من صدره إلى ساقه، و حكمه حكم سائر الأموال المشتركة، فلا يجوز لكل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 200

واحد منهم التصرف فيه بدون إذن الآخرين نعم يجوز لكل منهم فتح باب آخر وسد الباب الأول.

(مسألة 751): لا يجوز لمن كان حائط داره إلى الدريبة فتح باب إليها للاستطراق

إلّا بإذن أربابها. نعم له فتح ثقبة و شباك إليها، و أما فتح باب لا للاستطراق، بل لمجرد دخول الهواء أو الاستضاءة، فلا يخلو عن إشكال.

(مسألة 752): يجوز لكل من أصحاب الدريبة الجلوس فيها و الاستطراق

و التردد منها إلى داره بنفسه و عائلته و دوابه، و كل ما يتعلق بشئونه من دون إذن باقي الشركاء، و إن كان فيهم القصر، و من دون رعاية المساواة معهم.

(مسألة 753): يجوز لكل أحد الانتفاع من الشوارع و الطرق العامة كالجلوس

أو النوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أو نحو ذلك، ما لم يكن مزاحماً للمستطرقين، و ليس لأحد منعه عن ذلك و إزعاجه، كما أنه ليس لأحد مزاحمته في قدر ما يحتاج إليه لوضع متاعه و وقوف المعاملين و نحو ذلك.

(مسألة 754): إذا جلس أحد في موضع من الطريق ثمّ قام عنه

، فإن كان جلوسه جلوس استراحة و نحوها بطل حقه، و إن كان لحرفة و نحوها فإن كان قيامه بعد استيفاء غرضه أو أنه لا ينوي العود بطل حقه أيضاً فلو جلس في محله غيره لم يكن له منعه.

و إن كان قيامه قبل استيفاء غرضه و كان ناوياً للعود فعندئذ إن بقي منه فيه متاع أو رحل أو بساط فالظاهر بقاء حقه. و إن لم يبق منه شي ء فبقاء حقه لا يخلو عن إشكال و الاحتياط لا يترك فيما إذا كان في يوم واحد، و أما إذا كان في يوم آخر فالظاهر أنه لا إشكال في أن الثاني أحق به من الأول.

(مسألة 755): يتحقق الشارع العام بامور:

الأول: كثرة الاستطراق و التردد و مرور القوافل في الأرض الموات.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 201

الثاني: جعل الإنسان ملكه شارعاً و تسبيله تسبيلًا دائمياً لسلوك عامة الناس، فإنه بسلوك بعض الناس يصير طريقاً و ليس للمسبل الرجوع بعد ذلك.

الثالث: إحياء جماعة أرضاً مواتاً و تركهم طريقاً نافذاً بين الدور و المساكن.

(مسألة 756): لو كان الشارع العام واقعاً بين الأملاك فلا حد له

، كما إذا كانت قطعة أرض موات بين الأملاك عرضها ثلاثة أذرع أو أقل أو أكثر، و استطرقها الناس حتى أصبحت جادة فلا يجب على الملاك توسيعها و إن تضيقت على المارة. و كذا الحال فيما لو سبل شخص في وسط ملكه أو من طرف ملكه المجاور لملك غيره مقداراً لعبور الناس.

(مسألة 757): إذا كان الشارع العام واقعاً بين الموات بكلا طرفيه أو أحد طرفيه

فقيل لا يجوز إحياء ذلك الموات بمقدار يوجب نقص الشارع عن خمسة أذرع، فإن ذلك حد الطريق المعين من قبل الشرع، بل الأفضل أن يكون سبعة أذرع و عليه فلو كان الإحياء إلى حد لا يبقى للطريق خمسة أذرع وجب عليه هدمه. نعم لو أحيا شخص من أحد طرفيه، ثمّ أحيا آخر من طرفه الآخر بمقدار يوجب نقصه عن حده لزم على الثاني هدمه دون الأول، و لكن هذا التحديد ظاهره التحديد بلحاظ حاجة الناس بحسب الغالب في ذلك الزمان فالمعيار لحاظ حاجة المارّة و لو لم يكن هذا المقدار كافياً كما في مثل عصرنا الحاضر فاللازم رعايتها و تعيين ذلك موكول إلى أهل الخبرة.

(مسألة 758): إذا انقطعت المارة عن الطريق إما لعدم المقتضي أو لوجود المانع،

زال حكمه، بل ارتفع موضوعه و عنوانه، و عليه فيجوز لكل أحد إحياؤه.

(مسألة 759): إذا زاد عرض الطريق عن خمسة أذرع، فإن كان مسبلًا فلا يجوز لأحد إحياء ما زاد عليها و تملكه

. و أما إذا كان غير مسبل فإن كان الزائد مورداً للحاجة لكثرة المارة، فلا يجوز ذلك أيضاً، و إلّا فلا مانع منه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 202

(مسألة 760): يجوز لكل مسلم أن يتعبد و يصلي في المسجد

، و جميع المسلمين فيه شرع سواء، و لا يجوز لأحد أن يزاحم الآخر فيه إذا كان الآخر سابقاً عليه، لكن الظاهر تقدم الصلاة على غيرها، فلو أراد أحد أن يصلي فيه جماعة أو فرادى، فلا يجوز لغيره أن يزاحمه و لو كان سابقاً عليه كما إذا كان جالساً فيه لقراءة القرآن أو الدعاء أو التدريس بل يجب عليه تخلية ذلك المكان للمصلي. و لا يبعد أن يكون الحكم كذلك حتى لو كان اختيار المصلي هذا المكان اقتراحاً منه، فلو اختار المصلي مكاناً مشغولًا بغير الصلاة و لو اقتراحاً، يشكل مزاحمته بفعل غير الصلاة و إن كان سابقاً عليه هذا إذا كان لذلك الموضع خصوصية و لو بحسب الفضاء و إلّا فلا مزاحمة في البين.

(مسألة 761): من سبق إلى مكان للصلاة فيه منفرداً فليس لمريد الصلاة فيه جماعة منعه

و إزعاجه، و إن كان الأولى للمنفرد حينئذ أن يخلي المكان للجامع إذا وجد مكاناً آخر فارغاً لصلاته، و لا يكون منّاعاً للخير.

(مسألة 762): إذا قام الجالس من المسجد و فارق المكان، فإن أعرض عنه بطل حقه

، و لو عاد إليه و قد أخذه غيره، فليس له منعه و إزعاجه. و أما إذا كان ناوياً للعود فإن بقي رحله فيه بقي حقه بلا إشكال و إن لم يبق ففي بقاء حقه إشكال فالأحوط مراعاة حقه، و لا سيما إذا كان خروجه لضرورة، كتجديد الطهارة أو نحوه.

(مسألة 763): في كفاية وضع الرحل في ثبوت الأولوية إشكال

و الاحتياط لا يترك. هذا إذا لم يكن بين وضع الرحل و مجيئه طول زمان بحيث يستلزم تعطيل المكان، و إلّا فإذا كان الرحل ممّا يُصلّى عليه فالظاهر جواز الصلاة عليه بل رفعه في الفرض لا يخلو عن الإشكال.

و هل يضمنه برفعه أم لا؟ وجهان الظاهر عدم الضمان، إذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول إلى حقه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 203

(مسألة 764): المشاهد المشرفة كالمساجد في تمام ما ذكر من الأحكام

، و لكن في تقدّم الصلاة على الزيارة و نحوها تأمّل.

(مسألة 765): جواز السكنى في المدارس لطالب العلم و عدمه تابعان لكيفية وقف الواقف

، فإذا خصها الواقف بطائفة خاصة كالعرب أو العجم، أو بصنف خاص كطالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه أو الكلام مثلًا، فلا يجوز لغير هذه الطائفة أو الصنف السكنى فيها. و أما بالنسبة إلى مستحقي السكنى بها فهي كالمساجد، فمن حاز غرفة و سكنها فهو أحق بها، و لا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها و إن طالت المدة، إلّا إذا اشترط الواقف مدة خاصة كخمس سنين مثلًا، فعندئذ يلزمه الخروج بعد انقضاء تلك المدة بلا مهلة.

(مسألة 766): إذا اشترط الواقف اتصاف ساكنها بصفة خاصة، كأن لا يكون معيلًا

، أو يكون مشغولًا بالتدريس أو بالتحصيل، فإذا تزوج أو طرأ عليه العجز لزمه الخروج منها. و الضابط أن حق السكنى- حدوثاً و بقاءً تابع لوقف الواقف بتمام شرائطه، فلا يجوز السكنى لفاقدها حدوثاً أو بقاءً.

(مسألة 767): لا يبطل حق السكنى لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية

من المأكول و المشروب و الملبس و ما شاكل ذلك، كما لا يبطل بالخروج منها للسفر يوماً أو يومين أو أكثر و كذلك الأسفار المتعارفة التي تشغل مدة من الزمن كالشهر أو الشهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر، كالسفر إلى الحج أو الزيارة، أو لملاقاة الأقرباء أو نحو ذلك مع نية العود و بقاء رحله و متاعه، فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف. نعم لا بد من صدق عنوان ساكن المدرسة عليه، فإن كانت المدة طويلة بحيث توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقه.

(مسألة 768): إذا اعتبر الواقف البيتوتة في المدرسة في ليالي التحصيل خاصة

أو في جميع الليالي لم يجز لمن يبيت في غيرها أن يسكنها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 204

(مسألة 769): لا يجوز للساكن في غرفة منع غيره عن مشاركته

إلّا إذا كانت الحجرة حسب الوقف أو بمقتضى قابليتها معدة لسكنى طالب واحد.

(مسألة 770): الرُّبُطُ و هي المساكن المعدة لسكنى الفقراء أو الغرباء كالمدارس

في جميع ما ذكر.

(مسألة 771): مياه الشطوط و الأنهار الكبار كدجلة و الفرات. و ما شاكلهما

، أو الصغار التي جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج و كذا العيون المتفجرة من الجبال أو في أراضي الموات و غير ذلك من المشتركات.

(مسألة 772): كل ما جرى بنفسه أو اجتمع بنفسه في مكان بلا يد خارجية عليه فهو من المباحات الأصلية

فمن حازه بإناء أو غيره ملكه من دون فرق بين المسلم و الكافر في ذلك.

(مسألة 773): مياه الآبار و العيون و القنوات التي جرت بالحفر لا بنفسها

، ملك للحافر، فلا يجوز لأحد التصرف فيها بدون إذن مالكها.

(مسألة 774): إذا شق نهراً من ماء مباح سواء أ كان بحفره في أرض مملوكة له

أو بحفره في الموات بقصد إحيائه نهراً ملك ما يدخل فيه من الماء.

(مسألة 775): إذا كان النهر لأشخاص متعددين، ملك كل منهم بمقدار حصته

من النهر، فإن كانت حصة كل منهم من النهر بالسوية اشتركوا في الماء بالسوية و إن كانت بالتفاوت ملكوا الماء بتلك النسبة، و لا تتبع نسبة استحقاق الماء نسبة استحقاق الأراضي التي تسقى منه.

(مسألة 776): الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الأموال

المشتركة، فلا يجوز لكل واحد من الشركاء التصرف فيه بدون إذن الباقين. و عليه فإن أباح كل منهم لسائر شركائه أن يقضي حاجته منه في كل وقت و زمان و بأي مقدار شاء، جاز له ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 205

(مسألة 777): إذا وقع بين الشركاء تعاسر و تشاجر فإن تراضوا بالتناوب

و المهاياة بالأيام أو الساعات فهو، و إلّا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالأجزاء بأن توضع في فم النهر حديدة مثلًا ذات ثقوب متعددة متساوية و يجعل لكل منهم من الثقوب بمقدار حصته. فإن كانت حصة أحدهم سدساً و الآخر ثلثاً و الثالث نصفاً، فلصاحب السدس ثقب واحد، و لصاحب الثلث ثقبان و لصاحب النصف ثلاثة ثقوب فالمجموع ستة.

(مسألة 778): القسمة بحسب الأجزاء لازمة

. و الظاهر أنها قسمة إجبار، فإذا طلبها أحد الشركاء أجبر الممتنع منهم عليها. و أما القسمة بالمهاياة و التناوب، فهي ليست بلازمة، فيجوز لكل منهم الرجوع عنها، نعم الظاهر عدم جواز رجوع من استوفى تمام نوبته دون الآخر.

(مسألة 779): إذا اجتمع جماعة على ماء مباح من عين أو واد أو نهر أو نحو ذلك،

كان للجميع حق السقي منه، و ليس لأحد منهم شق نهر فوقها ليقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج الباقين. و عندئذ فإن كفى الماء للجميع من دون مزاحمة فهو، و إلّا قدم الأسبق فالأسبق في الإحياء إن كان و علم السابق، و إلّا قدم الأعلى فالأعلى و الأقرب فالأقرب إلى فوهة العين أو أصل النهر، و كذا الحال في الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط، فإن كفى الماء للجميع، و إلّا قدم الأسبق فالأسبق أي: من كان شق نهره أسبق من شق نهر الآخر. و هكذا إن كان هناك سابق و لاحق و إلّا فيقبض الأعلى بمقدار ما يحتاج إليه، ثمّ ما يليه و هكذا.

(مسألة 780): تنقية النهر المشترك و إصلاحه و نحوهما على الجميع بنسبة ملكهم

إذا كانوا مقدمين على ذلك باختيارهم و أما إذا لم يقدم عليها إلّا البعض لم يجبر الممتنع. كما أنه ليس للمقدمين مطالبته بحصته من المؤنة إلّا إذا كان إقدامهم بالتماس منه و تعهده ببذل حصته.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 206

(مسألة 781): إذا كان النهر مشتركاً بين القاصر و غيره

، و كان إقدام غير القاصر متوقفاً على مشاركة القاصر إما لعدم اقتداره بدونه، أو لغير ذلك، وجب على ولي القاصر مراعاة لمصلحته مشاركته في الإحياء و التعمير و بذل المؤنة من مال القاصر بمقدار حصته.

(مسألة 782): يحبس النهر للأعلى إلى الكعب في النخل

، و في الزرع إلى الشرك، ثمّ كذلك لمن هو دونه، و ليس لصاحب النهر تحويله على الأحوط إلّا بإذن صاحب الرحى المنصوبة عليه بإذنه، و كذا غير الرحى أيضاً من الأشجار المغروسة على حافتيه و غيرها و ليس لأحد أن يحمي المرعى و يمنع غيره عن رعي مواشيه إلّا أن يكون المرعى ملكاً له أو كان من حريم ضيعته أو مزرعته و كان بمقدار حاجته فيجوز له أن يحميه حينئذ.

(مسألة 783): المعادن على نوعين:

الأول: المعادن الظاهرة، و هي الموجودة على سطح الأرض، فلا يحتاج استخراجها إلى مئونة عمل خارجي، و ذلك كالملح و القير و الكبريت و المومياء و الفيروزج و ما شاكل ذلك.

الثاني: المعادن الباطنة و هي التي يتوقف استخراجها على الحفر و العمل، و ذلك كالذهب و الفضة.

أما الاولى فهي تملك بالحيازة، فمن حاز منها شيئاً ملك قليلًا كان أو كثيراً، و بقي الباقي على الاشتراك، نعم إذا سبق على غيره ببعض العمل اللازم قبل الحيازة ككنس التراب عن وجه الملح ففي جواز تملك الغير بالحيازة إشكال.

و أما الثانية فهي تملك بالإحياء بعد الوصول إليها و ظهورها، و أما إذا حفر، و لم يبلغ نيلها، فهو يفيد فائدة التحجير.

(مسألة 784): إذا شرع في إحياء معدن ثمّ أهمله و عطله، أجبره الحاكم

أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 207

وكيله على إتمام العمل أو رفع يده عنه. و لو أبدى عذراً أمهله إلى أن يزول عذره ثمّ يلزمه على أحد الأمرين.

(مسألة 785): المعادن الباطنة إنما تملك بإحياء الأرض إذا عدت عرفاً

من توابع الأرض و ملحقاتها، و أما إذا لم تعد منها كمعادن النفط المحتاجة إلى حفر زائد للوصول إليها أو ما شاكلها، فلا تتبع الأرض و لا تملك بإحيائها و أمّا المقدار المستخرج فإنه يملكه.

(مسألة 786): لو قال المالك اعمل و لك نصف الخارج من المعدن

فإن كان بعنوان الإجارة بطل، و في صحته بعنوان الجعالة إشكال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 209

كتاب الدين و القرض

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 211

(مسألة 787): لا تعتبر الصيغة في القرض

، فلو دفع مالًا إلى أحد بقصد القرض و أخذه المدفوع له بهذا القصد صح القرض.

(مسألة 788): يكره الدين مع القدرة

، و لو استدان، وجبت نية القضاء و لو مع عدم التمكن فينوي الأداء لو اتّفق، و الإقراض أفضل من الصدقة.

(مسألة 789): يعتبر في القرض أن يكون المال عيناً

، فلو كان ديناً أو منفعة لم يصح القرض. نعم يصح إقراض الكلي في المعين، كإقراض درهم من درهمين خارجيين و كذا الكلي في الذمّة بأن يوقع العقد عليه و إن كان إقباضه لا يكون إلّا بدفع عين شخصية.

(مسألة 790): يعتبر في القرض أن يكون المال مما يصح تملكه

، فلا يصح إقراض الخمر و الخنزير و لا يعتبر فيه تعيين مقداره و أوصافه و خصوصياته التي تختلف المالية باختلافها، سواء أ كان مثلياً أم قيمياً. نعم على المقترض تحصيل العلم بمقداره و أوصافه مقدمة لأدائه و هذا أجنبي عن اعتباره في صحة القرض هذا في قرض العين الشخصية أو الكلي في المعيّن و أمّا في الكلي في الذمة فلا بُدّ من تعيين مقداره و أوصافه الدخيلة في المالية.

(مسألة 791): يعتبر في القرض القبض

، فلا يملك المستقرض المال المقترض إلّا بعد قبضه.

(مسألة 792): إذا كان المال المقترض مثلياً كالحنطة و الشعير و الذهب و الفضة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 212

و نحوها ثبت في ذمة المقترض مثل ما اقترض، و عليه أداء المثل سواء أبقي على سعره وقت الأداء أو زاد أو تنزل، و ليس للمقرض مطالبة المقترض بالقيمة، نعم يجوز الأداء بها مع التراضي. و العبرة عندئذ بالقيمة وقت الأداء كما أنّه إذا أعوز المثل كان عليه قيمته يوم الأداء. و إذا كان قيمياً ثبتت في ذمته قيمته وقت القرض و لو اختلفت القيمة في القيمي.

(مسألة 793): إذا أقرض إنسان عيناً، و قبضها المقترض، فرجع المقرض

و طالب بالعين لا تجب إعادة العين على المقترض.

(مسألة 794): لا يتأجل الدين الحال إلّا باشتراطه في ضمن عقد لازم

، و يصح تعجيل المؤجل بإسقاط بعضه، و لا يصح تأجيل الحال بإضافة شي ء.

(مسألة 795): ليس للدائن الامتناع عن قبض الدين من المدين

في أي وقت كان إذا كان الدين حالًّا، و أما إذا كان مؤجّلًا فكذلك بعد حلوله. و أما قبل حلوله فهل للدائن حق الامتناع من قبوله؟ فيه وجهان: الظاهر أنه ليس له ذلك إلّا إذا علم من الخارج أن التأجيل حق للدائن أيضاً بأن تكون عند الاقتراض قرينة على أن شرط الأجل حقّ للدائن على المدين أيضاً.

(مسألة 796): يحرم اشتراط زيادة في القدر أو الصفة على المقترض

، لكن الظاهر أن القرض لا يبطل بذلك، بل يبطل الشرط فقط، و يحرم أخذ الزيادة، فلو أخذ الحنطة مثلًا بالقرض الربوي فزرعها جاز له التصرف في حاصله، و كذا الحال فيما إذا أخذ مالًا بالقرض الربوي، ثمّ اشترى به ثوباً. نعم لو اشترى شيئاً بعين الزيادة التي أخذها في القرض لم يجز التصرف فيه.

(مسألة 797): لا فرق في حرمة اشتراط الزيادة بين أن تكون الزيادة راجعة إلى المقرض و غيره

، فلو قال: أقرضتك ديناراً بشرط أن تهب زيداً، أو تصرف في المسجد أو المأتم درهماً لم يصح، و كذا إذا اشترط أن يعمر المسجد أو يقيم المأتم أو نحو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 213

ذلك مما لوحظ فيه المال فإنه يحرم، و يجوز قبولها مطلقاً من غير شرط كما يجوز اشتراط ما هو واجب على المقترض، مثل أقرضتك بشرط أن تؤدي زكاتك أو دينك مما كان مالًا لازم الأداء، و كذا اشتراط ما لم يلحظ فيه المال، مثل أن تدعو لي أو تدعو لزيد أو تصلي أنت أو تصوم من غير فرق بين أن ترجع فائدته للمقرض أو المقترض و غيرهما، فالمدار في المنع ما لوحظ فيه المال و لم يكن ثابتاً بغير القرض، فيجوز شرط غير ذلك، و لو شرط موضع التسليم لزم و كذا إذا اشترط الرهن، و لو شرط تأجيله في عقد لازم صح و لزم الأجل، بل الظاهر جواز اشتراط الأجل في عقد القرض نفسه، فلا يحق للدائن حينئذ المطالبة قبله.

(مسألة 798): لو أقرضه شيئاً و شرط عليه أن يبيع منه شيئاً بأقل من قيمته

أو يؤجره بأقل من اجرته دخل في شرط الزيادة، فلا يجوز. و أما إذا باع المقترض المقرض شيئاً بأقل من قيمته أو اشترى منه شيئاً بأكثر من قيمته و شرط عليه أن يقرضه مبلغاً من المال جاز، و لم يدخل في القرض الربوي.

(مسألة 799): يجوز للمقرض أن يشترط على المقترض في قرض المثلي أن يؤديه من غير جنسه

، بأن يؤدي بدل الدراهم دنانير و بالعكس و يلزم عليه هذا الشرط إذا كانا متساويين في القيمة، أو كان ما شرط عليه أقل قيمة مما اقترضه.

(مسألة 800): إنما يحرم شرط الزيادة للمقرض على المقترض

، و أما إذا شرطها للمقترض فلا بأس به، كما إذا أقرضه عشرة دنانير على أن يؤدي تسعة دنانير، كما لا بأس أن يشترط المقترض على المقرض شيئاً له.

(مسألة 801): يجب على المدين أداء الدين فوراً عند مطالبة الدائن

إن قدر عليه و لو ببيع سلعته و متاعه أو عقاره أو مطالبة غريمه أو استقراضه إذا لم يكن حرجياً عليه أو إجارة أملاكه. و أما إذا لم يقدر عليه بذلك فهل يجب عليه التكسب اللائق بحاله و الأداء منه؟ الأحوط ذلك. نعم، يستثنى من ذلك بيع دار سكناه و ثيابه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 214

المحتاج إليها و لو للتجمّل و خادمه و نحو ذلك، مما يحتاج إليه و لو بحسب حاله و شئونه. و الضابط هو كل ما احتاج إليه بحسب حاله و شرفه، و كان بحيث لولاه لوقع في عسر و شدة أو حزازة و منقصة. و لا فرق في استثناء هذه الأشياء بين الواحد و المتعدد، فلو كانت عنده دور متعددة و احتاج إلى كل منها لسكناه و لو بحسب حاله و شرفه لم يبع شيئاً منها، و كذلك الحال في الخادم و نحوه. نعم إذا لم يحتج إلى بعضها وجب عليه بيع الزائد و كذلك على الأحوط لو كانت داره أزيد مما يحتاج إليه. ثمّ إن المقصود من كون الدار و نحوها من مستثنيات الدين أنه لا يجبر على بيعها لأدائه و لا يجب عليه ذلك. و أما لو رضي هو بذلك و قضى به دينه جاز للدائن أخذه و إن كان ينبغي له أن لا يرضى ببيع داره.

(مسألة 802): لو كانت عنده دار موقوفة عليه لم يسكنها فعلًا، و لكنها كافية لسكناه

، و له دار مملوكة، فإن لم تكن في سكناه في الدار الموقوفة أية حزازة و منقصة، فالأحوط أن يبيع داره المملوكة لأداء دينه نعم لو كان قد سكن الدار الموقوفة قبل حلول الدين وجب عليه بيع داره المملوكة.

(مسألة 803): لو كانت عنده بضاعة أو عقار زائدة على مستثنيات الدين

و لكنها لا تباع إلّا بأقل من قيمتها السوقية، وجب عليه بيعها بالأقل لأداء دينه. نعم، إذا كان التفاوت بين القيمتين بمقدار لا يتحمل عادة و لا يصدق عليه اليسر في هذه الحال لم يجب.

(مسألة 804): يجوز التبرع بأداء دين الغير، سواء أ كان حيا أم كان ميتاً

و تبرأ ذمته به، و لا فرق في ذلك بين أن يكون التبرع به بإذن المدين أو بدونه بل و إن منعه المدين عن ذلك.

(مسألة 805): لا يتعين الدين فيما عينه المدين

، و إنما يتعين بقبض الدائن و لو لم يعلم كونه أداءً لدينه فلو تلف قبل قبضه فهو من مال المدين، و تبقى ذمته

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 215

مشغولة به.

(مسألة 806): إذا مات المدين حلّ الأجل

، و يخرج الدين من أصل ماله و إذا مات الدائن بقي الأجل على حاله، و ليس لورثته مطالبته قبل انقضاء الأجل. و على هذا فلو كان صداق المرأة مؤجلًا، و مات الزوج قبل حلوله استحقت الزوجة مطالبته بعد موته.

و هذا بخلاف ما إذا ماتت الزوجة، فإنه ليس لورثتها المطالبة قبل حلول الأجل، و هل يلحق بموت الزوج طلاقه؟ فيه وجهان، الأظهر عدم الإلحاق حيث إن الحلول على خلاف القاعدة فيقتصر بمورد قيام الدليل عليه و دعوى انصراف اشتراط الأجل في المهر إلى صورة بقاء الزوجية شبيهة بدعوى انصراف اشتراطه إلى صورة عدم إفلاس المدين.

(مسألة 807): لا يلحق بموت المدين حجره بسبب الفلس

، فلو كانت عليه ديون حالة و مؤجلة، قسمت أمواله بين أرباب الديون الحالة و لا يشاركهم أرباب الديون المؤجلة.

(مسألة 808): لو غاب الدائن و انقطع خبره، وجب على المستدين نية القضاء

و الوصية به عند الوفاة، فإن جهل خبره و مضت مدة يقطع بموته فيها وجب تسليمه إلى ورثته، و مع عدم معرفتهم أو مع عدم التمكن من الوصول إليهم يتصدق به عنهم.

و يجوز تسليمه إلى الورثة مع انقطاع خبره بعد مضي عشر سنين، و إن لم يقطع بموته، بل يجوز ذلك بعد مضي أربع سنين من غيبته إذا فحص عنه في هذه المدة.

(مسألة 809): لا تجوز قسمة الدين

، فإذا كان لاثنين دين مشترك على ذمم أشخاص متعددة، كما إذا افترضنا أنهما باعا مالًا مشتركاً بينهما من أشخاص عديدة أو ورثا من مورثهما ديناً على أشخاص ثمّ قسما الدين بينهما بعد التعديل، فجعلا ما في ذمة بعضهم لأحدهما، و ما في ذمة الباقي لآخر لم تصح، و يبقى الدين على الاشتراك السابق بينهما. نعم إذا كان لهما دين مشترك على واحد جاز لأحدهما أن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 216

يستوفي حصته منه و يتعين الباقي في حصة الآخر و هذا ليس من تقسيم الدين المشترك في شي ء.

(مسألة 810): تحرم على الدائن مطالبة المدين إذا كان معسراً

بل عليه الصبر و النظرة إلى الميسرة.

(مسألة 811): إذا اقترض دنانير مثلًا، ثمّ اسقطتها الحكومة عن الاعتبار

و جاءت بدنانير اخرى غيرها، كانت عليه الدنانير الاولى. نعم إذا اقترض الأوراق النقدية المسماة ب (اسكناس) ثمّ اسقطت عن الاعتبار، لم تسقط ذمة المقترض بأدائها بل عليه أداء قيمتها قبل زمن الإسقاط يعني أداء ما يجعل بدلًا عنها من النقد الجديد.

(مسألة 812): يصح بيع الدين بمال موجود و إن كان أقل منه إذا كان من غير جنسه

أو لم يكن ربوياً، و لا يصح بيعه بدين مثله إذا كان ديناً قبل العقد و لا فرق في المنع بين كونهما حالين بحلول الأجل أو بالأصل على الأحوط لو لم يكن أقوى أو مؤجلين أو مختلفين. و لو صار ديناً بالعقد بطل في المؤجلين على الأحوط و صح في غيرهما، و لو كان أحدهما ديناً قبل العقد و الآخر ديناً بعد العقد صح إلّا في بيع المسلم فيه قبل حلوله، فإنه لا يجوز بيعه من غير بائعه مطلقاً و يجوز بيعه من غير بائعه بعد حلوله و من بائعه مطلقاً على تفصيل تقدم.

(مسألة 813): يجوز للمسلم قبض دينه من الذمي من ثمن ما باعه من المحرمات

و لو أسلم الذمي بعد البيع لم يسقط استحقاقه المطالبة بالثمن و ليس للعبد الاستدانة بدون إذن المولى، فإن فعل ضمن العين فيرد ما أخذ و لو تلفت ففي ذمته مثله أو قيمته، و لو أذن المولى له لزمه دون المملوك و إن اعتق، و غريم المملوك أحد غرماء المولى، و لو أذن له في التجارة فاستدان لها الزم المولى مع إطلاق الإذن و إن تبع به بعد العتق.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 217

(مسألة 814): يجوز دفع مال إلى شخص في بلد ليحوله إلى صاحبه في بلد آخر

إذا كان له مال على ذمة صاحبه في ذلك البلد و لم يكن مما يكال أو يوزن بلا فرق بين أن يكون التحويل بأقل مما دفعه أو أكثر.

(مسألة 815): ما أخذه بالربا في القرض و كان جاهلًا

، سواء أ كان جهله بالحكم أو بالموضوع، ثمّ علم بالحال، فإن تاب، فما أخذه له و عليه أن يترك فيما بعد.

(مسألة 816): إذا ورث مالًا فيه الربا، فإن كان مخلوطاً بالمال الحلال فليس عليه شي ء

، و إن كان معلوماً و معروفاً و عرف صاحبه ردّه إليه و إن لم يعرف عامله معاملة المال المجهول مالكه.

خاتمة

إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة سيما لذوي الحاجة منهم لما فيه من قضاء حاجة المؤمن و كشف كربته و عن النبي صلى الله عليه و آله: من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف اللّٰه عنه كربه يوم القيامة و عنه صلى الله عليه و آله من أقرض مؤمناً قرضاً ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة و كان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه، و عنه صلى الله عليه و آله من أقرض أخاه المسلم كان له بكل درهم أقرضه وزن جبل احد من جبال رضوى و طور سيناء حسنات و إن رفق به في طلبه تعدى على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب و لا عذاب و من شكا إليه أخوه المسلم و لم يقرضه حرم اللّٰه عزّ و جل عليه الجنة يوم يجزي المحسنين، و عن أبي عبد اللّه عليه السلام ما من مؤمن أقرض مؤمناً يلتمس به وجه اللّٰه إلّا حسب اللّٰه له أجره بحساب الصدقة حتى يرجع ماله إليه، و عنه عليه السلام أيضاً: مكتوب على باب الجنة الصدقة بعشرة و القرض بثمانية عشر، إلى غير ذلك من الروايات.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 219

كتاب الرهن

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 221

و لا بد فيه من الإيجاب و القبول من أهله و لا يعتبر في الإيجاب و القبول التلفظ بل يتحققان بالفعل أيضاً و في اشتراط الإقباض إشكال أقواه ذلك.

(مسألة 817): يشترط في الرهن أن يكون المرهون عيناً مملوكة يمكن قبضها

و يصح بيعها نعم في بطلان الرهن بالكلّي الثابت على عهدة الغير مع حصول القبض كما هو مقتضى اشتراطه في الرهن و كذا في بطلان رهن المنفعة كما لو استدان من مستأجر داره و جعل منفعتها غير المملوكة للمستأجر رهناً للدين المأخوذ منه تأمّل.

و أن يكون الرهن على حق ثابت في الذمة عيناً كان أو منفعة.

(مسألة 818): يتوقف رهن غير المملوك للراهن على إجازة مالكه

، و لو ضم مملوك غيره إلى مملوكه فرهنهما، لزم الرهن في ملكه و توقف في الضميمة على إجازة مالكها.

(مسألة 819): يلزم الرهن من جهة الراهن، و للمرتهن رفع اليد عن حق الرهانة

مع بقاء الدين.

(مسألة 820): رهن الحامل ليس رهناً للحمل

و إن تجدد.

(مسألة 821): فوائد الرهن للمالك و الرهن على أحد الدينين ليس رهناً على الآخر

، و لو استدان من الدائن ديناً آخر و جعل الرهن على الأول رهناً عليهما صح.

(مسألة 822): يجوز للولي أن يرهن مال المولى عليه

مع مصلحته.

(مسألة 823): المرتهن ممنوع من التصرف بغير إذن الراهن

و لا بأس بتصرف

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 222

الراهن في المرهون تصرفاً لا ينافي حق الرهانة و لا يجوز له التصرف المنافي من دون إذن المرتهن و تقدم حكم بيع الراهن العين المرهونة مع علم المشتري و جهله في شروط العوضين.

(مسألة 824): لو شرط المرتهن في عقد الرهن استيفاء منافع العين في مدة الرهن مجاناً

فإن لم يرجع ذلك إلى الاشتراط في القرض أو في تأجيل الدين صح و كذلك ما لو شرط استيفاءها بالاجرة مدة و إذا صح الشرط لزم العمل به إلى نهاية المدة و إن برئت ذمة الراهن من الدين.

(مسألة 825): لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أو غيره في البيع لم ينعزل

ما دام حيّاً.

(مسألة 826): لو أوصى الراهن إلى المرتهن أن يبيع العين المرهونة

و يستوفي حقه منها لزمت الوصية و ليس للوارث إلزامه برد العين و استيفاء دينه من مال آخر.

(مسألة 827): حق الرهانة موروث

فإذا مات المرتهن قامت ورثته مقامه.

(مسألة 828): المرتهن أمين لا يضمن بدون التعدي

و يضمن معه لمثله إن كان مثلياً و إلّا فلقيمته يوم التعدي، و القول قوله مع يمينه في قيمته و عدم التفريط و قول الراهن في قدر الدين.

(مسألة 829): المرتهن أحق بالعين المرهونة من باقي الغرماء

إذا صار الراهن مفلساً، و لو فضل من الدين شي ء شاركهم في الفاضل، و لو فضل من الرهن و له دين بغير رهن تساوى الغرماء فيه و في جريان الحكم على ما إذا مات الراهن و قصرت تركته عن ديونه تأمّل فلا يترك الاحتياط.

(مسألة 830): لو تصرف المرتهن بدون إذن الراهن ضمن

و عليه الاجرة.

(مسألة 831): لو أذن الراهن في البيع قبل الأجل فباع لم يتصرف في الثمن

إلّا بإذن الراهن حتى بعد الأجل و إذا لم يأذن في الاستيفاء حينئذ جاز للمرتهن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 223

الاستيفاء بلا إذن، كما أنه لو لم يأذن في البيع حينئذ و امتنع من وفاء الدين جاز للمرتهن البيع و الاستيفاء بلا إذن و الأحوط استحباباً مراجعة الحاكم الشرعي و لكن لو ادعى الراهن حينئذ عدم كونه ممتنعاً من أداء دينه فعلى المرتهن إثباته.

(مسألة 832): لو كان الرهن على الدين المؤجل و كان مما يفسد قبل الأجل كالأثمار

فإن شرط الراهن عدم بيعه قبل الأجل بطل الرهن، و إلّا لزم بيعه و يجعل ثمنه رهناً، فإن باعه الراهن أو وكيله فهو، و إن امتنع أجبره الحاكم، فإن تعذر باعه الحاكم أو وكيله، و مع فقده باعه المرتهن.

(مسألة 833): لو خاف المرتهن جحود الوارث عند موت الراهن

و لا بينة له جاز أن يستوفي من الرهن مما في يده.

(مسألة 834): إذا اختلفا فالقول قول المالك مع ادعائه الوديعة

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 223

و ادعاء الآخر الرهن هذا إذا لم يكن الدين ثابتاً و إلّا فالقول قول مدعي الرهن.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 225

كتاب الحجر

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 227

و أسبابه امور:

الأول: الصغر، فالصغير ممنوع من التصرف حتى يبلغ و يعلم بنبت الشعر الخشن على العانة أو الاحتلام أو إكمال خمس عشرة سنة قمرية في الذكر و تسع في الانثى، و الصغير كما أنه لا ينفذ تصرفه في أمواله لا ينفذ تصرفه في ذمته فلا يصح منه البيع و الشراء في الذمة و لا الاقتراض و إن صادف مدة الأداء من البلوغ و كذا لا ينفذ منه التزويج و الطلاق و لا إجارة نفسه و لا جعل نفسه عاملًا في المضاربة و المزارعة و نحو ذلك.

الثاني: الجنون، فلا يصح تصرفه إلّا في أوقات إفاقته.

الثالث: السفه، فيحجر على السفيه في تصرفاته و يختص الحجر بأمواله على المشهور و هو الأظهر و يُعلم الرشد بإصلاح ماله عند اختباره بحيث يسلم من المغابنات و تقع أفعاله على الوجه الملائم و لا يزول الحجر مع فقد الرشد و إن طعن في السن، و يثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم، و في النساء بشهادة الرجال و كذلك بشهادتين على إشكال.

الرابع: الملك، فلا ينعقد تصرف المملوك بدون إذن مولاه و لو ملكه مولاه شيئاً ملكه على الأصح، و كذا غيره إذا كان بإذن المولى.

الخامس: الفلس، و يحجر على المفلس بشروط أربعة: ثبوت ديونه عند الحاكم، و حلولها، و قصور أمواله عنها، و مطالبة أربابها

الحجر و إذا حجر عليه الحاكم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 228

بطل تصرفه في ماله مع عدم إجازة الديان ما دام الحجر باقياً.

(مسألة 835): لو اقترض المفلس بعد الحجر عليه أو اشترى في الذمة لم يشارك المقرض

و البائع الغرماء و لو أتلف مال غيره فالأظهر عدم مشاركة صاحبه للغرماء، و كذا لو أقر بدين سابق أو بعين.

(مسألة 836): للمفلس إجازة البيع في جميع الموارد

و في جواز فسخه إشكال.

(مسألة 837): من وجد عين ماله في أموال المفلس كان له أخذها دون نمائها

المنفصل، أما المتصل فإن كان كالطول و السمن و بلوغ الثمرة و نحوها مما لا يصلح للانفصال تبعها و ما يصلح لذلك كالصوف و الثمرة و نحوهما ففيه إشكال، و الأظهر عدم التبعية.

(مسألة 838): من وجد عين ماله و قد خلطها المفلس بجنسها فله عين ماله مطلقاً

، و إن كان بالأجود و كذا لو خلطها بغير جنسها ما لم تعد من التالف.

(مسألة 839): لا يختص الدائن بعين ماله

إذا كانت في مال الميت مع قصور التركة.

(مسألة 840): يخرج الحب و البيض بالزرع و الاستفراخ عن الاختصاص.

(مسألة 841): للشفيع أخذ الشقص و يضرب البائع مع الغرماء

، و إذا كان في التركة عين زكوية قدمت الزكاة على الديون و كذلك الخمس، و إذا كانا في ذمة الميت كانا كسائر الديون.

(مسألة 842): لو أفلس بثمن ام الولد بيعت أو أخذها البائع بعد موت الولد

و أما قبله ففيه إشكال و الجواز أظهر.

(مسألة 843): لا يحل مطالبة المعسر

و لا إلزامه بالتكسب إذا لم يكن من عادته

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 229

و كان عسراً عليه و لا بيع دار سكناه اللائقة بحاله بل الأحوط عدم إلزامه ببيع داره مطلقاً و لا عبد خدمته و لا غيره مما يعسر عليه بيعه كما تقدم في كتاب الدين.

(مسألة 844): لا يحل بالحجر الدين المؤجل

و لو مات من عليه الدين حلّ و لا يحل بموت صاحبه.

(مسألة 845): المشهور أنّه ينفق على المفلس من ماله إلى يوم القسمة

و على عياله و لكن في التحديد إشكال فلا يترك الاحتياط و لو مات قدم الكفن و غيره من واجبات التجهيز.

(مسألة 846): يقسم المال على الديون الحالة بالتقسيط

و لو ظهر دين حال بعد القسمة نقضت و شاركهم، و مع إحراز أمواله و ضبطها يطلق و إن لم تقسّم و يزول الحجر بالأداء.

(مسألة 847): الولاية في مال الطفل و المجنون و السفيه إذا بلغا كذلك للأب و الجد له

، فإن فقدا فللوصي إذا كان وصياً في ذلك فإن فقد فللحاكم و في مال السفيه و المجنون اللذين عرض عليهما السفه و الجنون بعد البلوغ فالمشهور أن الولاية للحاكم خاصه و فيه إشكال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 231

كتاب الضمان

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 233

الضمان هو نقل المال عن ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن للمضمون له.

(مسألة 848): يعتبر في الضمان الإيجاب من الضامن، و القبول من المضمون له

بكل ما يدل على تعهد الأول بالدين، و رضا الثاني بذلك.

(مسألة 849): الأحوط اعتبار التنجيز في عقد الضمان

، فالتعليق لا يخلو عن إشكال. نعم لا يبعد صحة ضمان الدين على نحو ضمان العين الخارجية بمعنى تعهد ما في ذمة الغير كالتعهد في الأعيان المضمونة الراجع إلى قضية تعليقية و أثره اشتغال الذمّة على تقدير عدم وفاء المديون كما أن أثره في ضمان العين الخارجية ذلك على تقدير تلفها فعندئذ للدائن أن يطالب الضامن على تقدير عدم أداء المدين. و هذا ما يسمّى بالضمان العقلاني أو ضمان الأداء مقابل الضمان المصطلح المسمى بالضمان الشرعي.

(مسألة 850): يعتبر في الضامن و المضمون له البلوغ و العقل و الاختيار و عدم السفه، و عدم التفليس أيضاً

في خصوص المضمون له و أما في المديون فلا يعتبر شي ء من ذلك فلو ضمن شخص ما على المجنون أو الصغير من الدين صح.

(مسألة 851): إذا دفع الضامن ما ضمنه إلى المضمون له رجع به إلى المضمون عنه

إذا كان الضمان بطلبه و إلّا لم يرجع.

(مسألة 852): إذا أبرأ المضمون له ذمة الضامن عن تمام الدين برئت ذمته،

و لا يجوز له الرجوع إلى المضمون عنه، و إذا أبرأ ذمته عن بعضه برئت عنه، و لا يرجع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 234

إلى المضمون عنه بذلك المقدار. و إذا صالح المضمون له الضامن بالمقدار الأقل، فليس للضامن مطالبة المضمون عنه إلّا بذلك المقدار دون الزائد، و كذا الحال لو ضمن الدين بمقدار أقل من الدين برضا المضمون له.

و الضابط أن الضامن لا يطالب المضمون عنه إلّا بما خسر دون الزائد و منه يظهر أنه ليس له المطالبة في صورة تبرع أجنبي لأداء الدين.

(مسألة 853): عقد الضمان لازم

، فلا يجوز للضامن فسخه و لا للمضمون له.

(مسألة 854): يشكل ثبوت الخيار لكل من الضامن و المضمون له بالاشتراط أو بغيره

بل الأظهر عدمه نعم لا يبعد ثبوت الخيار للمضمون له إذا ظهر فقر الضامن حين عقد الضمان.

(مسألة 855): إذا كان الدين حالًا و ضمنه الضامن مؤجلًا، فيكون الأجل للضمان لا للدين

، فلو أسقط الضامن الأجل و أدى الدين حالًا، فله مطالبة المضمون عنه كذلك، و كذا إذا مات الضامن قبل انقضاء الأجل المذكور.

(مسألة 856): إذا كان الدين مؤجلًا و ضمنه شخص كذلك، ثمّ أسقط الأجل و أدى الدين حالًا

، فليس له مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل. و كذلك الحال إذا مات الضامن في الأثناء، فإن المضمون له يأخذ المال المضمون من تركته حالًّا و لكن ليس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.

(مسألة 857): إذا كان الدين مؤجلًا و ضمنه شخص حالًّا بإذن المضمون عنه، و أدى الدين،

فالظاهر جواز الرجوع إليه بعد أداء الدين، لأنه المتفاهم العرفي من إذنه بذلك.

(مسألة 858): إذا كان الدين مؤجلًا و ضمنه بأقل من أجله

، كما إذا كان أجله ثلاثة أشهر مثلًا، و ضمنه بمدة شهر و أداه بعد هذه المدة، و قبل حلول الأجل، فليس له مطالبة المضمون عنه بذلك قبل انقضاء الأجل الأول، و هو أجل الدين و إذا ضمنه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 235

بأكثر من أجله، ثمّ أسقط الزائد و أداه، فله مطالبة المضمون عنه بذلك، و كذا الحال إذا مات الضامن بعد انقضاء أجل الدين و قبل انقضاء المدة الزائدة.

(مسألة 859): إذا احتسب المضمون له ما على ذمة الضامن خمساً بإجازة من الحاكم الشرعي أو زكاة، أو صدقة

، فالظاهر أن للضامن أن يطالب المضمون عنه بذلك، و كذا الحال إذا أخذه منه ثمّ رده إليه بعنوان الهبة أو نحوها، و هكذا إذا مات المضمون له و ورث الضامن ما في ذمته.

(مسألة 860): يجوز الضمان بشرط الرهانة

من المضمون عنه.

(مسألة 861): إذا كان على الدين الثابت في ذمة المضمون عنه رهن

فهو ينفك بالضمان.

(مسألة 862): إذا ضمن شخصان مثلًا عن واحد

، فلا يخلو من أن يكون إما بنحو العموم المجموعي أو بنحو العموم الاستغراقي، فعلى الأول يقسط الدين عليهما، و على الثاني قيل يكون كل واحد منهما ضامناً على نحو تعاقب الأيدي.

و عليه فإذا أبرأ المضمون له أحدهما بخصوصه برئت ذمته دون الآخر و فيه إشكال بل الأظهر البطلان.

(مسألة 863): إذا كان مديوناً لشخصين، صح ضمان شخص لهما أو لأحدهما المعين

، و لا يصح ضمانه لأحدهما لا على التعيين و كذا الحال إذا كان شخصان مديونين لواحد، فضمن عنهما شخص، فإن كان ضمانه عنهما أو عن أحدهما المعين صح، و إن كان عن أحدهما لا على التعيين لم يصح.

(مسألة 864): إذا كان المديون فقيراً لم يصح أن يضمن شخص عنه بالوفاء

من الخمس أو الزكاة أو المظالم. و لا فرق في ذلك بين أن تكون ذمة الضامن مشغولة بها فعلا أم لا.

(مسألة 865): إذا كان الدين الثابت على ذمة المدين خمساً أو زكاة

صح

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 236

أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله.

(مسألة 866): إذا ضمن شخص في مرض موته صح الضمان

، و يخرج المال المضمون من أصل تركته، سواء أ كان الضمان بإذن المضمون عنه أم لا.

(مسألة 867): يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية

. و أما ضمانه لنفقاتها الآتية، ففي صحته إشكال. و أما نفقة الأقارب فلا يصح ضمانها بلا إشكال.

(مسألة 868): يصح ضمان الأعيان الخارجية، بمعنى كون العين في عهدة الضامن فعلًا

، و أثر ذلك وجوب ردها مع بقاء العين المضمونة ورد بدلها من المثل أو القيمة عند تلفها. و من هذا القبيل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتري إذا ظهر المبيع مستحقاً للغير أو ظهر بطلان البيع من جهة اخرى. و الضابط أن الضمان في الأعيان الخارجية بمعنى التعهد لا بمعنى الثبوت في الذمة، فهو قسم آخر من الضمان.

(مسألة 869): في صحة ضمان ما يحدثه المشتري في الأرض المشتراة من بناء

أو غرس أو نحو ذلك إذا ظهر كونها مستحقة للغير إشكال.

(مسألة 870): إذا قال شخص لآخر الق متاعك في البحر و عليَّ ضمانه

، فألقاه ضمنه، سواء أ كان لخوف غرق السفينة أو لمصلحة اخرى من خفتها أو نحوها، و هكذا إذا أمره بإعطاء دينار مثلًا لفقير أو أمره بعمل لآخر أو لنفسه، فإنه يضمن إذا لم يقصد المأمور المجانية.

(مسألة 871): إذا اختلف الدائن و المدين في أصل الضمان

، كما إذا ادعى المديون الضمان و أنكره الدائن، فالقول قول الدائن، و هكذا إذا ادعى المديون الضمان في تمام الدين، و أنكره المضمون له في بعضه.

(مسألة 872): إذا ادعى الدائن على أحد الضمان فأنكره فالقول قول المنكر

و لكن لا يجوز للدائن حينئذ المراجعة إلى المدين لاعترافه ببراءة ذمته من دينه و إذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 237

اعترف بالضمان و اختلفا في مقداره أو في اشتراط التعجيل إذا كان الدين مؤجلًا، فالقول قول الضامن، و إذا اختلفا في اشتراط التأجيل مع كون الدين حالًا، أو في وفائه للدين، أو في إبراء المضمون له قدم قول المضمون له.

(مسألة 873): إذا اختلف الضامن و المضمون عنه في الإذن و عدمه

أو في وفاء الضامن للدين، أو في مقدار الدين المضمون، أو في اشتراط شي ء على المضمون عنه، قدم قول المضمون عنه.

(مسألة 874): إذا أنكر المدعى عليه الضمان، و لكن استوفى المضمون له الحق منه بإقامة بينة

، فليس له مطالبة المضمون عنه، لاعترافه بأن المضمون له أخذ المال منه ظلماً.

(مسألة 875): إذا ادعى الضامن الوفاء. و أنكر المضمون له و حلف

، فليس للضامن الرجوع إلى المضمون عنه إذا لم يصدقه في ذلك.

(مسألة 876): يجوز الترامي في الضمان بأن يضمن زيد دين عمرو

، و يضمن بكر عن زيد و هكذا فتبرأ ذمة غير الضامن الأخير و تشتغل ذمته للدائن فإذا أدّاه رجع به إلى سابقه و هو إلى سابقه و هكذا إلى أن ينتهي إلى المدين الأول هذا إذا كان الضمان بإذن المضمون عنه و إلّا فلا رجوع عليه فلو كان ضمان زيد بغير إذن عمرو و كان ضمان بكر بإذن زيد و أدى بكر الدين رجع به إلى زيد و لا يرجع زيد إلى عمرو.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 239

كتاب الحوالة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 241

الحوالة هي تحويل المدين ما في ذمته من الدين إلى ذمة غيره بإحالة الدائن عليه.

(مسألة 877): يعتبر في الحوالة الإيجاب من المحيل و القبول من المحال

بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو كتابة.

(مسألة 878): يشترط في المحيل و المحال البلوغ و العقل و الرشد

، كما يعتبر فيهما عدم التفليس إلّا في الحوالة على البري ء، فإنه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلساً أو سفيهاً، و يعتبر في المحيل و المحال الاختيار، و في اعتباره في المحال عليه إشكال.

و الأظهر عدم الاعتبار إلّا في الحوالة على البري ء أو بغير الجنس، فيعتبر عندئذ قبول المحال عليه برضاه و اختياره.

(مسألة 879): يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتاً في ذمة المحيل

فلا تصح الحوالة بما سيستقرضه.

(مسألة 880): يشترط في الحوالة أن يكون المال المحال به معيناً

، فإذا كان شخص مديناً لآخر بمن من الحنطة و دينار، لم يصح أن يحيله بأحدهما من غير تعيين.

(مسألة 881): يكفي في صحة الحوالة تعين الدين واقعاً

، و إن لم يعلم المحيل و المحال بجنسه أو مقداره حين الحوالة فإذا كان الدين مسجلًا في الدفتر، فحوله المدين على شخص قبل مراجعته فراجعه، و أخبر المحال بجنسه و مقداره صحت

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 242

الحوالة.

(مسألة 882): للمحال أن لا يقبل الحوالة و إن لم يكن المحال عليه فقيراً

و لا مماطلًا في أداء الحوالة.

(مسألة 883): لا يجوز للمحال عليه البري ء مطالبة المال المحال به من المحيل

قبل أدائه إلى المحال، و إذا تصالح المحال مع المحال عليه على أقل من الدين، لم يجز أن يأخذ من المحيل إلّا الأقل.

(مسألة 884): لا فرق في المال المحال به بين أن يكون عيناً في ذمة المحيل

، أو منفعة أو عملًا لا يعتبر فيه المباشرة، كخياطة ثوب و نحوها، بل و لو مثل الصلاة و الصوم و الحج و الزيارة و القراءة و غير ذلك، و لا فرق في ذلك بين أن تكون الحوالة على البري ء أو على المشغول ذمته، كما لا فرق بين أن يكون المال المحال به مثلياً أو قيمياً.

(مسألة 885): الحوالة عقد لازم

، فليس للمحيل و المحال فسخه. نعم لو كان المحال عليه معسراً حين الحوالة، و كان المحال جاهلًا به، جاز له الفسخ بعد علمه بالحال و إن صار غنياً فعلًا. و أما إذا كان حين الحوالة موسراً أو كان المحال عالماً بإعساره، فليس له الفسخ.

(مسألة 886): يجوز جعل الخيار لكل من المحيل و المحال و المحال عليه

(مسألة 887): لو أدى المحيل نفسه الدين

، فإذا كان بطلب من المحال عليه و كان مديناً، فله أن يطالب المحال عليه بما أداه. و أما إذا لم يكن بطلبه، أو لم يكن مديناً له، فليس له ذلك نعم له حينئذٍ الرجوع إلى المحال إن أدّاه بقصد أداء ما عليه.

(مسألة 888): إذا تبرع أجنبي عن المحال عليه برئت ذمته

، و كذا إذا ضمن شخص عنه برضا المحال.

(مسألة 889): إذا طالب المحال عليه المحيل بما أداه

، و ادعى المحيل أن له

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 243

عليه مالًا و أنكره المحال عليه، فالقول قوله مع عدم البينة، فيحلف على براءته.

(مسألة 890): تصح الحوالة بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة من السيد على مكاتبه

، سواء أ كانت قبل حلول النجم أو بعده، و بها يتحرر المكاتب لبراءة ذمته لمولاه، و تشتغل ذمته للمحال، و لا يتوقف تحرره على قبوله الحوالة، لفرض أنه مدين لمولاه.

(مسألة 891): إذا كان للمكاتب دين على أجنبي. فأحال المكاتب سيده عليه بمال الكتابة

، فقبلها صحت الحوالة. و ينعتق المكاتب، سواء أدى المحال عليه المال للسيد أم لا.

(مسألة 892): إذا اختلف الدائن و المدين في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة أو وكالة

. فمع عدم قيام البينة يقدم قول منكر الحوالة. سواء أ كان هو الدائن أم المدين.

(مسألة 893): إذا كان له على زيد دنانير و عليه لعمرو دراهم فأحال عمراً على زيد بالدنانير

فإن كان المراد بذلك تحويل ما بذمته من الدراهم بالدنانير برضا عمرو به ثمّ إحالة عمرو على زيد بالدنانير فلا إشكال، و إن كان المراد إحالته على زيد ليحتسب الدنانير بقيمة الدراهم من دون تحويل في الذمة لم يجب على زيد قبول الحوالة كما أنه إذا أحاله عليه بالدراهم مع بقاء اشتغال ذمته عليه بالدنانير لم يجب القبول بل هو من قبيل الحوالة على البري ء.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 245

كتاب الكفالة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 247

الكفالة هي التعهد بإحضار المدين و تسليمه إلى الدائن عند طلبه ذلك.

(مسألة 894): تصح الكفالة بالإيجاب من الكفيل بكل ما يدل على تعهده

و التزامه و القبول من الدائن بكل ما يدل على رضاه بذلك.

(مسألة 895): يعتبر في الكفيل العقل و البلوغ و الاختيار، و عدم السفه، و القدرة على إحضار المدين

و لا يبعد كفاية احتمال قدرته على إحضاره مع تمكنه من أداء ما على ذمّة المكفول و لا يشترط في الدائن البلوغ و الرشد و العقل و الاختيار، فتصح الكفالة للصبي و السفيه و المجنون إذا قبلها الولي.

(مسألة 896): تصح الكفالة باحضار المكفول إذا كان عليه حق مالي

، و لا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال و كذا لا يبعد صحّة كفالة كل من يستحق عليه الحضور إلى مجلس الحكم بأن تكون عليه دعوى مسموعة و إن لم تقم البيّنة عليه بالحق و لا تصحّ كفالة من عليه عقوبة من حدّ أو تعزيرٍ.

(مسألة 897): إذا كان المال ثابتاً في الذمة، فلا شبهة في صحة الكفالة

. و أما إذا لم يكن ثابتاً في الذمة فعلًا، و لكن وجد سببه كالجعل في عقد الجعالة و كالعوض في عقد السبق و الرماية و ما شاكل ذلك، ففي صحة الكفالة في هذه الموارد إشكال، و الصحة أقرب.

(مسألة 898): الكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل إلّا بالاقالة

، أو بجعل الخيار له.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 248

(مسألة 899): إذا لم يحضر الكفيل المكفول

، فأخذ المكفول له المال من الكفيل فإن لم يأذن المكفول لا في الكفالة و لا في الأداء، فليس للكفيل الرجوع عليه و المطالبة بما أداه. و إذا أذن في الكفالة و الأداء أو أذن في الأداء فحسب، كان له أن يرجع عليه، و إن أذن له في الكفالة دون الأداء، فالظاهر عدم رجوعه عليه بما أداه. نعم إذا أخذ المكفول له المال من الكفيل و كان غير متمكن من إحضار المكفول عند طلب المكفول له فلا يبعد الضمان مع كون الكفالة بإذنه.

(مسألة 900): يجب على الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لإحضار المكفول

إذا لم يؤدّ دين المكفول سواء كان الأداء مع الضمان كما لو أذن المكفول أو بدونه فإذا احتاج إلى الاستعانة بشخص قاهر، و لم تكن فيها مفسدة دينية وجبت الاستعانة به.

(مسألة 901): إذا كان المكفول غائباً احتاج حمله إلى مئونة

، فالظاهر أنها على الكفيل، إلّا إذا كان صرفها بإذن من المكفول.

(مسألة 902): إذا نقل المكفول له حقه الثابت على المكفول إلى غيره

ببيع أو صلح أو حوالة، أو هبة و لو قبل قبض المتهب، انتهت الكفالة.

(مسألة 903) إذا أخرج أحد من يد الغريم مديونه قهراً أو حيلة

بحيث لا يظفر به ليأخذ منه دينه، فهو بحكم الكفيل يجب عليه إحضاره لديه، و إلّا فيضمن عنه دينه، و يجب عليه تأديته له.

(مسألة 904): ينحل عقد الكفالة بامور:

الأول: أن يسلم الكفيل المكفول إلى المكفول له.

الثاني: أن يؤدي دينه.

الثالث: ما إذا أبرأ المكفول له ذمة المدين.

الرابع: ما إذا مات المدين.

الخامس: ما إذا رفع المكفول له يده عن الكفالة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 249

كتاب الصلح

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 251

الصلح هو التسالم بين شخصين على تمليك عين أو منفعة أو إسقاط دين أو حق أو غير ذلك مجاناً، أو بعوض.

(مسألة 905): الصلح عقد مستقل و لا يرجع إلى سائر العقود

و إن أفاد فائدتها فيفيد فائدة البيع إذا كان الصلح على عين بعوض، و فائدة الهبة إذا كان على عين بغير عوض و فائدة الإجارة إذا كان على منفعة بعوض، و فائدة الإبراء إذا كان على إسقاط حق أو دين.

(مسألة 906): إذا تعلق الصلح بعين أو منفعة أفاد انتقالهما إلى المتصالح

، سواء أ كان مع العوض أو بدونه. و كذا إذا تعلق بدين على غير المتصالح أو حق قابل للانتقال، كحقي التحجير و الاختصاص، و إذا تعلق بدين على المتصالح. أفاد سقوطه. و كذا الحال إذا تعلق بحق قابل للإسقاط و غير قابل للنقل و الانتقال، كحق الشفعة و نحوه.

و أما ما لا يقبل الانتقال و لا الإسقاط، فلا يصح الصلح عليه.

(مسألة 907): يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين

، كأن يصالح شخصاً على أن يسكن داره أو يلبس ثوبه في مدة، أو على أن يكون جذوع سقفه على حائطه، أو يجري ماءه على سطح داره، أو يكون ميزابه على عرصة داره، أو يكون الممر و المخرج من داره أو بستانه، أو على أن يخرج جناحاً في فضاء ملكه، أو على أن يكون أغصان أشجاره في فضاء أرضه، و غير ذلك. و لا فرق فيه بين أن يكون بلا عوض أو معه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 252

(مسألة 908): يجري الفضولي في الصلح

، كما يجري في البيع و نحوه.

(مسألة 909): لا يعتبر في الصلح العلم بالمصالح به

فإذا اختلط مال أحد الشخصين بمال الآخر جاز لهما أن يتصالحا على الشركة بالتساوي أو بالاختلاف كما يجوز لأحدهما أن يصالح الآخر بمال خارجي معين و لا يفرق في ذلك بين ما إذا كان التمييز بين المالين متعذراً و ما إذا لم يكن متعذراً.

(مسألة 910): يجوز للمتداعيين أن يتصالحا بشي ء من المدعى به أو بشي ء آخر،

حتى مع إنكار المدعى عليه، و يسقط بهذا الصلح حق الدعوى، و كذا يسقط حق اليمين الذي كان للمدعي على المنكر، فليس للمدعي بعد ذلك تجديد المرافعة، و لكن هذا قطع للنزاع ظاهراً، و لا يحل لغير المحق ما يأخذه بالصلح، و ذلك مثل ما إذا ادعى شخص على آخر بدين فأنكره، ثمّ تصالحا على النصف، فهذا الصلح و إن أثر في سقوط الدعوى، و لكن المدعي لو كان محقاً فقد وصل إليه نصف حقه، و يبقى نصفه الآخر في ذمة المنكر، إلّا أنه إذا كان المنكر معذوراً في اعتقاده لم يكن عليه إثم. نعم لو رضي المدعي بالصلح عن جميع ما في ذمته، فقد سقط حقه.

(مسألة 911): لو قال المدعى عليه للمدعي صالحني: لم يكن ذلك منه إقراراً بالحق

، لما عرفت من أن الصلح يصح مع الإقرار و الإنكار. و أما لو قال بعني أو ملكني، كان إقراراً إذا لم تكن قرينة على الخلاف.

(مسألة 912): يعتبر في المتصالحين البلوغ و العقل و الاختيار و القصد و عدم الحجر لسفه

أو غيره.

(مسألة 913): يتحقق الصلح بكل ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو نحو ذلك،

و لا تعتبر فيه صيغة خاصة.

(مسألة 914): لو تصالح شخص مع الراعي بأن يسلم نعاجه إليه ليرعاها سنة مثلًا،

و يتصرف في لبنها و يعطي مقداراً معيناً من الدهن مثلًا صحت المصالحة، بل لو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 253

آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار معين من دهن أو غيره صحت الإجارة.

(مسألة 915): لا يحتاج إسقاط الحق أو الدين إلى القبول

. و أما المصالحة عليه فتحتاج إلى القبول.

(مسألة 916): لو علم المديون بمقدار الدين، و لم يعلم به الدائن

و صالحه بأقل منه، لم تبرأ ذمته عن المقدار الزائد إلا أن ينشأ عقد التراضي على الإبراء على كل تقدير.

(مسألة 917): لا تجوز المصالحة على مبادلة مالين من جنس واحد إذا كان مما يكال أو يوزن

. مع العلم بالزيادة في أحدهما على الأحوط و لا بأس بها مع احتمال الزيادة.

(مسألة 918): لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد أو على شخصين

فيما إذا لم يكونا من المكيل أو الموزون، أو لم يكونا من جنس واحد، أو كانا متساويين في الكيل أو الوزن. و أما إذا كانا من المكيل أو الموزون و من جنس واحد، فجواز الصلح على مبادلتهما مع زيادة محل إشكال.

(مسألة 919): يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان الغرض إبراء ذمة المديون من بعض الدين

و أخذ الباقي منه نقداً، هذا فيما إذا كان الدين من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما من المكيل أو الموزون و أما في غير ذلك، فيجوز البيع و الصلح بالأقل من المديون و غيره. و عليه فيجوز للدائن تنزيل الكمبيالة في المصرف و غيره في عصرنا الحاضر؛ لأن الدنانير الرائجة ليست مما يوزن أو يكال.

(مسألة 920): عقد الصلح لازم في نفسه

حتى فيما إذا كان بلا عوض و كانت فائدته فائدة الهبة و لا ينفسخ إلّا بتراضي المتصالحين بالفسخ أو بفسخ من جعل له حق الفسخ منهما في ضمن الصلح.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 254

(مسألة 921): لا يجري خيار الحيوان و لا خيار المجلس و لا خيار التأخير في الصلح

. نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحد المتعارف، أو اشترط تسليمه نقداً فلم يعمل به، فللآخر أن يفسخ المصالحة. و أما الخيارات الباقية فهي تجري في عقد الصلح.

(مسألة 922): لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ

. و أما أخذ التفاوت بين قيمتي الصحيح و المعيب ففيه إشكال.

(مسألة 923): لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به على جهة خاصة ترجع إلى المصالح نفسه أو إلى غيره

أو جهة عامة في حياة المصالح أو بعد وفاته صح، و لزم الوفاء بالشرط و ربما يعالج بهذا الاشتراط في عقد الصلح الفرار عن الوقف على النفس حيث إن القابل بعد انتقال المصالح به إليه يكون وقفه على المصالح من الوقف على الغير.

(مسألة 924): الأثمار و الخضر و الزرع يجوز الصلح عليها قبل ظهورها

في عام واحد من دون ضميمة و إن كان لا يجوز ذلك في البيع على ما مر.

(مسألة 925): إذا كان لأحد الشخصين سلعة تسوى بعشرين درهماً مثلًا

و للآخر سلعة تسوى بثلاثين و اشتبهتا و لم تتميز إحداهما عن الاخرى فإن تصالحا على أن يختار أحدهما فلا إشكال و إن تشاجرا بيعت السلعتان و قسم الثمن بينهما بالنسبة فيعطى لصاحب العشرين سهمان و للآخر ثلاثة أسهم، هذا فيما إذا كان المقصود لكل من المالكين المالية و أما إذا كان مقصود كل منهما شخص المال من دون نظر إلى قيمته و ماليته كان المرجع في التعيين هو القرعة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 255

كتاب الاقرار

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 257

و هو إخبار عن ثبوت حق على المخبر أو نفي حق له على غيره، و لا يختص بلفظ بل يكفي كل لفظ دال على ذلك عرفاً و لو لم يكن صريحاً و كذا تكفي الإشارة المعلومة.

(مسألة 926): لا يعتبر في نفوذ الإقرار صدوره من المقر ابتداءً

و استفادته من الكلام بالدلالة المطابقية أو التضمنية فلو استفيد من كلام آخر على نحو الدلالة الالتزامية كان نافذاً أيضاً فإذا قال: الدار التي أسكنها اشتريتها من زيد كان ذلك إقرار منه بكونها ملكاً لزيد سابقاً و هو يدعي انتقالها منه إليه، و من هذا القبيل ما إذا قال أحد المتخاصمين في مال للآخر: بعنيه، فإن ذلك يكون اعترافاً منه بمالكيته له إذا لم تكن قرينة على الخلاف كما تقدّم.

(مسألة 927): يعتبر في المقرّ به أن يكون مما لو كان المقر صادقاً في إخباره كان للمقر له إلزامه

و مطالبته به و ذلك بأن يكون المقر به مالًا في ذمته أو عيناً خارجية أو منفعة أو عملًا أو حقاً كحق الخيار و الشفعة و حق الاستطراق في ملكه أو إجراء الماء في نهره أو نصب الميزاب على سطح داره و ما شاكل ذلك و أما إذا أقر بما ليس للمقر له إلزامه به فلا أثر له كما إذا أقر بأن عليه لزيد شيئاً من ثمن خمر أو قمار و نحو ذلك لم ينفذ إقراره.

(مسألة 928): إذا أقر بشي ء ثمّ عقبه بما يضاده و ينافيه فإن كان ذلك رجوعاً عن إقراره ينفذ إقراره

و لا أثر لرجوعه، فلو قال: لزيد عليَّ عشرون ديناراً ثمّ قال: لا بل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 258

عشرة دنانير الزم بالعشرين، و أما إذا لم يكن رجوعاً بل كان قرينة على بيان مراده لم ينفذ الإقرار إلّا بما يستفاد من مجموع الكلام فلو قال: لزيد عليَّ عشرون ديناراً إلّا خمسة دنانير كان هذا إقراراً على خمسة عشر ديناراً فقط و لا ينفذ إقراره إلّا بهذا المقدار.

(مسألة 929): يشترط في المقر التكليف و الحرية فلا ينفذ إقرار الصبي و المجنون

و لا إقرار العبد بالنسبة إلى ما يتعلق بحق المولى بدون تصديقه مطلقاً و لو كان مما يوجب الجناية على العبد نفساً أو طرفاً. و أما بالنسبة إلى ما يتعلق به نفسه مالًا كان أو جناية فيتبع به بعد عتقه و ينفذ إقرار المريض في مرض موته على الأظهر إلّا إذا كان متهماً و كان اعترافه للغير بالدين أو العين.

(مسألة 930): يشترط في المقرّ له أهلية التملك

و لو أقر للعبد فهو له لو قيل بملكه كما هو الظاهر.

(مسألة 931): لو قال: له عليَّ مال، الزم به

فإن فسره بما لا يملك لم يقبل.

(مسألة 932): لو قال: هذا لفلان بل لفلان كان للأول و غرم القيمة للثاني

، و إذا اعترف بنقد أو وزن أو كيل فيرجع في تعيينه إلى عادة البلد و مع التعدد إلى تفسيره.

(مسألة 933): لو أقر بالمظروف لم يدخل الظرف

و لو أقر بالدين المؤجل ثبت المؤجل و لم يستحق المقر له المطالبة به قبل الأجل، و لو أقر بالمردد بين الاقل و الأكثر ثبت الأقل.

(مسألة 934): لو أبهم المقر له فإن عين قبل، و لو ادعاه الآخر كان هو

و المقرّ له خصمين و للآخر على المقر اليمين على عدم العلم إن ادعى عليه العلم.

(مسألة 935): لو أبهم المقر به ثمّ عين أو عينه من الأول و أنكره المقر له

فإن كان المقر به ديناً على ذمة المقر فلا أثر للإقرار و لا يطالب المقر بشي ء و إن كان عيناً خارجية، قيل: إن للحاكم انتزاعها من يده و لكن الأظهر عدمه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 259

(مسألة 936): لو ادعى البائع المواطاة على الإشهاد

و أنه لم يقبض الثمن كان عليه إقامة البينة عليها أو إحلاف المشتري على إقباض الثمن.

(مسألة 937): إذا أقر بولد أو أخ أو اخت أو غير ذلك، نفذ إقراره

مع احتمال صدقه في ما عليه من وجوب انفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في إرث و نحو ذلك، و أما بالنسبة إلى غير ما عليه من الأحكام ففيه تفصيل فإن كان الإقرار بالولد فيثبت النسب بإقراره مع احتمال صدقه و عدم المنازع إذا كان الولد صغيراً و كان تحت يده، و لا يشترط فيه تصديق الصغير و لا يلتفت إلى إنكاره بعد بلوغه و يثبت بذلك النسب بينهما و بين أولادهما و سائر الطبقات. و أما في غير الولد الصغير لا أثر للإقرار إلّا مع تصديق الآخر، فإن لم يصدقه الآخر لم يثبت النسب و إن صدقه و لا وارث غيرهما توارثا، و في ثبوت التوارث مع الوارث الآخر إشكال، و الاحتياط لا يترك و كذلك في تعدي التوارث إلى غيرهما و لا يترك الاحتياط أيضاً فيما لو أقر بولد أو غيره، ثمّ نفاه بعد ذلك و كذا فيما كان في البين ناف غير منازع.

(مسألة 938): لو أقر الوارث بأولى منه دفع ما في يده إليه

و لو كان مساوياً دفع بنسبة نصيبه من الأصل و لو أقر باثنين فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما فيعمل بالإقرار و لكن تبقى الدعوى قائمة بينهما، و لو أقر بأولى منه في الميراث ثمّ أقر بأولى من المقر له أولًا كما إذا أقر العم بالأخ ثمّ أقر بالولد فإن صدقه المقر له أولًا دفع إلى الثاني و إلّا فإلى الأول و يغرم للثاني.

(مسألة 939): لو أقر الولد بآخر ثمّ أقر بثالث و أنكر الثالث الثاني كان للثالث النصف و للثاني السدس

، و لو كانا معلومي النسب لا يلتفت إلى إنكاره و كذلك الحكم إذا كان للميت ولدان و أقر أحدهما له بثالث و أنكره الآخر فإن نصف التركة حينئذ للمنكر و ثلثها للمقر و للمقر له السدس. و إذا كانت للميت زوجة و إخوة مثلًا و أقرت الزوجة بولد له فإن صدقها الإخوة كان ثمن التركة للزوجة و الباقي للولد و إن لم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 260

يصدقها أخذ الإخوة ثلاثة أرباع التركة و أخذت الزوجة ثمنها و الباقي و هو الثمن للمقر له.

(مسألة 940): يثبت النسب بشهادة عدلين و لا يثبت بشهادة رجل و امرأتين

و لا بشهادة رجل و يمين، و لو شهد الأخوان بابن للميت و كانا عدلين كان أولى و ثبت النسب، و لو كانا فاسقين لم يثبت النسب و يثبت الميراث إذا لم يكن لهما ثالث و إلّا كان إقرارهما نافذاً في حقهما دون غيرهما.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 261

كتاب الوكالة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 263

و لا بد فيها من الإيجاب و القبول بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل و لا يعتبر فيها اتصال القبول بالإيجاب كما لا يشترط فيها التنجيز فلو علقها على شرط غير حاصل حال العقد أو مجهول الحصول حينه فالظاهر الصحة و يصح تصرف الوكيل حينئذ عند تحقيق الشرط.

(مسألة 941): الوكالة جائزة من الطرفين

و لكن يعتبر في عزل الموكل له إعلامه به فلو تصرف قبل علمه به أو بلوغ خبر عزله بوجه معتبر صح تصرفه.

(مسألة 942): تبطل الوكالة بالموت و تلف متعلقها

و فعل الموكل نفسه كما أنها تبطل بجنون الموكل و بإغمائه حال جنونه و إغمائه، و في بطلانها مطلقاً حتى بعد رجوع العقل و الإفاقة إشكال.

(مسألة 943): تصح الوكالة فيما لا يتعلق غرض الشارع بإيقاعه مباشرة

و يعلم ذلك ببناء العرف و المتشرعة عليه.

(مسألة 944): الوكيل المأذون لا يجوز له التعدي

حتى في تخصيص السوق إلّا إذا علم أنه ذكره من باب أحد الأفراد.

(مسألة 945): لو عمم الموكل التصرف صح تصرف الوكيل مع المصلحة مطلقاً

إلّا في الإقرار نعم إذا قال أنت وكيلي في أن تقر عليَّ بكذا لزيد مثلًا كان هذا إقراراً منه لزيد به بلا فرق بين أن يقر الوكيل به أم لا.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 264

(مسألة 946): الإطلاق في الوكالة يقتضي البيع حالًّا بثمن المثل

بنقد البلد و ابتياع الصحيح و تسليم المبيع و تسليم الثمن بالشراء و الرد بالعيب.

(مسألة 947): وكالة الخصومة عند القاضي لا تقتضي الوكالة في القبض

و كذلك العكس.

(مسألة 948): يشترط أهلية التصرف في الوكيل و الموكل

، فيصح توكيل الصغير فيما جاز له مباشرته كالوصية إذا بلغ عشراً، و يجوز أن يكون الصغير وكيلًا و لو بدون إذن وليه.

(مسألة 949): لو وكل العبد بإذن مولاه صح

(مسألة 950): ليس للوكيل أن يوكل غيره بغير إذن الموكل

(مسألة 951): للحاكم التوكيل عن السفهاء و البُلْه

(مسألة 952): يستحب لذوي المروءات التوكيل في مهماتهم

(مسألة 953): لا يتوكل الذمي على المسلم على المشهور

و لكن الأظهر الجواز.

(مسألة 954): لا يضمن الوكيل إلّا بتعد أو تفريط

، و لا تبطل وكالته به.

(مسألة 955): القول قول الوكيل مع اليمين

و عدم البينة في عدم التعدي و التفريط. و كذلك في العزل و العلم به و التصرف، و في قبول قوله في الرد إشكال و الأظهر العدم.

(مسألة 956): لو ادعى الوكيل التلف فالقول قوله

إلّا إذا كان متهماً فيطالب بالبينة.

(مسألة 957): القول قول منكر الوكالة

، و قول الموكل لو ادعى الوكيل الإذن في البيع بثمن معيّن بل و كذا لو ادعى الوكيل الإذن في البيع مطلقاً و قال المالك: أذنتُ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 265

في البيع بثمن معيّن فإن وجدت العين استُعيدت، و إن فقدت أو تعذرت فالمثل أو القيمة إن لم يكن مثلياً.

(مسألة 958): لو زوجه فأنكر الموكل الوكالة حلف

و على الوكيل نصف المهر لها و على الموكل إن كان كاذباً في إنكاره الزوجية طلاقها و لو لم يفعل و قد علمت الزوجة بكذبه فعليها إرضاؤه بالطلاق و لو على نحو التعليق أي على تقدير كونها زوجة، و في جواز تصدي الحاكم لطلاقها بعد أمره الزوج بالإنفاق عليها و امتناعه إشكال.

(مسألة 959): لو وكل اثنين لم يكن لأحدهما الانفراد بالتصرف

إلّا إذا كانت هناك دلالة على توكيل كل منهما على الاستقلال.

(مسألة 960): لا تثبت الوكالة عند الاختلاف

إلّا بشاهدين عدلين.

(مسألة 961): لو أخّر الوكيل التسليم مع القدرة و المطالبة ضمن

(مسألة 962): الوكيل المفوض إليه المعاملة بحكم المالك يرجع عليه البائع

بالثمن و يرجع عليه المشتري بالمثمن و ترد عليه العين بالفسخ بعيب و نحوه و يؤخذ منه العوض.

(مسألة 963): يجوز التوكيل فيما لا يتمكن الموكل منه فعلًا شرعاً

إذا كان تابعاً لما يتمكن منه كما إذا وكله في شراء دار له و بيعها أو وكله في شراء عبد و عتقه أو في تزويج امرأة و طلاقها و نحو ذلك و أما التوكيل فيه استقلالًا بأن يوكله في بيع دار يملكها بعد ذلك أو في تزويج امرأة معتدة بعد انقضاء عدتها أو في طلاق امرأة يتزوجها بعد حين و نحو ذلك ففي صحته إشكال و الأقرب الصحة. و يجوز التوكيل في القبض و الإقباض في موارد لزومهما كما في القرض و الرهن و بيع الصرف و في موارد عدم لزومهما كما إذا باع داره من زيد و وكل عمراً في قبض الثمن فإن قبض الوكيل في جميع هذه الموارد بمنزلة قبض الموكل و لا يعتبر في صحة التوكيل حينئذ

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 266

قدرة الموكل على القبض خارجاً فيجوز لمن لا يقدر على أخذ ماله من غاصب أن يوكل من يقدر على أخذه منه فيكون أخذه بمنزلة أخذ الموكل.

(مسألة 964): تصح الوكالة في حيازة المباحات

فإذا وكل أحداً في حيازتها و قد حازها الوكيل لموكله كان المال المحوز ملكاً للموكل دون الوكيل.

(مسألة 965): إذا وكل شخصاً لاستيفاء حق له على غيره فجحد من عليه الحق لم يكن للوكيل مخاصمته

و المرافعة معه لإثبات الحق عليه إلّا إذا كان وكيلًا في ذلك أيضاً.

(مسألة 966): لا بأس بجعل جعل للوكيل

و لكنه إنما يستحق الجعل بالإتيان بالعمل الموكل فيه فلو وكله في البيع أو الشراء و جعل له جعلًا لم يكن للوكيل أن يطالب به إلّا بعد إتمام العمل، نعم له المطالبة به قبل حصول القبض و الإقباض.

(مسألة 967): لو وكله في قبض ماله على شخص من دين فمات المدين قبل الأداء بطلت الوكالة

و ليس للوكيل مطالبة الورثة، نعم إذا كانت الوكالة عامة و شاملة لأخذ الدين و لو من الورثة لم تبطل الوكالة و كان حينئذ للوكيل مطالبة الورثة بذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 267

كتاب الهبة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 269

و هي تمليك عين مجاناً من دون عوض، و كذا تمليك منفعة أو حق قابل للنقل الاختياري كالتحجير، و هي عقد يحتاج إلى إيجاب و قبول و يكفي في الإيجاب كل ما دل على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة و لا تعتبر فيه صيغة خاصة و لا العربية و يكفي في القبول كل ما دل على الرضا بالإيجاب من لفظ أو نحو ذلك.

(مسألة 968): يعتبر في الواهب البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و عدم الحجر عليه

بسفه أو فلس أو ملك و لا يعتبر في الموهوب له البلوغ و لا عدم الحجر لسفه أو فلس فتصح الهبة للصغير و القبول منه نعم يعتبر في تمامها أخذ وليّه المال الموهوب.

(مسألة 969): تصح الهبة من المريض في مرض الموت

و إن زاد عن الثلث كما تصح سائر تصرفاته من بيع أو صلح أو نحو ذلك.

(مسألة 970): تصح الهبة في الأعيان المملوكة و إن كانت مشاعة

، و لا تبعد أيضاً صحة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه و يكون قبضه بقبض مصداقه و لو وهبه ما في ذمته كان إبراءً.

(مسألة 971): يشترط في صحة الهبة القبض

و لا بد فيه من إذن الواهب إلّا أن يهبه ما في يده فلا حاجة حينئذ إلى قبض جديد و لا تعتبر الفورية في القبض و لا كونه في مجلس العقد فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير، و متى تحقق القبض صحت الهبة من حينه فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل بعد الهبة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 270

كان للواهب دون الموهوب له و إذا وهبه شيئين فقبض الموهوب له أحدهما دون الآخر صحت الهبة في المقبوض دون غيره.

(مسألة 972): للأب و الجد ولاية القبول و القبض و عن الصغير و المجنون إذا بلغ مجنوناً

. أما لو جن بعد البلوغ فولاية القبول و القبض للحاكم على المشهور و فيه إشكال، و لو وهب الولي أحدهما و كانت العين الموهوبة بيد الولي لم يحتج إلى قبض جديد.

(مسألة 973): يتحقق القبض في غير المنقول بالتخلية و رفع الواهب يده عن الموهوب

و جعله تحت استيلاء الموهوب له و سلطانه، و يتحقق في المنقول بوضعه تحت يد الموهوب له.

(مسألة 974): ليس للواهب الرجوع بعد الإقباض

إن كانت لذي رحم أو بعد التلف أو مع التعويض و في جواز الرجوع مع التصرف خلاف، و الأقوى جوازه إذا كان الموهوب باقياً بعينه، فلو صبغ الثوب أو قطعه أو خاطه أو نقله إلى غيره لم يجز له الرجوع، و له الرجوع في غير ذلك فإن عاب فلا أرش و إن زادت زيادة منفصلة فهي للموهوب له و إن كانت متصلة فإن كانت غير قابلة للانفصال كالطول و السمن و بلوغ الثمرة و نحوها فهي تتبع الموهوب و إن كانت قابلة للانفصال كالصوف و الثمرة و نحوهما ففي التبعية إشكال و الأظهر عدمها، و إن الزيادة للموهوب له بعد رجوع الواهب أيضاً.

(مسألة 975): الأحوط إلحاق الزوج أو الزوجة بذي الرحم

في لزوم الهبة.

(مسألة 976): لو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة

و انتقل الموهوب إلى ورثة الواهب أو يبقى في ملكه.

(مسألة 977): لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض لزمت الهبة

فليس للواهب الرجوع إلى ورثة الموهوب له كما أنه ليس لورثة الواهب الرجوع إلى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 271

الموهوب له.

(مسألة 978): لا يعتبر في صحة الرجوع علم الموهوب

فيصح الرجوع مع جهله أيضاً.

(مسألة 979): في الهبة المشروطة يجب على الموهوب له العمل بالشرط

فإذا وهبه شيئاً بشرط أن يهبه شيئاً وجب على الموهوب له العمل بالشرط فإذا تعذر أو امتنع المتهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة بل الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط.

(مسألة 980): في الهبة المطلقة لا يجب التعويض على الأقوى

لكن لو عوض المتهب لزمت الهبة و لم يجز للواهب الرجوع.

(مسألة 981): لو بذل المتهب العوض و لم يقبل الواهب

لم يكن تعويضاً.

(مسألة 982): العوض المشروط إن كان معيناً تعين

، و إن كان مطلقاً أجزأ اليسير إلّا إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على إرادة المساوي.

(مسألة 983): لا يشترط في العوض أن يكون عيناً

بل يجوز أن يكون عقداً أو إيقاعاً كبيع شي ء على الواهب أو إبراء ذمته من دين له عليه أو نحو ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 273

كتاب الوصية

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 275

و هي قسمان:

1- تمليكية:

بأن يجعل شيئاً من تركته لزيد أو للفقراء مثلًا بعد وفاته فهي وصية بالملك أو الاختصاص.

2- عهدية:

اشارة

بأن يأمر بالتصرف بشي ء يتعلق به من بدن أو مال كأن يأمر بدفنه في مكان معين أو زمان معين أو يأمر بأن يعطى من ماله أحداً أو يستناب عنه في الصوم و الصلاة من ماله أو يوقف ماله أو يباع أو نحو ذلك، فإن وجه أمره إلى شخص معين فقد جعله وصياً عنه و جعل له ولاية التصرف، و إن لم يوجه أمره إلى شخص معين و لم تكن قرينة على التعيين كما إذا قال أوصيت بأن يحج عني أو يصام عني أو نحو ذلك فلم يجعل له وصياً معيناً كان تنفيذه من وظائف الحاكم الشرعي. نعم، لا يبعد أن يكون إطلاق كلام الموصي و عدم تعيينه منصرفاً في الغالب إلى تعيين الورثة لتنفيذ أمره.

(مسألة 984): الوصية العهدية لا تحتاج إلى قبول

سواء جعل له وصياً أم لم يجعل.

و أما الوصية التمليكية فكما إذا قال: هذا المال لزيد بعد مماتي فالمشهور احتياجه إلى القبول من الموصى له، لكن الأظهر عدمه. نعم، للموصى له ردّ المال فيرجع إلى تركة الموصي.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 276

(مسألة 985): تتضيق الواجبات الموسعة إذا لم يطمئن المكلف بالتمكن من الامتثال

مع التأخير كقضاء الصلاة و الصيام و أداء الكفارات و النذور و نحوها من الواجبات البدنية و غيرها فتجب المبادرة إلى أدائها.

و إذا ضاق الوقت عن أدائها وجب الإيصاء و الإعلام بالواجبات التي لا يعتبر فيها المباشرة، على الأقوى إلّا أن يعلم بقيام الوارث أو غيره به، و كذا وجب الإيصاء بالصلاة و الصوم مما تعتبر فيه المباشرة على الأحوط. و أما أموال الناس من الوديعة و العارية و مال المضاربة و نحوها مما يكون تحت يده فالظاهر عدم وجوب المبادرة إلى أدائه إلّا إذا خاف عدم أداء الوارث. و يجب الإيصاء به و الإشهاد عليه إذا كان يتوقف عليهما الأداء و إلّا لم يجب، و مثلها الديون التي عليه مع عدم مطالبة الدائن، أما مع مطالبته فتجب المبادرة إلى أدائها و إن لم يخف الموت.

(مسألة 986): يكفي في تحقق الوصية كل ما دل عليها من لفظ صريح أو غير صريح

أو فعل و إن كان كتابة أو إشارة بلا فرق بين صورتي الاختيار و عدمه، بل يكفي وجود مكتوب بخطه أو بإمضائه بحيث يظهر منه إرادة العمل به بعد موته، و إذا قيل له هل أوصيت؟ فقال: لا، فقامت البينة على أنه قد أوصى، كان العمل على البينة و لم يعتد بخبره. نعم، إذا كان قد قصد من إنكاره إنشاء العدول عن الوصية صح العدول منه. و كذا الحكم لو قال: نعم، و قامت البينة على عدم الوصية منه فإنه إن قصد الإخبار كان العمل على البينة و إن قصد إنشاء الوصية صح الإنشاء و تحققت الوصية.

(مسألة 987): المشهور أن رد الموصى له الوصية التمليكية مبطل لها

إذا كان الرد بعد الموت و لم يسبق بقبوله و هو الأظهر أما إذا سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا أثر له و كذا الرد حال الحياة.

(مسألة 988): لو أوصى له بشيئين فقبل أحدهما و رد الآخر صحت

فيما قبل و بطلت فيما رد على إشكال، و كذا لو أوصى له بشي ء واحد فقبل في بعضه ورد في

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 277

البعض الآخر.

(مسألة 989): لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصى بها قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين

من الرد و القبول و ليس لهم إجباره على الاختيار معجلًا.

(مسألة 990): إذا مات الموصى له قبل رده قام وارثه مقامه في ذلك

فله الرد إذا لم يرجع الموصي من وصيته هذا إذا مات في حياة الموصي و إلّا فالمال من تركة الموصى له فتجري عليه أحكام التركة.

(مسألة 991): الظاهر أن الوارث يتلقى المال الموصى به من مورثه الموصى له

إذا مات بعد موت الموصي فتخرج منه ديونه و وصاياه، و لا ترث منه الزوجة إذا كان أرضاً و ترث قيمته إن كان نخلًا أو بناءً، و أما إذا مات الموصى له قبل الموصي فالظاهر أن ورثة الموصى له يتلقون الموصى به من الموصي نفسه فلا يجري عليه حكم تركة الميت الموصى له و في كلتا الصورتين المدار على الوارث للموصى له عند موته لا الوارث عند موت الموصي. و أما إذا مات الوارث في حياة الموصي أيضاً ففي انتقال الموصى به إلى ورثته أيضاً إشكال، و الانتقال أظهر.

(مسألة 992): إذا أوصى إلى أحد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلًا

فهل يجري الحكم المذكور من الانتقال إلى الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه؟ إشكال و الجريان أظهر.

(مسألة 993): يشترط في الموصي امور:

الأول: البلوغ فلا تصح وصية الصبي إلّا إذا بلغ عشراً و كان قد عقل و كانت وصيته في وجوه الخير و المعروف لأرحامه و كذا إذا كانت راجعة إلى تجهيزه و الحج عنه و نحوهما. و في نفوذ وصيته لغير أرحامه من الغرباء إشكال.

الثاني: العقل، فلا تصح وصية المجنون و المغمى عليه و السكران حال جنونه و إغمائه و سكره، و إذا أوصى حال عقله ثمّ جن أو سكر أو اغمي عليه لم تبطل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 278

وصيته. و في اعتبار الرشد فيه إشكال فلا يترك الاحتياط.

الثالث: الاختيار، فلا تصح وصية المكره.

الرابع: الحرية، فلا تصح وصية المملوك إلّا أن يجيز مولاه و لا فرق بين أن تكون في ماله و أن تكون في غير ماله كما إذا أوصى أن يدفن في مكان معين، و إذا أوصى ثمّ انعتق و أجازها صحت و إن لم يُجِزها المولى.

الخامس: أن لا يكون قاتل نفسه فإذا أوصى بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم أو نحو ذلك لم تصح وصيته إذا كانت في ماله، أما إذا كانت في غيره من تجهيز و نحوه صحت، و كذا تصح الوصية إذا فعل ذلك لا عن عمد بل كان خطأ أو سهواً أو كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر أو على غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل اللّٰه، و كذا إذا عُوفي ثمّ أوصى، بل الظاهر الصحة أيضا إذا أوصى بعد ما فعل السبب ثمّ عُوفي ثمّ مات.

(مسألة 994): إذا أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثمّ أحدت فيها صحت وصيته

و إن كان حين الوصية بانياً على أن يحدث ذلك بعدها.

(مسألة 995): تصح الوصية من كل من الأب و الجد بالولاية على الطفل

مع فقد الآخر و لا تصح مع وجوده.

(مسألة 996): لا يجوز للحاكم الوصية بالولاية على الطفل بعد موته

، بل بعد موته يرجع الأمر إلى حاكم آخر غيره.

(مسألة 997): لو أوصى وصية تمليكية لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال

و لكنه جعل أمره إلى غير الأب و الجد و غير الحاكم لم يصح هذا الجعل بل يكون أمر ذلك المال للأب و الجد مع وجود أحدهما و للحاكم مع فقدهما. نعم، لو أوصى أن يبقى ماله بيد الوصي حتى يبلغوا فيملكهم إياه صح. و كذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليهم من دون أن يملكهم إياه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 279

(مسألة 998): يجوز أن يجعل الأب و الجد الولاية و القيمومة على الأطفال لاثنين أو أكثر

كما يجوز جعل الناظر على القيم المذكور بمعنى كونه مشرفاً على عمله أو بمعنى كون العمل بنظره و تصويبه كما يأتي في الناظر على الوصي.

(مسألة 999): إذا قال الموصي لشخص: أنت ولي و قيم على أولادي القاصرين

و أولاد ولدي و لم يقيد الولاية بجهة بعينها جاز له التصرف في جميع الشئون المتعلقة بهم من حفظ نفوسهم و تربيتهم و حفظ أموالهم و الإنفاق عليهم و استيفاء ديونهم و وفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات أو غير ذلك من الجهات.

(مسألة 1000): إذا قيد الموصي الولاية بجهة دون جهة وجب على الولي الاقتصار على محل الإذن

و دون غيره من الجهات و كان المرجع في الجهات الاخرى الحاكم الشرعي.

(مسألة 1001): يجوز للقيم على اليتيم أن يأخذ اجرة مثل عمله

إذا كانت له اجرة و كان فقيراً أما إذا كان غنياً ففيه إشكال و الأحوط الترك.

فصل في الموصى به

(مسألة 1002): يشترط في الموصى به أن يكون مما له نفع محلل معتد به

سواء أ كان عيناً موجودة أم معدومة إذا كانت متوقعة الوجود كما إذا أوصى بما تحمله الجارية أو الدابة أو منفعة لعين موجودة أو معدومة متوقعة الوجود أو حق من الحقوق القابلة للنقل مثل حق التحجير و نحوه لا مثل حق القذف و نحوه مما لا يقبل الانتقال إلى الموصى له.

(مسألة 1003): إذا أوصى لزيد بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها

في غير الشرب أو أوصى بآلات اللهو إذا كان ينتفع بها إذا كسرت صح.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 280

(مسألة 1004): يشترط في الموصى به أن لا يكون زائداً على الثلث

فإذا أوصى بما زاد عليه بطل الإيصاء في الزائد إلّا مع إجازة الوارث. و إذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ في حصة المجيز دون الآخر، و إذا أجازوا في بعض الموصى به وردوا في غيره صح فيما أجازوه و بطل في غيره، هذا فيما إذا كان له وارث و أما مع عدم الوارث فتنفذ وصيته بجميع ماله في المعروف و وجوه البر على الأظهر.

(مسألة 1005): لا إشكال في الاجتزاء بالإجازة بعد الوفاة

و في الاجتزاء بها حال الحياة قولان أقواهما الأول.

(مسألة 1006): ليس للمجيز الرجوع عن إجازته حال حياة الموصي

و لا بعد وفاته كما لا أثر للرد إذا لحقته الإجازة.

(مسألة 1007): لا فرق بين وقوع الوصية حال مرض الموصي و حال صحته

، و لا بين كون الوارث غنياً و فقيراً.

(مسألة 1008): لا يشترط في نفوذ الوصية قصد الموصي أنها من الثلث

الذي جعله الشارع له فإذا أوصى بعين غير ملتفت إلى ذلك و كانت بقدره أو أقل صح.

(مسألة 1009): إذا أوصى بثلث ما تركه ثمّ أوصى بشي ء و قصد كونه من ثلثي الورثة

فإن أجازوا صحت الثانية أيضاً و إلّا بطلت.

(مسألة 1010): إذا أوصى بعين و قصد كونها من الأصل نفذت الوصية في ثلثها

و توقفت في ثلثيها على إجازة الورثة كما إذا قال: فرسي لزيد، و ثلثي من باقي التركة لعمرو فإنه تصح وصيته لعمرو، و أما وصيته لزيد فتصح إذا رضي الورثة و إلّا صحت في ثلث الفرس و كان الثلثان للورثة.

(مسألة 1011): إذا أوصى بعين و لم يوص بالثلث فإن لم تكن الوصية زائدة على الثلث نفذت

، و إن زادت على الثلث توقف نفوذها في الزائد على إجازة الورثة.

(مسألة 1012): إذا أوصى بعين معينة أو بمقدار كلي من المال كألف دينار

،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 281

يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقل أو أكثر بالإضافة إلى أموال الموصي حين الموت لا حين الوصية. فإذا أوصى لزيد بعين كانت بقدر نصف أمواله حين الوصية و صارت حين الموت بمقدار الثلث إما لنزول قيمتها أو لارتفاع قيمة غيرها أو لحدوث مال له لم يكن حين الوصية صحت الوصية في تمامها.

(مسألة 1013): إذا كانت العين حين الوصية بمقدار الثلث فصارت أكثر

من الثلث حال الموت إما لزيادة قيمتها أو لنقصان قيمة غيرها أو لخروج بعض أمواله عن ملكه نفذت الوصية بما يساوي الثلث و بطلت في الزائد إلّا إذا أجاز الورثة.

(مسألة 1014): إذا أوصى بكسر مشاع كالثلث فإن كان حين الوفاة مساوياً له حين الوصية فلا إشكال في صحة الوصية بتمامه

، و كذا إذا كان أقل فتصح فيه بتمامه حين الوفاة. أما إذا كان حين الوفاة أكثر منه حين الوصية كما لو تجدد له مال فهل يجب إخراج ثلث الزيادة المتجددة أيضاً أو يقتصر على ثلث المقدار الموجود حين الوصية فهو لا يخلو من إشكال و إن كان الأقوى الأول إلّا أن تقوم القرينة على إرادة الوصية بثلث الأعيان الموجودة حين الوصية لا غير فإذا تبدلت أعيانها لم يجب إخراج شي ء أو تقوم القرينة على إرادة الوصية بمقدار ثلث الموجود حينها، و إن تبدلت أعيانها فلا يجب إخراج الزائد. و كذا إذا كان كلامه محفوفاً بما يوجب إجمال المراد فإنه يقتصر حينئذ على القدر المتيقن و هو الأقل.

(مسألة 1015): يحسب من التركة ما يملكه الميت بعد الموت كالدية في الخطأ

و كذا في العمد إذا صالح عليها أولياء الميت و كما إذا نصب شبكة في حياته فوقع فيها شي ء بعد وفاته فيخرج من جميع ذلك الثلث إذا كان قد أوصى به.

(مسألة 1016): إذا أوصى بعين تزيد على ثلثه في حياته

و بضم الدية و نحوها تساوي الثلث نفذت وصيته فيها بتمامها.

(مسألة 1017): إنما يحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الأصل من الديون

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 282

المالية فإذا أخرج جميع الديون المالية من مجموع التركة كان ثلث الباقي هو مورد العمل بالوصية.

(مسألة 1018): إذا كان عليه دين فأبرأه الدائن بعد وفاته أو تبرع متبرع في أدائه

بعد وفاته لم يكن مستثنى من التركة و كان بمنزلة عدمه.

(مسألة 1019): لا بد في إجازة الوارث الوصية الزائدة على الثلث

من إمضاء الوصية و تنفيذها و لا يكفي فيها مجرد الرضا النفساني.

(مسألة 1020): إذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين

و إذا فوض التعيين إلى الوصي فعينه في عين مخصوصة تعين أيضاً بلا حاجة إلى رضا الوارث.

و إذا لم يحصل منه شي ء من ذلك كان ثلثه مشاعاً في التركة و لا يتعين في عين بعينها بتعيين الوصي إلّا مع رضا الورثة.

(مسألة 1021): الواجبات المالية تخرج من الأصل و إن لم يوصِ بها الموصي

و هي الأموال التي اشتغلت بها ذمته مثل المال الذي اقترضه و المبيع الذي باعه سلفاً و ثمن ما اشتراه نسيئة و عوض المضمونات و اروش الجنايات و نحوها و منها الخمس و الزكاة و المظالم، و أما الكفارات و النذور و نحوها فالظاهر أنها لا تخرج من الأصل.

(مسألة 1022): إذا تلف من التركة شي ء بعد موت الموصي وجب إخراج الواجبات المالية من الباقي

و إن استوعبه و كذا إذا غصب بعض التركة.

(مسألة 1023): إذا تمرد بعض الورثة عن وفاء الدين لم يسقط من الدين ما يلزم في حصته بل يجب على غيره وفاء الجميع كما يجب عليه

. ثمّ إذا وفّى غيره تمام الدين فإن كان بإذن الحاكم الشرعي رجع على المتمرد بالمقدار الذي يلزم في حصته و إذا كان بغير إذن الحاكم الشرعي ففي رجوعه عليه بذلك المقدار إشكال و إن كان الأظهر الجواز هذا إذا أدّى الدين من غير ما بيده من التركة و إلّا فلا إشكال في جواز رجوعه فيما أدّاه من الدين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 283

(مسألة 1024): الحج الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الأصل

و أما الحج النذري فيخرج من الثلث على الأظهر.

(مسألة 1025): إذا أوصى بوصايا متعددة متضادة كان العمل على الثانية

و تكون ناسخة للُاولى، فإذا أوصى بعين شخصية لزيد ثمّ أوصى بها لعمرو اعطيت لعمرو، و كذا إذا أوصى بثلثه لزيد ثمّ أوصى به لعمرو.

(مسألة 1026): إذا أوصى بثلثه لزيد ثمّ أوصى بنصف ثلثه لعمرو

كان الثلث بينهما على السوية.

(مسألة 1027): إذا أوصى بعين شخصية لزيد ثمّ أوصى بنصفها لعمرو

كانت الثانية ناسخة للُاولى بمقدارها.

(مسألة 1028): إذا أوصى بوصايا متعددة غير متضادة

و كانت كلها مما يخرج من الأصل وجب إخراجها من الأصل و إن زادت على الثلث.

(مسألة 1029): إذا كانت الوصايا كلها واجبات لا تخرج من الأصل

كالواجبات البدنية و الكفارات و النذور أخرجت من الثلث فإن زادت على الثلث و أجاز الورثة اخرجت جميعها و إن لم يُجِز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة سواء أ كانت مرتبة بأن ذكرت في كلام الموصي واحدة بعد اخرى كما إذا قال: اعطوا عني صوم عشرين شهراً و صلاة عشرين سنة أم كانت غير مرتبة بأن ذكرت جملة واحدة كما إذا قال: اقضوا عني عباداتي مدة عمري صلاتي و صومي.

فإذا كانت تساوي قيمتها نصف التركة فإن أجاز الورثة نفذت في الجميع و إن لم يُجِز الورثة ينقص من وصية الصلاة الثلث و من وصية الصوم الثلث. و كذا الحكم إذا كانت كلها تبرعية غير واجبة فإنها إن زادت على الثلث و أجاز الورثة وجب إخراج الجميع و إن لم يُجِز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة.

(مسألة 1030): إذا كانت الوصايا المتعددة مختلفة بعضها واجب

يخرج من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 284

الأصل و بعضها واجب لا يخرج من الأصل كما إذا قال: أعطوا عني ستين ديناراً:

عشرين ديناراً زكاة و عشرين ديناراً صلاة و عشرين ديناراً صوماً، فإن وسعها الثلث اخرج الجميع و كذلك إن لم يسعها و أجاز الورثة. أما إذا لم يسعها و لم يُجِز الورثة فيقسم الثلث على الجميع و ما يجب إخراجه من أصل التركة يلزم تتميمه منها.

فإن كان الميت قد ترك مائة دينار يخرج من أصل تركته عشرة دنانير للزكاة، ثمّ يخرج ثلثه ثلاثون ديناراً فيوزع على الزكاة و الصلاة و الصوم. و كذا الحال فيما إذا تعددت الوصايا و كان بعضها واجباً يخرج من الأصل و بعضها تبرعية. نعم إذا لم يكن التتميم من التركة تعين التتميم من الثلث في كلتا الصورتين.

(مسألة 1031): إذا تعددت الوصايا و كان بعضها واجباً لا يخرج من الأصل

و بعضها تبرعية و لم يف الثلث بالجميع و لم يُجِزها الورثة ففي تقديم الواجب على غيره إشكال و كلام. و الأظهر هو التقديم.

(مسألة 1032): المراد من الوصية التبرعية الوصية بما لا يكون واجباً عليه

في حياته سواء أ كانت تمليكية كما إذا قال: فرسي لزيد بعد وفاتي، أم عهدية كما إذا قال:

تصدقوا بفرسي بعد وفاتي.

(مسألة 1033): إذا أوصى بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصية

يكون الموصى له شريكاً مع الورثة فله الثلث و لهم الثلثان فإن تلف من التركة شي ء كان التلف على الجميع و إن حصل لتركته نماء كان النماء مشتركاً بين الجميع.

(مسألة 1034): إذا أوصى بصرف ثلثه في مصلحته من طاعات و قربات يكون الثلث باقياً على ملكه

فإن تلف من التركة شي ء كان التلف موزعاً عليه و على بقية الورثة و إن حصل النماء كان له منه الثلث.

(مسألة 1035): إذا عين ثلثه في عين معينة تعين كما عرفت

فإذا حصل منها نماء كان النماء له وحده، و إن تلف بعضها أو تمامها اختص التلف به و لم يشاركه فيه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 285

بقية الورثة.

(مسألة 1036): إذا أوصى بثلثه مشاعاً ثمّ أوصى بشي ء آخر معيناً

كما إذا قال:

أنفقوا عليَّ ثلثي و أعطوا فرسي لزيد وجب إخراج ثلثه من غير الفرس و تصح وصيته بثلث الفرس لزيد. و أما وصيته بالثلثين الآخرين من الفرس لزيد فصحتها موقوفة على إجازة الورثة فإن لم يُجيزوا بطلت كما تقدم. و إذا كان الشي ء الآخر غير معين كما إذا قال: أنفقوا علي ثلثي و أعطوا زيداً مائة دينار، توقفت الوصية بالمائة على إجازة الورثة فإن أجازوها في الكل صحت في تمامها، و إن أجازوها في البعض صحت في بعضها و إن لم يُجيزوا منها شيئاً بطلت في جميعها، و نحوه إذا قال: أعطوا ثلثي لزيد و أعطوا ثلثا آخر من مالي لعمرو فإنه تصح وصيته لزيد و لا تصح وصيته لعمرو إلّا بإجازة الورثة. أما إذا قال: أعطوا ثلثي لزيد ثمّ قال: أعطوا ثلثي لعمرو كانت الثانية ناسخة للُاولى كما عرفت، و المدار على ما يفهم من الكلام.

(مسألة 1037): لا تصح الوصية في المعصية فإذا أوصى بصرف مال في معونة الظالم

أو في ترويج الباطل كتعمير الكنائس و البيع و نشر كتب الضلال بطلت الوصية.

(مسألة 1038): إذا كان ما أوصى به جائزاً عند الموصي باجتهاده أو تقليده و ليس بجائز عند الوصي

كذلك لم يَجُز للوصي تنفيذ الوصية، و إذا كان الأمر بالعكس وجب على الوصي العمل بها.

(مسألة 1039): إذا أوصى بحرمان بعض الورثة من الميراث فلم يُجِز ذلك البعض لم يصح

. نعم، إذا لم يكن قد أوصى بالثلث و أوصى بذلك وجب العمل بالوصية بالنسبة إلى الثلث لغيره فإذا كان له ولدان و كانت التركة ستة فأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث اعطي زيد اثنين و اعطي الآخر أربعة. و إذا أوصى بسدس ماله لأخيه و أوصى بحرمان ولده زيد من الميراث اعطي أخوه السدس، و اعطي زيد الثلث، و اعطي ولده الآخر النصف.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 286

(مسألة 1040): إذا أوصى بمال زيد بعد وفاة نفسه لم يصح

و إن أجازها زيد، و إذا أوصى بمال زيد بعد وفاة زيد فأجازها زيد صح.

(مسألة 1041): قد عرفت أنه إذا أوصى بعين من تركته لزيد ثمّ أوصى بها لعمرو كانت الثانية ناسخة

و وجب دفع العين لعمرو، فإذا اشتبه المتقدم و المتأخر تعين الرجوع إلى القرعة في تعيينه.

(مسألة 1042): إذا دفع إنسان إلى آخر مالًا و قال له إذا مت فأنفقه عني

و لم يعلم أنه أكثر من الثلث أو أقل أو مساوٍ له أو علم أنه أكثر و احتمل أنه مأذون من الورثة في هذه الوصية، أو علم أنه غير مأذون من الورثة لكن احتمل له كان له ملزم شرعي يقتضي إخراجه من الأصل فهل يجب على الوصي العمل بالوصية حتى يثبت بطلانها فيه إشكال و لا سيما في الفرضين الأخيرين.

(مسألة 1043): إذا أوصى بشي ء لزيد و تردد بين الأقل و الأكثر اقتصر على الأقل

و إذا تردد بين المتباينين عين بالقرعة.

فصل في الموصى له

(مسألة 1044): الأظهر صحة الوصية العهدية للمعدوم إذا كان متوقع الوجود في المستقبل

مثل أن يوصي بإعطاء شي ء لأولاد ولده الذين لم يولدوا حال الوصية و لا حين موت الموصي فيبقى المال الموصى به في ملك الموصي فإن ولدوا بعد ذلك اعطي لهم، و إلّا صرف في الأقرب فالأقرب إلى نظر الموصي، و إن لم يعلم نظره ردّ إلى التركة نظير الوصية لحملٍ لم يولد حيّاً.

(مسألة 1045): الوصية التمليكية لا تصح

للمعدوم إلى زمان موت الموصي.

(مسألة 1046): لو أوصى لحمل فإن ولد حيّاً ملك الموصى به

و إلّا بطلت الوصية و رجع المال إلى ورثة الموصي.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 287

(مسألة 1047): تصح الوصية للذمي و للحربي

و لمملوكه و ام ولده و مدبره و مكاتبه.

(مسألة 1048): لا تصح الوصية لمملوك غيره قِنّاً كان أو غيره

و إن أجاز مولاه إلّا إذا كان مكاتباً مطلقاً و قد أدى بعض مال الكتابة فيصح من الوصية له قدر ما تحرر منه.

(مسألة 1049): إذا كان ما أوصى به لمملوكه بقدر قيمته اعتق

و لا شي ء له.

و إذا كان أكثر من قيمته اعتق و اعطي الزائد، و إن كان أقل منها اعتق و استسعى في الزائد سواء أ كان ما أوصى له به بقدر نصف قيمته أم أكثر أم أقل.

(مسألة 1050): إذا أوصى لجماعة ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً و إناثاً بمال اشتركوا فيه

على السوية إلّا أن تكون قرينة على التفضيل.

(مسألة 1051): إذا أوصى لأبنائه و بناته أو لأعمامه و عمّاته أو أخواله و خالاته

أو أعمامه و أخواله فإن الحكم في الجميع التسوية إلّا أن تقوم القرينة على التفضيل فيكون العمل على القرينة.

فصل في الوصي

(مسألة 1052): يجوز للموصي أن يعين شخصاً لتنفيذ وصاياه

، و يقال له:

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 287

الوصي، و يشترط فيه امور:

الأول: البلوغ على المشهور، فلا تصح الوصاية إلى الصبي منفرداً إذا أراد منه التصرف في حال صباه مستقلًا، و لكنه لا يخلو عن إشكال. نعم الأحوط أن يكون تصرفه بإذن الولي أو الحاكم الشرعي. أما لو أراد أن يكون تصرفه بعد البلوغ أو مع إذن الولي. فالأظهر صحة الوصية و تجوز الوصاية إليه منضماً إلى الكامل سواء أراد أن لا يتصرف الكامل إلّا بعد بلوغ الصبي أم أراد أن يتصرف منفرداً قبل بلوغ الصبي لكن في الصورة الاولى إذا كانت عليه تصرفات فورية كوفاء دين عليه و نحوه يتولى ذلك

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 288

الحاكم الشرعي.

الثاني: العقل فلا تصح الوصية إلى المجنون في حال جنونه سواء أ كان مطبقاً أم ادوارياً و إذا أوصى إليه في حال العقل ثمّ جن بطلت الوصاية إليه، و إذا أفاق بعد ذلك عادت على الأظهر، و أما إذا نص الموصي على عودها فلا إشكال.

الثالث: الاسلام، إذا كان الموصي مسلماً على المشهور و فيه إشكال.

(مسألة 1053): الظاهر عدم اعتبار العدالة في الوصي

بل يكفي فيه الوثوق و الأمانة.

هذا في الحقوق الراجعة إلى غيره كأداء الحقوق الواجبة و التصرف في مال الأيتام و نحو ذلك. أما ما يرجع إلى نفسه كما إذا أوصى إليه في أن يصرف ثلثه في الخيرات و القربات ففي اعتبار الوثوق به إشكال.

(مسألة 1054): إذا ارتد الوصي بطلت وصايته بناء على اعتبار الإسلام في الوصي

و لا تعود إليه إذا أسلم إلّا إذا نص الموصي على عودها.

(مسألة 1055): إذا أوصى إلى عادل ففسق فإن ظهر من القرينة التقييد بالعدالة بطلت الوصية

، و إن لم يظهر من القرينة التقييد بالعدالة لم تبطل، و كذا الحكم إذا أوصى إلى الثقة.

(مسألة 1056): لا تجوز الوصية إلى المملوك إلّا بإذن سيده

أو معلقة على حريته.

(مسألة 1057): تجوز الوصاية إلى المرأة على كراهة

و الأعمى و الوارث.

(مسألة 1058): إذا أوصى إلى صبي و بالغ فمات الصبي قبل بلوغه أو بلغ مجنوناً

ففي جواز انفراد البالغ بالوصية قولان أحوطهما الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيضم إليه آخر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 289

(مسألة 1059): يجوز جعل الوصاية إلى اثنين أو أكثر على نحو الانضمام

و على نحو الاستقلال. فإن نص على الأول فليس لأحدهما الاستقلال بالتصرف لا في جميع ما أوصى به و لا في بعضه. و إذا عرض لأحدهما ما يوجب سقوطه عن الوصاية من موت و نحوه ضم الحاكم آخر إلى الآخر، و إن نص على الثاني جاز لأحدهما الاستقلال و أيهما سبق نفذ تصرفه، و إن اقترنا في التصرف مع تنافي التصرفين بأن باع أحدهما على زيد و الآخر على عمرو في زمان واحد بطلا معاً و لهما أن يقتسما الثلث بالسوية و بغير السوية. و إذا سقط أحدهما عن الوصاية انفرد الآخر و لم يضم إليه الحاكم آخر.

و إذا أطلق الوصاية إليهما و لم ينص على الانضمام و الاستقلال جرى عليه حكم الانضمام إلّا إذا كانت قرينة على الانفراد كما إذا قال: وصيي فلان و فلان فإذا ماتا كان الوصي فلاناً فإنه إذا مات أحدهما استقل الباقي و لم يحتج إلى أن يضم إليه الحاكم آخر، و كذا الحكم في ولاية الوقف.

(مسألة 1060): إذا قال زيد وصيي فإن مات فعمرو وصيي، صح

و يكونان وصيين مترتبين، و كذا يصح إذا قال وصيي زيد فإن بلغ ولدي فهو الوصي.

(مسألة 1061): يجوز أن يوصي إلى وصيين أو أكثر

و يجعل الوصاية إلى كل واحد في أمر بعينه لا يشاركه فيه الآخر.

(مسألة 1062): إذا أوصى إلى اثنين بشرط الانضمام فتشاحا لاختلاف نظرهما

فإن لم يكن مانع لأحدهما بعينه من الانضمام إلى الآخر أجبره الحاكم على ذلك، و إن لم يكن مانع لكل منهما من الانضمام أجبرهما الحاكم عليه، و إن كان لكل منهما مانع انضم الحاكم إلى أحدهما و نفذ تصرفه دون الآخر هذا فيما إذا أمكن للحاكم الانضمام و إلّا استقلّ.

(مسألة 1063): إذا قال أوصيت بكذا و كذا و جعلت الوصي فلاناً

إن استمر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 290

على طلب العلم مثلًا، صح و كان فلان وصياً إذا استمر على طلب العلم فإن انصرف عنه بطلت وصايته و تولى تنفيذ وصيته الحاكم الشرعي.

(مسألة 1064): إذا عجز الوصي عن تنفيذ الوصية ضم إليه الحاكم من يساعده

، و إذا ظهرت منه الخيانة ضم إليه أميناً يمنعه عن الخيانة فإن لم يمكن ذلك عزله و نصب غيره.

(مسألة 1065): إذا مات الوصي قبل تنجيز تمام ما اوصي إليه به نصب الحاكم الشرعي وصياً لتنفيذه

. و كذا إذا مات في حياة الموصي و لم يعلم هو بذلك أو علم و لم ينصب غيره و لم يكن ما يدل على عدوله عن أصل الوصية.

(مسألة 1066): ليس للوصي أن يوصي إلى أحد في تنفيذ ما اوصي إليه به

إلّا أن يكون مأذونا من الموصي في الايصاء إلى غيره.

(مسألة 1067): الوصي أمين لا يضمن إلّا بالتعدي أو التفريط

و يكفي في الضمان حصول الخيانة بالإضافة إلى ضمان موردها، أما الضمان بالنسبة إلى الموارد الاخر مما لم يتحقق فيها الخيانة ففيه إشكال بل الأظهر العدم.

(مسألة 1068): إذا عين الموصي للوصي عملًا خاصاً أو قدراً خاصاً أو كيفية خاصة

وجب الاقتصار على ما عين و لم يجز له التعدي فإن تعدى كان خائناً، و إذا أطلق له التصرف بأن قال له: أخرج ثلثي و أنفقه. عمل بنظره و لا بد من ملاحظة مصلحة الميت فلا يجوز له أن يتصرف كيف شاء و إن لم يكن صلاحاً للميت أو كان غيره أصلح مع تيسر فعله على النحو المتعارف و يختلف ذلك باختلاف الأموات، فربما يكون الأصلح أداء العبادات الاحتياطية عنه، و ربما يكون الأصلح أداء الحقوق المالية الاحتياطية و ربما يكون الأصلح أداء حق بعينه احتياطي دون غيره أو أداء الصلاة عنه دون الصوم، و ربما يكون الأصلح فعل القربات و الصدقات و كسوة العراة و مداواة المرضى و نحو ذلك. هذا إذا لم يكن تعارف يكون قرينة على تعيين مصرف

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 291

بعينه و إلّا كان عليه العمل.

(مسألة 1069): إذا قال أنت وصيي و لم يعين شيئاً و لم يعرف المراد منه

و إنه تجهيزه أو صرف ثلثه أو شئون اخرى كان لغواً إلّا إذا كان تعارف يكون قرينة على تعيين المراد كما يتعارف في كثير من بلدان العراق أنه وصي في إخراج الثلث و صرفه في مصلحة الموصي و أداء الحقوق التي عليه و أخذ الحقوق التي له ورد الأمانات و البضائع إلى أهلها و أخذها. نعم في شموله للقيمومة على القاصرين من أولاده إشكال و الأحوط أن لا يتصدى لُامورهم إلّا بعد مراجعة الحاكم الشرعي و عدم نصب الحاكم الشرعي غيره إلّا بإذن منه.

(مسألة 1070): يجوز للموصى إليه أن يرد الوصية في حال حياة الموصي

بلا فرق بين قبولها قبل ذلك و عدمه بشرط أن يبلغه الرد، بل الأحوط اعتبار إمكان نصب غيره له أيضاً و لا يجوز له الرد بعد موت الموصي سواء قبلها قبل الرد أم لم يقبلها.

(مسألة 1071): الرد السابق على الوصية لا أثر له

، فلو قال زيد لعمرو: لا أقبل أن توصي إليَّ، فأوصى عمرو إليه لزمته الوصية إلّا أن يردها بعد ذلك.

(مسألة 1072): لو أوصى إلى أحد فرد الوصية فأوصى إليه ثانياً و لم يردها ثانياً

لجهله بها ففي لزومها له قول، و لكنه لا يخلو من إشكال بل الأظهر خلافه.

(مسألة 1073): إذا رأى الوصي أن تفويض الأمر إلى شخص في بعض الامور الموصى بها

أصلح للميت جاز له تفويض الأمر إليه كأن يفوض أمر العبادات التي أوصى بها إلى من له خبرة في الاستنابة في العبادات و يفوض أمر العمارات التي أوصى بها إلى من له خبرة فيها و يفوض أمر الكفارات التي أوصى بها إلى من له خبرة بالفقراء و كيفية القسمة عليهم و هكذا. و ربما يفوض الأمر في جميع ذلك إلى شخص واحد إذا كانت له خبرة في جميعها. و قد لا يكون الموصي قد أوصى بامور معينة بل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 292

أوصى بصرف ثلثه في مصالحه و أوكل تعيين المصرف كماً و كيفاً إلى نظر الوصي فيرى الوصي من هو أعرف منه في تعيين جهات المصرف و كيفيتها فيوكل الأمر إليه فيدفع الثلث إليه بتمامه و يفوض إليه تعيين الجهات كماً و كيفاً كما يتعارف ذلك عند كثير من الأوصياء حيث يدفعون الثلث الموصى به إلى المجتهد الموثوق به عندهم، فالوصاية إلى شخص ولاية في التصرف و لو بواسطة التفويض إلى الغير. فلا بأس أن يفوض الوصي أمر الوصية إلى غيره إلّا أن تقوم القرينة على إرادة الموصي منه المباشرة، فلا يجوز له حينئذ التفويض.

(مسألة 1074): لا يجوز للوصي تفويض الوصاية إلى غيره

بمعنى عزل نفسه عن الوصاية و جعلها له فيكون غيره وصياً عن الميت. بجعل منه.

(مسألة 1075): إذا بطلت وصاية الوصي لفوات شرطها نصب الحاكم الشرعي وصياً مكانه

أو تولى الصرف بنفسه و كذا إذا أوصى و لم يعين وصياً أصلًا.

(مسألة 1076): إذا نسي الوصي مصرف المال الموصى به و عجز عن معرفته صرفه في وجوه البر

التي يحتمل أن تكون مصرف المال الموصى به، هذا إذا كان التردد بين غير المحصور أما إذا تردد بين محصور ففيه إشكال و لا يبعد الرجوع إلى القرعة في تعيينه.

(مسألة 1077): يجوز للموصي أن يجعل ناظراً على الوصي

مشرفاً و مطلعاً على عمله بحيث لا يجوز للوصي أن يعمل بالوصية إلّا بإطلاع الناظر و إشرافه عليه فإذا عمل بدون إشرافه كان بدون إذن من الموصي و خيانة له، و إذا عمل باطّلاعه كان مأذوناً فيه و أداء لوظيفته و لا يجب على الوصي متابعة مثل هذا الناظر في رأيه و نظره، فإذا أوصى الموصي باستنابة من يصلي عنه فاستناب الوصي زيداً و كان الناظر يريد استنابة عمرو و يراها أرجح لم يقدح ذلك في صحة استنابة زيد و ليس للناظر الاعتراض عليه في ذلك. نعم لو جعله ناظراً على الوصي بمعنى أن يكون

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 293

عمل الوصي بنظره ففي المثال المذكور لا تصح استنابة زيد و تجب استنابة عمرو لكن هذا المعنى خلاف ظاهر جعل الناظر على الوصي.

و الظاهر أنه إذا خان الوصي لم يجب على الناظر بما هو ناظر مدافعته في كلتا الصورتين فلو لم يدافع لم يكن ضامناً، و في كلتا الصورتين إذا مات الناظر أو امتنع عن الإشراف أو الرأي لزم الوصي الرجوع إلى الحاكم الشرعي.

(مسألة 1078): الوصية جائزة من طرف الموصي

فإذا أوصى بشي ء جاز له العدول إلى غيره.

(مسألة 1079): إذا أوصى إلى أحد جاز له العدول إلى غيره

(مسألة 1080): إذا أوصى بأشياء جاز له العدول عن جميعها

و عن بعضها كما يجوز له تبديل جميعها و تبديل بعضها ما دام فيه الروح إذا وجدت فيه الشرائط المتقدمة من العقل و الاختيار و غيرهما.

(مسألة 1081): إذا أوصى إلى شخص ثمّ أوصى إلى آخر و لم يخبر الوصي الأول

بالعدول عنه إلى غيره فمات فعمل الوصي الأول بالوصية ثمّ علم كانت الغرامة على الميت فتخرج من أصل التركة ثمّ يخرج الثلث للوصي الثاني. هذا إذا لم يكن العدول عن الأول لسبب ظاهر أما إذا كان لسبب ظاهر كما إذا هاجر الوصي الأول إلى بلاد بعيدة أو حدثت بينه و بين الوصي عداوة و مقاطعة فعدل عنه كان ما صرفه الوصي الأول من مال نفسه.

(مسألة 1082): يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول

مثل أن يقول: رجعت عن وصيتي إلى زيد، و بالفعل مثل أن يوصي بصرف ثلثه ثمّ يوصي بوقفه و مثل أن يوصي بوقف عين أو بصرفها ثمّ يبيعها أو يهبها.

(مسألة 1083): لا يعتبر في وجوب العمل بالوصية مرور مدة طويلة أو قصيرة

فإذا أوصى ثمّ مات بلا فصل وجب العمل بها، و كذا إذا مات بعد مرور سنين، نعم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 294

يعتبر عدم الرجوع عنها، و إذا شك في الرجوع بنى على عدمه.

(مسألة 1084): إذا قال: إذا مت في هذا السفر فوصيي فلان و وصيتي كذا

و كذا، فإذا لم يمت في ذلك السفر و مات في غيره لم يجب العمل بوصيته و لم يكن له وصي.

(مسألة 1085): إذا كان الداعي له على إنشاء الوصية خوف الموت في السفر الذي عزم عليه وجب العمل بوصيته

و إن لم يمت في ذلك السفر، و لأجل ذلك يجب العمل بوصايا الحجاج عند العزم على الحج و مثلهم زوار الرضا عليه السلام و المسافرون أسفاراً بعيدة فإن الظاهر أن هؤلاء و أمثالهم لم يقيدوا الوصية بالموت في ذلك السفر و إنما كان الداعي على الوصية خوف الموت في ذلك السفر فيجب العمل بوصاياهم ما لم يتحقق الرجوع عنها.

(مسألة 1086): يجوز للوصي أن يأخذ اجرة مثل عمله إذا كانت له اجرة

إلّا إذا كان اوصي إليه بأن يعمل مجاناً كما لو صرح الموصي بذلك أو كانت قرينة عليه فلا يجوز له أخذ الاجرة حينئذ و يجب عليه العمل بالوصية إن كان قد قبل، أما إذا لم يقبل ففي الوجوب إشكال و الأقرب العدم. هذا بالنسبة إلى العمل الذي أوصى إليه فيه كالبيع و الشراء و أداء الديون و نحو ذلك من الأعمال التي هي موضوع ولايته.

أما لو أوصى بأعمال اخرى مثل أن يوصي إلى زيد أن يحج عنه أو يصلي عنه أو نحو ذلك لم يجب عليه القبول حتى لو لم يعلم بذلك في حياة الموصي و لو قبل في حياته فإن كان أوصى إليه بالعمل مجاناً مثل أن يحج فقبل لم يبعد جواز الرد بعد وفاته.

(مسألة 1087): إذا جعل له اجرة معينة بأن قال له: حج عني بمائة دينار

كان إجارة و وجب العمل بها و له الاجرة إذا كان قد قبل في حياته و إلّا لم يجب. و لو كان بأُجرة غير معينة عندهما بأن قال له: حج عني بأُجرة المثل و لم تكن الاجرة معلومة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 295

عندهما فقبل في حياته لم يبعد أيضاً عدم وجوب العمل و جريان حكم الإجارة الفاسدة. و لو كان بطريق الجعالة لم يجب العمل، لكنه يستحق الاجرة على تقدير العمل لصدق الوصية حينئذ.

(مسألة 1088): تثبت الوصية التمليكية بشهادة مسلمين عادلين

و بشهادة مسلم عادل مع يمين الموصى له و بشهادة مسلم عادل مع مسلمتين عادلتين كغيرها من الدعاوى المالية.

(مسألة 1089): تختص الوصية التمليكية بأنها تثبت بشهادة النساء منفردات

فيثبت ربعها بشهادة مسلمة عادلة، و نصفها بشهادة مسلمتين عادلتين، و ثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات، و تمامها بشهادة أربع مسلمات عادلات بلا حاجة إلى اليمين في شهادتهن.

(مسألة 1090): الوصية العهدية و هي الوصاية بالولاية لا تثبت إلّا بشهادة مسلمين عادلين.

(مسألة 1091): تثبت الوصية التمليكية و العهدية بشهادة كتابيين عدلين

في دينهما عند عدم عدول المسلمين و لا تثبت بشهادة غيرهما من الكفار.

(مسألة 1092): تثبت الوصية التمليكية بإقرار الورثة جميعهم

إذا كانوا عقلاء بالغين و إن لم يكونوا عدولًا. و إذا أقر بعضهم دون بعض تثبت بالنسبة إلى حصة المقر دون المنكر. نعم، إذا أقر منهم اثنان و كانا عدلين ثبتت الوصية بتمامها، و إذا كان عدلًا واحداً تثبت أيضاً مع يمين الموصى له.

(مسألة 1093): تثبت الوصية العهدية بإقرار الورثة جميعهم

، و إذا أقر بعضهم ثبت بعض الموصى به على نسبة حصة المقر و ينقص من حقه. نعم إذا أقر اثنان عدلان منهم ثبتت الوصية بتمامها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 296

فصل في منجزات المريض

(مسألة 1094): إذا تصرف المريض في مرض الموت تصرفاً منجزاً

فإن لم يكن مشتملًا على المحاباة كما إذا باع بثمن المثل أو آجر بأُجرة المثل فلا إشكال في صحته و لزوم العمل به. و إذا كان مشتملًا على نوع من المحاباة و العطاء المجاني كما إذا اعتق أو أبرأ أو وهب هبة مجانية غير معوضة أو معوضة بأقل من القيمة أو باع بأقل من ثمن المثل أو آجر بأقل من اجرة المثل أو نحو ذلك مما يستوجب نقصاً في ماله فالظاهر أنه نافذ كتصرفه في حال الصحة، و القول بأنه يخرج من الثلث فإذا زاد عليه لم ينفذ إلّا بإجازة الوارث ضعيف.

(مسألة 1095): إذا أقر بعين أو دين لوارث أو لغيره فإن كان المقر مأموناً و مصدقاً

في نفسه نفذ الإقرار من الأصل و إن كان متهماً نفذ من الثلث. هذا إذا كان الإقرار في مرض الموت. أما إذا كان في حال الصحة أو في مرض غير مرض الموت أخرج من الأصل و إن كان متهماً.

(مسألة 1096): إذا قال: هذا وقف بعد وفاتي، أو نحو ذلك

مما يتضمن تعليق الإيقاع على الوفاة فهو باطل لا يصح و إن أجاز الورثة.

(مسألة 1097): الإنشاء المعلق على الوفاة إنما يصح في مقامين:

1- إنشاء الملك و هي الوصية التمليكية أو إنشاء الولاية كما في موارد الوصية العهدية.

2- إنشاء العتق و هو التدبير، و لا يصح في غيرهما من أنواع الإنشاء.

(مسألة 1098): إذا قال: بعت أو آجرت أو صالحت أو وقفت بعد وفاتي بطل،

و لا يجري عليه حكم الوصية بالبيع أو الوقف مثلًا، بحيث يجب على الورثة أن يبيعوا أو يوقفوا بعد وفاته إلّا إذا فهم من كلامه أنه يريد الوصية بالبيع أو الوقف فحينئذ كانت وصيته صحيحة و وجب العمل بها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 297

(مسألة 1099): إذا قال للمدين أبرأت ذمتك بعد وفاتي

، و أجازه الوارث بعد موته برئت ذمة المدين، فإن إجازة الإبراء بنفسها تنازل من قبل الورثة عن حقهم و إبراء لذمة المدين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 299

كتاب الوقف

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 301

و هو تحبيس الأصل و تسبيل الثمرة.

[مسائل]

(مسألة 1100): لا يكفي في تحقق الوقف مجرد النية

بل لا بد من إنشاء ذلك بمثل: وقفت، و حبست و نحوهما مما يدل على المقصود.

(مسألة 1101): الظاهر وقوعه بالمعاطاة

مثل أن يعطي إلى قيم مسجد أو مشهد آلات الإسراج أو يعطيه الفراش أو نحو ذلك. بل ربما يقع بالفعل بلا معاطاة مثل أن يعمر الجدار أو الاسطوانة الخربة من المسجد أو نحو ذلك فإنه إذا مات من دون إجراء صيغة الوقف لا يرجع ميراثاً إلى ورثته.

(مسألة 1102): الوقف تارة يكون له موقوف عليه يقصد عود المنفعة إليه

و تارة لا يكون كذلك، و الثاني كوقف المسجد فإن الواقف لم يلحظ في الوقف منفعة خاصة و إنما لاحظ مجرد حفظ العنوان الخاص و هو عنوان المسجدية و هذا القسم لا يكون له موقوف عليه.

(مسألة 1103): إذا لاحظ الواقف منفعة خاصة مثل الصلاة أو الذكر أو الدعاء أو نحوها من أنحاء العبادة

فقال: وقفت هذا المكان على المصلين أو الذاكرين أو الداعين أو نحو ذلك لم يصر مسجداً و لم تجر عليه أحكام المسجد و إنما يصير وقفاً على الصلاة أو غيرها مما لاحظه الواقف و يكون من القسم الأول الذي له موقوف عليه و هو الذي لاحظ الواقف فيه المنفعة و هو على أقسام:

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 302

الأول: أن يلحظ عود المنفعة إلى الموقوف عليهم بصيرورتها ملكاً لهم كما إذا قال: هذا المكان وقف على أولادي على أن تكون منافعه لهم، أو هذه البستان وقف على أولادي على أن تكون ثمرتها لهم فتكون المنافع و الثمرة ملكاً لهم كسائر أملاكهم تجوز المعاوضة منهم عليها و يرثها وارثهم و تضمن لهم عند طروء سبب الضمان و تجب الزكاة على كل واحد منهم عند بلوغ حصته النصاب.

الثاني: أن يلحظ صرف المنافع على الموقوف عليهم من دون تمليك فلا تجوز المعاوضة من أحد الموقوف عليهم على حصته، و لا تجب فيها الزكاة و إن بلغت النصاب و لا يرثها وارث الموقوف عليه إذا مات قبل أن تصرف المنفعة عليه و لكن المنفعة تضمن بطروء سبب الضمان و هذا القسم على نوعين:

1- أن يلحظ فيه صرف شخص المنفعة كما إذا قال:

هذه الشجرة وقف على أولادي يأكلون ثمرتها و في مثله لا يجوز للولي تبديلها و المعاوضة عليها بل يصرف نفس الثمرة عليهم ليأكلوها.

2- أن لا يلحظ فيه صرف شخص المنفعة بل يلحظ

الأعم منها و من بدلها كما إذا قال: هذه البستان وقف على أولادي تصرف منفعتها عليهم سواء أ كان بتبديلها إلى عين اخرى بأن يبدل الولي الثمرة بالحنطة أو الدقيق أو الدراهم أم ببذل نفسها لهم.

القسم الثالث: أن يلاحظ الواقف انتفاع الموقوف عليهم مباشرة باستيفاء المنفعة بأنفسهم مثل وقف خانات المسافرين و الرباطات و المدارس و كتب العلم و الأدعية و نحوها. و هذا القسم كما لا تجوز المعاوضة على منافعه لا من الموقوف عليهم و لا من الولي لا توارث فيه و الظاهر ثبوت الضمان فيه أيضاً إذا غصب المنفعة غاصب كالأقسام السابقة. نعم الظاهر عدم الضمان في مثل المساجد التي يكون الوقف فيها تحريراً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 303

(مسألة 1104): الظاهر عدم اعتبار القبول في الوقف بجميع أنواعه

و إن كان الاعتبار أحوط و لا سيما في الوقف بلحاظ ملك المنفعة سواء أ كان عاماً مثل الوقف على العلماء أم خاصاً مثل الوقف على أولاده فيقبل في الأول الحاكم الشرعي و في الثاني الموقوف عليهم من الطبقة الاولى.

(مسألة 1105): الأظهر عدم اعتبار القربة في صحة الوقف

و لا سيما في مثل الوقف على الذرية.

(مسألة 1106): يعتبر في صحة الوقف قبض الموقوف عليه

أو قبض وكيله أو وليه فإذا مات قبل القبض بطل، و لا يعتبر في القبض الفورية، و في اعتبار إذن الواقف في القبض إشكال.

(مسألة 1107): يكفي في تحقق القبض في مثل الوقف على الذرية

مثلا قبض الطبقة الاولى.

(مسألة 1108): إذا وقف على أولاده الصغار و أولاد أولاده و كانت العين في يده

كفى ذلك في تحقق القبض و لم يحتج إلى قبض آخر و إذا كانت العين في يد غيره فلا بد من أخذها منه ليتحقق قبض وليهم.

(مسألة 1109): إذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفى ذلك في قبضها

و لم يحتج إلى قبض جديد.

(مسألة 1110): يكفي في قبض غير المنقول رفع الواقف يده عنه

و استيلاء الموقوف عليهم عليه.

(مسألة 1111): في اعتبار القبض في صحة الوقف على الجهات العامة إشكال

و لا يترك الاحتياط و يكفى قبض المتولي و إن كان الأحوط حينئذٍ الاستيذان من الحاكم الشرعي و تعيّن قبض الحاكم مع عدم المتولي الشرعي.

(مسألة 1112): بناء على اعتبار القبض في الوقف على الجهات العامة

فالظاهر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 304

عدم الحاجة إلى قبض المتولّي أو الحاكم فإذا وقف مقبرة كفى في تحقق القبض الدفن فيها، و إذا وقف مكاناً للصلاة تكفي الصلاة فيه، و إذا وقف حسينية تكفي إقامة العزاء فيها. و كذا الحكم في مثل وقف الخان على المسافرين و الدار على سكنى العلماء و الفقراء فإنه يكفي في قبضها السكنى فيها.

(مسألة 1113): إذا وقف حصيراً للمسجد كفى وضعه في المسجد

و كذا في مثل آلات المشاهد و المعابد و المساجد و نحوها فإن الظاهر أنه يكفي في قبضها وضعها فيها بقصد استعمالها.

(مسألة 1114): إذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوها فعمره عامر

فالظاهر كفاية ذلك في تمامية الوقف و إن لم يقبضه قابض، و إذا مات لم يرجع ميراثاً لوارثه كما عرفت.

(مسألة 1115): إذا وقف على أولاده الكبار فقبض واحد منهم صح القبض

في حصته و لم يصح في حصة الباقين.

(مسألة 1116): الوقوف التي تتعارف عند الأعراب بأن يوقفوا شاة على أن يكون الذكر المتولد منها (ذبيحة)

أي يذبح و يؤكل، و الانثى (منيحة) أي تبقى و ينتفع بصوفها و لبنها و إذا ولدت ذكراً كان (ذبيحة) و إذا ولدت انثى كانت (منيحة) و هكذا، فإذا كان وقفهم معلقاً على شفاء مريض أو ورود مسافر أو سلامة غنمهم من الغزو أو المرض أو نحو ذلك فهي باطلة. و إذا كانت منجزة غير معلقة فالظاهر بطلانها أيضاً؛ لأن المنيحة إذا كانت ملكاً للواقف فلا يمكن أن يكون نتاجها الذكر ذبيحة؛ لأن وقف المعدوم باطل و إن خرجت عن ملك الواقف، فلا يمكن أن يكون صوفها و لبنها راجعاً إليه أو إلى ورثته.

(مسألة 1117): لا يجوز في الوقف توقيته بمدة

فإذا قال: داري وقف على أولادي سنة أو عشر سنين بطل، و الظاهر عدم صحته حبساً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 305

(مسألة 1118): إذا وقف على من ينقرض كما إذا وقف على أولاده

و أولاد أولاده صح وقفاً فإذا انقرضوا رجع إلى ورثة الواقف حين الموت لا حين الانقراض. فإذا مات الواقف عن ولدين و مات أحدهما قبل الانقراض و ترك ولداً ثمّ انقرض الموقوف عليهم كانت العين الموقوفة مشتركة بين العم و ابن أخيه.

(مسألة 1119): لا فرق فيما ذكرناه من صحة الوقف و رجوعه إلى ورثة الواقف

بين كون الموقوف عليه مما ينقرض غالباً و بين كونه مما لا ينقرض غالباً فاتفق انقراضه. نعم يستثنى من ذلك ما إذا ظهر من القرائن أن خصوصية الموقوف عليه ملحوظة بنحو تعدد المطلوب بأن كان الواقف قد أنشأ التصدق بالعين و كونه على نحو خاص فإذا بطلت الخصوصية بقي أصل التصدق فإذا قامت القرينة على ذلك و انقرض الموقوف عليه لم يرجع إلى الوارث أو ورثته بل تبقى العين وقفاً و تصرف منافعها في جهة اخرى الأقرب فالأقرب.

(مسألة 1120): إذا وقف عينا على غيره و شرط عودها إليه عند الحاجة

ففي صحّة الوقف قولان و الأظهر البطلان.

(مسألة 1121): يشترط في صحة الوقف التنجيز

فلو علقه على أمر مستقبل معلوم الحصول أو متوقع الحصول أو أمر حالي محتمل الحصول إذا كان لا يتوقف عليه صحة العقد بطل، فإذا قال: وقفت داري إذا جاء رأس الشهر أو إذا ولد لي ذكر أو إن كان هذا اليوم يوم الجمعة بطل، و إذا علقه على أمر حالي معلوم الحصول أو علقه على أمر مجهول الحصول و لكنه كان يتوقف عليه صحة العقد كما إذا قال زيد: وقفت داري إن كنت زيداً أو وقفت داري إن كانت لي صح.

(مسألة 1122): إذا قال هذا وقف بعد وفاتي بطل

إلّا أن يفهم منه عرفاً أنه أراد الوصية بالوقف فيجب العمل بها عند تحقق شرائطها فيوقف بعده. نعم، إذا قال مثلًا هذا وقف بعد وفاتي على عزاء سيد الشهداء عليه السلام فلا يبعد أن يكون المتفاهم العرفي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 306

الوصية به لا بوقفه فتنفذ فيما إذا كان بمقدار ثلثه أو مع إجازة الورثة فالمراد بالوقف صرف عائداته على عزائه عليه السلام مع بقاء العين في ملكه فلا موجب لإنشاء الوقف عليه بعد مماته.

(مسألة 1123): يشترط في صحة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الوقف

فإذا وقف على نفسه بطل، و إذا قال: داري وقف عليَّ و على أخي مثلًا على نحو التشريك بطل الوقف في نصف الدار، و إذا كان على نحو الترتيب بأن قصد الوقف على نفسه ثمّ على غيره كان الوقف من المنقطع الأول فيبطل مطلقاً و إن قصد الوقف على غيره ثمّ على نفسه بطل بالنسبة على نفسه فقط و كان من الوقف المنقطع الآخر، و إن قال: هي وقف على أخي، ثمّ على نفسي، ثمّ على شخص آخر بطل الوقف بالنسبة إلى نفسه و الشخص الآخر، و كان من الوقف المنقطع الوسط.

(مسألة 1124): إذا وقف على أولاده و اشترط عليهم وفاء ديونه من مالهم

، عرفية كانت الديون أم شرعية كالزكاة و الكفارات المالية صح بل الظاهر صحة الوقف إذا اشترط وفاء ديونه من حاصل الوقف أيضاً.

(مسألة 1125): إذا وقف على جيرانه و اشترط عليهم أكل ضيوفه

أو القيام بمئونة أهله و أولاده حتى زوجته صح. و إذا اشترط عليهم نفقة زوجته الواجبة عليه من مالهم صح و الظاهر الصحة مع اشتراطها من حاصل الوقف أيضا.

(مسألة 1126): إذا وقف عيناً له على وفاء ديونه العرفية و الشرعية بعد الموت

ففي صحته كما قيل إشكال و الأظهر الصحّة في فرض كون المفهوم من كلامه الوصية كما تقدّم في المسألة (1122) و كذا في ما لو وقفها على أداء العبادات عنه بعد الوفاة.

(مسألة 1127): إذا أراد التخلص من إشكال الوقف على النفس

فله أن يملك العين لغيره ثمّ يقفها غيره على النهج الذي يريد من إدرار مئونته و وفاء ديونه و نحو ذلك. و يجوز له أن يشترط ذلك عليه في ضمن عقد التمليك كما يجوز له أن يؤجرها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 307

مدة و يجعل لنفسه خيار الفسخ و بعد الوقف يفسخ الإجارة فترجع المنفعة إليه لا إلى الموقوف عليهم بل لا يبعد صحة وقف العين مع اشتراط بقاء منافعها على ملكه مدة معينة كسنة أو غير معينة مثل مدة حياته.

(مسألة 1128): يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة في مثل المساجد و القناطر

و المدارس و منازل المسافرين و كتب العلم و الزيارات و الأدعية و الآبار و العيون و نحوها مما لم تكن المنفعة معنونة بعنوان خاص مضاف إلى الموقوف عليه بل قصد مجرد بذل المنفعة و إباحتها للعنوان العام الشامل للواقف. أما إذا كان الوقف على الأنحاء الاخر مع كون الموقوف عليه عنواناً كلياً عاما ففي جواز مشاركة الواقف إشكال و الأظهر الجواز.

(مسألة 1129): إذا تم الوقف كان لازماً لا يجوز للواقف الرجوع فيه

، و إن وقع في مرض الموت لم يجز للورثة رده و إن زاد على الثلث.

فصل في شرائط الواقف

(مسألة 1130): يعتبر في الواقف أن يكون جائز التصرف بالبلوغ و العقل و الاختيار، و عدم الحجر

لسفه أو رقٍّ أو غيرهما، فلا يصح وقف الصبي و إن بلغ عشراً.

نعم، إذا أوصى بأن يوقف ملكه بعد وفاته على وجوه البر و المعروف لأرحامه و كان قد بلغ عشراً و عقل نفذت وصيته كما تقدم، و إذا كان وقف الصبي بإذن الولي و كان ذا مصلحة ففي بطلانه إشكال و الأظهر الصحة.

(مسألة 1131): يجوز للواقف جعل الولاية على العين الموقوفة لنفسه و لغيره

على وجه الاستقلال و الاشتراك كما يجوز له أيضاً جعل الناظر على الولي بمعنى المشرف عليه أو بمعنى أن يكون هو المرجع في النظر و الرأي، و لا فرق في المجعول له الولاية و النظارة بين العادل و الفاسق. نعم إذا خان الولي ضم إليه الحاكم الشرعي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 308

من يمنعه عن الخيانة فإن لم يمكن ذلك عزله.

(مسألة 1132): يجوز للمجعول له الولاية أو النظارة الرد و عدم القبول

بل لا يبعد جواز الرد بعد القبول أيضاً.

(مسألة 1133): يجوز أن يجعل الواقف للولي و الناظر مقداراً معيناً من ثمرة العين الموقوفة

أو منفعتها سواء أ كان أقل من اجرة المثل أم أكثر أم مساوياً، فإن لم يجعل له شيئاً كانت له اجرة المثل إن كانت لعمله اجرة إلّا أن يظهر من القرائن أن الواقف قصد المجانية.

(مسألة 1134): إذا لم يجعل الواقف ولياً على الوقف كانت الولاية عليه للحاكم الشرعي

. نعم إذا كان الوقف على نحو التمليك و كان خاصاً كانت الولاية عليه للموقوف عليه، فإذا قال: هذه الدار وقف لأولادي و من بعدهم لأولادهم و هكذا، فالولاية عليها و على منافعها تكون للأولاد، و إذا لم يكن الوقف خاصاً أو كان و لم يكن على نحو التمليك بأن كان على نحو الصرف و غيره من الأنواع فالولاية للحاكم الشرعي.

(مسألة 1135): إذا جعل الواقف ولياً أو ناظراً على الولي فليس له عزله

. نعم إذا فقد شرط الواقف كما إذا جعل الولاية للعدل ففسق أو جعلها للأرشد فصار غيره أرشد، أو نحو ذلك انعزل بذلك بلا حاجة إلى عزل.

(مسألة 1136): يجوز للواقف أن يفوض تعيين الولي على الوقف إلى شخص بعينه

و أن يجعل الولاية لشخص و يفوض إليه تعيين من بعده.

(مسألة 1137): إذا عين الواقف للولي (المجعول له الولاية) جهة خاصة

اختصت ولايته بتلك الجهة و كان المرجع في بقية الجهات الحاكم الشرعي و إن أطلق له الولاية كانت الجهات كلها تحت ولايته فله الإجارة و التعمير و أخذ العوض و دفع الخراج و جمع الحاصل و قسمته على الموقوف عليهم و غير ذلك مما يكون تحت

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 309

ولاية الولي، نعم إذا كان في الخارج تعارف تنصرف إليه الولاية اختصت الولاية بذلك المتعارف.

(مسألة 1138): لا يشترط في الواقف الإسلام

فيصح وقف الكافر إذا كان واجداً لسائر الشرائط على الأقوى.

فصل في شرائط العين الموقوفة

(مسألة 1139): يعتبر في العين الموقوفة أن تكون عيناً موجودة

فلا يصح وقف الدين و لا وقف الكلي و لا وقف المنفعة فإذا قال: وقفت ما هو لي في ذمة زيد من فرش أو إناء أو نحوهما، أو قال: وقفت فرساً أو عبداً من دون تعيين أو قال: وقفت منفعة داري لم يصح في الجميع.

(مسألة 1140): يعتبر أن تكون العين مملوكة أو بحكمها

فلا يصح وقف الحر و المباحات الأصلية قبل حيازتها و يجوز وقف إبل الصدقة و غنمها و بقرها إذا كان الواقف مالك العين الزكوية أو الحاكم الشرعي.

(مسألة 1141): يعتبر في العين الموقوفة أن تكون مما يمكن الانتفاع بها

مع بقائها فلا يصح وقف الأطعمة و الخضر و الفواكه مما لا نفع فيه إلّا بإتلاف عينه كما يعتبر أن يكون الانتفاع بها محللًا فلا يصح وقف آلات اللهو و آلات القمار و الصلبان و نحوها مما يحرم الانتفاع به، و يعتبر أن تكون المنفعة المقصودة بالوقف محللة فلا يصح وقف الدابة لحمل الخمر و الخنزير.

(مسألة 1142): لا يعتبر في إنشاء الوقف أن تكون العين مما يمكن قبضه حال الوقف

فإذا وقف العبد الآبق أو الجمل الشارد أو الطير الطائر و تحقق القبض بعده صح الوقف.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 310

(مسألة 1143): لا إشكال في صحة وقف الثياب و الأواني و الفرش و الدور

و البساتين و الأراضي الزراعية و الكتب و السلاح و الحيوانات إذا كان ينتفع بها في الركوب أو الحمل أو اللبن أو الوبر و الشعر و الصوف أو غير ذلك و كذا غيرها مما له منفعة محللة و يجوز وقف الدراهم و الدنانير إذا كان ينتفع بها في التزيين، و أما وقفها لحفظ الاعتبار ففيه إشكال. نعم، لا يبعد صحّة وقفها لحفظ الاعتبار مع شرط الصرف فيما إذا اتفق اضطرار خاص للموقوف عليهم أو لبعضهم.

(مسألة 1144): المراد من المنفعة أعم من المنفعة العينية مثل الثمر و اللبن و نحوهما

و المنفعة الفعلية مثل الركوب و الحرث و السكنى و غيرها.

(مسألة 1145): لا يشترط في المنفعة أن تكون موجودة حال الوقف

فيكفي أن تكون متوقعة الوجود في المستقبل مثل وقف الشجرة قبل أن تثمر و وقف الدابة الصغيرة قبل أن تقوى على الركوب أو الحمل عليها.

فصل في شرائط الموقوف عليه

(مسألة 1146): يشترط في الموقوف عليه امور:

الأول: التعيين، فإذا وقف على المردد بين شيئين أو أشياء مثل أحد المسجدين أو أحد المشهدين أو أحد الولدين لم يصح نعم إذا وقف على الجامع بين أمرين أو امور صح.

الثاني: أن يكون الموقوف عليه إذا كان خاصاً موجوداً حال الوقف فلا يصح الوقف على المعدوم حاله سواء أ كان موجوداً قبل ذلك كما إذا وقف على زيد الذي مات أو يوجد بعد الوقف مثل أن يقف على ولده الذي سيولد و أما إذا كان حملًا لم ينفصل حين الوقف ففي بطلان الوقف تأمل، و الأظهر الصحّة بشرط أن يولد حيّاً و إلّا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 311

انكشف بطلان الوقف. نعم، إذا وقف على المعدوم تبعاً للموجود كما إذا وقف على أولاده ثمّ على أولادهم ثمّ على أولاد أولادهم و هكذا صح.

(مسألة 1147): إذا وقف على أولاده الموجودين ثمّ على من سيوجد

على أن يكون بعد وجوده مقدماً على الموجودين فالظاهر الصحة.

الشرط الثالث: أن لا يكون الوقف عليه على نحو الصرف في المعصية كالصرف في الزنا و شرب الخمر و نسخ كتب الضلال و نشرها و تدريسها و شراء آلات الملاهي و نحو ذلك.

(مسألة 1148): يجوز وقف المسلم على الكافر في الجهات المحللة

(مسألة 1149): يجوز الوقف على المملوك قِنّاً كان أم غيره

كان الوقف على نحو التمليك أم الصرف.

(مسألة 1150): إذا وقف على ما لا يصح الوقف عليه

و ما يصح على نحو التشريك بطل بالنسبة إلى حصة الأول و صح بالنسبة إلى حصة الثاني، و إن كان على نحو الترتيب فإن كان الأول مقدماً فالأقوى بطلانه رأساً و إن كان مؤخراً كان من المنقطع الآخر فيصح فيما يصح الوقف عليه و يبطل فيما بعده.

(مسألة 1151): إذا وقف على ما يصح الوقف عليه ثمّ على ما لا يصح الوقف عليه

ثمّ على ما يصح الوقف عليه كان من المنقطع الوسط فيصح في الأول و يبطل فيما بعده مطلقاً حتى في الأخير.

(مسألة 1152): إذا وقف على الزائرين أو الحجاج أو عالم البلد أو نحو ذلك

من العناوين العامة التي توجد لها أفراد في وقت و لا توجد في وقت آخر صح و إن لم يكن له فرد حين الوقف.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 312

فصل في بيان المراد من بعض عبارات الواقف

(مسألة 1153): إذا وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد

فالمراد فقراء المسلمين، و إذا كان الواقف من الشيعة فالمتيقن فقراء الشيعة، و إذا كان كافرا فالمراد فقراء أهل دينه، فإن كان يهودياً فالمراد فقراء اليهود، و إن كان نصرانياً فالمراد فقراء النصارى و هكذا، و كذا إذا كان سنياً فالمراد فقراء السنة و إذا كان السنيون على مذاهب بحيث لا يعطف بعضهم على بعض اختص بفقراء مذهب الواقف.

(مسألة 1154): إذا وقف على الفقراء أو فقراء البلد أو فقراء بني فلان أو الحجاج

أو الزوار أو العلماء أو مجالس عزاء سيد الشهداء عليه السلام أو خصوص مجالس البلد فالظاهر منه المصرف فلا يجب الاستيعاب و إن كانت الأفراد محصورة. نعم، إذا وقف على جميعهم وجب الاستيعاب فإن لم يمكن لتفرقهم عزل حصة من لم يتمكن من إيصال حصته إليه إلى زمان التمكن، و إذا شك في عددهم اقتصر على الأقل المعلوم و الأحوط له التفتيش و الفحص.

(مسألة 1155): إذا قال: هذا وقف على أولادي أو ذريتي أو أصهاري

أو أرحامي أو تلامذتي أو مشايخي أو جيراني، فالظاهر منه العموم فيجب فيه الاستيعاب.

(مسألة 1156): إذا وقف على المسلمين كان لمن يعتقد الواقف إسلامه

، فلا يدخل في الموقوف عليهم من يعتقد الواقف كفره و إن أقر بالشهادتين و يعم الوقف المسلمين جميعاً الذكور و الإناث و الكبار و الصغار.

(مسألة 1157): إذا وقف على المؤمنين اختص الوقف بمن كان مؤمناً

في اعتقاد الواقف فإذا كان الواقف اثني عشرياً اختص الوقف بالاثني عشرية من الإمامية و لا فرق بين الرجال و النساء و الأطفال و المستضعفين، و لا بين العدول و الفساق و كذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 313

إذا وقف على الشيعة، نعم إذا كان الواقف على الشيعة من بعض الفرق الاخر من الشيعة فالظاهر من الشيعة العموم للاثني عشرية و غيرهم ممن يعتقد الخلافة لعلي عليه السلام بلا فصل.

(مسألة 1158): إذا وقف في سبيل اللّٰه تعالى أو في وجوه البر

فالمراد منه ما يكون قربة و طاعة.

(مسألة 1159): إذا وقف على أرحامه أو أقاربه

فالمرجع فيه العرف و إذا وقف على الأقرب فالأقرب كان على كيفية الإرث.

(مسألة 1160): إذا وقف على أولاده اشترك الذكر و الانثى و الخنثى

، نعم إذا كان المفهوم في العرف الخاص لبعض البلاد خصوص الذكر اختص به دون الانثى و كذا الحال إذا وقف على أولاده و أولاد أولاده.

(مسألة 1161): إذا وقف على إخوته اشترك الإخوة للأبوين و الإخوة للأب

فقط و الإخوة للُام فقط بالسوية، و كذا إذا وقف على أجداده اشترك الأجداد لأبيه و الأجداد لُامه... و كذا إذا وقف على الأعمام أو الأخوال فإنه يعم الأعمام للأبوين و للأب و للُام و كذلك الأخوال و لا يشمل الوقف على الإخوة أولادهم و لا الأخوات و لا الوقف على الأعمام و الأخوال أعمام الأب و الام و أخوالهما و العمات مطلقا و الخالات كذلك.

(مسألة 1162): إذا وقف على أبنائه لم تدخل البنات

و إذا وقف على ذريته دخل الذكر و الانثى و الصلبي و غيره.

(مسألة 1163): إذا قال: هذا وقف على أولادي ما تعاقبوا و تناسلوا

فالظاهر منه التشريك، و إذا قال: وقف على أولادي الأعلى فالأعلى فالظاهر منه الترتيب، و إذا قال:

وقف على أولادي نسلًا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة أو طبقة فطبقة، ففي كونه للترتيب أو للتشريك قولان و الأظهر الأول.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 314

(مسألة 1164): إذا تردد الموقوف عليه بين عنوانين أو شخصين

فالمرجع في تعيينه القرعة، و إذا شك في الوقف أنه ترتيبي أو تشريكي فإن كان هناك اطلاق في عبارة الواقف كان مقتضاه التشريك و إن لم يكن فيها إطلاق اعطي أهل المرتبة المحتملة التقدم حصتهم و اقرع في الحصة المرددة بينهم و بين من بعدهم فيعطى من خرجت القرعة باسمه.

(مسألة 1165): إذا وقف على العلماء فالظاهر منه علماء الشريعة

فلا يشمل علماء الطب و النجوم و الهندسة و الجغرافيا و نحوهم. و إذا وقف على أهل بلد اختص بالمواطنين و المجاورين منهم و لا يشمل المسافرين و إن نووا إقامة مدة فيه.

(مسألة 1166): إذا وقف على مسجد أو مشهد صرف نماؤه في مصالحه

من تعمير و فرش و سراج و كنس و نحو ذلك من مصالحه، و في جواز إعطاء شي ء من النماء لإمام الجماعة إشكال إلّا أن تكون هناك قرينة على إرادة ما يشمل ذلك فيعطى منه حينئذ.

(مسألة 1167): إذا وقف على الحسين عليه السلام صرف في إقامة عزائه

مع بذل الطعام فيه و بدونه و الأحوط إهداء ثواب ذلك إليه عليه السلام و لا فرق بين إقامة مجلس للعزاء و أن يعطى الذاكر لعزائه عليه السلام في المسجد أو الحرم أو الصحن أو غير ذلك.

(مسألة 1168): إذا وقف على أن يصرف على ميت أو أموات صرف في مصالحهم الاخروية

من الصدقات عنهم و فعل الخيرات لهم، و إذا احتمل اشتغال ذمتهم بالديون صرف أيضاً في إفراغ ذمتهم.

(مسألة 1169): إذا وقف على النبي صلى الله عليه و آله و الأئمة عليهم السلام صرف في إقامة المجالس لذكر فضائلهم

و مناقبهم و وفياتهم و بيان ظلاماتهم و نحو ذلك مما يوجب التبصر بمقامهم الرفيع و الأحوط إهداء ثواب ذلك إليهم عليهم السلام و لا فرق بين إمام العصر (عجل اللّٰه تعالى فرجه الشريف) و آبائه الطاهرين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 315

(مسألة 1170): إذا وقف على أولاده فالأقوى العموم لأولاد أولاده و أولادهم

و إن سفلوا.

(مسألة 1171): إذا قال: هذا وقف على أولادي فإذا انقرض أولادي و أولاد أولادي

فهو على الفقراء، فالأقوى أنه وقف على أولاده الصلبيين و غيرهم على التشريك، و كذا إذا قال: وقف على أولادي فإذا انقرضوا و انقرض أولاد أولادي فهو على الفقراء على الأقوى.

(مسألة 1172): إذا قال: هذا وقف على سكنى أولادي

فالظاهر أنه لا يجوز أن يؤجروها و يقتسموا الاجرة بل يتعين عليهم السكنى فيها فإن أمكن سكنى الجميع سكنوا جميعا و إن تشاحوا في تعيين المسكن فالمرجع نظر الولي فإن تعدد الأولياء و اختلف نظرهم فالمرجع الحاكم الشرعي، و إذا اختلف حكام الشرع فالمرجع القرعة و إذا امتنع بعضهم عن السكنى حينئذ جاز للآخر الاستقلال فيها و ليس عليه شي ء لصاحبه، و إن تعذر سكنى الجميع اقتسموها بينهم يوماً فيوماً أو شهراً فشهراً أو سنة فسنة، و إن اختلفوا في ذلك و تشاحوا فالحكم كما سبق و ليس لبعضهم ترك السكنى و عدم الرضا بالمهاياة و المطالبة بالاجرة حينئذ بالنسبة إلى حصته.

(مسألة 1173): إذا قال هذا وقف على الذكور من أولادي

أو ذكور أولادي نسلًا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة اختص بالذكور من الذكور و لا يشمل الذكور من الإناث.

(مسألة 1174): إذا قال وقف على إخوتي نسلًا بعد نسل

فالظاهر العموم لأولادهم الذكور و الإناث.

(مسألة 1175): إذا قال: هذا وقف على أولادي ثمّ أولاد أولادي

كان الترتيب بين أولاده الصلبيين و أولادهم و لا يكون بين أولاد أولاده و أولادهم ترتيب بل الحكم بينهم على نحو التشريك.

(مسألة 1176): إذا وقف على زيد و الفقراء فالظاهر التنصيف

، و كذا إذا قال

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 316

وقف على زيد و أولاد عمرو أو قال وقف على أولاد زيد و أولاد عمرو أو قال وقف على العلماء و الفقراء.

(مسألة 1177): إذا وقف على الزوار فالظاهر الاختصاص بغير أهل المشهد

ممن يأتي من الخارج للزيارة و في كونه كذلك إذا قال: وقف على من يزور المشهد إشكال.

فصل في بعض أحكام الوقف

(مسألة 1178): إذا تم الوقف لا يجوز للواقف و لا لغيره التبديل و التغيير

في الموقوف عليه بنقله منهم إلى غيرهم و إخراج بعضهم منه و إدخال أجنبي عنهم معهم إذا لم يشترط ذلك أما إذا اشترط إدخال من شاء معهم فالظاهر صحته و حينئذ إذا أدخل غيرهم معهم نفذ و إذا لم يدخل أحداً إلى أن مات بقي الوقف على حاله الاولى و إذا اشترط إخراج بعضهم ففي صحته إشكال.

(مسألة 1179): العين الموقوفة تخرج من ملك الواقف

و تدخل في ملك الموقوف عليه و يكون نماؤها له، نعم إذا كان الوقف وقفاً على الصرف لم تدخل العين في ملك الموقوف عليه بل يتعين صرف نمائها في الجهة الموقوف عليها على اختلاف كيفيات الوقف.

(مسألة 1180): إذا اشترط الواقف شرطاً في الموقوف عليه

كما إذا وقف المدرسة على الطلبة العدول أو المجتهدين ففقد الشرط خرج عن الوقف و إذا اشترط عليه شرطاً كما إذا وقف على الطلبة و اشترط عليهم التهجد في الليل وجب فعل الشرط فإن لم يتهجد فالظاهر أنه يخرج عن الوقف أيضاً.

(مسألة 1181): إذا احتاجت الأملاك الموقوفة إلى التعمير

أو الترميم لأجل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 317

بقائها و حصول النماء منها فإن عين الواقف لها ما يصرف فيها عمل عليه و إلّا صرف من نمائها وجوباً مقدماً على حق الموقوف عليهم و إذا احتاج إلى التعمير بحيث لولاه لم يبق للبطون اللاحقة فالظاهر وجوبه و إن أدى إلى حرمان البطن السابق.

(مسألة 1182): الثمر الموجود على النخل أو الشجر حين إجراء صيغة الوقف باق على ملك مالكها

و لا يكون للموقوف عليه، و كذا الحمل الموجود حين وقف الدابة و اللبن و الصوف الموجودان حين وقف الشاة، و كذا ما يتجدد من الثمر أو الحمل أو اللبن أو الصوف و نحوها بعد إنشاء الوقف و قبل القبض فيما يعتبر القبض في صحته هذا فيما إذا كان الثمر قابلًا للاقتطاف و لو عند تمام الوقف و إلّا فيدخل في الوقف و كذا الحال في الصوف. نعم، له استثناء الثمر و الصوف المزبورين من الوقف فيكونان كالحمل المستبان فيما إذا وقف الحيوان.

(مسألة 1183): إذا وقف على مصلحة فبطل رسمها

كما إذا وقف على مسجد فخرب أو مدرسة فخربت و لم يمكن تعميرها أو لم يحتاجا إلى مصرف لانقطاع من يصلي في المسجد أو مهاجرة الطلبة أو نحو ذلك فإن كان الوقف على نحو تعدد المطلوب كما هو الغالب صرف نماء الوقف في مسجد أو مدرسة اخرى إن أمكن و إلّا ففي وجوه البر الأقرب فالأقرب.

(مسألة 1184): إذا جهل مصرف الوقف فإن كانت المحتملات متصادقة

صرف في المتيقن كما إذا لم يدر أن الوقف وقف على العلماء مطلقاً أو على خصوص العدول منهم، أو لم يدر أن الوقف وقف على العلماء أو الفقراء فإنه يصرف في الفرض الأول على العلماء العدول و في الفرض الثاني على العلماء الفقراء و إن كانت المحتملات متباينة فإن كانت غير محصورة تصدق به إذا كان التصدق من الوجوه المحتملة للوقف و إلّا صرفه في وجه آخر من الوجوه المحتملة، و إن كانت الوجوه محصورة كما إذا لم يدر أن الوقف وقف على المسجد الفلاني أو على

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 318

المسجد الآخر أو أنه وقف لزيد أو لعمرو على نحو المصرف أو على نحو التمليك فالأقرب الرجوع إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه.

(مسألة 1185): إذا آجر البطن الأول من الموقوف عليهم العين الموقوفة في الوقف الترتيبي

و انقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة لم تصح الإجارة بالنسبة إلى بقية المدة، و كذا الحكم في الوقف التشريكي إذا ولد في أثناء المدة من يشارك الموقوف عليه المؤجر فإنه لا تصح الإجارة بالنسبة إلى حصته و الظاهر صحتها بالإجازة من البطن الثاني في الصورة الاولى، و من الشريك في الصورة الثانية فيكون للمجيز حصته من الاجرة و لا يحتاج إلى تجديد الإجارة و إن كان أحوط. نعم، إذا كانت الإجارة من الولي لمصلحة الوقف صحت و نفذت و كذا إذا كانت لمصلحة البطون اللاحقة إذا كانت له ولاية على ذلك فإنها تصح و يكون للبطون اللاحقة حصتهم من الاجرة.

(مسألة 1186): إذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة

و ثمرات متنوعة كان الجميع للموقوف عليه مع إطلاق الوقف فإذا وقف الشجر أو النخل كانت ثمرتهما و منفعة الاستظلال بهما و السعف و الأغصان و الأوراق اليابسة و أكمام الطلع و الفسيل و نحوها مما هو مبني على الانفصال للموقوف عليه و لا يجوز للمالك و لا لغيره التصرف فيها إلّا على الوجه الذي اشترطه الواقف.

(مسألة 1187): الفسيل الخارج بعد الوقف إذا نما و استطال حتى صار نخلًا

أو قلع من موضعه و غرس في موضع آخر فنما حتى صار مثمراً لا يكون وقفاً بل هو من نماء الوقف فيجوز بيعه و صرفه في الموقوف عليه، و كذا إذا قطع بعض الأغصان الزائدة للإصلاح و غرس فصار شجرة فإنه لا يكون وقفاً بل يجري عليه حكم نماء الوقف من جواز بيعه و صرف ثمنه في مصرف الوقف.

(مسألة 1188): إذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن المسجدية

و إن تعذر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 319

تعميره، و كذا إذا خربت القرية التي هو فيها حتى بطل الانتفاع به إلى الأبد.

(مسألة 1189): غير المسجد من الأعيان الموقوفة إذا تعذر الانتفاع بها

في الجهة المقصودة للواقف لخرابها و زوال منفعتها يجوز بيع بعضها و عمارة الباقي للانتفاع به، فإن لم يمكن ذلك جاز بيعها و تبديلها بما يمكن الانتفاع به و إن لم يمكن ذلك أيضاً صرف ثمنها في الجهة الموقوف عليها.

(مسألة 1190): إذا تعذر الانتفاع بالعين الموقوفة لانتفاء الجهة الموقوف عليها صرفت منافعها فيما هو الأقرب فالأقرب

، فإذا كان الوقف وقفاً على إقامة عزاء الحسين عليه السلام في بلد خاص و لم يمكن ذلك صرفت منافعه في إقامة عزائه عليه السلام في بلد آخر.

(مسألة 1191): إذا تعذر الانتفاع لانقراض الموقوف عليه تبطل وقفيته

و يرجع ملكاً للواقف على ما تقدم فإن لم يكن موجوداً كان لورثته.

(مسألة 1192): إذا خرب الوقف و لم تبطل منفعته بل بقيت له منفعة معتد بها

قليلة أو كثيرة فإن أمكن تجديده و إن كان بإجارة مدة و صرف الإجارة في العمارة وجب ذلك و إن لم يمكن فالظاهر بقاء الوقفية بحالها و تصرف منافعه في الجهة الموقوف عليها.

(مسألة 1193): إذا وقف بستاناً لصرف نمائها في جهة خاصة فانقطع عنها الماء حتى يبس شجرها

أو انقلع شجرها و بقيت عرصة فإن أمكن إيجارها وجب ذلك و صرفت الاجرة في الجهة الموقوف عليها، نعم إذا فهم من القرائن أن الوقفية قائمة بعنوان البستان كما إذا وقفها للتنزه أو للاستظلال فإن أمكن بيعها و شراء بستان اخرى تعين ذلك و إلّا بطلت الوقفية بذهاب عنوان البستان و ترجع ملكاً للواقف.

(مسألة 1194): يجوز وقف البستان و استثناء نخلة منها

و يجوز له حينئذ الدخول إليها بمقدار الحاجة كما أن له إبقاءها مجاناً و ليس للموقوف عليهم قلعها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 320

و إذا انقلعت لم يبق له حق في الأرض فلا يجوز له غرس نخلة اخرى مكانها و كذا يجوز في وقف الدار استثناء غرفة منها و لكن إذا خربت بقيت له الأرض لأن الأرض جزء الغرفة و أما إذا استثنى البناء (لا الغرفة) فالحكم فيه كما في الشجرة.

(مسألة 1195): إذا كانت العين مشتركة بين الوقف و الملك الطلق جازت قسمتها

بتمييز الوقف عن الملك الطلق و يتولى القسمة المالك للطلق و متولي الوقف، بل الأقوى جواز القسمة إذا تعدد الواقف و الموقوف عليه كما إذا كانت دار مشتركة بين شخصين فوقف كل منهما نصفه المشاع على أولاده و كذا إذا اتحد الواقف مع تعدد الموقوف عليه كما إذا وقف مالك الدار نصفها على مسجد و نصفها على مشهد و كذا إذا اتحد الواقف و الموقوف عليه إذا لم تكن القسمة منافية للوقف كما إذا وقف أرضاً على أولاده و كانوا أربعة فإنه يجوز لهم اقتسامها أرباعاً، فإذا صار له ولد آخر بطلت القسمة و جاز اقتسامها أخماساً، فإذا مات اثنان منهم بطلت القسمة و جاز اقتسامها أثلاثاً، و هكذا.

(مسألة 1196): لا يجوز تغيير العين الموقوفة إذا علم من الواقف إرادة بقاء عنوانها

سواء فهم ذلك من كيفية الوقف كما إذا وقف داره على السكنى فلا يجوز تغييرها إلى الدكاكين أم فهم من قرينة خارجية بل إذا احتمل ذلك و لم يكن إطلاق في إنشاء الوقف لم يجز ذلك، نعم إذا كان إطلاق في إنشاء الوقف جاز للولي التغيير فيبدل الدار إلى دكاكين و الدكاكين إلى دار و هكذا، و قد يعلم من حال الوقف إرادة بقاء العنوان ما دام له دخل في كثرة المنفعة فحينئذ لا يجوز التغيير ما دام الحال كذلك، فإذا قلت المنفعة جاز التغيير.

(مسألة 1197): إذا انقلعت نخلة من البستان الموقوفة

فإن كان وقفها للانتفاع بثمرها جاز بيعها و صرف ثمنها في البستان إن احتاج إليه و إلّا ففي الجهة الموقوف عليها و إذا وقفها للانتفاع بأي وجه كان فإن أمكن الانتفاع بها في جعلها سقفاً أو عمداً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 321

أو نحو ذلك لم يجز بيعها و إن بطل الانتفاع بها على حالها جاز بيعها و صرف ثمنها في البستان مع الحاجة و مع عدمها في الجهة الموقوف عليها.

(مسألة 1198): الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء عليه السلام من صنف خاص

لإقامة مأتمهم أو من أهل بلد لإقامة مأتم فيها أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة الأربعين إلى (كربلاء) الظاهر أنها من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة معينة و ليست باقية على ملك مالكها و لا يجوز لمالكها الرجوع فيها، و إذا مات قبل صرفها لا يجوز لوارثه المطالبة بها، و كذا إذا أفلس لا يجوز لغرمائه المطالبة بها و إذا تعذر صرفها في الجهة المعينة فالأحوط صرفها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى الجهة الخاصة نعم إذا كان الدافع للمال غير معرض عنه و يرى أن الآخذ للمال بمنزلة الوكيل عنه لم يخرج حينئذ عن ملك الدافع و جاز له و لورثته و لغرمائه المطالبة به بل يجب إرجاعه إليه عند مطالبته و إلى وارثه عند موته و إلى غرمائه عند تفليسه، و إذا تعذر صرفه في الجهة الخاصة و احتمل عدم إذنه في التصرف فيه في غيرها وجبت مراجعته في ذلك.

(مسألة 1199): لا يجوز بيع العين الموقوفة إلّا في موارد

ذكرناها في كتاب البيع.

(مسألة 1200): إذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شي ء فبان عدم حصوله

لا يكون ذلك موجباً لبطلان الوقف، فإذا علم أن غرض الواقف من الوقف على أولاده أن يستعينوا به على طلب العلم أو الإقامة بالمشهد الفلاني أو نحو ذلك فلم يترتب الغرض المذكور عليه لم يكن ذلك موجب لبطلان الوقف و هكذا الحال في جميع الأغراض و الدواعي التي تدعو إلى إيقاع المعاملات أو الإيقاعات، فإذا كان غرض المشتري الربح فلم يربح لم يكن ذلك موجباً لبطلان الشراء أو التسلط على الفسخ.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 322

(مسألة 1201): الشرائط التي يشترطها الواقف تصح

و يجب العمل عليها إذا كانت مشروعة، فإذا اشترط أن لا يؤجر الوقف أكثر من سنة أو لا يؤجر على غير أهل العلم لا تصح إجارته سنتين و لا على غير أهل العلم.

(مسألة 1202): تثبت الوقفية بالعلم

- و ان حصل من الشياع- و بالبينة الشرعية و بإقرار ذي اليد و إن لم تكن اليد مستقلة كما إذا كان جماعة في دار فأخبر بعضهم بأنها وقف حكم بها في حصته و إن لم يعترف غيره بها.

(مسألة 1203): إذا كان كتاب أو إناء قد كتب عليه: «أنه وقف»

فالظاهر الحكم بوقفيته هذا مع إحراز أنها كتابة من كانت العين بيده سابقاً و إلّا فلا أثر للكتابة. نعم، إذا كان بيد شخص و ادعى ملكيته و اعتذر عن الكتابة بعذر مقبول قيل صُدِّق و حكم بملكيته له فيجوز حينئذ الشراء منه و التصرف بإذنه و غير ذلك من أحكام الملك لكنه لا يخلو عن إشكال.

(مسألة 1204: إذا وجدت ورقة في تركة الميت قد كتب عليها إن الشي ء الفلاني وقف

فإن كان عليه أمارة الاعتراف بالوقفية من توقيعه في ذيلها و وضعها في ظرف مكتوب عليه هذه ورقة الوقف الفلاني أو نحو ذلك مما يكون ظاهراً في الاعتراف بالوقفية حكم بالوقفية، و إلّا فلا يحكم بها و إن علم أنها بخط المالك.

(مسألة 1205): لا فرق في حجية إخبار ذي اليد بين أن يكون إخباراً بأصل الوقف

و أن يكون إخباراً بكيفيته من كونه ترتيبياً أو تشريكياً و كونه على الذكور فقط أو على الذكور و الإناث و أنه على نحو التساوي أو على نحو الاختلاف كما أنه لا فرق في الإخبار بين أن يكون بالقول و أن يكون بالفعل كما إذا كان يتصرف فيه على نحو الوقف أو يتصرف فيه على نحو الوقف الترتيبي أو التشريكي أو للذكور و الإناث أو للذكور دون الإناث و هكذا، فإن تصرفه إذا كان ظاهراً في الإخبار عن حاله كان حجة كخبره القولي.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 323

(مسألة 1206): إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية

كالغنم و البقر و الإبل لم تجب الزكاة فيها و إن اجتمعت فيها شرائط الزكاة و أما إذا كان نماؤها زكوياً كما إذا وقف بستاناً فإن كان الوقف على نحو التمليك لأشخاص الموقوف عليهم كما إذا قال:

وقفت البستان لأولادي فإن بلغت حصة واحد منهم النصاب وجبت عليه الزكاة و إلّا لم تجب، و إن كان الوقف على نحو التمليك للعنوان كما إذا قال: وقفت البستان على فقراء البلد غير قاصد لاستيعابهم، لم تجب الزكاة على واحد منهم إلّا إذا أعطى الولي واحداً منهم بعض النماء قبل زمان تعلق الزكاة و كان يبلغ النصاب فإنه تجب الزكاة على من ملك منهم واحداً كان أو أكثر و كذلك لا تجب الزكاة على حاصل الوقف إذا كان على نحو المصرف كما إذا قال: وقفت البستان على تزويج أولادي أو على إطعام الفقراء و كسوتهم و نحو ذلك.

إلحاق فيه بابان

الباب الأول في الحبس و أخواته

(مسألة 1207): يجوز للمالك أن يحبس ملكه على جهة معينة يجوز الوقف عليها

على أن يصرف نماؤه فيها و لا يخرج بذلك عن ملكه، فإن كان الحابس قد قصد القربة بحبسه و كان حبسه مطلقاً أو مقيداً بالدوام لزم ما دامت العين و لم يجز له الرجوع فيه، و إن كان مقيداً بمدة معينة لم يجز له الرجوع قبل انقضاء المدة، و إذا انتهت المدة انتهى التحبيس فإذا قال: فرسي محبس على نقل الحجاج أو عبدي محبس على خدمة العلماء لزمت ما دامت العين باقية و إذا جعل المدة عشر سنين مثلا لزم في العشر و انتهى بانقضائها.

(مسألة 1208): ذكر جماعة كثيرة أنه لا يصح التحبيس إلّا بعد القبض

و لا يخلو من إشكال، و لكنه شرط في اللزوم فيجوز للمالك الرجوع فيه قبل القبض.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 324

(مسألة 1209): إذا حبس ملكه على شخص فإن عين مدة كعشر سنين

أو مدة حياة ذلك الشخص لزم الحبس في تلك المدة و بعدها يرجع إلى الحابس، و إذا مات الحابس قبل انقضاء المدة بقي الحبس على حاله إلى أن تنتهي المدة فيرجع ميراثاً، و إذا حبس عليه مدة حياة نفسه يعني الحابس لم يجز له الرجوع ما دام حيّاً فإذا مات رجع ميراثاً، و إذا حبسه على شخص و لم يذكر مدة معينة و لا مدة حياة نفسه و لا حياة المحبس عليه ففي لزومه إلى موت الحابس و بعد موته يرجع ميراثاً و جوازه فيجوز له الرجوع فيه متى شاء بعد تحقق مسمّى الحبس عليه قولان أقربهما الثاني.

(مسألة 1210): يلحق بالحبس السكنى و العمرى و الرقبى

و الاولى تختص بالمسكن و الأخيرتان تجريان فيه و في غيره من العقار و الحيوانات و الأثاث و نحوها مما لا يتحقق فيه الإسكان فإن كان المجعول الإسكان قيل له: «سكنى» فإن قيد بعمر المالك أو الساكن قيل له أيضاً: «عمرى» و إن قيده بمدة معينة قيل له: «رقبى» و إذا كان المجعول غير الإسكان كما في الأثاث و نحوه مما لا يتحقق فيه السكنى لا يقال له سكنى بل قيل: «عمرى» إن قيد بعمر أحدهما: و «رقبى» إن قيد بمدة معينة.

(مسألة 1211): قد تقدّم الإشكال في اعتبار القبض في صحّة الحبس

فكذا في اعتباره في صحة أخواته و لكنه شرط في اللزوم كالحبس.

(مسألة 1212): إذا أسكنه مدة معينة كعشر سنين أو مدة عمر المالك

أو مدة عمر الساكن لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة فإن انقضت المدة في الصور الثلاث رجع المسكن إلى المالك أو ورثته.

(مسألة 1213): إذا قال له: أسكنتك هذه الدار لك و لعقبك لم يجز له الرجوع

في هذه السكنى ما دام الساكن موجوداً أو عقبه فإذا انقرض هو و عقبه انتهت السكنى.

(مسألة 1214): إذا قال له: أسكنتك هذه الدار مدة عمري فمات الساكن

في حال حياة المالك فإن كان المقصود السكنى بنفسه و توابعه كما يقتضيه إطلاق السكنى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 325

انتقلت السكنى بموته إلى المالك قبل وفاته على إشكال، و إن كان المقصود تمليك السكنى له انتقلت السكنى إلى وارثه ما دام المالك حيّاً، فإذا مات انتقلت من ورثة الساكن إلى ورثة المالك و كذا الحكم لو عين مدة معينة فمات الساكن في أثنائها.

(مسألة 1215): إذا جعل السكنى له مدة حياته كما إذا قال له: أسكنتك هذه الدار مدة حياتك

، فمات المالك قبل الساكن لم يَجُز لورثة المالك منع الساكن بل تبقى السكنى على حالها إلى أن يموت الساكن.

(مسألة 1216): إذا جعل له السكنى و لم يذكر له مدة

و لا عمر أحدهما لزم بالقبض و وجب على المالك إسكانه وقتاً ما و جاز له الرجوع بعد ذلك أي وقت شاء، و لا يجري ذلك في الرقبى و العمرى لاختصاص الاولى بالمدة المعينة و الثانية بمدة عمر أحدهما و المفروض انتفاء ذلك كله.

(مسألة 1217): إطلاق السكنى كما تقدم يقتضي أن يسكن هو و أهله و سائر توابعه

من أولاده و خدمه و عبيده و ضيوفه بل دوابه إن كان فيها موضع معد لذلك و له اقتناء ما جرت العادة فيه لمثله من غلة و أوان و أمتعة و المدار على ما جرت به العادة من توابعه و ليس له إجارته و لا إعارته لغيره فلو آجره ففي صحة الإجارة بإجازة المالك و كون الاجرة له حينئذ إشكال.

(مسألة 1218): الظاهر أن السكنى و العمرى و الرقبى من العقود

المحتاجة في وجودها الاعتباري إلى إيجاب و قبول، و يعتبر فيها ما يعتبر في العقود كما يعتبر في المتعاقدين هنا ما يعتبر في المتعاقدين في غيره و قد تقدم ذلك في كتاب البيع. و أما الحبس فالظاهر اعتبار القبول فيه في الحبس على الشخص و عدم اعتباره في الحبس على الصرف في جهة معينة.

(مسألة 1219): الظاهر جواز بيع المحبس قبل انتهاء أجل التحبيس

فتنتقل العين إلى المشتري على النحو الذي كانت عليه عند البائع فيكون للمحبس عليهم الانتفاع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 326

بالعين حسب ما يقتضيه التحبيس و يجوز للمشتري المصالحة معهم على نحو لا تجوز لهم مزاحمته في الانتفاع بالعين مدة التحبيس بأن يعطيهم مالًا على أن لا ينتفعوا بالعين، أما المصالحة معهم على إسقاط حق الانتفاع بها أو المعاوضة على حق الانتفاع بها ففيه إشكال.

الباب الثاني [فضل الصدقة و أحكامها]

اشارة

في الصدقة التي تواترت الروايات في الحث عليها و الترغيب فيها و قد ورد: أنها دواء المريض و بها يدفع البلاء و قد ابرم إبراما، و بها يستنزل الرزق، و أنها تقع في يد الرب قبل أن تقع في يد العبد، و أنها تخلف البركة و بها يقضى الدين و أنها تزيد في المال و أنها تدفع ميتة السوء و الداء و الدبيلة و الحرق و الغرق و الجذام و الجنون إلى أن عد سبعين باباً من السوء و يستحب التبكير بها فإنه يدفع شر ذلك اليوم و في أول الليل فإنه يدفع شر الليل.

(مسألة 1220): المشهور كون الصدقة من العقود

فيعتبر فيها الإيجاب و القبول و لكن الأظهر كونها الإحسان بالمال على وجه القربة فإن كان الإحسان بالتمليك احتاج إلى إيجاب و قبول و إن كان بالإبراء كفى الإيجاب بمثل: أبرأت ذمتك و إن كان بالبذل كفى الإذن في التصرف و هكذا فيختلف حكمها من هذه الجهة باختلاف مواردها.

(مسألة 1221): المشهور اعتبار القبض فيها مطلقاً

و لكن الظاهر أنه لا يعتبر فيها كلية و إنما يعتبر فيها إذا كان العنوان المنطبق عليه مما يتوقف على القبض فإذا كان التصدق بالهبة أو بالوقف اعتبر القبض و إذا كان التصدق بالإبراء أو البذل لم يعتبر، و هكذا.

(مسألة 1222): يعتبر في الصدقة القربة

فإذا وهب أو أبرأ أو وقف بلا قصد القربة كان هبة و إبراء و وقفاً و لا يكون صدقة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 327

(مسألة 1223): تحل صدقة الهاشمي على الهاشمي و على غيره

حتى زكاة المال و زكاة الفطرة، و أما صدقة غير الهاشمي، فإن كانت زكاة المال أو زكاة الفطرة فهي حرام على الهاشمي و لا تحل للمتصدق عليه و لا تفرغ ذمة المتصدق بها عنها، و إن كانت غيرهما فالأقوى جوازها سواء أ كانت واجبة كرد المظالم و الكفارات و فدية الصوم أم مندوبة إلّا إذا كانت من قبيل ما يتعارف من دفع المال القليل لدفع البلاء و نحو ذلك مما كان من مراسم الذل و الهوان ففي جواز مثل ذلك إشكال إلّا أن يكون الآخذ سائلًا بالكف فالأظهر جوازه.

(مسألة 1224): لا يجوز الرجوع في الصدقة إذا كانت هبة مقبوضة

و إن كانت لأجنبي على الأصح.

(مسألة 1225): تجوز الصدقة المندوبة على الغني

و المخالف و الكافر الذمي.

(مسألة 1226): الصدقة المندوبة سراً أفضل

إلّا إذا كان الإجهار بها بقصد رفع التهمة أو الترغيب أو نحو ذلك مما يتوقف على الإجهار، أما الصدقة الواجبة ففي بعض الروايات أن الأفضل إظهارها و قيل الأفضل الإسرار بها، و الأظهر اختلاف الحكم باختلاف الموارد في الجهات المقتضية للإسرار و الإجهار.

(مسألة 1227): التوسعة على العيال أفضل من الصدقة على غيرهم

و الصدقة على القريب المحتاج أفضل من الصدقة على غيره و أفضل منها الصدقة على الرحم الكاشح يعني المعادي و يستحب التوسط في إيصالها إلى المسكين ففي الخبر: لو جرى المعروف على ثمانين كفاً لُاوجروا كلهم فيه من غير أن ينقص صاحبه من أجره شيئاً، و اللّٰه سبحانه العالم و الموفق.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 329

كتاب النكاح

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 331

الفصل الأول [أقسام النكاح]

اشارة

النكاح على قسمين: دائم، و منقطع، و يلحق به ملك اليمين، و يفتقر الأول إلى العقد و هو الإيجاب و القبول بلفظ الماضي على الأحوط استحباباً كزوجت و أنكحت و قبلت و تجزي ترجمتها بشرط العجز عن العربية على الأحوط وجوباً و تجزي الإشارة مع العجز عن النطق و التوكيل و إلّا فالأحوط توكيل القادر عليه و لو زوجت المرأة نفسها صح، و يشترط في تزويج البكر إذن الولي و هو الأب أو الجد للأب على الأحوط وجوباً إلّا إذا منعها الولي عن التزويج بالكف ء شرعاً و عرفاً فإنه تسقط ولايته حينئذ، و إذا تزوجت البكر بدون إذن وليها ثمّ أجاز وليها العقد صح بلا إشكال، هذا فيما إذا كانت إجازة الولي قبل الدخول بها و إلّا فالعقد باطل على الأحوط فلا أثر لإجازته.

(مسألة 1228): يجزي في صورة عقد النكاح الدائم أن تقول الزوجة للزوج: زوجتك نفسي

بمهر دينار مثلًا، فيقول الزوج: قبلت، و إذا كانت الزوجة قد وكلت وكيلًا قال وكيلها للزوج: زوجتك موكلتي هندا مثلًا بمهر دينار، فيقول الزوج: قبلت، و إذا كان الزوج قد وكّل وكيلًا قالت الزوجة لوكيل الزوج: زوجت موكلك زيداً مثلًا نفسي بمهر دينار مثلًا، فيقول الوكيل: قبلت، و إذا كان كل من الزوج و الزوجة قد وكل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 332

وكيلًا قال وكيل الزوجة لوكيل الزوج: زوجت موكلك زيداً موكلتي هنداً بمهر دينار مثلًا، فيقول وكيل الزوج: قبلت. و يجوز لشخص واحد تولي طرفي العقد حتى الزوج نفسه لكن الأحوط استحباباً أن لا يتولى الزوج الإيجاب عن الزوجة و القبول عن نفسه.

(مسألة 1229): لا يشترط الشهود في صحة النكاح

و لا يلتفت إلى دعوى الزوجية بغير بينة مع حلف المنكر و إن تصادقا على الدخول فلو رد اليمين فحلف المدعي حكم بها كما أنه يلزم المقر بإقراره على كل حال و لو تصادقا على الزوجية ثبتت.

(مسألة 1230): القول قول الأب في تعيين المعقود عليها بغير تسمية

مع رؤية الزوج للجميع و إلّا بطل العقد و يستحب لمن أراد التزويج أن يتخير البكر العفيفة الكريمة الأصل و صلاة ركعتين عند إرادة التزويج و الدعاء بالمأثور و هو: «اللهم إني اريد أن أتزوج فقدّر لي من النساء أعفهن فرجاً و أحفظهن لي في نفسها و مالي و أوسعهن رزقاً و أعظمهن بركة» و الإشهاد على العقد و الإعلان به و الخطبة أمام العقد و إيقاعه ليلًا و صلاة ركعتين عند الدخول و الدعاء بالمأثور بعد أن يضع يده على ناصيتها و هو: «اللهم على كتابك تزوجتها و في أمانتك أخذتها و بكلماتك استحللت فرجها فإن قضيت لي في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سوياً و لا تجعله شرك شيطان» و أمرها بمثله و يسأل اللّٰه تعالى الولد الذكر.

(مسألة 1231): يكره إيقاع العقد و القمر في العقرب

و تزويج العقيم و الجماع في ليلة الخسوف و يوم الكسوف و عند الزوال إلّا يوم الخميس و عند الغروب قبل ذهاب الشفق و في المحاق و بعد الفجر حتى تطلع الشمس و في أول ليلة من الشهر إلّا رمضان و في ليلة النصف من الشهر و آخره، و عند الزلزلة و الريح الصفراء و السوداء و يكره مستقبل القبلة و مستدبرها و في السفينة و عارياً و عقيب الاحتلام قبل الغسل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 333

و النظر في فرج المرأة و الكلام بغير الذكر و العزل عن الحرة بغير إذنها و أن يطرق المسافر أهله ليلًا و يحرم الدخول بالزوجة قبل بلوغها تسع سنين.

(مسألة 1232): يجوز للرجل النظر إلى من يريد التزويج بها أو شراءها

و كذا إلى نساء أهل الذمة و كذا المتبذلات اللاتي لا ينتهين إذا نهين عن التكشف و إلى المحارم اللاتي يحرم نكاحهن مؤبداً لنسب أو مصاهرة أو رضاع بشرط عدم التلذذ في الجميع و يحرم النظر إلى غيرهن بغير تلذذ أيضاً في غير الوجه و الكفين بلا إشكال و فيهما على الأحوط، و من غير المحارم اخت الزوجة و كذا الربيبة قبل الدخول بامها و يحرم على المرأة النظر إلى الرجل على الأحوط في غير الوجه و اليدين و الرأس و الرقبة و القدمين.

و أما نظرها إلى هذه المواضع من الرجل فالظاهر جوازه فيما إذا لم يكن بتلذذ أو ريبة و إن كان الأحوط ترك ذلك أيضاً. و كذا يحرم النظر و اللمس مع التلذذ و لو إلى المماثل، و كذا يحرم اللمس من الرجل و المرأة لغير المحارم، و يجوز النظر و اللمس من الرجل للصبية غير البالغة و من المرأة للصبي غير البالغ مع عدم التلذذ

في الجميع، أما مع التلذذ فإنه حرام مطلقاً.

(مسألة 1233): يجب على المرأة ستر ما زاد على الوجه و الكفين عن غير الزوج

و المحارم بل يجب عليها ستر الوجه و الكفين عن غير الزوج حتى المحارم مع تلذذه بل عن غير المحارم مطلقاً على الأحوط استحباباً. نعم، إذا كانت المرأة ممن ينظر إليها لجمالها فالأحوط وجوباً ستر الوجه و لا يجب على الرجل الستر مطلقاً.

(مسألة 1234): يجوز سماع صوت الأجنبية

مع عدم التلذذ.

(مسألة 1235): لا يجوز ترك وطء الزوجة الدائمة أكثر من أربعة أشهر

إذا كانت شابة إلّا إذا رضيت بالترك بل الحكم كذلك في المنقطعة على الأحوط.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 334

الفصل الثاني في الاولياء

اشارة

إنما الولاية للأب و إن علا و وصيه و الحاكم و المولى.

(مسألة 1236): للأب الولاية على الصغيرين و المجنونين البالغين

كذلك و لا خيار لهما بعد زوال الوصفين إلّا إذا كان العقد حين وقوعه مفسدة عند العقلاء فلا يصح إلّا بالإجازة بعد البلوغ و العقل. نعم، إذا زوج الأبوان الصغيرين ولاية فالعقد و إن كان صحيحاً إلّا أن في لزومه عليهما بعد بلوغهما إشكالًا فالاحتياط لا يترك. و في ولاية الأب على من جن بعد بلوغه إشكال، فالأحوط الاستجازة من الحاكم الشرعي أيضاً.

(مسألة 1237): لا ولاية للأب و الجد على البالغ الرشيد و لا على البالغة الرشيدة

عدا البكر فإن الأحوط لزوماً في تزويجها اعتبار إذن أحدهما أو إذنهما معاً كما مر. و يكفي في إثبات إذنها سكوتها إذا علم أنّه لأجل حيائها أو نحوه و إذا زالت بكارتها بغير الوطء فهي بمنزلة البكر بخلاف ما إذا زالت بالوطء شبهة أو زنا على الأظهر.

(مسألة 1238): لا تعتبر الاستجازة من الأب في تزويج البكر

إذا تعذرت الاستجازة لغيبته أو حبسه و نحوهما و كانت البنت بحاجة إلى الزواج.

(مسألة 1239): للوصي ولاية النكاح على الصبي إذا نص عليه الموصي

و كذا على المجنون و اضطر إلى التزويج و الأحوط استئذان الحاكم.

(مسألة 1240): للحاكم الشرعي الولاية على المجنون

إذا لم يكن له ولي مع ضرورته إلى التزويج و في ولايته على الصبي في ذلك إشكال و الأظهر الجواز مع ضرورته إليه.

(مسألة 1241): في صحة تزويج السفيه إشكال

فالأحوط أن لا ينكح إلّا بإذن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 335

الأب إن كان و إلّا فالحاكم، و إذا كان رشيداً في المال غير رشيد في التزويج فالأحوط له الاستئذان من الحاكم في تزويجه.

(مسألة 1242): للمولى الولاية على مملوكه

ذكراً كان أم انثى مطلقاً.

(مسألة 1243): لو زوج الولي الصغيرين توارثا

و لو كان المزوج غيره وقف على الإجازة فإن مات أحدهما قبل البلوغ بطل و إن بلغ أحدهما و أجاز ثمّ مات أحلف الثاني بعد بلوغه على انتفاء الطمع إذا احتمل كون إجازته طمعاً في الميراث فإذا حلف على ذلك ورث و إلّا فلا.

(مسألة 1244): كما يصح عقد الفضولي في البيع يصح في النكاح

فإذا عقد شخص لغيره من دون إذنه فأجاز المعقود له صح العقد و إذا لم يجز بطل.

(مسألة 1245): إذا وكلت المرأة شخصاً على تزويجها يصح له أن يتزوجها

إلّا مع عموم الإذن منها بل لو أذنت له في أن يتزوجها فالأحوط له استحباباً أن لا يتولى الإيجاب و القبول بنفسه بل يوكل عنها من يتولى الإيجاب عنها و لا بأس له أن يوكلها فتتولى الإيجاب منها و القبول عنه.

(مسألة 1246): إذا اكره الزوجان على العقد ثمّ رضيا و أجازا العقد صح

و كذلك الحكم في إكراه أحدهما، و الأولى تجديد العقد فيهما إذا كان العقد بمباشرة الزوجين أو المكره منهما و إلّا فلا يحتاج إلى التجديد بعد إجازتهما.

الفصل الثالث في المحرمات

اشارة

و هي قسمان: نسب و سبب.

فالنسب الام و إن علت و البنت و إن سفلت و الاخت و بناتها و إن نزلن و العمة و الخالة و إن علتا كعمة الأبوين و الجدين و خالتهما و بنات الأخ و إن نزلن.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 336

و أما السبب فامور:

الأول: ما يحرم بالمصاهرة
(مسألة 1247): من وطأ امرأة بالعقد أو الملك حرمت عليه امها

و إن علت و بناتها و إن نزلن، لابن أو بنت تحريماً مؤبداً سواء سبقن على الوطء أم تأخرن عنه.

(مسألة 1248): تحرم الموطوءة بالملك أو العقد على أبي الواطئ و إن علا

، و لو كان لُامه و على أولاده و إن نزلوا و كذا المعقود عليها لأحدهما مطلقاً فإنها تحرم على الآخر و كذا الأمة المملوكة الملموسة بشهوة أو المنظور إلى شي ء منها مما يحرم النظر إليه لغير المالك بشهوة فإنها تحرم على الآخر.

(مسألة 1249): من عقد على امرأة و لم يدخل بها حرمت عليه امها

و إن علت أبداً، و تحرم بنتها على الأحوط و إن نزلت من بنت كانت أو من ابن ما دامت الام في عقده و إن عقد على بنتها قبل الطلاق فالأحوط وجوباً طلاق الام و البنت معاً و لا يتزوج بالام مطلقاً و لكن لا بأس بأن يتزوج بالبنت حيث لم يدخل بامّها، و لو دخل حرمت عليه البنت أبداً و لم تحرم البنت على أبيه و لا على ابنه.

(مسألة 1250): تحرم اخت الزوجة جمعا لا عيناً و كذا بنت اختها و أخيها

إلّا مع إذن العمة و الخالة و لو عقد من دون إذنهما فأجازتا صح على الأقوى و إن كان الأحوط تجديد العقد.

(مسألة 1251): من زنا بخالته في قبلها أو دبرها حرمت عليه بناتها

أبداً إذا كان الزنا سابقاً على العقد و يلحق بالزنا بخالته الزنا بالعمة على الأحوط وجوباً و الأحوط استحباباً أن لا يتزوج الزاني بنت المزني بها مطلقاً و في إلحاق الوطء بالشبهة بالزنا و كذلك إلحاق الزنا بعد العقد و قبل الدخول بالزنا قبل العقد قولان و الإلحاق أحوط و الأظهر عدم الإلحاق.

(مسألة 1252): لا يلحق بالزنا التقبيل و اللمس و النظر بشهوة

و نحوها فلو قبل خالته أو عمته أو امرأة اخرى و لمسها أو نظر إليها بشهوة لم تحرم عليه بنتها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 337

(مسألة 1253): الزنا و الوطء بالشبهة الطارئان على العقد و الدخول لا يوجبان التحريم

فلو تزوج بنت خالته و دخل بها ثمّ زنى بخالته أو وطأها شبهة لم تحرم عليه بنتها.

(مسألة 1254): المشهور أن المرأة المزني بها تحرم على آباء الزاني و أبنائه

إذا كان الزنا سابقاً على العقد و الّا لم تحرم و لكن الظاهر عدم التحريم حتى فيما إذا كان الزنا سابقاً على العقد و إن كان الأحوط الترك في هذه الصورة.

(مسألة 1255): لو ملك الاختين فوطأ إحداهما حرمت الاخرى جمعاً

فلو وطأها أيضاً لم تحرم الاولى إلّا أن يكون عالماً بالحرمة و الموضوع فتحرم حينئذ، ثمّ إنه إن أخرج الاولى عن ملكه حلّت الثانية مطلقاً و إن أخرج الثانية عن ملكه لم تحل الاولى إلّا إذا كان إخراجه للثانية لا بقصد الرجوع إلى الاولى، و الأحوط في وطء الثانية جهلًا أن لا تحل له الاولى إلّا بالشرط المذكور.

(مسألة 1256): يحرم على الحر في الدائم ما زاد على أربع حرائر

و في الإماء ما زاد على الأمتين، و له أن يجمع بين حرتين و أمتين أو ثلاث حرائر و أمة و يحرم على العبد ما زاد على أربع إماء و في الحرائر ما زاد على حرتين، و له أن ينكح حرة و أمتين و لا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلّا بإذنها و لو عقد بدونه كان باطلًا بدون إجازتها و أما معها فالأظهر الصحة و لو أدخل الحرة على الأمة و لم تعلم فلها الخيار في عقد نفسها و لو جمعهما في عقد واحد صح عقد الحرة و توقف عقد الأمة على إجازة الحرة.

(مسألة 1257): يحرم العقد على ذات البعل أو المعتدة ما دامتا كذلك

، و لو تزوجها جاهلًا بالحكم أو الموضوع بطل العقد، فإن دخل حينئذ حرمت عليه أبداً و الولد له و عليه مهر المثل للمرأة مع جهلها و الأحوط أن تتم عدة الأول إن كانت معتدة و تستأنف عدة الثاني و الأظهر التداخل، و لو عقد عالماً بالحكم و الموضوع حرمت عليه أبداً بالعقد، و كذا إذا كانت المعتدة المعقود عليها عالمة بهما و أما ذات

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 338

البعل فلا أثر لعلمها و لا فرق في العدة بين عدة الطلاق بائناً أو رجعياً وعدة الوفاة وعدة وطء الشبهة و لا فرق في المعتدة بين الحرة و الأمة و لا في الدخول بين أن يكون في القبل و الدبر و لا يلحق بالعدة مدة استبراء الأمة و لا بالعقد وطء الشبهة و لا الوطء بالملك و لا بالتحليل و المدار على علم الزوج فلا يقدح علم وليه أو وكيله.

(مسألة 1258): لا يصح العقد على المرأة في المدة التي تكون بين وفاة زوجها و علمها بوفاته

و هل يجري عليها حكم العدة أم لا؟ و الأظهر الثاني فلو عقد على امرأة في تلك المدة لم تحرم عليه و إن كان عالماً و دخل بها، فله تجديد العقد بعد العلم بالوفاة و انقضاء العدة بعده و إن كان الأول هو الأحوط.

(مسألة 1259): من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أبداً

- على الأحوط ام الغلام و إن علت و اخته و بنته و إن سفلت، و لو سبق عقدهن لم يحرمن و إن كان الأحوط الاجتناب و في عموم الحكم للواطئ إذا كان صغيراً إشكال، و الأظهر العدم، و لا يبعد عدم الفرق في الموطوء بين الصغير و الكبير و لا تحرم على الواطئ بنت اخت الموطوء و لا بنت أخيه.

(مسألة 1260): لو دخل بصبية لم تبلغ تسعاً فأفضاها قيل حرمت عليه أبداً

و هو ضعيف و لا سيما إذا اندمل الجرح فتجري لها و عليها أحكام الزوجة من النفقة و غيرها بل تجب لها النفقة ما دامت حية و إن نشزت أو طلقت بل و إن تزوجت بعد الطلاق على الأحوط، و لو أفضاها بعد التسع لم تحرم عليه أيضاً و لا تجب لها الدية مطلقاً و تجب إذا أفضاها قبل التسع إذا كان قد طلقها و قيل مطلقاً لكنه ضعيف، و الأحوط وجوب النفقة لها كما لو كان الإفضاء قبل التسع، و لو أفضى الأجنبية لم تحرم عليه أيضاً.

(مسألة 1261): لو زنى بامرأة غير معتدة و لا ذات بعل لم يحرم نكاحها عليه

و الأحوط وجوباً أن لا يتزوجها قبل استبرائها بحيضة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 339

(مسألة 1262): يجوز التزويج بالزانية

و الأحوط لزوماً ترك التزويج بالمشهورة بالزنا قبل أن تظهر توبتها.

(مسألة 1263): لو زنى بذات بعل أو في عدة رجعية حرمت عليه أبداً

على الأحوط، و لا فرق في ذات البعل بين الدائمة و المتمتع بها و الحرة و الأمة و الصغيرة و الكبيرة و المدخول بها و غيرها و العالمة و الجاهلة و لا في البعل بين الحر و العبد و الصغير و الكبير و لا في الزاني بين العالم بكونها ذات بعل أو في العدة و الجاهل بذلك.

(مسألة 1264): لا يلحق بذات البعل الأمة الموطوءة بالملك أو التحلل

كما لا يلحق بالعدة الرجعية عدة البائنة وعدة الوفاة وعدة وطء الشبهة و مدة استبراء الأمة.

(مسألة 1265): إذا زنت ذات البعل

لم تحرم على بعلها.

(مسألة 1266): لو عقد المحرم على امرأة عالماً بالتحريم حرمت عليه أبداً

و لو كان جاهلًا بطل العقد و لم تحرم.

(مسألة 1267): لو طلقت الحرة ثلاثاً حرمت على المطلق حتى تنكح زوجاً غيره

و إن كانت تحت عبد، و لو طلقت الأمة طلقتين حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره و إن كانت تحت حر.

(مسألة 1268): المطلقة تسعاً للعدة بينها نكاحان

و لو لرجل واحد تحرم على المطلق أبداً بل تحرم المطلقة تسعاً مطلقاً على الأحوط كما يأتي.

(مسألة 1269): لو طلق إحدى زوجاته الأربع رجعياً لم يجز أن ينكح بدلها

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 339

حتى تخرج من العدة و يجوز ذلك في البائن على المشهور و لكنه محل إشكال.

(مسألة 1270): لو عقد ذو الزوجات الثلاث على اثنتين مرتباً بطل الثاني

و لو عقد عليهما دفعة يحتمل أن يكون للزوج اختيار أيّتهما شاء بلا حاجة إلى عقد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 340

جديد و لكن لا يترك الاحتياط و كذا في تزويج الاختين.

الثاني من أسباب التحريم: الرضاع.
(مسألة 1271): يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب

إذا كان اللبن ناتجاً من ولادة عن وطء صحيح و إن كان عن شبهة، يوماً و ليلة. أو ما أنبت اللحم و شد العظم أو كان خمس عشرة رضعة كاملة من الثدي.

(مسألة 1272): يشترط في التحريم برضاع يوم و ليلة أو خمس عشرة رضعة

أن لا يفصل بينها برضاع آخر، و لا يقدح الفصل بذلك فيما أنبت اللحم و شد العظم.

(مسألة 1273): لا يقدح الفصل بين الرضعات بالأكل و الشرب للغذاء

في الرضاع بخمس عشرة رضعة و فيما أنبت اللحم و شد العظم و لكن يقدح ذلك في رضاع يوم و ليلة فلو أكل أو شرب الرضيع للغذاء شيئاً آخر لم يحرم الرضاع.

(مسألة 1274): لا يبعد كفاية عشر رضعات كاملة في التحريم

إذا لم يتخلل بينها شي ء حتى الأكل و الشرب.

(مسألة 1275): يشترط في حصول التحريم بالرضاع أن يكون في الحولين بالنسبة إلى المرتضع

دون ولد المرضعة فالرضاع بعد مضي الحولين على المرتضع لا أثر له، و يعتبر أن يكون اللبن لفحل واحد من امرأة واحدة، فلو أرضعت امرأة صبياً بعض العدد من فحل و اكملته من فحل آخر لم ينشر الحرمة و كذا لو أرضعته امرأة بعض العدد من فحل و أكملته الاخرى من ذلك الفحل فإنه لا ينشر الحرمة.

(مسألة 1276): لا ينشر الرضاع الحرمة بين المرتضعين إلّا مع اتحاد الفحل

و إن تعددت المرضعة فلو أرضعت امرأتان صبيين بلبن فحل واحد نشر الحرمة بينهما، و لو أرضعت امرأة صبيين بلبن فحلين لم ينشر الحرمة بينهما.

(مسألة 1277): مع اجتماع الشرائط تصير المرضعة امّاً للرضيع

و ذو اللبن أباً له و أخواتهما أخوالًا و أعماماً له، و أخواتهما عمات و خالات له، و أولادهما إخوة له.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 341

(مسألة 1278): إذا أرضعت زوجته الصغيرة امرأة حرمت المرضعة عليه

و جاز له النظر إليها فإن الام الرضاعية للزوجة بمنزلة الام النسبية لها و كذلك تحرم زوجة الابن على أبيه الرضاعي فإنها بمنزلة زوجة الابن النسبي.

(مسألة 1279): يحرم أولاد صاحب اللبن ولادة و رضاعاً على المرتضع

و كذا أولاد المرضعة ولادة لا رضاعاً.

(مسألة 1280): لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة و رضاعاً

و لا في أولاد المرضعة ولادة لا رضاعاً فإذا أرضعت زوجة الجد للُام طفلًا من لبن جده لُامه حرمت ام المرتضع على أبيه و لا فرق في المرضعة بين أن تكون اماً لُام المرتضع و أن لا تكون اماً لها بل تكون زوجة لأبيها.

(مسألة 1281): في جواز نكاح أولاد أبي المرتضع الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن

في أولاد المرضعة نسباً و في أولاد الفحل مطلقاً قولان أقربهما الجواز. هذا إذا لم يكن مانع من النكاح من نسب أو سبب كما إذا كان الأولاد من زوجة اخرى ليست بنتاً لصاحب اللبن و إلّا لم يجز كما في المثال المتقدم لأن أولاد أبي المرتضع حينئذ أولاد اخت لأولاد صاحب اللبن و أولاد المرضعة.

(مسألة 1282): لو أرضعت كبيرة الزوجتين صغيرتهما حرمتا

إن كان قد دخل بالمرضعة أو فرض الإرضاع بلبنه مع عدم الدخول و إلّا حرمت هي و لا يترك الاحتياط بتجديد العقد على المرتضعة.

(مسألة 1283): لو أرضعت الام من الرضاع الزوجة الصغيرة مع اتحاد الفحل حرمت

و في حرمة ام ام الولد من الرضاع على الولد لأنها قد حرمت من النسب أو عدم حرمتها لعدم اتحاد الفحل قولان أقواهما الأول.

(مسألة 1284): يستحب اختيار المسلمة

الوضيئة العفيفة العاقلة للرضاع.

(مسألة 1285): إذا كان للمرتضع أخ لم يرتضع معه جاز له أن يتزوج بالمرضعة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 342

أو إحدى بناتها. و إذا كان له اخت لم ترتضع معه جاز لها أن تتزوج بصاحب اللبن أو أحد أولاده.

(مسألة 1286): يجوز للمرأة أن ترضع بلبن فحلها الذي هي في نكاحه حال الرضاع

أخاها أو اختها و لا يضر كونها بالرضاع اختاً لولد فحلها و كذا يجوز لها أن ترضع ولد اختها أو أخيها و لا يضر صيرورتها بالرضاع عمة أو خالة لولد فحلها و كذا يجوز لها أن ترضع ابن ابنها و إن صارت بذلك جدة ولد فحلها فلا تحرم على فحلها، و لا تحرم ام المرتضع على زوجها، و مثل ذلك أن ترضع إحدى زوجتي الفحل ابن ابن الاخرى، و كذا يجوز لها أن ترضع عمها أو عمتها أو خالها أو خالتها و لا تحرم بذلك على زوجها و إن صار بذلك أباً لعمها أو عمتها أو خالها أو خالتها، و كذا يجوز لها أن ترضع أخا الزوج أو اخته فتكون بذلك اماً لأخيه أو اخته، و كذا يجوز لها أن ترضع ابن ابن الزوج فتكون بذلك امّاً لولد ولده و كذا يجوز لها أن ترضع ولد أخي زوجها أو اخته و أن ترضع عمه أو عمته أو خاله أو خالته.

(مسألة 1287): يثبت الرضاع بشهادة أربع نسوة منفردات ليس معهن رجل

كما يثبت بشهادة عدلين. و لا يثبت بشهادة المرضعة و امه منفردتين أو منضمتين.

الثالث من أسباب التحريم: اللعان

و يثبت به التحريم المؤبد و كذا يثبت التحريم المؤبد بقذف الزوج امرأته الخرساء. و في ثبوت التحريم في قذف زوجته الصماء إشكال.

الرابع من أسباب التحريم: الكفر
اشارة

فلا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية إجماعاً لا دواماً و لا انقطاعاً و في الكتابية قولان أظهرهما الجواز في المنقطع. بل في الدائم أيضاً و إن كان الاحتياط لا ينبغي تركه و في عموم الحكم للمجوسية و إن كانت من الكتابية إشكال.

(مسألة 1288): لا يجوز للمسلمة المرتدة أن تنكح المسلم

، و كذا لا يجوز

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 343

للمسلم المرتد أن ينكح المسلمة و لا يجوز للمسلمة أن تنكح غير المسلم و لو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ في الحال و كذلك بعد الدخول إذا ارتد الزوج عن فطرة و أما في غير ذلك فالمشهور على أن الانفساخ يتوقف على انقضاء العدة و فيه إشكال و الاحتياط لا يترك.

(مسألة 1289): عدة زوجة المرتد عن فطرة عدة الوفاة

وعدتها عن المرتد عن ملة عدة الطلاق.

(مسألة 1290): لو أسلم زوج الكتابية ثبت عقده

و لو أسلمت دونه قبل الدخول انفسخ العقد و بعده يقف على انقضاء العدة فإن أسلم فيها كان أملك بها.

(مسألة 1291): لو كان الزوجان غير كتابيين و أسلم أحدهما قبل الدخول انفسخ النكاح

في الحال و لو كان بعده توقف على انقضاء العدة.

(مسألة 1292): لو أسلم الزوج على أكثر من أربع غير كتابيات و أسلمن

فيحتمل أن يكون للزوج اختيار أربع منهن بلا حاجة الى عقدٍ جديد و انفساخ نكاح الباقي و لكن لا يترك الاحتياط.

(مسألة 1293): لو أسلم الزوج و عنده أربع كتابيات ثبت عقده عليهن

، و لو كن أكثر احتاط كما تقدم في المسألة السابقة.

(مسألة 1294): يصح نكاح المريض بشرط الدخول إذا مات في مرضه

فإن لم يدخل حتى مات في مرضه بطل العقد و لا مهر لها و لا ميراث سواء مات بمرضه أم بسبب آخر من قتل أو مرض آخر. أما إذا مات بعد الدخول بها صح العقد و ثبت المهر و الميراث، و لو برئ من مرضه فمات و لم يدخل بها ورثته و كان لها نصف المهر.

(مسألة 1295): لو تزوج امرأة و هي مريضة فماتت في مرضها أو بعد ما برئت

و لم يدخل بها ورثها و كان لها نصف المهر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 344

(مسألة 1296): لو تزوجها في مرضه فماتت قبل الدخول بها ثمّ مات الزوج

في مرضه فالأظهر إرثه منها.

(مسألة 1297): الظاهر أن النكاح في حال مرض الزوج إذا مات فيه قبل الدخول بمنزلة العدم

فلا عدة عليها بموته، و الظاهر عموم الحكم للأمراض الطويلة التي تستمر سنين أيضاً.

(مسألة 1298): يجوز للمؤمنة أن تتزوج بالمخالف على كراهية

بل الأحوط تركه إلّا إذا خيف عليها الضلال فيحرم و يجوز العكس إلّا إذا خيف الضلال و يكره تزويج الفاسق و تتأكد الكراهة في شارب الخمر.

(مسألة 1299): نكاح الشغار باطل

و هو جعل نكاح امرأة مهر اخرى.

(مسألة 1300): يجوز تزويج الحرة بالعبد

و الهاشمية بغيره و العربية بالعجمي و بالعكس.

(مسألة 1301): لا يجوز التعريض بالخطبة لذات البعل

و لا لذات العدة الرجعية و يجوز للمعتدة البائنة، و كذا من الزوج لها إلّا أن تكون محرمة أبداً عليه أو تحتاج إلى محلل. نعم، لو كانت الخطبة بحيث لا تدعوها إلى المحرّم ففي عدم جوازها تأمل.

الفصل الرابع في عقد المتعة

اشارة

و يشترط فيه الإيجاب مثل أن تقول المرأة: متعتك أو زوجتك أو انكحتك نفسي، و القبول من أهله مثل: قبلت، و يشترط فيه ذكر المهر كما يشترط أيضاً ذكر أجل معين، و الأحوط أن لا يزيد على عمر الزوجين أو أحدهما عادة و إلّا فلا يترك ما يقتضيه الاحتياط و لو لم يذكر المهر بطل.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 345

(مسألة 1302): لو نسي ذكر الأجل ففي البطلان أو انقلابه دائماً قولان

أظهرهما الأول.

(مسألة 1303): يحرم عقد المتعة على غير الكتابية من الكفار

، و الأمة على الحرة من دون إذنها، و بنت الأخ و الاخت من دون إذن العمة و الخالة، و يكره على البكر و على الزانية، و إذا كانت مشهورة بالزنا فالأحوط لزوماً ترك التمتع بها.

(مسألة 1304): لا تنحصر المتعة في عدد فيجوز التمتع بما شاء الرجل من النساء

كما لا ينحصر ملك اليمين في عدد، و لا حد للمهر قلة و كثرة و يجوز أن يكون المهر عملًا كخياطة ثوب أو تعليم كتابة و نحوهما كما يجوز أن يكون حقاً قابلًا للانتقال كحق التحجير، و لو وهبها المدة قبل الدخول ثبت نصف المهر على الأظهر و لو ماتت أو مات أو انقضت المدة لم ينقص منه شي ء و إن كان قبل الدخول.

(مسألة 1305): تملك المتمتع بها تمام المهر بالعقد و تسليم نفسها للاستمتاع بها

لكنها لو أخلت ببعض المدة سقط من المهر بنسبته و لا فرق بين كون الإخلال لعذر أو غيره عدا أيام الحيض و نحوها مما يحرم عليه فيها الوطء. و المدار في الإخلال على الاستمتاع بالوطء دون غيره من أنواع الاستمتاع فلو أخلت به مع التمكين من الوطء لم يسقط من المهر شي ء و لو لم تحضر في بعض المدة لعجزه عن الاستمتاع بالوطء في سقوط بعض المهر إشكال.

(مسألة 1306): لو ظهر بطلان العقد فلا مهر لها قبل الدخول

، و بعده لها مهر المثل و لو كان أكثر من المهر المسمّى و لا يقاس بعمل الأجير في الإجارة الفاسدة حيث يمكن فيه دعوى أقل الأمرين من الاجرتين؛ لأنّ المهر لا يكون اجرة على التمكين للاستمتاع و لا مهر لها مع علمها بالبطلان.

(مسألة 1307): يلحق الولد بزوج المتمتع بها إذا وطأها و إن كان قد عزل

، و يلحق بالوطء الإنزال في فم الفرج و ليس للزوج حينئذ نفي الولد مع احتمال تولده

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 346

منه و لو نفاه جزماً انتفى ظاهراً بلا لعان إلّا إذا كان قد أقر به سابقاً و كذا الحكم في الأمة.

(مسألة 1308): لو أبرأها المدة على أن لا تتزوج فلاناً و قبلت، صح الإبراء

و صح الشرط فيجب عليها الوفاء به لكنها لو تزوجت منه و لو عصياناً صح زواجها على الأظهر.

(مسألة 1309): لو صالحها على أن يبرئها المدة و أن لا تتزوج بفلان صح الصلح

و وجب عليه الإبراء فإن امتنع أجبره الحاكم فإن تعذر تولاه الحاكم و لا يجوز لها أن تتزوج بفلان لكنها إن تزوجت به صح التزويج و إن كانت المصالحة على أن تتزوج بفلان وجب ذلك عليها فإن امتنعت أجبرها الحاكم فإن تعذر إجبارها زوّجها الحاكم منه، و لو صالحها على أن تكون بريئة من المدة بنحو شرط النتيجة صحت المصالحة و لو ابرأها معلقاً على شي ء مثل أن لا تتزوج من فلان مثلًا أو مطلقاً بطل الإبراء.

(مسألة 1310): تعتد الحائل بعد الأجل أو بعد الإبراء بحيضتين كاملتين

و لا يكفي فيهما المسمى أو في إحداهما فإن كانت في سن من تحيض و لا تحيض فبخمسة و أربعين يوماً و في الموت بأربعة أشهر و عشرة أيام إن كانت حرة و إن كانت أمة اعتدت بشهرين و خمسة أيام، و تعتد الحامل بأبعد الأجلين من المدة و وضع الحمل إن كان الاعتداد للوفاة، بل لغيرها أيضاً على الأحوط.

(مسألة 1311): لا يصح للزوج تجديد العقد على المتمتع بها دائماً أو منقطعاً

قبل انقضاء الأجل أو هبة مدتها.

(مسألة 1312): إذا اختلف الزوجان في الدوام و الانقطاع

لم يبعد تقديم قول مدعي الانقطاع بيمينه إن لم تكن بينة على الدوام.

(مسألة 1313): لا يجوز جعل المدة منفصلة عن العقد

فيتزوجها شهراً بعد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 347

شهر العقد و قيل يجوز و هو ضعيف.

(مسألة 1314): يجوز للمتمتع بها أن تشترط على زوجها أن لا يدخل بها

و يجب عليه الوفاء بالشرط و لكنها إذا أسقطت الشرط جاز له ذلك.

(مسألة 1315): يجوز التمتع بالصغيرة و إن كانت المدة قليلة لجواز الاستمتاع بها

بغير الوطء و إنما لا يجوز الدخول بها قبل بلوغها.

(مسألة 1316): صحة العقد متعة للصغير لمدة لا تكون قابلة للاستمتاع فيها محل إشكال

و الاحتياط لا يترك و يتحقق الاحتياط بجعل الأجل مدة طويلة يكون قابلًا للاستمتاع في بعضها و يجوز في الفرض لولي الصغير إبراء المدة وهبتها إذا كانت فيه مصلحة للصبي.

(مسألة 1317): يجوز لولي الصغير إبراء المدة

إذا كانت فيه مصلحة للصبي.

(مسألة 1318): لا تجب نفقة الزوجة المتمتع بها على زوجها

إلّا إذا اشترط ذلك في عقد المتعة أو في ضمن عقد آخر لازم.

(مسألة 1319): لا طلاق و لا لعان في المتعة

و لا توارث بينهما إلّا إذا اشترط ذلك لهما أو لأحدهما و مع الاشتراط ينفذ الشرط.

الفصل الخامس في جواز الاستمتاع بالإماء و نكاحهن

(مسألة 1320): يجوز وطء الأمة بالملك و سائر الاستمتاعات بها كالزوجة

إذا لم تكن محرمة عليه بسبب ما، كما إذا كانت موطوءة الأب أو الابن أو كانت منظورة أو ملموسة له بشهوة و لا فرق في الأمة بين أن تكون مسلمة أو كافرة، و قيل أن الأمة إذا كانت مشركة أو مرتدة لا يجوز وطؤها، و دليله غير ظاهر.

(مسألة 1321): لا يجوز للعبد و الأمة أن يعقدا لأنفسهما بغير إذن المولى

فإن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 348

فعل أحدهما ذلك وقف على الإجازة.

(مسألة 1322): لو أذن المولى في العقد للعبد فالمهر و النفقة على المولى

و يستقر المهر بالدخول.

(مسألة 1323): لو تزوج عبد بأمة لغير مولاه فالمعروف أنه إن كان بإذن السيدين سابقاً أو لاحقاً فالولد لهما

و كذا لو لم يأذنا، و لو أذن أحدهما فقط فالولد للآخر مع جهل الزوجين بالحرمة في الصورتين، و لكنه لا يخلو عن إشكال كما أن شمول قاعدة تبعية الولد للُام في المملوك محل تأمل فلا يترك الاحتياط.

(مسألة 1324): لو كان أحد الزوجين حراً فالولد مثله

، و لو اشترط المولى رقيته فالأقوى إلغاء شرطه.

(مسألة 1325): لو تزوج الحر الأمة من دون إذن المولى عالماً فهو زان

و الولد رق للمولى، و لو كان جاهلًا سقط الحد دون المهر و عليه قيمة الولد لمولاها يوم سقوطه حيّاً و كذلك الحكم لو ادعت الأمة الحرية و على الأب فك أولاده و يلزم المولى دفعهم إليه و لو عجز سعى في القيمة و مع عدم الدخول لا مهر.

(مسألة 1326): لو تزوجت الحرة بعبد عالمة من دون إذن المولى فلا مهر لها

و الولد رق و مع الجهل كان الولد حراً على المشهور و لا قيمة عليها و على العبد المهر يتبع به بعد العتق مع الدخول.

(مسألة 1327): لو زنى الحر أو المملوك بمملوكة فالولد لمولاها.

(مسألة 1328): لو اشترى الزوج جزءاً من زوجته بطل العقد

و تحل بالتحليل من الشريك على قول قوي، و لو اشترت الزوجة زوجها أو جزءاً منه بطل عقد النكاح بينهما.

(مسألة 1329): لو أعتقت الأمة المزوجة كان لها فسخ النكاح

إن كان زوجها رقاً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 349

(مسألة 1330): يجوز جعل العتق مهراً لمملوكته

سواء قدم العتق أم قدم النكاح، و الأولى تقديم النكاح و إذا قدم العتق فليعطها شيئاً للمهر.

(مسألة 1331): ام الولد رق

و لا يجوز بيعها إلّا في ثمن رقبتها إذا لم يكن غيرها على تفصيل، و تنعتق بموت المولى من نصيب الولد و لو عجز النصيب سعت في قيمتها.

(مسألة 1332): إذا بيعت الأمة المزوجة كان للمشتري فسخ النكاح

، و كذا إذا بيع العبد المزوج بأمة و مع فسخ مشتري الأمة قبل الدخول لا مهر و لو أجاز قبله أو بعده فالمهر للبائع.

(مسألة 1333): إذا زوج المولى عبده بحرة أو أمة لغيره فالطلاق بيد العبد

و لو كانا لواحد كان للمولى الطلاق و الفسخ.

(مسألة 1334): يحرم لمن زوّج أمته وطؤها و لمسها و النظر إليها بشهوة

و بدونها أيضاً ما بين السرّة و الركبة ما دامت في حبال الزوج و كذلك إذا كانت في العدة.

(مسألة 1335): ليس لأحد الشريكين وطء الأمة المشتركة بالملك

و يجوز بالتحليل من شريكه كما سبق.

(مسألة 1336): يجب على مشتري الجارية من الرجل استبراؤها بحيضة

إذا لم يستبرئها البائع إلّا إذا علم بعدم كونها موطوءة و تقدم تفصيل ذلك في مسائل بيع الحيوان.

(مسألة 1337): لو أعتقها مولاها جاز وطؤها بالعقد

من غير استبراء إلّا إذا علم كونها موطوءة بالوطء الصحيح فإن الأحوط لزوجها الاستبراء حينئذ.

(مسألة 1338): لو حلل أمته لغيره حلّت له

و لو كان مملوكه و لا يشترط فيه تعيين مدة و لا ذكر مهر و لا نفقة لها عليه، و لا سلطان له عليها و ليس هو عقد نكاح

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 350

و لا تمليك انتفاع و لا تمليك منفعة بل هو إذن في الانتفاع داخل في ملك اليمين بأن يكون المراد منه ما يعم ذلك فتجري عليه أحكامه الثابتة له بما هو عام.

(مسألة 1339): يختص التحليل بالإماء

و لا يجوز للحرة أن تحلل نفسها لأحد و لا تحل له بذلك.

(مسألة 1340): إذا أطلق المالك التحليل حل للمحلل له جميع الاستمتاعات

و إن خصصه بمعين اختص الحل به و لا يحل ما سواه و مع حرية المحلل له ينعقد الولد حراً.

الفصل السادس في العيوب

(مسألة 1341): العيوب في الرجل التي توجب الخيار للزوجة في فسخ عقد الزواج أربعة:

(1) الجنون و إن تجدد بعد العقد و الوطء.

(2) العنن و إن تجدد بعد العقد لكن لو تجدد بعد العقد و الوطء- و لو مرة- لم يوجب الخيار.

(3) الخصاء إذا سبق على العقد مع تدليس الزوج و جهل

الزوجة به.

(4) الجب الذي لا يقدر معه على الوطء أصلًا إذا سبق على العقد أو تجدد قبل الوطء أما إذا كان بعد الوطء و لو مرة فالأقوى أنه لا يقتضي الخيار.

(مسألة 1342): العيوب في المرأة التي توجب الخيار للزوج في فسخ العقد سبعة

(الجنون) و (الجذام) و (البرص) و (القرن) و هو العفل و مثله الرتق و (الإفضاء) و (العمى) و (الإقعاد) و منه العرج البين و يثبت الخيار للزوج فيما إذا كان العيب سابقاً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 351

على العقد و في ثبوته في المتجدد بعد العقد و قبل الوطء إشكال و الأقرب الثبوت و إن كان الاحتياط لا ينبغي تركه.

(مسألة 1343): الخيار من جهة العيب في الرجل أو المرأة يثبت في الدائم و المنقطع

، و الأظهر أنه ليس على الفور فلا يسقط بالتأخير.

(مسألة 1344): ليس الفسخ بطلاق

و لا مهر مع فسخ الزوج قبل الدخول و للزوجة المسمى بعده و يرجع به على المدلس إن كان، و إن كانت هي المدلسة نفسها فلا مهر لها كما لا مهر لها مع فسخها قبل الدخول إلّا في العنة فيثبت نصفه.

(مسألة 1345): القول قول منكر العيب مع اليمين

و عدم البينة.

(مسألة 1346): لا بد في خصوص العنة من رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي

فيؤجل العنين بعد المرافعة سنة فإن وطأها أو وطأ غيرها فلا فسخ و إلّا فسخت إن شاءت و إذا امتنع من الحضور عند الحاكم جرى عليه حكم التأجيل.

(مسألة 1347): لو تزوجها على أنها حرة فبانت أمة فله الفسخ

و لا مهر إلّا مع الدخول فيرجع به على المدلس فإن لم يكن المدلس مولاها كان له عشر قيمتها إن كانت بكراً و إلّا فنصف العشر.

(مسألة 1348): لو تزوجته على أنه حر فبان عبداً فلها الفسخ

و لها المهر بعد الدخول لا قبله. و كذا إذا قال أنا من بني فلان فتزوجته على ذلك فبان أنه من غيرهم.

(مسألة 1349): لو تزوجها على أنها بكر فبانت ثيباً لم يكن له الفسخ

. نعم ينقص من المهر بمقدار ما به التفاوت بين البكر و الثيب للنص الصحيح و يسمى بالأرش و لا يثبت الأرش في غير ذلك من العيوب.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 352

الفصل السابع في المهر

(مسألة 1350): المرأة تملك المهر بالعقد

و يسقط نصفه بالطلاق قبل الدخول و كذا في موت أحدهما على الأظهر و لو دخل بها قبلًا أو دبراً استقر المهر، قيل: و كذا إذا أزال بكارتها بإصبعه من دون رضاها، و لكنه لا يخلو عن إشكال.

(مسألة 1351): إذا أزال غير الزوج بكارة المرأة بإكراهها بالوطء

أو بغيره كان عليه مهر المثل بكراً.

(مسألة 1352): يصح أن يكون المهر عيناً أو ديناً أو منفعة

و يجوز أن يكون من غير الزوج، و لو طلقها الزوج قبل الدخول حينئذ رجع إليه نصف المهر لا إلى الزوج.

(مسألة 1353): لا يتقدر المهر قلة و لا كثرة

و لا بد فيه من أن يكون متعيناً و إن لم يكن معلوماً بالوصف أو المشاهدة و لو أجله وجب تعيين الأجل و لو في الجملة مثل ورود المسافر و وضع الحمل و نحو ذلك و لو كان الأجل مبهماً بحتاً مثل إلى زمان ما أو ورود مسافر ما، صح العقد و صح المهر أيضاً على الأظهر و سقط التأجيل.

(مسألة 1354): لو لم يذكر المهر صح العقد و كان لها مع الدخول مهر المثل

و مع الطلاق قبله لها المتعة على الموسر و على الفقير بحسب قدرهما و لو مات أحدهما قبل الدخول فلا مهر و لا متعة.

(مسألة 1355): لو وطأ امرأة شبهة كان لها مهر المثل

سواء أ كان الوطء بعقد باطل أو بلا عقد.

(مسألة 1356): لو تزوجها بحكم أحدهما صح

و يلزم ما يحكم به صاحب الحكم ما لم يتجاوز حكم المرأة مهر السنة إن كانت هي الحاكمة، و لو مات الحاكم قبله و قبل الدخول فلها المتعة و بعد الدخول فلها مهر المثل إن كان الحكم إلى الزوج، و أما إن كان إلى الزوجة فلا يبعد أن يكون مهر السنة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 353

(مسألة 1357): لو تزوجها على خادم مطلقاً أو دار أو بيت كان لها وسط ذلك

، و لو قال: على السنة فخمسمائة درهم.

(مسألة 1358): لو تزوج الذميان على خمر صح

فإن أسلما قبل القبض فللزوجة القيمة، و إن أسلم أحدهما قبله فالظاهر لزوم القيمة أيضاً، و لو تزوج المسلم عليها ففيه أقوال أقواها صحة العقد و ثبوت مهر المثل مع الدخول بها و لو أمهر المدبر بطل التدبير.

(مسألة 1359): لو شرط في العقد محرماً بطل الشرط دون العقد

و لو اشترط أن لا يخرجها من بلدها لزم الشرط، و يجوز أن تشترط الزوجة على الزوج في عقد النكاح أو غيره أن لا يتزوج عليها و يلزم الزوج العمل به و لكن لو تزوج صح تزويجه كما يجوز أن تشترط الوكالة على طلاق نفسها عند ارتكابه بعض الامور من سفر طويل أو جريمة موجبة لحبسه أو غير ذلك فتكون حينئذ وكيلة على طلاق نفسها و لا يجوز له عزلها فإذا طلقت نفسها صح طلاقها.

(مسألة 1360): القول قول الزوج في قدر المهر

و لو أنكره بعد الدخول لزمه أقل الأمرين مما تدّعيه الزوجة و مهر المثل و لو ادعت المواقعة و أنكرها الزوج فالقول قوله مع يمينه.

(مسألة 1361): لو زوج الأب ابنه الصغير ضمن المهر

إن لم يكن للولد مال و إلّا كان المهر على الولد.

(مسألة 1362): للمرأة الامتناع من التمكين قبل الدخول حتى تقبض المهر

إلّا أن يكون المهر مؤجلًا فلا يجوز لها الامتناع و إن حل الأجل و لا فرق بين الموسر و المعسر، و إذا مكنت من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لأجل أن تقبض المهر فلو امتنعت حينئذ صارت ناشزاً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 354

الفصل الثامن في القسمة و النشوز

(مسألة 1363): الظاهر عدم وجوب القسمة ابتداءً

مع تعدد الزوجات بالمبيت، و لكن إذا بات عند إحداهن ليلة من أربع ليال وجب المبيت عند الاخرى ليلة منها، و الأحوط القسمة ابتداءً بل الأحوط القسمة و إن اتحدت الزوجة و لو وهبته إحداهن، وضع ليلتها حيث شاء، و لو وهبت ضرتها بات عندها إن رضي بالهبة و الواجب المضاجعة ليلًا لا المواقعة.

(مسألة 1364): إذا تزوج حرة و أمة أو كتابية كان للحرة ليلتان

من ثمان و للأمة و الكتابية ليلة من ثمان و لا قسمة للمتمتع بها و لا للموطوءة بالملك و تختص البكر عند الدخول بسبع و الثيب بثلاث، و يستحب التسوية في الإنفاق على الزوجات.

(مسألة 1365): يجب على الزوجة التمكين و إزالة المنفر

، و له ضرب الناشزة من دون إدماء لحم و لا كسر عظم بعد وعظها و هجرها على الترتيب و لو نشز طالبته و لها ترك بعض حقها أو كله استمالة و يحل قبوله.

(مسألة 1366): لو كره كل منهما صاحبه أنفذ الحاكم حَكَمين من أهلهما

أو أجنبيين مع تعذر أهلهما على الأحوط فإن رأيا الصلح أصلحا و إن رأيا الفرقة راجعاهما في الطلاق و البذل و مع اختلافهما لا بد للزوجة من أن تصبر مع زوجها إن كان العصيان منها أو منهما و إن كان من الزوج فقط رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي فيأمر الحاكم زوجها بالرجوع و الإنفاق أو الطلاق و التسريح فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 355

الفصل التاسع في أحكام الاولاد

(مسألة 1367): يلحق ولد المرأة بزوجها في الدائم و المنقطع بشروط:

الأول: الدخول مع العلم بالإنزال أو احتماله أو الإنزال على فم الفرج.

الثاني: مضي ستة أشهر من حين الوطء و نحوه.

الثالث: عدم التجاوز عن أقصى الحمل و هو تسعة أشهر أو عشرة أشهر أو سنة و المشهور الأول و لا يخلو عن قوّة.

(مسألة 1368): لو غاب الزوج أو اعتزل زوجته أكثر من أقصى الحمل

ثمّ ولدت لم يلحق الولد به. نعم، إذا علم أن الحمل من الواطئ يلحق به و إن كان أكثر من تسعة أشهر كعشرة أشهر مثلًا.

(مسألة 1369): القول قول الزوج في عدم الدخول

و لو اعترف به ثمّ أنكر الولد لم ينتف إلّا باللعان في الدائم.

(مسألة 1370): لا يصير ولد الزنا ولداً حلالًا للزاني بعد تزوجه بامّه

بحيث يترتب أثره من الإرث و كذا لو زنى بأمة فأحبلها ثمّ اشتراها.

(مسألة 1371): لو تزوجت الحرة أو الأمة بآخر بعد طلاق الأول و أتت بولد لأقل من ستة أشهر

من عقد الثاني و دخوله بها فهو للأول و يظهر كون عقد الثاني في العدة فتحرم عليه مؤبداً و إن كان الإتيان به لستة أشهر فصاعداً من دخوله بها فهو للأخير سواء أمكن كونه للأول بأن لم تتجاوز أقصى مدة الحمل من وطء الأول أم لم يمكن بأن تجاوز المدة المذكورة من وطئه و لو كان الإتيان بولد لأقل من ستة أشهر من الثاني و أكثر من أقصى الحمل من وطء الأول فليس الولد لهما و كذا الأمة لو بيعت بعد الوطء بالملك أو التزويج فوطأها المشتري أو زوجت فوطأها الزوج.

(مسألة 1372): إذا طلقت المرأة فوطأها رجل في غير العدة الرجعية شبهة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 356

و اشتبه إلحاق الولد بالمطلق و الواطئ قيل يقرع بينهما و قيل يلحق بالثاني و لعله الأظهر و كذا المتمتع بها إذا وهبها زوجها المدة أو انتهت المدة و وطأها رجل شبهة و اشتبه إلحاق الولد بهما و إذا وطئت الزوجة أو المعتدة الرجعية شبهة ثمّ ولدت و علم لحوقه بالزوج أو الواطئ ألحق به و إن اشتبه أمره اقرع بينهما و عمل على ما تقتضيه القرعة.

(مسألة 1373): لو ولدت زوجتان لزوجين أو لزوج واحد

ولدين و اشتبه أحدهما بالآخر عمل بالقرعة.

(مسألة 1374): الأمة إذا وطأها المولى فولدت ولدا الحق به

إلّا إذا نفاه فيقبل نفيه ظاهراً و لا يجوز له نفيه بغير جزم و لو وطأها المولى و أجنبي فجوراً فالولد للمولى، و لو وطأها المشتركون فتداعوه الحق بمن تخرجه القرعة و يغرم للباقين حصصهم من قيمة الأمة و قيمة ولدها يوم سقوطه حيّاً.

(مسألة 1375): لو وطأ المرأة أجنبي شبهة فحملت يلحق به الولد

فإن كان لها زوج ردت عليه بعد العدة من الثاني.

(مسألة 1376): المراد بوطء الشبهة الوطء غير المستحق

مع بناء الواطئ على استحقاقه له سواء كان معذوراً فيه شرعاً أم عقلًا أم غير معذور.

(مسألة 1377): إذا أدخلت المرأة مني رجل أجنبي في فرجها أثمت و لحق بها الولد

و بصاحب المني فإذا كان الولد انثى لم يَجُز لصاحب المني تزويجها و كذا الحكم لو أدخلت مني زوجها في فرجها فحملت منه و لكن لا إثم عليها في ذلك ما لم يكن في البين عنوان محرّم آخر كما إذا كان المباشر لإدخال مني زوجها شخص آخر حتى الطبيب.

(مسألة 1378): يجوز للمرأة استعمال ما يمنع الحمل إذا لم يكن فيه ضرر كثير

و إن لم يرض الزوج بذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 357

(مسألة 1379): لا يجوز إسقاط الحمل

و إن كان نطفة و فيه الدية كما يأتي في المواريث.

(مسألة 1380): إذا وطأ الرجل زوجته فساحقت بكراً فحملت البكر

استحقت الزوجة الرجم و البكر الجلد و كان على الزوجة مهر البكر و يلحق الولد بصاحب النطفة كما يلحق بالبكر للنص.

(مسألة 1381): يجب عند الولادة استبداد النساء و الزوج بالمرأة

(مسألة 1382): يستحب غسل المولود و الأذان في اذنه اليمنى

و الإقامة في اليسرى و تحنيكه بتربة الحسين عليه السلام و بماء الفرات و تسميته باسم أحد الأنبياء و الائمة عليهم السلام و تكنيته (و لا يكنى محمد بأبي القاسم) و حلق رأسه في اليوم السابع و العقيقة بعده و التصدق بوزن شعره ذهباً أو فضة و ثقب أذنه و ختانه فيه و يجب عليه الختان بعد البلوغ لو لم يختن قبله، و خفض الجواري مستحب و إن بلغن و الأولى أن يكون بعد بلوغها سبع سنين.

(مسألة 1383): يستحب أن يعق عن الذكر بذكر و عن الانثى بأنثى

و أن تكون سالمة من العيوب سمينة و في الروايات هي شاة لحم يجزئ فيها كل شي ء و إن خيرها أسمنها و يكره أن يأكل الأب منها أو أحد من عيال الأب و الأحوط للُام الترك و تجزي الشاة و البقرة و البدنة و الأفضل الكبش و يستحب أن تقطع جداول و قيل يكره أن تكسر العظام و يستحب أن تعطى القابلة منها الربع و يقسم الباقي على المؤمنين و أفضل منه أن يطبخ و يعمل عليه وليمة و الأفضل أن يكون عددهم عشرة فما زاد كما أن الأفضل أن يكون ما يطبخ به ماء و ملحاً. و أما ما اشتهر بين بعض السواد من استحباب لف العظام بخرقة بيضاء و دفنها فلم نعثر على مستنده.

(مسألة 1384): من بلغ و لم يعق عنه استحب له أن يعق عن نفسه

(مسألة 1385): لا يجزئ عن العقيقة التصدق بثمنها

و من ضحي عنه أجزأته

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 358

الاضحية عن العقيقة.

(مسألة 1386): أفضل المراضع الام و للحرة الاجرة على الأب

إذا لم يكن للولد مال و إلّا فمن ماله و مع موته فمن مال الرضيع إن كان له مال و إلّا فمن مال من تجب نفقته عليه كما يأتي بيانه و لا تجبر على إرضاعه. نعم، لا يبعد جواز الإجبار في فرض كون إرضاع ولدها من الشرط الارتكازي عند النكاح بينهم كما في أهالي بعض المجتمعات، و تجبر الأمة.

(مسألة 1387): حد الرضاعة حولان

و تجوز الزيادة على ذلك و أقله واحد و عشرون شهراً على المشهور و الام أحق بالرضاعة إذا رضيت بما يرضى به غيرها من اجرة أو تبرع.

(مسألة 1388): الام أحق بحضانة الولد إن شاءت

إذا كانت حرة مسلمة عاقلة مأمونة على الولد إلى سنتين و إن كان انثى و الأولى جعله في حضانة الام إلى سبع سنين و إن كان ذكراً. و تسقط الحضانة لو تزوجت و لا تسقط لو زنت.

(مسألة 1389): لو مات الأب بعد انتقال الحضانة إليه

أو كان مملوكاً أو كافرا أو مجنوناً فالام أولى به إلى أن يبلغ من الوصي للأب و من الجد و الجدة له و غيرهما من أقاربه و إن تزوجت.

(مسألة 1390): لو ماتت الام في مدة الحضانة فالأب أولى به من وصيها

و أبيها و امها و غيرهما من أقاربها و إذا فقد الأبوان فأب الأب أولى به و مع فقده فالوصي لأحدهما و مع فقده فثبوت حق الحضانة للأقرب من الأقارب إشكال.

(مسألة 1391): إذا بلغ الولد رشيداً سقطت ولاية الأبوين عنه

و كان له الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما أو من غيرهما.

(مسألة 1392): إذا طلبت الام اجرة للرضاع زائدة على غيرها

أو وجد متبرع به و كان نظر الأب الإرضاع من غيرها ففي سقوط حق الحضانة إشكال و الأظهر سقوطه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 359

(مسألة 1393): لو تزوجت فسقطت حضانتها ففي رجوع حضانتها بالطلاق قولان

أقواهما العدم.

(مسألة 1394): حق الحضانة الذي يكون للُام يسقط بإسقاطها

بخلاف حق الحضانة الذي يكون للأب أو الجد فإنه لا يسقط بإسقاطه.

(مسألة 1395): الظاهر أن الام تستحق الاجرة على الحضانة

إلّا إذا كانت متبرعة بها أو وجد متبرع بالحضانة.

(مسألة 1396): إذا أخذ الأب أو غيره الطفل من امه و لو عدواناً

لم يكن عليه تدارك حق الحضانة بقيمة أو نحوها.

(مسألة 1397): يصح إسقاط حق الحضانة المستقبلة كما يصح إسقاطه

يوماً فيوماً.

الفصل العاشر في النفقات

اشارة

و هي أقسام: نفقة الزوجة و نفقة الأقارب و نفقة المملوك إنساناً كان أو حيواناً. أما نفقة الزوجة الدائمة فتجب على الزوج و هي الإطعام و الكسوة و السكنى و الفراش و الغطاء و آلة التنظيف و سائر ما تحتاج إليه بحسب حالها بشرط أن تكون عنده فإذا خرجت من عنده تاركة له من دون مسوغ شرعي لم تستحق النفقة و المشهور أن وجوب النفقة مشروط بعدم النشوز و هو التمرد على الزوج بمنعه عن حقوقه أو بفعل المنفرات له عنها و إن كان مثل سبه و شتمه و فيه إشكال.

(مسألة 1398): الظاهر أن من النفقة الواجبة على الزوج اجرة الحمام عند حاجة الزوجة إلى التنظيف

إذا لم تتهيأ لها مقدمات التنظيف في البيت أو كان ذلك عسراً عليها لبرد أو غيره كما أن منها اجرة مصاريف الولادة و الفصد و الحجامة عند

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 360

الاحتياج إليهما و كذلك اجرة الطبيب و الأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها عادة بل لا يبعد أن يكون منها ما يصرف في سبيل علاج الأمراض الصعبة التي يكون الابتلاء بها اتفاقيا و لو احتاج إلى بذل مال خطير ما لم يكن ذلك حرجياً و يرجى شفاؤها بل يطمئن بالعلاج.

(مسألة 1399): لا تجب نفقة الزوجة في الزمان الفاصل بين العقد و الزفاف

، فإن الارتكاز العرفي قرينة على إسقاطها في هذه المدة.

(مسألة 1400): تجب النفقة للزوجة الدائمة

و إن كانت ذمية أو أمة أو صغيرة فإن طلقت رجعياً بقيت لها النفقة فإن طلقت بائناً أو مات الزوج فلا نفقة لها مع عدم الحمل، و أما مع الحمل فتجب في الطلاق دون الموت و تقضى مع الفوات فلو ماتت انتقلت إلى ورثتها.

(مسألة 1401): يجب على الولد الإنفاق على الأبوين

و يجب على الوالد الإنفاق على الولد و لا يسقط الوجوب بمجرد القدرة على أخذه الحقوق مثل الزكاة و الخمس إذا كان فيه مهانة بل مع عدمها أيضاً. نعم لا يجب الإنفاق مع البذل خارجاً كما لا يجب مع غناهم أو قدرتهم على الكسب.

(مسألة 1402): يشترط في وجوب الإنفاق قدرة المنفق على الانفاق

فإن عجز بقيت في ذمته نفقة الزوجة و سقطت نفقة الأقارب.

(مسألة 1403): المشهور أن نفقة الأولاد مع فقد الآباء على الام

فإن فقدت فعلى أبيها و امها بالسوية و لو كانت معهما ام الأب شاركتهما في النفقة و هو لا يخلو من إشكال و إن كان أحوط و لا تجب النفقة على غير العمودين من الإخوة و الأعمام و الأخوال ذكوراً أو إناثاً و أولادهم.

(مسألة 1404): نفقة النفس مقدمة على نفقة الزوجة

و هي مقدمة على نفقة الأقارب و الأقرب منهم مقدم على الأبعد فالولد مقدم على ولد الولد و لو تساووا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 361

و عجز عن الإنفاق عليهم تخير بينهم.

(مسألة 1405): الإنسان المملوك تجب نفقته على مولاه

و له أن يجعلها في كسبه مع الكفاية و إلّا تممه المولى و الأحوط للمالك النفقة للبهائم أو البيع أو الذبح إن كانت من المذكاة.

(مسألة 1406): الأشهر أن القدرة على النفقة ليست شرطاً في صحة النكاح

فإذا تزوجت المرأة الرجل العاجز أو طرأ العجز بعد العقد لم يكن لها الخيار في الفسخ لا بنفسها و لا بواسطة الحاكم و لكن يجوز لها أن ترجع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيأمر زوجها بالطلاق فإن امتنع طلقها الحاكم الشرعي و إذا امتنع القادر على النفقة عن الإنفاق جاز لها أيضاً أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيلزمه بأحد الأمرين من الإنفاق و الطلاق، فإن امتنع عن الأمرين و لم يمكن الإنفاق عليها من ماله جاز للحاكم طلاقها و لا فرق في ذلك بين الحاضر و الغائب. نعم، إذا كان الزوج مفقوداً و علمت حياته وجب عليها الصبر و إن لم يكن له مال ينفق عليها منه و لا ولي ينفق عليها من مال نفسه. و يأتي في مبحث العدة التعرض لبقية أحكام المفقود.

(مسألة 1407): لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيتها بغير إذن زوجها

فيما إذا كان خروجها منافياً لحق الاستمتاع بها بل مطلقاً على الأحوط فإن خرجت بغير إذنه كانت ناشزاً و لا يحرم عليها سائر الأفعال بغير إذن الزوج إلّا أن يكون منافياً لحق الاستمتاع.

(مسألة 1408): ما كان من النفقة يتوقف الانتفاع به على ذهاب عينه

كالطعام و الشراب و الصابون و نحوها تملك الزوجة عينه فلها مطالبة الزوج بتمليكه إياها و لها الاجتزاء بما يبذله لها منه كما هو المتعارف فتأكل و تشرب من طعامه و شرابه، و أما ما تبقى عينه بالانتفاع به فإن كان مثل المسكن و الخادم فلا إشكال في كونه إمتاعا لا تمليكاً فليس لها المطالبة بتمليكها إياه و الظاهر أن الفراش و الغطاء أيضا كذلك و أما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 362

الكسوة ففي كونها كالأول أو الثاني إشكال و لا يبعد أن الأول أقرب و لا يجوز لها في القسم الثاني نقله إلى غيرها و لا التصرف فيه على غير النحو المتعارف بغير إذن الزوج و يجوز لها ذلك كله في القسم الأول.

(مسألة 1409): مر أن الزوجة إذا خرجت من عند زوجها تاركة له

من دون مسوغ شرعي سقطت نفقتها و يستمر السقوط ما دامت كذلك فإذا رجعت و تابت رجع الاستحقاق.

(مسألة 1410): إذا نشز الزوج فلم يؤد إلى زوجته النفقة اللازمة من غير عذر

و تعذر رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ففي جواز نشوزها و امتناعها عن القيام بحقوق الزوج حينئذ إشكال إلّا إذا كان نشوزها موجباً لرجوعه عن نشوزه فيجوز.

(مسألة 1411): إذا لم يكن للزوج مال ينفق منه على زوجته

و كان يتمكن من الكسب وجب عليه إلّا إذا كان لا يليق به فتبقى النفقة ديناً عليه و الظاهر وجوب الاستدانة عليه إذا علم التمكن من الوفاء أما إذا احتمل عدم التمكن من الوفاء ففي سقوط الوجوب إشكال و الأقرب عدم السقوط.

(مسألة 1412): نفقة الزوجة تقبل الإسقاط في كل يوم

أما الإسقاط في جميع الأزمنة المستقبلة فلا يخلو من إشكال و إن كان الجواز أظهر و أما نفقة الأقارب فلا تقبل الاسقاط لأنها واجبة تكليفاً محضاً.

(مسألة 1413): يجزئ في الإنفاق على القريب بذل النفقة في دار المنفق

و لا يجب عليه تمليكها و لا بذلها في دار اخرى و لو طلب المنفق عليه ذلك لم تجب إجابته إلّا إذا كان عن عذر مانع له عن استيفاء النفقة في بيت المنفق من حر أو برد أو وجود من يؤذيه هناك أو نحو ذلك مما يرجع إلى خلل في محل الإنفاق.

(مسألة 1414): إذا وجب السفر على الزوجة لم تسقط نفقتها في السفر

و وجب على الزوج القيام بها أما بذل اجور السفر و نحوها مما تحتاج إليه من حيث

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 363

السفر فإن كان السفر لشئون حياتها بأن كانت مريضة و توقف علاجها على السفر إلى طبيب وجب على الزوج بذل ذلك، و إذا كان السفر أداءً لواجب في ذمتها فقط كما إذا استطاعت للحج أو نذرت الحج الاستحبابي بإذن الزوج لم يجب على الزوج بذل ذلك كما لا يجب عليه أداء الفدية و الكفارة و فداء الإحرام و نحو ذلك من الواجبات التي لا تقوم بها حياتها.

(مسألة 1415): إذا اختلف الزوجان في الإنفاق و عدمه مع اتفاقهما على استحقاق النفقة

فالظاهر أن القول قول الزوجة مع يمينها بلا فرق بين أن يكون الزوج غائباً أو كانت الزوجة منعزلة عنها و غير ذلك.

(مسألة 1416): إذا كانت الزوجة حاملًا و وضعت و قد طلقت رجعياً

فادعت الزوجة أن الطلاق كان بعد الوضع فتستحق عليه النفقة و ادعى الزوج أنه كان قبل الوضع و قد انقضت عدتها فلا نفقة لها فالقول قول الزوجة مع يمينها فإن حلفت استحقت النفقة و لكن الزوج يلزم باعترافه فلا يجوز له الرجوع إليها.

(مسألة 1417): إذا اختلفا في الإعسار و اليسار فادعى الزوج الإعسار

و أنه لا يقدر على الإنفاق و ادعت الزوجة يساره كان القول قول الزوج مع يمينه. نعم، إذا كان الزوج موسراً و ادعى تلف أمواله و إنه صار معسراً فأنكرته الزوجة كان القول قولها مع يمينها.

(مسألة 1418): لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها

فقرها و حاجتها بل تستحقها على زوجها و إن كانت غنية غير محتاجة.

(مسألة 1419): يتخير الزوج بين أن يدفع إلى الزوجة عين المأكول كالخبز

و الطبيخ و اللحم المطبوخ و ما شاكل ذلك و أن يدفع إليها موادها كالحنطة و الدقيق و الأرز و اللحم و نحو ذلك مما يحتاج في إعداده للأكل إلى علاج و مئونة فإذا اختار الثاني كانت مئونة الإعداد على الزوج دون الزوجة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 365

كتاب الطلاق

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 367

[مسائل]

(مسألة 1420): يشترط في المطلق البلوغ و العقل و الاختيار و القصد

فلا يصح طلاق الصبي و إن بلغ عشراً و لا المجنون و إن كان جنونه ادوارياً إذا كان الطلاق في دور الجنون و لا طلاق المكره و إن رضي بعد ذلك و لا طلاق السكران و نحوه مما لا قصد له معتداً به و يجوز لولي المجنون أن يطلق عنه مع المصلحة و لا يجوز لولي الصبي و السكران أن يطلق عنهما. و هل يجوز لولي الصبي أن يهب المتمتع بها المدة؟ قولان أظهرهما الجواز.

(مسألة 1421): يشترط في المطلقة دوام الزوجية

فلا يصح طلاق المتمتع بها و لا الموطوءة بملك اليمين و يشترط أيضا خلوها من الحيض و النفاس إذا كانت مدخولًا بها و كانت حائلًا و كان المطلق حاضراً فلو كانت غير مدخول بها أو حاملًا مستبينة الحمل جاز طلاقها و إن كانت حائضاً، و كذا إذا كان المطلق غائباً و كان جاهلًا بحالها و لا فرق بين أن يكون المطلق هو الزوج أو الوكيل الذي فوض إليه أمر الطلاق نعم يشترط في صحة طلاقه على الأحوط مضي مدة يعلم بحسب عادتها انتقالها فيها من طهر إلى آخر و الأحوط أن لا يقل ذلك عن شهر فإذا مضت المدة المذكورة فطلقها صح طلاقها و إن كانت حائضاً حال الطلاق، و بحكم الغائب في ذلك الحاضر الذي لا يقدر بحسب العادة أن يعرف أنها حائض أو طاهر كالمحبوس كما أن الغائب الذي يقدر على معرفة أنها حائض أو طاهر لا يصح طلاقه و إن وقع الطلاق بعد المدة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 368

المزبورة إلّا إذا تبين أنها كانت طاهراً في حال الطلاق.

(مسألة 1422): اعتبار المدة المذكورة في طلاق الغائب يختص بمن كانت تحيض

فإذا كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض جاز طلاق الغائب لها بعد ثلاثة أشهر من الدخول بها و إن احتمل طروء الحيض حال الطلاق.

(مسألة 1423): يشترط في المطلقة أيضاً أن تكون طاهراً

طهراً لم يجامعها زوجها فيه فلو طلقها في طهر قد جامعها فيه لم يصح إلّا إذا كانت صغيرة أو يائسة أو حاملًا مستبينة الحمل فإن كل واحدة من المذكورات يصح طلاقها و إن وقع في طهر قد جامعها فيه و مثلها من غاب عنها زوجها إذا كان جاهلًا بذلك و كان طلاقها بعد انقضاء المدة المتقدمة على الأحوط فإنه يصح الطلاق و إن كان وقوعه في طهر قد جامعها فيه على نحو ما تقدم في شرطية عدم الحيض.

(مسألة 1424): إذا أخبرت الزوجة أنها طاهر فطلقها الزوج أو وكيله

ثمّ أخبرت أنها كانت حائضاً حال الطلاق لم يقبل خبرها إلّا بالبينة و يكون العمل على خبرها الأول ما لم يثبت خلافه.

(مسألة 1425): لو طلق الغائب زوجته قبل مضي المدة المذكورة فتبين كون الطلاق في طهر لم يجامعها فيه صح

، و أما إذا طلق الحاضر زوجته غير مستبينة الحمل في طهر المجامعة فتبين كونها حاملًا ففي صحة طلاقه إشكال و الاحتياط بإعادة الطلاق لا يترك.

و كذا الإشكال فيما إذا وطأها حال الحيض عمداً أو خطأ ثمّ طلقها بعد أن طهرت من الحيض بل لا يبعد فيه البطلان و إذا طلقها اعتماداً على استصحاب الطهر أو استصحاب عدم الدخول صح الطلاق ظاهراً أما صحته واقعاً فتابعة لتحقق الشرط واقعاً.

(مسألة 1426): إذا كانت المرأة مسترابة بأن كانت لا تحيض

و هي في سن من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 369

تحيض سواء أ كان لعارض اتفاقي أم لعادة جارية في أمثالها كما في أيام إرضاعها أو في أوائل بلوغها جاز طلاقها في طهر قد جامعها فيه إذا كان قد اعتزلها حتى مضت ثلاثة أشهر فإنه إذا طلقها بعد مضي المدة المذكورة صح طلاقها و إن كان في طهر المجامعة.

(مسألة 1427): يشترط في صحة الطلاق تعيين المطلقة مع تعدد الزوجات

فلو كانت له زوجة واحدة فقال: زوجتي طالق صح، و لو كانت له زوجتان أو زوجات فقال زوجتي طالق فإن نوى معينة منهما أو منها صح و قبل تفسيره و إن نوى غير معينة بطل على الأقوى.

(مسألة 1428): يجوز التوكيل في الطلاق من الحاضر و الغائب

للحاضر و الغائب.

(مسألة 1429): الصيغة التي يقع بها الطلاق أن يقول: أنت طالق

و هي طالق أو فلانة طالق و في وقوعه بمثل طلقت فلانة أو طلقتك أو أنت مطلقة أو فلانة مطلقة إشكال بل الأظهر البطلان.

(مسألة 1430): لا يقع الطلاق بالكتابة

و لا بالإشارة للقادر على النطق و يقع بهما للعاجز عنه و لو خير زوجته و قصد تفويض الطلاق إليها فاختارت نفسها بقصد الطلاق قيل يقع الطلاق رجعياً، و قيل لا يقع أصلًا و هو الأقوى، و لو قيل له: هل طلقت زوجتك فلانة؟ فقال: نعم، بقصد إنشاء الطلاق قيل يقع الطلاق بذلك و قيل لا و هو الأقوى.

(مسألة 1431): يشترط في صحة الطلاق عدم تعليقه على الشرط المحتمل الحصول

أو الصفة المعلومة الحصول متأخراً فلو قال: إذا جاء زيد فأنت طالق، أو إذا طلعت الشمس فأنت طالق، بطل، نعم إذا كان الشرط المحتمل الحصول مقوماً لصحة الطلاق كما إذا قال: إن كنت زوجتي فأنت طالق، أو كانت الصفة المعلومة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 370

الحصول غير متأخرة كما إذا أشار إلى يده و قال: إن كانت هذه يدي فأنت طالق، صح إذا اريد به التأكيد لا التعليق.

(مسألة 1432): يشترط أيضاً في صحة الطلاق سماع رجلين عدلين

و لا يعتبر معرفة المرأة بعينها تصح الشهادة عليها فلو قال: زوجتي هند طالق بمسمع الشاهدين صح و إن لم يكونا يعرفان هنداً بعينها بل و إن اعتقدا غيرها و لو طلقها وكيل الزوج لم تكف شهادة الزوج و لا شهادته، و تكفي شهادة الوكيل على التوكيل عن الزوج في إنشاء الطلاق.

فصل في أقسام الطلاق

اشارة

الطلاق قسمان: بدعة، و سنة.

(مسألة 1433): الطلاق بدعة هو طلاق الحائض الحائل

أو النفساء حال حضور الزوج مع إمكان معرفة حالها أو مع غيبته كذلك أو قبل المدة المعتبرة و الطلاق في طهر المواقعة مع عدم اليأس و الصغر و الحمل و طلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة أشهر، و طلاق الثلاث إما مرسلًا بأن يقول: هي طالق ثلاثاً، و إما ولاءً بأن يقول: هي طالق، هي طالق، هي طالق، و الكل باطل عدا طلاق الثلاث فإن فيه تصح واحدة و يبطل الزائد.

(مسألة 1434): إذا طلق المخالف زوجته طلاقاً بدعياً جاز لنا تزويجها إلزاماً له

بما ألزم به نفسه و لو طلقها ثلاثاً بانت منه فلا يجوز له مراجعتها. نعم إذا تبصر بعد الطلاق جرى عليه حكم المتبصر.

(مسألة 1435): الطلاق سنة قسمان: بائن و رجعي.

الأول: طلاق اليائسة، و الصغيرة غير البالغة تسعاً، و غير المدخول بها و لو دبراً و المختلعة و المباراة مع استمرار الزوجة على البذل، و المطلقة ثلاثاً بينها رجعتان و لو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 371

كان الرجوع بعقد جديد إن كانت حرة و المطلقة طلقتين بينهما رجعة و لو بعقد جديد إن كانت أمة.

الثاني: ما عدا ذلك و يجوز للزوج الرجوع فيه أثناء العدة.

(مسألة 1436): الطلاق العدي هو أن يطلق زوجته مع اجتماع الشرائط

ثمّ يراجع قبل خروجها من العدة فيواقعها ثمّ يطلقها في طهر آخر، ثمّ يراجعها فيه و يواقعها ثمّ يطلقها في طهر آخر فتحرم عليه حتى تنكح زوجاً آخر فإذا نكحت و خلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثاً على النهج السابق حرمت عليه حتى تنكح زوجاً آخر و لو كان هو المحلّل الأوّل فإذا نكحت آخر و خلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثاً على النهج السابق حرمت في التاسعة تحريماً مؤبداً إذا كانت حرة أما إذا كانت أمة فإنها تحرم بعد كل تطليقتين حتى تنكح زوجاً آخر و في السادسة تحرم مؤبداً و ما عدا ذلك فليس بعدّي و إذا لم يكن الطلاق عدّياً فالمشهور أنها لا تحرم المطلقة مؤبداً و إن زاد عدد الطلاق على التسع لكنه لا يخلو من إشكال و الاحتياط لا يترك.

(مسألة 1437): تحرم المطلقة الحرة في الثالث مطلقاً حتى تنكح زوجاً غيره،

و الأمة المطلقة تحرم في الثاني كذلك حتى تنكح زوجاً غيره.

(مسألة 1438): الطلاق السني أقسام:

سني بالمعنى الأعم: و هو كل طلاق جامع للشرائط مقابل الطلاق البدعي.

و سني مقابل العدي: و هو ما يراجع فيه في العدة من دون جماع.

و سني بالمعنى الأخص و هو أن يطلق الزوجة فلا يراجعها حتى تنقضي العدة ثمّ يتزوجها.

(مسألة 1439): المشهور أنه يشترط في الزوج الذي يكون نكاحه محللًا للزوجة

بعد ثلاث تطليقات في الحرة أو تطليقتين في الأمة امور: بلوغه و وطؤه قبلًا بالعقد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 372

الصحيح الدائم فإذا فقد واحداً منها لم تحل للأول و لكنه لا يخلو من إشكال في التزويج بالمراهق و الوطء في الدبر. نعم، الاشتراط أحوط و كما يهدم نكاحه الطلقات الثلاث يهدم ما دونها، فلو نكحت زوجاً آخر بعد تطليق الأول تطليقتين لم تحرم عليه إذا طلقها الثالثة بل لا بد في تحريمها عليه من ثلاث تطليقات مستأنفة.

(مسألة 1440): الرجوع الموجب لرجوع الزوجية من الإيقاعات

فيصح إنشاؤه باللفظ مثل: رجعت بك و راجعتك و أرجعتك إلى نكاحي و نحو ذلك، و بالفعل كالتقبيل بشهوة و نحو ذلك مما لا يحل إلّا للزوج و لا بد في تحقق الرجوع بالفعل من قصده، فلو وقع من الساهي أو بظن أنها غير المطلقة أو نحو ذلك لم يكن رجوعاً، نعم الظاهر تحقق الرجوع بالوطء و إن لم يقصده به.

(مسألة 1441): لا يجب الإشهاد في الرجوع

فيصح بدونه و إن كان الإشهاد أفضل، و يصح فيه التوكيل، فإذا قال الوكيل: أرجعتك إلى نكاح موكلي أو رجعت بك، قاصداً ذلك صح.

(مسألة 1442): يقبل قول المرأة في انقضاء العدة بالحيض و بالشهور

، و يقبل قول الرجل في الطلاق حتى بعد انقضاء العدة بالنسبة إلى أصل الطلاق و عدم الحق له على زوجته. و أما بالنسبة إلى حقوق الزوجة كمطالبتها النفقة للأيام السابقة على إخباره بالطلاق فلا يقبل قوله على الأظهر.

(مسألة 1443): يثبت الرجوع بمجرد ادعاء الزوج و إخباره به

إذا كان في أثناء العدة. أما بعد انقضاء العدة إذا أخبر بالرجعة سابقاً في العدة فلا يقبل إلّا بالبينة، و في قبول شهادة شاهد و يمين الزوج إشكال، و كذا بشهادة شاهد و امرأتين و إن كان الأظهر في الثاني القبول.

(مسألة 1444): إذا طلقها فادّعت الزوجة بعده أن الطلاق كان في الحيض

و أنكره الزوج كان القول قوله مع يمينه، و إذا رجع الزوج و ادّعت الزوجة انقضاء

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 373

عدّتها صدقت، و إذا علم بالرجوع و انقضاء العدة و شك في المتقدم و المتأخر فادّعى الزوج تقدم الرجوع و ادّعت الزوجة تأخره كان القول قول الزوج سواء أ كان تاريخ انقضاء العدة معلوماً و تاريخ الرجوع مجهولًا أم كان الأمر بالعكس أم كانا مجهولي التاريخ.

فصل في العدة

(مسألة 1445): لا عدة في الطلاق على الصغيرة و اليائسة

و إن دخل بهما و على غير المدخول بها قبلًا و لا دبراً و يتحقق الدخول بإدخال الحشفة و إن لم ينزل، حراماً كان كما إذا دخل في نهار الصوم الواجب المعين أو في حالة الحيض أو حلالًا.

(مسألة 1446): عدة طلاق الزوجة الحرة غير الحامل في التي تحيض ثلاثة أطهار

إذا كانت مستقيمة الحيض فإذا رأت دم الحيضة الثالثة فقد خرجت من العدة و أما غير المستقيمة كمن تحيض في كل أربعة أشهر مثلًا مرة فعدتها ثلاثة أشهر.

(مسألة 1447): عدة طلاق الزوجة الأمة غير الحامل في التي تحيض و كانت مستقيمة الحيض طُهران

فإذا رأت دم الحيضة الثانية فقد خرجت من العدة، و الأحوط انتظار انتهاء الحيضة الأخيرة، و إن كانت غير مستقيمة الحيض فعدتها خمسة و أربعون يوماً.

(مسألة 1448): عدة طلاق الزوجة غير الحامل في التي لا تحيض- و هي في سن من تحيض لخلقة أو لعارض من رضاع أو غيره- ثلاثة أشهر

و لو كانت ملفقة إن كانت حرة، و إن كانت أمة فعدتها خمسة و أربعون يوماً.

(مسألة 1449): عدة طلاق الزوجة الحامل- و إن كان حملها بإراقة ماء زوجها في فرجها

من دون دخول- إلى وضع الحمل و لا فرق بين الحرة و الأمة.

(مسألة 1450): عدة المتوفى عنها زوجها إن كانت حرة حائلًا أربعة أشهر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 374

و عشرة أيام، صغيرة كانت أم كبيرة يائسة كانت أم غيرها مسلمة كانت أم غيرها مدخولًا بها أم غير مدخول بها دائمة كانت أم متمتعاً بها، و لا فرق في الزوج بين الكبير و الصغير و الحر و العبد و العاقل و غيره و الأحوط استحباباً أن تكون الشهور عددية فتكون المدة مائة و ثلاثين يوماً و إن كانت حرة حاملًا فعدتها أبعد الأجلين من المدة المذكورة و وضع الحمل كما سبق.

(مسألة 1451): عدة الأمة الحائل ذات الولد من الوفاة كعدة الحرة على الأقوى

أربعة أشهر و عشرة أيام سواء أ كان الاعتداد من وفاة سيدها أم من وفاة زوجها إذا كانت مزوجة و كذلك غير ذات الولد من وفاة سيدها إذا كانت موطوءة له. و أما عدتها من وفاة زوجها فالظاهر أنها شهران و خمسة أيام أما إذا كانت حاملًا فعدتها أبعد الأجلين من عدة الحائل و من وضع الحمل.

(مسألة 1452): يجب على المعتدة عدة الوفاة الحداد ما دامت في العدة

بترك الزينة في البدن و اللباس مثل الكحل و الطيب و الخضاب و الحمرة و ماء الذهب و لبس مثل الأحمر و الأصفر إذا كان لباس زينة عند العرف و ربما يكون لباس الأسود كذلك إما لكيفية تفصيله أو لبعض الخصوصيات الموجودة فيه مثل كونه مخططاً.

و بالجملة ما يكون زينة من اللباس يحرم لبسه و منه الحلي، و لا بأس بما لا يعد زينة مثل تنظيف البدن و اللباس و تقليم الأظفار و دخول الحمام، و لا فرق بين المسلمة و الذمية، و لا فرق في الزوج بين الكبير و الصغير، و الأقوى عدم ثبوت الحداد في الصغيرة كما أن الظاهر اختصاص الوجوب بالحرة فلا يجب على الأمة، نعم الأقوى وجوبه على المتمتع بها كالدائمة إلّا فيما كانت مدّة الاستمتاع أقل من ثلاثة أيام.

و الظاهر أنه ليس شرطاً في العدة، فلو تركته عمداً أو لعذر جاز لها التزويج بعد انقضاء العدة، و لا يجب عليها استئنافها و الأقوى جواز خروجها من بيتها على كراهية إلّا لضرورة أو أداء حق أو فعل طاعة أو قضاء حاجة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 375

(مسألة 1453): إذا وطأ أمته ثمّ اعتقها اعتدت منه كالحرة بثلاثة أطهار

إن كانت مستقيمة الحيض و إلّا فبثلاثة أشهر.

(مسألة 1454): إذا طلق زوجته رجعياً فمات في أثناء العدة اعتدت عدة الوفاة

فإن كانت حرة اعتدت عدة الحرة للوفاة، و إن كانت أمة اعتدت عدة الأمة للوفاة، أما لو كان الطلاق بائناً أكملت عدة الطلاق لا غير، حرة كانت أم أمة.

(مسألة 1455): الحمل الذي يكون وضعه هو منتهى عدة الحامل أعم مما كان سقطاً تامّاً

و غير تام حتى لو كان مضغة أو علقة.

(مسألة 1456): إذا كانت حاملًا باثنين لم تخرج من العدة إلّا بوضع الاثنين،

و لكن لا يجوز لزوجها الرجوع في طلاقها بعد وضع الأوّل.

(مسألة 1457): لا بد من العلم بوضع الحمل

فلا يكفي الظن به فضلًا عن الشك، نعم يكفي قيام الحجة على ذلك كالبينة و إن لم تفد الظن.

(مسألة 1458): المشهور على أنه يعتبر في انقضاء عدة الحامل بوضع حملها، إلحاق الولد بذي العدة

فلو لم يلحق به كما لو كان الزوج بعيداً عنها بحيث لا يحتمل تولده منه لم يكن وضعه موجباً للخروج عن العدة منه بل تكون عدتها الأقراء أو الشهور و هو الأظهر.

(مسألة 1459): الغائب إن عرف خبره و علمت حياته صبرت امرأته

و كذا أن جهل خبره و انفق عليها وليه من مال الغائب أو من مال نفسه، و إن لم يكن للغائب مال و لم ينفق الولي عليها من مال نفسه فإن صبرت المرأة على ذلك فهو، و إن لم تصبر فالمشهور أنها ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيؤجلها أربع سنين ثمّ يفحص عنه في الجهات التي فقد فيها فإن علم حياته صبرت، و إن علم موته اعتدت عدة الوفاة و إن جهل حاله و انقضت الأربع سنين أمَر الحاكم وليه بأن يطلقها فإن امتنع أجبره، فإن لم يكن له ولي أو لم يمكن إجباره طلقها الحاكم ثمّ اعتدت عدة الوفاة،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 376

و ليس عليها فيها حداد فإذا خرجت من العدة صارت أجنبية عن زوجها و جاز لها أن تتزوج من شاءت و إذا جاء زوجها حينئذ فليس له عليها سبيل، و ما ذكره المشهور قريب و إن منعه بعض.

(مسألة 1460): لو كانت للغائب زوجات اخرى لم يرفعن أمرهن إلى الحاكم

فهل يجوز للحاكم طلاقهن إذا طلبن ذلك فيجتزئ بمضي المدة المذكورة و الفحص عنه بعد طلب إحداهن أو يحتاج إلى تأجيل و فحص جديد؟ وجهان أقربهما الأول.

(مسألة 1461): لا يبعد الاجتزاء بمضي الأربع سنين بعد فقد الزوج

، مع الفحص فيها و إن لم يكن بتأجيل من الحاكم و لكن الحاكم يأمر حينئذ بالفحص عنه مقداراً ما، ثمّ يأمر بالطلاق أو يطلق و الأحوط الأولى أن يكون التأجيل و الفحص في تلك المدة من قبله.

(مسألة 1462): لو فقد الزوج في بلد مخصوص أو جهة مخصوصة

بحيث دلت القرائن على عدم انتقاله منها كفى البحث في ذلك البلد أو تلك الجهة.

(مسألة 1463): لو تحقق الفحص التام في مدة يسيرة

فإن احتمل الوجدان بالفحص في المقدار الباقي و لو بعيداً لزم الفحص و إن تيقن عدم الوجدان سقط وجوب الفحص و لكن يجب الانتظار تمام المدة على الأحوط.

(مسألة 1464): لو تمت المدة و احتمل وجدانه بالفحص بعدها لم يجب

بل يكتفي بالفحص في المدة المضروبة.

(مسألة 1465): لا فرق في المفقود بين المسافر و من كان في معركة قتال

و من انكسرت سفينته ففقد.

(مسألة 1466): يجوز للحاكم الاستنابة في الفحص

و إن كان النائب نفس الزوجة و يكفي في النائب الوثاقة و لا فرق في الزوج بين الحر و العبد و كذلك الزوجة و الظاهر اختصاص الحكم بالدوام فلا يجري في المتعة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 377

(مسألة 1467): الطلاق الواقع من الولي أو الحاكم رجعي تجب فيه النفقة

، و إذا حضر الزوج أثناء العدة جاز له الرجوع بها، و إذا مات أحدهما في العدة ورثة الآخر و لو مات بعد العدة فلا توارث بينهما.

(مسألة 1468): ذكر بعض الأكابر أن المفقود المعلوم حياته مع عدم تمكن زوجته من الصبر

يجوز للحاكم أن يطلق زوجته و كذلك المحبوس الذي لا يمكن إطلاقه من الحبس أبداً إذا لم تصبر زوجته على هذه الحال! و ما ذكره قدس سره بعيد. و أبعد منه ما ذكره أيضاً من أن المفقود إذا أمكن إعمال الكيفيات المذكورة من ضرب الأجل و الفحص لكن كان ذلك موجباً للوقوع في المعصية تجوز المبادرة إلى طلاقها من دون ذلك و لازم كلامه جواز المبادرة إلى طلاق الزوجة بلا إذن من الزوج إذا علم كون بقائها على الزوجية موجباً للوقوع في المعصية! و هو كما ترى؟

(مسألة 1469): مر أن الزوج إذا كان ممتنعاً من الإنفاق على زوجته مع استحقاقها النفقة عليه

رفعت أمرها إلى الحاكم فيأمر زوجها بالإنفاق أو الطلاق فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم، و الظاهر أن الطلاق حينئذ بائن لا يجوز للزوج الرجوع بها أثناء العدة، وعدتها عدة الطلاق.

(مسألة 1470): عدة الموطوءة بشبهة عدة الطلاق

، فإن كانت حاملًا فبوضع الحمل، و إن كانت حائلًا مستقيمة الحيض فبالأقراء و إلّا فبالشهور، و كذلك المفسوخ نكاحها بعد الدخول بفسخ فاسخ لعيب أو نحوه أو بانفساخ لارتداد أو رضاع أو غيره، نعم إذا ارتد الزوج عن فطرة فالعدة عدة الوفاة، أما إذا كان الفسخ قبل الدخول فلا عدة عليها. هذا في الحرة و حكم الأمة حكم الحرة فيما ذكرناه على الأحوط.

(مسألة 1471): لا عدة على المزني بها من الزنا إن كانت حرة

و لا استبراء عليها إن كانت أمة فيجوز لزوجها أن يطأها و يجوز التزويج بها للزاني و غيره، لكن الأحوط لزوماً أن لا يتزوج بها الزاني إلّا بعد استبرائها بحيضة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 378

(مسألة 1472): الموطوءة شبهة لا يجوز لزوجها أن يطأها ما دامت في العدة

و في جواز سائر الاستمتاعات له إشكال و لكن الأظهر الجواز، و الظاهر أنه لا يجوز تزويجها في العدة لو كانت خلية.

(مسألة 1473): مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه

، حاضراً كان الزوج أو غائباً و مبدأ عدة الوفاة في الحاضر من حينها، و في الغائب و من بحكمه كالمحبوس من حين بلوغ خبر الوفاة بل لا يبعد ذلك في الحاضر إذا لم يبلغها خبر وفاته إلّا بعد مدة، و في عموم الحكم للأمة إذا مات من له العدة و علمت به بعد مدة إشكال، و كذا الإشكال في عمومه للصغيرة و المجنونة و هل يشترط في تحقق البلوغ حجية الخبر؟ وجهان أظهرهما ذلك و مبدأ عدة الفسخ من حينه و كذا مبدأ عدة وطء الشبهة فإنه من حينه لا من حين زوال الشبهة على الأظهر.

(مسألة 1474): المطلقة بائناً بمنزلة الأجنبية لا تستحق نفقة على زوجها

و لا تجب عليها إطاعته و لا يحرم عليها الخروج بغير إذنه، و أما المطلقة رجعياً فهي بمنزلة الزوجة ما دامت في العدة فيجوز لزوجها الدخول عليها بغير إذن و يجوز بل يستحب لها إظهار زينتها له، و تجب عليه نفقتها و تجب عليها إطاعته، و يحرم عليها الخروج من بيته بغير إذنه على ما مر و يتوارثان إذا مات أحدهما في أثناء العدة و لا يجوز له أن يخرجها من بيت الطلاق إلى بيت آخر إلّا أن تأتي بفاحشة مبينة، كما إذا كانت بذيئة اللسان أو أنها تتردد على الأجانب أو أنهم يترددون عليها و لو اضطرت إلى الخروج بغير إذن زوجها فالأحوط أن يكون بعد نصف الليل و ترجع قبل الفجر إذا تأدت الضرورة بذلك.

(مسألة 1475): إذا طلق زوجته بعد الدخول و رجع ثمّ طلقها قبل الدخول وجبت عليها العدة

من حين الطلاق الثاني و قيل لا عدة عليها لأنه طلاق قبل الدخول لكنه ضعيف، و لو طلقها بائناً بعد الدخول ثمّ عقد عليها في أثناء العدة ثمّ طلقها قبل

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 379

الدخول ففي جريان حكم الطلاق قبل الدخول في عدم العدة و عدمه وجهان أقواهما الثاني و لكن لا يجب عليها استئناف العدة، بل اللازم إكمال عدتها من الطلاق الأول، و كذا الحكم في المنقطعة إذا تزوجها فدخل بها ثمّ وهبها المدة ثمّ تزوجها ثانياً و وهبها المدة قبل الدخول.

(مسألة 1476): إذا طلقها فحاضت بحيث لم يتخلل زمان طهر بين الطلاق و الحيض

لم يحسب ذلك الطهر الذي وقع فيه الطلاق من الأطهار الثلاثة و احتاجت في انتهاء عدتها إلى أطهار ثلاثة اخرى فتنتهي عدتها برؤية الحيضة الرابعة، و لو تخلل زمان طهر بين الطلاق و الحيض احتسب ذلك الطهر اليسير من الأطهار الثلاثة و انتهت عدتها برؤية الحيضة الثالثة.

(مسألة 1477): إذا كانت المرأة تحيض بعد كل ثلاثة أشهر مرة فطلقها في أول الطهر

و مرت عليها ثلاثة أشهر بيض فقد خرجت من العدة و كانت عدتها الشهور لا الأطهار، و إذا كانت تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة بحيث لا تمر عليها ثلاثة أشهر بيض لا حيض فيها فهذه عدتها الأطهار لا الشهور، و إذا اختلف حالها فكانت تحيض في الحر مثلًا في أقل من ثلاثة أشهر مرة و في البرد بعد كل ثلاثة أشهر مرة اعتدت بالسابق من الشهور و الأطهار فإن سبق لها ثلاثة أشهر بيض كانت عدتها، و إن سبق لها ثلاثة أطهار كانت عدتها أيضاً. نعم، إذا كانت مستقيمة الحيض فطلقها و رأت الدم مرة ثمّ ارتفع على خلاف عادتها و جهل سببه و أنه حمل أو سبب آخر انتظرت تسعة أشهر من يوم طلاقها، فإن لم تضع اعتدت بعد ذلك بثلاثة أشهر و خرجت بذلك عن العدة.

(مسألة 1478): إذا رأت الدم مرة ثمّ بلغت سن اليأس أكملت العدة بشهرين

(مسألة 1479): تختص العدة في وطء الشبهة بما إذا كان الواطئ جاهلًا

سواء كانت الموطوءة عالمة أم جاهلة أما إذا كان الواطئ عالماً و الموطوءة جاهلة فالظاهر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 380

أنه لا عدة له عليها.

(مسألة 1480): إذا طلق زوجته بائناً ثمّ وطأها شبهة فهل تتداخل العدتان

بأن تستأنف عدة للوطء و تشترك معها عدة الطلاق من دون فرق بين كون العدتين من جنس واحد أو من جنسين بأن يطلقها حاملًا ثمّ وطأها أو طلقها حائلًا ثمّ وطأها فحملت أو لا تتداخل؟ قولان أشهرهما الثاني و أقربهما الأول بل لا يبعد ذلك لو وطأها أجنبي شبهة ثمّ طلقها زوجها أو بالعكس و لكن لا يترك الاحتياط بتعدد العدة حينئذ، و كذا إذا وطأها رجل شبهة ثمّ وطأها آخر كذلك، نعم لا ينبغي الإشكال في التداخل إذا وطأها رجل شبهة مرة بعد اخرى.

(مسألة 1481): إذا طلق زوجته غير المدخول بها و لكنها كانت حاملًا

بإراقته على فم الفرج اعتدت عدة الحامل و كان له الرجوع فيها.

فصل في الخُلع و المباراة

اشارة

و هما نوعان من الطلاق على الأقوى فإذا انضم إلى أحدهما تطليقتان حرمت الزوجة حتى تنكح زوجاً غيره.

(مسألة 1482): يقع الخلع بقوله: أنت طالق على كذا

، و فلانة طالق على كذا، و بقوله: خلعتك على كذا، أو أنت مختلعة على كذا، أو فلانة مختلعة على كذا، بالفتح فيهما و في الكسر إشكال و إن لم يلحق بقوله: أنت طالق أو هي طالق و إن كان الأحوط إلحاقه به و لا يقع بالتقايل بين الزوجين.

(مسألة 1483): يشترط في الخلع الفدية

و يعتبر فيها أن تكون مما يصح تمليكه و أن تكون معلومة قدراً و وصفاً و لو في الجملة و أن يكون بذلها باختيار المرأة فلا تصح مع إكراهها على بذلها سواء كان الإكراه من الزوج أم من غيره و يجوز أن تكون أكثر من المهر و أقل منه و مساوية له و يشترط في الخلع أيضاً كراهة الزوجة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 381

للزوج فلو انتفت الكراهة منها لم يصح خُلعاً و لم يملك الزوج الفدية و الأحوط أن تكون الكراهة بحد يخاف منها الوقوع في الحرام.

(مسألة 1484): يشترط في الخلع عدم كراهة الزوج لها

و حضور شاهدين عادلين حال إيقاع الخلع، و أن لا يكون معلقاً على شرط مشكوك الحصول و لا معلوم الحصول إذا كان مستقبلًا و إذا وقع بدون حضور شاهدين عادلين بطل من أصله، و كذا إذا كان معلقاً على شرط، نعم إذا كان معلقاً على شرط يقتضيه العقد كما إذا قال: خلعتك إن كنت زوجتي أو إن كنت كارهة صح.

(مسألة 1485): يشترط في الزوج الخالع البلوغ و العقل و الاختيار و القصد

و لا يشترط في الزوجة المختلعة البلوغ و لا العقل على الأقوى فيصح خلعها و يتولى الولي البذل.

(مسألة 1486): يشترط في الخلع أن تكون الزوجة حال الخلع طاهراً من الحيض و النفاس

، و أن لا يكون الطهر طهر مواقعة فلو كانت حائضاً أو نفساء أو طاهرة طهراً واقعها فيه الزوج لم يصح الخلع، نعم اعتبار ذلك إنما هو إذا كانت قد دخل بها بالغة غير آيس حائلًا و كان الزوج حاضراً، أما إذا لم تكن مدخولًا بها أو كانت صغيرة أو يائسة أو حاملًا أو كان الزوج غائباً صح خلعها و إن كانت حائضاً أو نفساء أو كانت في طهر المواقعة، نعم الغائب الذي يقدر على معرفة حالها بحكم الحاضر، و الحاضر الذي لا يقدر على معرفة حالها بحكم الغائب على نحو ما تقدم في الطلاق.

(مسألة 1487): يجوز للزوجة الرجوع في الفدية كلًا أو بعضاً

ما دامت في العدة و إذا رجعت كان للزوج الرجوع بها، و إذا لم يعلم الزوج برجوعها في الفدية حتى خرجت عن العدة كان رجوعها بها لغواً و كذا إذا علم برجوعها في الفدية قبل خروجها من العدة لكن كان الزوج لا يمكنه الرجوع بها بأن كان الخلع طلاقاً بائناً في نفسه ككونه طلاقاً ثالثاً أو كان الزوج قد تزوج بأُختها أو برابعة قبل رجوعها بالبذل أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 382

نحو ذلك مما يمنع من رجوعه في العدة.

(مسألة 1488): لا توارث بين الزوج و المختلعة لو مات أحدهما في العدة

إلّا إذا رجعت في الفدية فمات أحدهما بعد ذلك في العدة.

(مسألة 1489): لو كانت الفدية المسلَّمة مما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير بطل الخلع

، و لو كانت مستحقة لغير الزوجة ففي صحة الخلع و الرجوع إلى البدل و بطلانه قولان أقربهما الثاني.

(مسألة 1490): إذا خلعها على خلٍّ فبان خمراً بطل البذل بل الخلع أيضاً

على الأظهر، و لو خلعها على ألف و لم يعين بطل.

(مسألة 1491): قد عرفت أنه إذا بذلت له على أن يطلقها و كانت كارهة له

فقال لها:

أنت طالق على كذا، صح خلعها و إن تجرد عن لفظ الخلع، أما إذا لم تكن كارهة له فلا يصح خلعها، و هل يصح طلاقها؟ فيه إشكال و خلاف، و الأقرب البطلان إلّا إذا ملك البذل بسبب مستقل قد أخذ الطلاق شرطاً فيه كما إذا صالحته على مال و اشترطت عليه أن يطلقها فإنه بعقد الصلح المذكور يملك المال و عليه الطلاق، و الطلاق حينئذ رجعي لا خلعي حتى إذا اشترطت عليه عدم الرجوع إلّا أنه يحرم عليه مخالفة الشرط لكنه إذا خالف و رجع صح رجوعه و يثبت للزوجة الخيار في فسخ عقد الصلح من جهة تخلف الشرط.

(مسألة 1492): الظاهر عدم صحة الخلع مع كون البذل من متبرع

نعم لا تبعد صحة البذل و الطلاق و يكون رجعياً أو بائناً على حسب اختلاف موارده، و كذا لو بذلت الزوجة مال غيرها بإذنه نعم إذا ملَّكها الغير ماله فبذلته صح الخلع و لو بذل السيد لزوج أمته على أن يخلعها فخلعها ففي صحة الخلع و إلزام المولى به إشكال.

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 382

(مسألة 1493): لو خالعها على عبد كاتب فتبين أنه غير كاتب فإن رضي به صح الخلع

و إن رده بطل الخلع و صح طلاقها بلا عوض، و كذا لو خالعها على عين

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 383

فتبين أنها معيبة.

(مسألة 1494): الأحوط المبادرة إلى إيقاع الخلع من الزوج بعد إيقاع البذل

من الزوجة بلا فصل فإذا قالت له: طلقني على ألف درهم لزم فوراً أن يقول: أنتِ طالق على ألف درهم.

(مسألة 1495): يجوز أن يكون البذل و الخلع بمباشرة الزوجين

و بتوكيلهما و بالاختلاف فإذا وقع بمباشرتهما فالأحوط أن تبدأ الزوجة فتقول: بذلت لك كذا على أن تطلقني، فيقول الزوج أنت مختلعة على كذا فأنت طالق، و في جواز ابتداء الزوج بالطلاق و قبول الزوجة بعده إشكال و إذا كان بتوكيلهما يقول وكيل الزوجة: بذلت لك كذا على أن تطلق موكلتي فلانة فيقول وكيل الزوج: موكلتك فلانة زوجة موكلي مختلعة على كذا فهي طالق، و في جواز ابتداء وكيل الزوج و قبول وكيل الزوجة بعده إشكال كما تقدم.

(مسألة 1496): الكراهة المعتبرة في صحة الخلع أعم من أن تكون لذاته

كقبح منظره و سوء خلقه، أو عرضية من جهة بعض الأعمال الصادرة منه التي هي على خلاف ذوق الزوجة من دون أن يكون ظلماً لها و اغتصاباً لحقوقها الواجبة كالقسم و النفقة و أما إذا كان منشأ الكراهة شيئاً من ذلك فالظاهر عدم صحة البذل فلا يقع الطلاق خلعاً.

(مسألة 1497): المباراة كالخلع و تفترق عنه بأن الكراهة فيها منهما جميعاً

و بلزوم اتباعها بالطلاق فلا يجتزأ بقوله: بارأت زوجتي على كذا حتى يقول: فأنت طالق أو هي طالق، كما أنه يكفي الاقتصار على صيغة الطلاق فقط و لا يجوز في الفدية فيها أن تكون أكثر من المهر.

(مسألة 1498): طلاق المباراة بائن لا يجوز الرجوع فيه

ما لم ترجع الزوجة في البذل قبل انتهاء العدة فإذا رجعت فيه في العدة جاز له الرجوع بها على ما تقدم في الخلع.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 385

كتاب الظِّهار

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 387

(مسألة 1499): الظهار حرام

و قيل أنه معفو عنه و لم يثبت.

(مسألة 1500): يتحقق الظهار بأن يقول لزوجته أو أمته: أنت أو هند

- أو نحوهما مما يميزها عن غيرها- عليَّ كظهر امي، و في ثبوت الظهار في التشبيه بغير الظهر من اليد و الرجل و نحوهما إشكال و الأقرب العدم، و يلحق بالام جميع المحرمات النسبية، كالعمة و الخالة و غيرهما و لا تلحق المحرمات بالرضاع و بالمصاهرة بالنسبية في ذلك.

(مسألة 1501): لو قالت الزوجة لزوجها: أنت عليَّ كظهر أبي

لم يتحقق الظهار.

(مسألة 1502): يعتبر في الظهار سماع شاهدي عدل قول المظاهر

و كماله بالبلوغ و العقل و الاختيار و القصد و عدم الغضب و إيقاعه في طهر لم يجامعها فيه إذا كان حاضراً و مثلها تحيض.

(مسألة 1503): كما يقع الظهار في الزوجة الدائمة يقع في المتمتع بها

و كذلك في الأمة و يصح مع التعليق على الشرط أيضاً حتى الزمان على الأقوى، نعم لا يقع في يمين بأن كان غرضه الزجر عن فعل كما لو قال إن كلمتك فأنت عليَّ كظهر امي أو البعث على فعل كما لو قال: إن تركت الصلاة فأنت علي كظهر امي.

(مسألة 1504): لا يقع الظهار على المدخول بها

و لا يقع في إضرار على الأظهر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 388

(مسألة 1505): لو قيد الظهار بمدة كشهر أو سنة

ففي صحته إشكال.

(مسألة 1506): يحرم الوطء بعد الظهار

فلو أراد الوطء لزمه التكفير أولًا ثمّ يطأها فإن طلق و راجع في العدة لم تحل حتى يكفر، و لو خرجت عن العدة أو كان الطلاق بائناً و تزوجها في العدة أو مات أحدهما أو ارتد بنحو لا يمكن الرجوع إلى الزوجية كما لو كان الارتداد قبل الدخول أو بعده و كان المرتد الرجل عن فطرة فلا كفارة.

(مسألة 1507): لو وطأ المظاهر قبل التكفير عامداً لزمته كفارتان

إحداهما للوطء و الاخرى لإرادة العود إليه و تتكرر الكفارة بتكرر الوطء كما أنها تتكرر بتكرر الظهار مع تعدد المجلس. أما مع اتحاده ففيه إشكال، و لو عجز لم يجزئه الاستغفار على الأحوط.

(مسألة 1508): إذا رافعت المظاهرة زوجها إلى الحاكم أنظره الحاكم ثلاثة أشهر

من حين المرافعة فيضيق عليه بعدها حتى يكفر أو يطلق.

(مسألة 1509): لو ظاهر زوجته الأمة ثمّ اشتراها و وطأها بالملك فلا كفارة.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 389

كتاب الإيلاء

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 391

(مسألة 1510): الإيلاء هو الحلف على ترك وطء الزوجة قبلًا

و لا ينعقد بغير اسم اللّٰه تعالى و لا لغير إضرار فلو كان لمصلحة و إن كانت راجعة إلى الطفل لم ينعقد إيلاء بل انعقد يميناً و جرى عليه حكم الأيمان.

(مسألة 1511): يشترط في الإيلاء وقوعه من بالغ كامل مختار قاصد

و إن كان عبداً أو خصياً بل مجبوباً على إشكال قوي فيمن لا يتمكن من الإيلاج.

(مسألة 1512):): لا بد في الإيلاء أن تكون المرأة منكوحة بالدائم مدخولًا بها

و أن يولي مطلقاً أو أزيد من أربعة أشهر، و في اعتبار كون المرأة شابة بحيث تكون لها المطالبة بالدخول بها في أربعة أشهر وجه قوي.

(مسألة 1513): إذا رافعت الزوجة زوجها بعد الإيلاء إلى الحاكم أنظره الحاكم

إلى أربعة أشهر من حين المرافعة فإن رجع و كفر بعد الوطء و إلّا ألزمه بالطلاق أو الفئة و التكفير و يضيق عليه في المطعم و المشرب حتى يقبل أحدهما فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم و لو طلق وقع الطلاق رجعياً و بائناً على حسب اختلاف موارده.

(مسألة 1514): لو آلى مدة فدافع حتى خرجت فلا كفارة عليه

و عليه الكفارة لو وطأ قبله.

(مسألة 1515): لو ادّعى الوطء فالقول قوله مع يمينه

(مسألة 1516): فئة القادر هو الوطء قبلًا

و فئة العاجز إظهار العزم على الوطء

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 392

مع القدرة.

(مسألة 1517): لا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين

إذا كان الزمان المحلوف على ترك الوطء فيه واحداً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 393

كتاب اللعان

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 395

(مسألة 1518): سبب اللعان قذف الزوجة بالزنا

مع ادّعاء المشاهدة و عدم البينة، و في ثبوته بإنكار ولد يلحق به ظاهراً بدون القذف إشكال لكن الأظهر الثبوت مع دعوى الزوج عدم تحقق شرط اللحوق به.

(مسألة 1519): يشترط في الملاعن و الملاعنة التكليف

و سلامة المرأة من الصمم و الخرس و دوام النكاح و الدخول، و صورته أن يقول الرجل أربع مرات: أشهد باللّٰه إني لمن الصادقين فيما قلته عن هذه المرأة ثمّ يقول: إن لعنة اللّٰه عليَّ إن كنت من الكاذبين، ثمّ تقول المرأة أربع مرات: أشهد باللّٰه إنه لمن الكاذبين، ثمّ تقول: إن غضب اللّٰه عليَّ إن كان من الصادقين فتحرم عليه أبداً، و يجب التلفظ بالشهادة، و قيامهما عند التلفظ، و بدء الرجل، و تعيين المرأة، و النطق بالعربية مع القدرة، و يجوز غيرها مع التعذر و البدأة بالشهادة ثمّ باللعن في الرجل، و المرأة تبدأ بالشهادة ثمّ بالغضب، و يستحب جلوس الحاكم مستدبر القبلة و وقوف الرجل عن يمينه و المرأة عن يساره و حضور من يستمع اللعان، و الوعظ قبل اللعن و الغضب.

(مسألة 1520): لو أكذب الملاعن نفسه بعد اللعان فلا يحدّ للقذف

و لم يزل التحريم و لو أكذب في أثنائه يحدّ و لا تثبت أحكام اللعان.

(مسألة 1521): إذا اعترف الرجل بعد اللعان بالولد ورثه الولد و لا يرثه الأب

و لا من يتقرب به و لو اعترفت المرأة بعد اللعان بالزنا أربعاً ففي الحدّ تردد و الأظهر

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 396

العدم، و لو ادعت المرأة المطلقة الحمل منه فأنكر الدخول فأقامت بينة بإرخاء الستر فالأقرب ثبوت اللعان و اللّٰه العالم بحقائق الأحكام.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 397

كتاب العتق

اشارة

و فيه فصول:

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 399

الفصل الأول في الرق

(مسألة 1522): يختص الاسترقاق بأهل الحرب و بأهل الذمة

إن أخلوا بالشرائط على تفصيل في محلّه فإن أسلموا بقي الرق بحاله فيهم و في أعقابهم.

(مسألة 1523): يحكم على المقر بالرقية إذا كان مختاراً بالغاً

(مسألة 1524): لا يقبل قول مدّعي الحرية إذا كان يباع في الأسواق إلّا ببينة.

(مسألة 1525): لا يملك الرجل و لا المرأة أحد الأبوين

و إن علوا و الأولاد و إن نزلوا و لا يملك الرجل المحارم بالنسب من النساء و لو ملك أحد هؤلاء عتق، و حكم الرضاع حكم النسب.

الفصل الثاني في صيغة العتق

(مسألة 1526): الصريح من صيغة العتق: أنت حر

، و في لفظ العتق إشكال أظهره الوقوع به و لا يقع بغيرهما و لا بالإشارة و الكتابة مع القدرة و لا يقع معلقاً على شرط و لا في يمين كما إذا قال: إن كلمت زيداً فعبدي حر، و لو شرط مع العتق شيئاً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 400

من خدمة و غيرها جاز.

(مسألة 1527): يشترط في المعتق البلوغ و الاختيار و القصد و القربة

و يشترط في المعتق بالفتح الملك و في اشتراط إسلامه إشكال و الأقرب العدم، و يكره عتق المخالف و يستحب أن يعتق من مضى عليه في ملكه سبع سنين فصاعداً.

(مسألة 1528): لو أعتق ثلث عبيده استخرج بالقرعة

، و لو أعتق بعض عبده عتق كله، و لو كان له شريك قومت عليه حصة شريكه، و لو كان معسراً سعى العبد في النصيب.

(مسألة 1529): لو أعتق الحبلى فالوجه تبعية الحمل لها

(مسألة 1530): من أسباب العتق عمى المملوك و جذامه و تنكيل المولى به،

و إسلام العبد و خروجه عن دار الحرب قبل مولاه و كذا الإقعاد على المشهور المدعى عليه الإجماع و يحتمل ذلك في الجنون.

(مسألة 1531): لو مات ذو المال و له وارث مملوك لا غير اشتُري من مولاه

و اعتق و اعطي الباقي، و لا فرق بين المملوك الواحد و المتعدد.

الفصل الثالث في التدبير

(مسألة 1532): التدبير أن يقول المولى لعبده: أنت حر بعد وفاتي

، و نحو ذلك مما دل صريحاً على ذلك من العبارات و يعتبر صدوره من الكامل القاصد المختار فيعتق من الثلث بعد الوفاة كالوصية و له الرجوع متى شاء، و هو متأخر عن الدين.

(مسألة 1533): لو دبَّر الحبلى اختصت بالتدبير دون الحمل

فلا يدبَّر بمجرد تدبيرها هذا فيما إذا لم يعلم المولى بحملها، و إلّا فلا تبعد التبعية، أما لو تجدد الحمل من مملوك بعد التدبير فإنه يكون مدبَّراً و حينئذ يصح رجوعه في تدبير الام

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 401

و لا يصح رجوعه في تدبير ولدها على الأقوى.

(مسألة 1534): ولد المدبَّر المولود بعد تدبير أبيه إذا كان مملوكاً لمولاه مدبَّر

و لا يبطل تدبير الولد بموت أبيه قبل مولاه و ينعتقون من الثلث فإن قصر استسعوا.

(مسألة 1535): إباق المدبَّر إبطال لتدبيره

و تدبير أولاده الذين ولدوا بعد الإباق.

الفصل الرابع في الكتابة

اشارة

و هي قسمان: مطلقة و مشروطة:

(مسألة 1536): المكاتبة المطلقة أن يقول المولى لعبده أو أمته: كاتبتك على كذا على أن تؤديه في نجم كذا

، إما في نجم واحد أو نجوم متعددة فيقول العبد: قبلت، فهذا يتحرر منه بقدر ما يؤدي و ليس له و لا لمولاه فسخ الكتابة و إن عجز يُفك من سهم الرقاب و في وجوب ذلك تأمل.

(مسألة 1537): المكاتب المطلق إن أولد من مملوكة تحرر من أولاده بقدر ما فيه من الحرية

و إن مات و لم يتحرر منه شي ء كان ميراثه للمولى، و إن تحرر منه شي ء كان لمولاه من ماله بقدر الرقية و لورثته الباقي و يؤدون ما بقي من مال الكتابة إن كانوا تابعين له في الحرية و الرقية و لو لم يكن له مال سعى الأولاد فيما بقي على أبيهم و مع الأداء ينعتقون و لو أوصى أو اوصي له بشي ء صح بقدر الحرية، و كذا لو وجب عليه حدّ، و لو وطأ المولى أمته المكاتبة حُدّ بنصيب الحرية.

(مسألة 1538): المكاتبة المشروطة أن يقول المولى بعد ما قاله في المطلقة

فإن عجزت فأنت ردّ في الرق و هذا لا يتحرر منه شي ء إلّا بأداء جميع ما عليه فإن عجز ردّ في الرق، و حدّ العجز أن يؤخِّر نجماً عن وقته لا عن مطلٍ إلّا أن يكون الشرط

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 402

عدم التأخير مطلقاً، و المدار في جواز الرد عدم القيام بالشرط و يستحب للمولى الصبر عليه.

(مسألة 1539): لا بد في صحة المكاتبة في المولى من جواز التصرف

و في العبد من البلوغ و كمال العقل و في العوض من كونه ديناً مؤجلًا على قول عيناً كان أو منفعة كخدمة سنة معلوماً مما يصح تملكه.

(مسألة 1540): إذا مات المكاتب في المشروطة بطلت الكتابة

و كان ماله و أولاده لمولاه.

(مسألة 1541): ليس للمكاتب أن يتصرف في ماله بغير الاكتساب إلّا بإذن المولى

و ينقطع تصرف المولى عن ماله بغير الاستيفاء بإذنه.

(مسألة 1542): لو وطأ مكاتبته فلها المهر

و ليس لها أن تتزوج بدون إذن المولى و أولادها بعد الكتابة مكاتبون إذا لم يكونوا أحراراً كما إذا كان زوجها حراً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 403

كتاب الأيمان و النذور

اشاره

و فيه فصول:

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 405

الفصل الأول في اليمين

(مسألة 1543): ينعقد اليمين باللّٰه بأسمائه المختصة

أو بما دل عليه جلّ و علا مما ينصرف إليه و كذا مما لا ينصرف إليه على الأحوط و ينعقد لو قال: و اللّٰه لأفعلن أو باللّٰه أو برب الكعبة أو تاللّٰه أو ايم اللّٰه أو لعمر اللّٰه أو أقسم باللّٰه أو أحلف برب المصحف و نحو ذلك و لا ينعقد ما إذا قال و حق اللّٰه إلّا إذا قصد به الحلف باللّٰه تعالى و لا ينعقد اليمين بالبراءة من اللّٰه أو من أحد الأنبياء و الأئمة عليهم السلام و يحرم اليمين بها على الأحوط.

(مسألة 1544): يشترط في الحالف التكليف و القصد و الاختيار

و يصح من الكافر و إنما ينعقد على الواجب أو المندوب أو المباح مع الأولوية أو ترك الحرام أو ترك المكروه أو ترك المباح مع الأولوية، و لو تساوى متعلق اليمين و عدمه في الدين و الدنيا فالأظهر وجوب العمل بمقتضى اليمين.

(مسألة 1545): لا يتعلق اليمين بفعل الغير و تسمى يمين المناشدة

كما إذا قال: و اللّٰه لتفعلن، و لا بالماضي و لا بالمستحيل فلا يترتب أثر على اليمين في جميع ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 406

(مسألة 1546): لو حلف على أمر ممكن و لكن تجدد له العجز مستمراً إلى انقضاء الوقت

المحلوف عليه أو إلى الأبد إن لم يكن له وقت انحلت اليمين.

(مسألة 1547): يجوز أن يحلف على خلاف الواقع مع تضمن المصلحة الخاصة

كدفع الظالم عن ماله أو مال المؤمن و لو مع إمكان التورية، بل قد يجب الحلف إذا كان به التخلص عن الحرام أو تخليص نفسه أو نفس مؤمن من الهلاك.

(مسألة 1548): لو حلف و استثنى بالمشيئة انحلت اليمين

كما إذا قال: إن شاء اللّٰه قاصداً به التعليق. أما إذا كان قصده التبرك لزمت.

(مسألة 1549): لا يمين للولد مع الأب و لا للزوجة مع الزوج

و لا للعبد مع المولى بمعنى أن للأب حلَّ يمين الولد، و للزوج حلّ يمين الزوجة، و للمولى حلّ يمين العبد بل لا يبعد أن لا تصح يمينهم بدون إذنهم.

(مسألة 1550): إنما تجب الكفارة بحنث اليمين بأن يترك ما يجب فعله

أو يفعل ما يجب عليه تركه باليمين لا بالغموس و هي اليمين كذباً على وقوع أمر و قد يظهر من بعض النصوص اختصاصها باليمين على حق امرئ أو منع حقه كذباً و لا يجوز أن يحلف إلّا مع العلم.

الفصل الثاني في النذر

(مسألة 1551): يشترط في الناذر التكليف و الاختيار و القصد

و إذن المولى للعبد، و في اعتبار إذن الزوج في نذر ما لا ينافي حقه إشكال و لا يبعد عدم اعتباره و لا سيما في نذر الزوجة أمراً لا يتعلق بمالها، أما نذر ما ينافي حق الزوج فلا إشكال في اعتبار إذنه في صحته و لو كان لاحقاً إذا كان النذر في حال زوجيتها بل إذا كان قبلها أيضاً على الأظهر. و أما نذر الولد فالظاهر أنه لا ينعقد مع نهي والده عما تعلق به

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 407

النذر و ينحل بنهيه عنه بعد النذر.

(مسألة 1552): النذر إما نذر برّ شكراً كقوله: إن رزقت ولداً فللّٰه علي كذا

، أو استدفاعاً لبلية كقوله: إن برئ المريض فللّٰه علي كذا، و إما نذر زجر كقوله: إن فعلت محرماً فللّٰه علي كذا أو إن لم أفعل الطاعة فللّٰه علي كذا، و إما نذر تبرع كقوله: للّٰه علي كذا، و متعلق النذر في جميع ذلك يجب أن يكون طاعة للّٰه مقدوراً للناذر.

(مسألة 1553): يعتبر في النذر أن يكون للّٰه

فلو قال: علي كذا و لم يقل للّٰه لم يجب الوفاء به. و لو جاء بالترجمة فالأظهر وجوب الوفاء به.

(مسألة 1554): لو نذر فعل طاعة و لم يعين تصدق بشي ء

أو صلى ركعتين أو صام يوماً أو فعل أمراً آخر من الخيرات، و لو نذر صومَ حينٍ كان عليه ستة أشهر، و لو قال زماناً فخمسة أشهر، و لو نذر الصدقة بمال كثير فالمروي أنه ثمانون درهماً و عليه العمل، و لو نذر عتق كل عبد قديم عتق من مضى عليه ستة أشهر فصاعداً في ملكه، هذا كله إذا لم تكن هناك قرينة تصرفه عنه و إلّا كان العمل عليها، و لو نذر عتق أول مملوك يملكه فملك جماعة فإن قصد عتق الواحد عيّنه بالقرعة، و إن قصد عتق كل مملوك ملكه أولًا فعليه عتق الجميع.

(مسألة 1555): لو عجز عما نذر سقط فرضه إذا استمر العجز

فلو تجددت القدرة عليه في وقته وجب و إذا أطلق النذر لا يتقيد بوقت و لو قيده بوقت معين أو مكان معين لزم.

(مسألة 1556): لو نذر صوم يوم فاتفق له السفر أو المرض أو حاضت المرأة أو نفست أو كان عيداً أفطر

و لزمه القضاء، و لو أفطر عمداً لزمته الكفارة أيضاً.

(مسألة 1557): لو نذر أن يجعل دابته أو عبده أو جاريته هدياً لبيت اللّٰه تعالى

أو المشاهد، استعملت في مصالح البيت أو المشهد، فإن لم يمكن ذلك بيعت و صرف ثمنها في مصالحه من سراج و فراش و تنظيف و تعمير و غير ذلك.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 408

(مسألة 1558): لو نذر شيئاً للنبي صلى الله عليه و آله أو لولي فالمدار على قصد الناذر

و يرجع في تعيينه مع الشك إلى ظاهر كلام الناذر و لو لم يقصد إلّا نفس هذا العنوان يصرف على جهة راجعة إلى المنذور له، كالإنفاق على زواره الفقراء أو الإنفاق على حرمه الشريف و نحو ذلك و لو نذر شيئاً لمشهد من المشاهد المشرفة صرف في مصارفه فينفق على عمارته أو إنارته أو في شراء فراش له و ما إلى ذلك من شئونه.

الفصل الثالث في العهود

(مسألة 1559): العهد أن يقول عاهدت اللّٰه أو علي عهد اللّٰه

أنه متى كان كذا فعلي كذا، و الظاهر انعقاده أيضاً لو كان مطلقاً غير معلّق و هو لازم و متعلقه كمتعلق النذر على إشكال، و لا ينعقد النذر بل العهد أيضاً إلّا باللفظ و إن كان الأحوط فيه أن لا يتخلف عما نواه.

(مسألة 1560): لو عاهد اللّٰه أن يتصدق بجميع ما يملكه و خاف الضرر قوّمه

و تصدق به شيئاً فشيئاً حتى يوفي.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 409

كتاب الكفارات

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 411

(مسألة 1561): الكفارة قد تكون مرتبة و قد تكون مخيرة

و قد يجتمع فيها الأمران و قد تكون كفارة الجمع.

(مسألة 1562): كفارة الظهار، و قتل الخطأ، مرتبة

و يجب فيهما عتق رقبة فإن عجز صام شهرين متتابعين فإن عجز أطعم ستين مسكيناً، و كذلك كفارة من أفطر يوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال و يجب فيها إطعام عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام و الأحوط أن تكون متتابعات.

(مسألة 1563): كفارة من أفطر يوماً من شهر رمضان أو خالف عهداً مخيرة

و هي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً.

(مسألة 1564): كفارة الإيلاء و كفارة اليمين و كفارة النذر حتى نذر صوم يوم معين

اجتمع فيها التخيير و الترتيب و هي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات.

(مسألة 1565): كفارة قتل المؤمن عمداً ظلماً كفارة جمع

و هي عتق رقبة و صيام شهرين متتابعين و إطعام ستين مسكيناً و كذلك الإفطار على حرام في شهر رمضان على الأحوط.

(مسألة 1566): إذا اشترك جماعة في القتل وجبت الكفارة على كل واحد منهم

و كذا في قتل الخطأ.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 412

(مسألة 1567): إذا كان المقتول مهدور الدم شرعاً كالزاني المحصن و اللائط و المرتد فقتله غير الإمام لم تجب الكفارة

إذا كان بإذنه، و أما إن كان بغير إذن الإمام ففيه إشكال و إن كان لا يبعد جواز قتل المرتد الفطري.

(مسألة 1568): قيل من حلف بالبراءة فحنث فعليه كفارة ظهار

فإن عجز فكفارة اليمين و لا دليل عليه و قيل كفارته إطعام عشرة مساكين و به رواية معتبرة.

(مسألة 1569): في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة الإفطار في شهر رمضان

و في نتفه أو خدش وجهها إذا أدمته أو شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة يمين على الأحوط الأولى في جميع ذلك.

(مسألة 1570): لو تزوج بامرأة ذات بعل أو في العدة الرجعية فارقها

و الأحوط أن يكفر بخمسة أصوع من دقيق و إن كان الأقوى عدم وجوبه.

(مسألة 1571): لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتى خرج الوقت أصبح صائماً

على الأحوط استحباباً.

(مسألة 1572): لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عنه فالأحوط أن يتصدق

لكل يوم بمد على مسكين أو يعطيه مدين ليصوم عنه.

(مسألة 1573): من وجد ثمن الرقبة و أمكنه الشراء فقد وجد الرقبة

و يشترط فيها الإيمان بمعنى الإسلام وجوباً في القتل و كذا في غيره على الأظهر و الأحوط استحباباً اعتبار الإيمان بالمعنى الأخص في الجميع و يجزي الآبق و الأحوط استحباباً اعتبار وجود طريق إلى حياته و ام الولد و المدبَّر إذا نقض تدبيره قبل العتق و المكاتب المشروط و المطلق الذي لم يؤدِّ شيئاً من مال الكتابة.

(مسألة 1574): من لم يجد الرقبة أو وجدها و لم يجد الثمن انتقل إلى الصوم في المرتبة

و لا يبيع ثياب بدنه و لا خادمه و لا مسكنه و لا غيرها مما يكون في بيعه ضيق و حرج عليه لحاجته إليه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 413

(مسألة 1575): كفارة العبد في الظهار بالنسبة إلى الصوم صوم شهر

و هو نصف كفارة الحر و المشهور على أن الكفارة في قتل الخطأ كذلك لكنه مشكل.

(مسألة 1576): إذا عجز عن الصيام في المرتَّبة و لو لأجل كونه حرجاً عليه وجب الإطعام

، و كلما كان التكفير بالإطعام فإن كان بالتسليم لزم لكل مسكين مدّ من الحنطة أو الدقيق أو الخبز على الأحوط في كفارة اليمين، و أما في غيرها فيجزي مطلق الطعام كالتمر، و الأرز، و الأقِط، و الماش، و الذُّرة، و لا تجزي القيمة و الأفضل بل الأحوط مدّان و لو كان بالإشباع أجزأه مطلق الطعام و يستحب الإدام و أعلاه اللحم و أوسطه الخل و أدناه الملح.

(مسألة 1577): يجوز إطعام الصغار بتمليكهم و تسليم الطعام إلى وليهم

ليصرفه عليهم، و لو كان بالإشباع فلا يعتبر إذن الولي على الأقوى، و الأحوط احتساب الاثنين منهم بواحد.

(مسألة 1578): يجوز التبعيض في التسليم و الإشباع فيشبع بعضهم

و يسلم إلى الباقي و لكن لا يجوز التكرار مطلقاً بأن يشبع واحداً مرات متعددة أو يدفع إليه أمداداً متعددة من كفارة واحدة إلّا إذا تعذر استيفاء تمام العدد.

(مسألة 1579): الكسوة لكل فقير ثوب وجوباً، و ثوبان استحباباً

بل هما مع القدرة أحوط.

(مسألة 1580): لا بد من التعيين مع اختلاف نوع الكفارة

و يعتبر التكليف و الإسلام في المكفر كما يعتبر في مصرفها الفقر و الأحوط اعتبار الإيمان و لا يجوز دفعها لواجب النفقة و يجوز دفعها إلى الأقارب بل لعله أفضل.

(مسألة 1581): المدار في الكفارة المرتَّبة على حال الأداء

فلو كان قادراً على العتق ثمّ عجز صام، و لا يستقر العتق في ذمته و يكفي في تحقق الموجب للانتقال إلى البدل فيها العجز العرفي في وقت، فإذا أتى بالبدل ثمّ طرأت القدرة أجزأ بل إذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 414

عجز عن الرقبة فصام شهراً ثمّ تمكن منها اجتزأ بإتمام الصوم.

(مسألة 1582): في كفارة الجمع إذا عجز عن العتق وجب الباقي

و عليه الاستغفار على الأحوط و كذا إذا عجز عن غيره من الخصال.

(مسألة 1583): يجب في الكفارة المخيرة التكفير بجنس واحد

فلا يجوز أن يكفر بنصفين من جنسين بأن يصوم شهراً و يطعم ثلاثين مسكيناً.

(مسألة 1584): الأشبه في الكفارة المالية و غيرها جواز التأخير

بمقدار لا يعد من المسامحة في أداء الواجب و لكن المبادرة أحوط.

(مسألة 1585): من الكفارات المندوبة ما روي عن الصادق عليه السلام

من أن:

- كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان.

- و كفارة المجالس أن تقول عند قيامك منها: «سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ* وَ سَلٰامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ».

- و كفارة الضحك: «اللهم لا تمقتني».

- و كفارة الاغتياب: الاستغفار للمغتاب.

- و كفارة الطيرة: التوكل.

- و كفارة اللطم على الخدود: الاستغفار و التوبة.

(مسألة 1586): إذا عجز عن الكفارة المخيرة لإفطار شهر رمضان عمداً استغفر و تصدق

بما يطيق على الأحوط و لكن إذا تمكن بعد ذلك لزمه التكفير على الأحوط وجوباً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 415

كتاب الصيد و الذباحة

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 417

لا يجوز أكل الحيوان بدون تذكية و التذكية تكون بالصيد و الذبح و النحر و غيرها فهنا فصول:

الفصل الأول في الصيد

(مسألة 1587): لا يحل الحيوان إذا اصطاده غير الكلب من أنواع الحيوان

كالعقاب، و الباشَق، و الصقر، و البازي، و الفهد، و النمر، و غيرها و يحل إذا اصطاده الكلب من دون فرق بين السلوقي و غيره و الأسود و غيره فكل حيوان حلال اللحم قد قتله الكلب بعقره و جرحه فهو ذكي و يحل أكله كما إذا ذبح.

(مسألة 1588): يشترط في حلية صيد الكلب امور:

الأول: أن يكون معلَّماً للاصطياد و يتحقق ذلك بأمرين: أحدهما استرساله إذا أرسل بمعنى أنه متى أغراه صاحبه بالصيد هاج عليه و انبعث إليه، ثانيهما أن ينزجر إذا زجره. و هل يعتبر فيه الانزجار بالزجر حتى إذا كان بعد إرساله؟ وجهان أقواهما العدم، و الأحوط اعتبار أن لا يأكل مما يمسكه في معتاد الأكل، و لا بأس بأكله اتفاقاً إذا لم يكن معتاداً.

الثاني: أن يكون بإرساله للاصطياد فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم يحل مقتوله و كذا إذا أرسله لأمر غير الاصطياد من طرد عدو أو سبع فاصطاد حيواناً فإنه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 418

لا يحل و إذا استرسل بنفسه فأغراه صاحبه لم يحل صيده و إن أثَّر الإغراء فيه أثراً كشدة العدو على الأحوط، و إذا استرسل لنفسه فزجره صاحبه فوقف ثمّ أغراه و أرسله فاسترسل كفى ذلك في حل مقتوله و إذا أرسله لصيد غزال بعينه فصاد غيره حلّ، و كذا إذا صاده و صاد غيره معه فإنهما يحلّان فالشرط قصد الجنس لا قصد الشخص.

الثالث: أن يكون المرسل مسلماً فإذا أرسله كافر فاصطاد لم يحلّ صيده و لا فرق في المسلم بين المؤمن و المخالف حتى الصبي كما لا فرق في الكافر بين الوثني و غيره و الحربي و الذمي.

الرابع: أن يسمِّي عند إرساله و الأقوى الاجتزاء بها بعد الإرسال قبل الإصابة فإذا

ترك التسمية عمداً لم يحلّ الصيد أما إذا كان نسياناً حلّ، و كذلك حكم الصيد بالآلة الجمادية كالسهم.

(مسألة 1589): يكفي الاقتصار في التسمية هنا

و في الذبح و النحر على ذكر اللّٰه مقترناً بالتعظيم مثل: اللّٰه أكبر، و الحمد للّٰه، و بسم اللّٰه و في الاكتفاء بذكر الاسم الشريف مجرداً إشكال، و لكن لا يبعد الحِلّ إذا ذكر اسم اللّٰه مجرّداً عند ذبحه أو نحره أو صيده لصدق أنّ الحيوان ذكر عليه اسم اللّٰه.

الخامس: أن يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب و عقره أما إذا استند إلى سبب آخر من صدمة أو اختناق أو إتعاب في العدو أو نحو ذلك لم يحلّ.

(مسألة 1590): إذا أرسل الكلب إلى الصيد فلحقه فأدركه ميتاً بعد إصابة الكلب حلّ أكله

، و كذا إذا أدركه حيّاً بعد إصابته و لكن لم يسع الزمان لتذكيته فمات أما إذا كان الزمان يسع لتذكيته فتركه حتى مات لم يحل، و كذا الحال إذا أدركه بعد عقر الكلب له حيّاً لكنه كان ممتنعاً بأن بقي منهزماً يعدو فإنه إذا تبعه فوقف فإن أدركه ميتاً حلّ، و كذا إذا أدركه حيّاً و لكنه لم يسع الزمان لتذكيته أما إذا كان يسع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 419

لتذكيته فتركه حتى مات لم يحل.

(مسألة 1591): أدنى زمان تدرك فيه ذكاته أن يجده تطرف عينه أو تركض رجله

أو يتحرك ذنبه أو يده فإنه إذا أدركه كذلك و لم يذكه و الزمان متسع لتذكيته لم يحل إلّا بالتذكية.

(مسألة 1592): إذا اشتغل عن تذكيته بمقدمات التذكية من سلّ السكين و رفع الحائل من شعر

و نحوه عن موضع الذبح و نحو ذلك فمات قبل أن يذبحه حلّ كما إذا لم يسع الوقت للتذكية، أما إذا لم تكن عنده آلة الذبح فلم يذبحه حتى مات لم يحل. نعم لو أغرى الكلب به حينئذ حتى يقتله فقتله حل أكله على الأقوى.

(مسألة 1593): الظاهر عدم وجوب المبادرة إلى الصيد من حين إرسال الكلب

و لا من حين إصابته له إذا بقي على امتناعه و في وجوب المبادرة حينما أوقفه و صيره غير ممتنع وجهان أحوطهما الأول هذا إذا احتمل أن في المسارعة إليه إدراك ذكاته أما إذا علم بعدم ذلك و لو من جهة بعد المسافة على نحو لا يدركه إلّا بعد موته بجناية الكلب فلا إشكال في عدم وجوب المسارعة إليه.

(مسألة 1594): إذا عض الكلب الصيد كان موضع العضة نجساً

فيجب غسله و لا يجوز أكله قبل غسله.

(مسألة 1595): لا يعتبر في حل الصيد وحدة المرسل

فإذا أرسل جماعة كلباً واحداً مع اجتماع الشرائط في الجميع أو في واحد منهم مع كفاية إغرائه في ذهاب الكلب لو كان هو المغري وحده حلّ صيده، و كذا لا يعتبر وحدة الكلب فإذا أرسل شخص واحد كلاباً فاصطادت على الاشتراك حيواناً حلّ، نعم يعتبر في المتعدد اجتماع الشرائط فلو أرسل مسلم و كافر كلبين فاصطادا حيواناً لم يحل، و كذا إذا كانا مسلمين فسمى أحدهما و لم يسم الآخر أو كان كلب أحدهما معلّماً دون كلب الآخر هذا إذا استند القتل إليهما معاً أما إذا استند إلى أحدهما كما إذا سبق أحدهما فأثخنه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 420

و أشرف على الموت ثمّ جاءه الآخر فأصابه يسيراً بحيث استند الموت إلى السابق اعتبر اجتماع الشروط في السابق لا غير و إذا أجهز عليه اللاحق بعد أن أصابه السابق و لم يوقفه بل بقي على امتناعه بحيث استند موته إلى اللاحق لا غير اعتبر اجتماع الشروط في اللاحق.

(مسألة 1596): إذا شك في أن موت الصيد كان مستنداً إلى جناية الكلب أو إلى سبب آخر لم يحل

. نعم، إذا كانت هناك أمارة عرفية على استناده إليها حل و إن لم يحصل منها العلم.

(مسألة 1597): لا يحل الصيد المقتول بالآلة الجمادية

إلّا إذا كانت الآلة سلاحاً قاطعاً كان كالسيف و السكين و الخنجر و نحوها أو شائكاً كالرمح و السهم و العصا و إن لم يكن في طرفهما حديدة بل كانا محددين بنفسهما، نعم يعتبر الجرح فيما لا حديدة له دون ما فيه حديدة فإنه إذا قتل بوقوعه على الحيوان حلّ و إن لم يجرحه بخلاف ما لا حديدة له فإنه لا يحل إذا وقع معترضاً فالمعراض- و هو كما قيل خشبة غليظة الوسط محددة الطرفين- إن قتل معترضاً لم يحل ما يقتله و إن قتل بالخرق حلّ.

(مسألة 1598): الظاهر أنه يجزي عن الحديد غيره من الفلزات كالذهب و الفضة

و الصفر و غيرها فيحل الحيوان المقتول بالسيف أو الرمح المصنوعين منها.

(مسألة 1599): لا يحل الصيد المقتول بالحجارة و المقمعة و العمود و الشبكة

و الشرك و الحبالة و نحوها من آلات الصيد مما ليست قاطعة و لا شائكة.

(مسألة 1600): في الاجتزاء بمثل المخيط و الشوك و نحوهما مما لا يصدق عليه السلاح عرفاً و إن كان شائكاً إشكال

، و أما ما يصدق عليه السلاح فلا إشكال فيه و إن لم يكن معتاداً.

(مسألة 1601): لا يبعد حل الصيد بالبنادق المتعارفة في هذه الأزمنة

إذا كانت

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 421

محددة مخروطة سواء أ كانت من الحديد أم الرصاص أم غيرهما، نعم إذا كانت البنادق صغيرة الحجم المعبر عنها في عرفنا ب (الصجم) ففيه إشكال.

(مسألة 1602): يشترط في حل الصيد بالآلة الجمادية كون الرامي مسلماً

، و التسمية حال الرمي، و استناد القتل إلى الرمي، و أن يكون الرمي بقصد الاصطياد فلو رمى لا بقصد شي ء أو بقصد هدف أو عدو أو خنزير فأصاب غزالًا فقتله لم يحل، و كذا إذا أفلت من يده فأصاب غزالًا فقتله و لو رمى بقصد الاصطياد فأصاب غير ما قصد حل، و يعتبر في الحلية أن تستقل الآلة المحللة في القتل فلو شاركها غيرها لم يحل كما إذا سقط في الماء أو سقط من أعلى الجدار إلى الأرض بعد ما أصابه السهم فاستند الموت إليهما، و كذا إذا رماه مسلم و كافر و من سمى و من لم يسم أو من قصد و من لم يقصد و استند القتل إليهما معا و إذا شك في الاستقلال في الاستناد إلى المحلل بني على الحرمة.

(مسألة 1603): إذا رمى سهماً فأوصلته الريح إلى الصيد فقتله حلّ

و إن كان لو لا الريح لم يصل و كذا إذا أصاب السهم الأرض ثمّ وثب فأصابه فقتله.

(مسألة 1604): لا يعتبر في حلية الصيد بالآلة وحدة الآلة و لا وحدة الصائد

فلو رمى أحد صيداً بسهم و طعنه آخر برمح فمات منهما معاً حلّ إذا اجتمعت الشرائط في كل منهما بل إذا أرسل أحد كلبه إلى حيوان فعقره و رمى آخر بسهم فأصابه فمات منهما معاً حلّ أيضاً.

(مسألة 1605): إذا اصطاد بالآلة المغصوبة حل الصيد

و إن أثم باستعمال الآلة و كان عليه اجرة المثل إذا كان للاصطياد بها اجرة و يكون الصيد ملكاً للصائد لا لصاحب الآلة.

(مسألة 1606): يختص الحلّ بالاصطياد بالآلة الحيوانية و الجمادية

بما كان الحيوان ممتنعاً بحيث لا يقدر عليه إلّا بوسيلة كالطير و الظبي و بقر الوحش و حماره

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 422

و نحوها فلا يقع على الأهلي الذي يقدر عليه بلا وسيلة كالبقر و الغنم و الإبل و الدجاج و نحوها، و إذا استوحش الأهلي حل لحمه بالاصطياد، و إذا تأهل الوحشي كالظبي و الطير المتأهلين لم يحل لحمه بالاصطياد، و ولد الحيوان الوحشي قبل أن يقوى على الفرار و فرخ الطير قبل نهوضه للطيران بحكم الأهلي فإذا رمى طيراً و فرخه فماتا حل الطير و حرم الفرخ.

(مسألة 1607): الثور المستعصي و البعير العاصي و الصائل من البهائم يحل لحمه بالاصطياد

كالوحشي بالأصل و كذلك كل ما تردى من البهائم في بئر و نحوها و تعذر ذبحه أو نحره فإن تذكيته تحصل بعقره في أي موضع كان من جسده و إن لم يكن في موضع النحر أو الذبح و يحل لحمه حينئذ، و لكن في عموم الحكم للعقر بالكلب إشكال فالأحوط الاقتصار في تذكيته بذلك على العقر بالآلة الجمادية.

(مسألة 1608): لا فرق في تحقق الذكاة بالاصطياد بين حلال اللحم و حرامه

فالسباع إذا اصطيدت صارت ذكية و جاز الانتفاع بجلدها هذا إذا كان الصيد بالآلة الجمادية أما إذا كان بالكلب ففيه إشكال.

(مسألة 1609): إذا قطعت آلة الصيد الحيوان قطعتين

فإن كانت الآلة مما يجوز الاصطياد بها مثل السيف و الكلب فإن زالت الحياة عنهما معاً حلتا جميعاً مع اجتماع سائر شرائط التذكية، و كذا إن بقيت الحياة و لم يتسع الزمن لتذكيته. و إن وسع الزمان لتذكيته حرم الجزء الذي ليس فيه الرأس وحل ما فيه الرأس بالتذكية فإن مات و لم يذك حرم هو أيضاً، و إن كانت الآلة مما لا يجوز الاصطياد به كالحبالة و الشبكة حرم ما ليس فيه الرأس وحل ما فيه الرأس بالتذكية فإن لم يذك حتى مات حرم أيضاً.

(مسألة 1610): الحيوان الممتنع بالأصل يملك بأخذه كما

إذا قبض على يده أو رجله أو رباطه فإنه يملكه الآخذ و كذا إذا نصب شبكة أو شركاً أو نحوهما من الآلات التي يعتاد الاصطياد بها فوقع فيها فإنه يملكه ناصبها، و كذا إذا رماه بسهم أو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 423

نحوه من آلات الصيد فصيره غير ممتنع كما إذا جرحه فعجز عن العدو أو كسر جناحه فعجز عن الطيران فانه يملكه الرامي و يكون له نماؤه و لا يجوز لغيره التصرف فيه إلّا بإذنه و إذا أفلت من يده أو شبكته أو برأ من العوار الذي أصابه بالرمي فصار ممتنعاً فاصطاده غيره لم يملكه و وجب دفعه إلى مالكه. نعم، إذا نصب الشبكة لا بقصد الاصطياد لم يملك ما ثبت فيها، و كذا إذا رمى لا بقصد الاصطياد فإنه لا يملك الرمية و يجوز لغيره أخذها و لو أخذها لا بقصد الملك ففي تحقق ملكه لها إشكال. و الأقرب ذلك.

(مسألة 1611): إذا توحل الحيوان في أرضه أو و ثبت السمكة في سفينته لم يملك شيئاً

من ذلك أما إذا أعد شيئاً من ذلك للاصطياد كما إذا أجرى الماء في أرضه لتكون موحلة أو وضع سفينته في موضع معين ليثب فيها السمك فوثب فيها أو وضع الحبوب في بيته و أعده لدخول العصافير فيه فدخلت و أغلق عليها باب البيت أو طردها إلى مضيق لا يمكنها الخروج منه فدخله و نحو ذلك من الاصطياد بغير الآلات التي يعتاد الاصطياد بها ففي إلحاق ذلك بآلة الصيد المعتادة في حصول الملك إشكال و إن كان الإلحاق هو الأظهر.

(مسألة 1612): إذا سعى خلف حيوان فوقف للإعياء لم يملكه حتى يأخذه

فإذا أخذه غيره قبل أن يأخذه هو ملكه.

(مسألة 1613): إذا وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد فلم تمسكه الشبكة

لضعفها و قوته فانفلت منها لم يملكه ناصبها.

(مسألة 1614): إذا رمى الصيد فأصابه لكنه تحامل طائراً أو عادياً

بحيث بقي على امتناعه و لم يقدر عليه إلّا بالاتباع و الإسراع لم يملكه الرامي.

(مسألة 1615): إذا رمى اثنان صيداً دفعة فإن تساويا في الأثر بأن أثبتاه معاً فهو لهما

و إذا كان أحدهما جارحاً و الآخر مثبتاً و موقفاً له كان للثاني و لا ضمان على

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 424

الجارح و إذا كان تدريجاً فهو ملك من صيره رمية غير ممتنع سابقاً كان أو لاحقاً.

(مسألة 1616): إذا رمى صيداً حلالًا باعتقاد كونه كلباً

أو خنزيراً فقتله لم يحل.

(مسألة 1617): إذا رماه فجرحه لكن لم يخرج عن الامتناع فدخل داراً

فأخذه صاحب الدار ملكه بأخذه لا بدخول الدار.

(مسألة 1618): إذا صنع برجاً في داره لتعشش فيه الحمام فعششت فيه لم يملكها

فيجوز لغيره صيدها و يملكها بذلك.

(مسألة 1619): إذا أطلق الصائد صيده من يده فإن لم يكن ذلك عن إعراض عنه بقي على ملكه

لا يملكه غيره باصطياده و إن كان عن إعراض صار كالمباح بالأصل فيجوز لغيره اصطياده و يملكه بذلك و ليس للأول الرجوع عليه، و كذا الحكم في كل مال أعرض عنه مالكه حيواناً كان أو غيره بل الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الإعراض ناشئاً عن عجز المالك عن بقائه في يده و تحت استيلائه لقصور في المال أو المالك و أن يكون لا عن عجز عنه بل لغرض آخر.

(مسألة 1620): قد عرفت أن الصائد يملك الصيد بالاصطياد إذا كان مباحاً

بالأصل أو بمنزلته كما تقدم و لا يملكه إذا كان مملوكاً لمالك و إذا شك في ذلك بنى على الأول إلّا إذا كانت أمارة على الثاني مثل أن يوجد طوق في عنقه أو قرط في اذنه أو حبل مشدود في يده أو رجله أو غيرها، و إذا علم كونه مملوكاً لمالك وجب رده إليه و إذا جهل جرى عليه حكم اللقطة إن كان ضائعاً و إلّا جرى عليه حكم مجهول المالك و لا فرق في ذلك بين الطير و غيره. نعم إذا ملك الطائر جناحيه فهو لمن أخذه إلّا إذا كان له مالك معلوم معين فيجب رده إليه و إن كان الأحوط فيما إذا علم أن له مالكاً غير معين إجراء حكم اللقطة أو مجهول المالك عليه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 425

فصل في ذكاة السمك و الجراد

[مسائل]

(مسألة 1621): ذكاة السمك تحصل بالاستيلاء عليه حيّاً خارج الماء

إما بأخذه من داخل الماء إلى خارجه حيّاً باليد أو من شبكة و شص و فالة و غيرها أو بأخذه خارج الماء باليد أو بالآلة بعد ما خرج بنفسه أو بنضوب الماء عنه أو غير ذلك فإذا وثب في سفينة أو على الأرض فأُخذ حيّاً صار ذكياً و إذا لم يؤخذ حتى مات صار ميتة و حرم أكله و إن كان قد نظر إليه و هو حي يضطرب و إذا ضربها و هي في الماء بآلة فقسمها نصفين ثمّ أخرجهما حيين فإن صدق على أحدهما أنه سمكة ناقصة كما لو كان فيه الرأس حل هو دون غيره، و إذا لم يصدق على أحدهما أنه سمكة ففي حلهما إشكال و الأظهر العدم.

(مسألة 1622): لا يشترط في تذكية السمك الإسلام و لا التسمية

فلو أخرجه الكافر حيّاً من الماء أو أخذه بعد أن خرج فمات صار ذكياً كما في المسلم و لا فرق في الكافر بين الكتابي و غيره.

(مسألة 1623): إذا وجد السمك في يد الكافر و لم يعلم أنه ذكّاه أم لا بنى على العدم

، و إذا أخبره بأنه ذكّاه لم يقبل خبره، و إذا وجده في يد مسلم يتصرف فيه بما يدل على التذكية أو أخبر بتذكيته بنى على ذلك.

(مسألة 1624): إذا و ثبت السمكة في سفينة لم يملكها السفان

و لا صاحب السفينة حتى تؤخذ فيملكها آخذها و إن كان غيرهما، نعم إذا قصد صاحب السفينة الاصطياد بها و عمل بعض الأعمال المستوجبة لذلك كما إذا وضعها في مجتمع السمك و ضرب الماء بنحو يوجب و ثوب السمك فيها كان ذلك بمنزلة إخراجه من الماء حيّاً في صيرورته ذكياً و في تحقق الملك بمجرد ذلك ما لم يؤخذ باليد و نحوها إشكال و تقدم أنه هو الأظهر.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 426

(مسألة 1625): إذا وضع شبكة في الماء فدخل فيها السمك ثمّ أخرجها من الماء

و وجد ما فيها ميتاً كله أو بعضه فالظاهر حليته.

(مسألة 1626): إذا نصب شبكة أو صنع حضيرة لاصطياد السمك

فدخلها ثمّ نضب الماء بسبب الجزر أو غيره فمات بعد نضوب الماء صار ذكياً و حلّ أكله، أما إذا مات قبل نضوب الماء فقولان أقواهما الحلية.

(مسألة 1627): إذا أخرج السمك من الماء حيّاً ثمّ ربطه بحبل مثلًا

و أرجعه إليه فمات فيه فالظاهر الحرمة و إذا أخرجه ثمّ وجده ميتاً و شك في أن موته كان في الماء أو في خارجه حكم بحليته سواء علم تاريخ الإخراج أو الموت أو جهل التاريخان و إذا اضطر السماك إلى إرجاعه إلى الماء و خاف موته فيه فليكن ذلك بعد موته و لو بأن يقتله هو بضرب أو غيره.

(مسألة 1628): إذ طفا السمك على وجه الماء بسبب ابتلاعه ما يسمى بالزهر

أو عض حيوان له أو غير ذلك مما يوجب عجزه عن السباحة فإن اخذ حيّاً صار ذكياً وحل أكله، و إن مات قبل ذلك حرم.

(مسألة 1629): إذا ألقى إنسان الزهر في الماء لا بقصد اصطياد السمك فابتلعه السمك

و طفا لم يملكه إلّا إذا أخذه فإن أخذه غيره ملكه، و أما إذا كان بقصد الاصطياد فالظاهر أيضا أنه لا يملكه به من دون فرق بين أن يقصد سمكة معينة أو بعضاً غير معين، نعم لو رماه بالبندقية أو بسهم، أو طعنه برمح فعجز عن السباحة و طفا على وجه الماء لم يبعد كونه ملكاً للرامي و الطاعن.

(مسألة 1630): لا يعتبر في حل السمك إذا خرج من الماء حيّاً أن يموت بنفسه

فلو مات بالتقطيع أو بشق بطنه أو بالضرب على رأسه فمات حل أيضاً بل لو شواه في النار حيّاً فمات حل أكله بل الأقوى جواز أكله حيّاً.

(مسألة 1631): إذا اخرج السمك من الماء حيّاً فقطع منه قطعة

و هو حي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 427

و القي الباقي في الماء فمات فيه حلت القطعة المبانة منه و حرم الباقي، و إذا قطعت منه قطعة و هو في الماء قبل إخراجه ثمّ اخرج حيّاً فمات خارج الماء حرمت القطعة المبانة منه و هو في الماء وحل الباقي.

ذكاة الجراد

(مسألة 1632): ذكاة الجراد أخذه حيّاً

سواء أ كان الآخذ باليد أم بالآلة فما مات قبل أخذه حرم، و لا يعتبر في تذكيته التسمية و الإسلام فما يأخذه الكافر حيّاً فهو أيضاً ذكي حلال، نعم لا يحكم بتذكية ما في يده إلّا أن يعلم بها و إن أخبر بأنه ذكاه لا يقبل خبره.

(مسألة 1633): لا يحل الدبا من الجراد

و هو الذي لم يستقل بالطيران.

(مسألة 1634): إذا اشتعلت النار في موضع فيه الجراد فمات قبل أن يؤخذ حيّاً حرم أكله

، و إذا اشتعلت النار في موضع فجاء الجراد الذي كان في المواضع المجاورة لذلك و ألقى نفسه فيه فمات ففي حلّه بذلك إشكال.

فصل في الذباحة

(مسألة 1635): يشترط في حل الذبيحة بالذبح أن يكون الذابح مسلماً

فلا تحل ذبيحة الكافر و إن كان كتابياً و لا يشترط فيه الإيمان فتحل ذبيحة المخالف إذا كان محكوماً بإسلامه على الأقوى و لا تحل إذا كان محكوماً بكفره كالناصب و الخارجي و بعض أقسام الغلاة.

(مسألة 1636): يجوز أن تذبح المسلمة و ولد المسلم و إن كان طفلًا

إذا أحسن التذكية و كذا الأعمى و الأغلف و الخصي و الجنب و الحائض و الفاسق و لا يجوز ذبح غير الشاعر بفعله كالمجنون و النائم و السكران نعم الظاهر جواز ذبح المجنون و نحوه إذا كان مميزاً في الجملة مع تحقق سائر الشرائط.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 428

(مسألة 1637): لا يعتبر في الذبح الاختيار

فيجوز ذبح المكره و إن كان إكراهه بغير حق كما لا يعتبر أن يكون الذابح ممن يعتقد وجوب التسمية فيجوز ذبح غيره إذا كان قد سمى.

(مسألة 1638): يجوز ذبح ولد الزنا إذا كان مسلماً

بالغاً كان أم غيره.

(مسألة 1639): لا يجوز الذبح بغير الحديد في حال الاختيار

و إن كان من المعادن المنطبعة كالنحاس و الصفر و الرصاص و الذهب و الفضة فإن ذبح بغيره مع القدرة عليه لا يحل المذبوح أما مع عدم القدرة على الحديد فيجوز الذبح بكل ما يفري الأوداج و إن كان ليطة أو خشبة أو حجراً حاداً أو زجاجة و الأظهر عدم اعتبار خوف فوت الذبيحة في الضرورة و إن كان الاعتبار أحوط و في جوازه حينئذ بالسن و الظفر إشكال و لا يبعد جواز الذبح اختياراً بالمنجل و نحوه مما يقطع الأوداج و لو بصعوبة و إن كان الأحوط الاقتصار على حال الضرورة.

(مسألة 1640): الواجب قطع الأعضاء الأربعة

و هي: المري و هو مجرى الطعام، و الحلقوم و هو مجرى النفس و محله فوق المري، و الودجان و هما عرقان محيطان بالحلقوم و المري ء، و في الاجتزاء بفريها من دون قطع إشكال و كذا الاشكال في الاجتزاء بقطع الحلقوم وحده و إن كان الأظهر عدمه.

(مسألة 1641): الظاهر أن قطع تمام الأعضاء يلازم بقاء الخرزة المسماة في عرفنا (بالجوزة)

في الرأس فلو بقي شي ء منها في الجثة و البدن لم يتحقق قطع تمامها كما شهد بذلك بعض الممارسين المختبرين.

(مسألة 1642): يعتبر قصد الذبح

فلو وقع السكين من يد أحد على الأعضاء الأربعة فقطعها لم يحل و إن سمّى حين أصاب الأعضاء و كذا لو كان قد قصد بتحريك السكين على المذبح شيئاً غير الذبح فقطع الأعضاء أو كان سكراناً أو مغمى عليه أو مجنوناً غير مميز على ما تقدم.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 429

(مسألة 1643): الظاهر عدم وجوب تتابع قطع الأعضاء

فلو قطع بعضها ثمّ أرسلها ثمّ أخذها فقطع الباقي قبل أن تموت حل لحمها و لكن الاحتياط بالتتابع أولى و أحسن.

(مسألة 1644): ذهب جماعة كثيرة إلى أنه يشترط في حل الذبيحة استقرار الحياة

بمعنى إمكان أن يعيش مثلها اليوم و الأيام و ذهب آخرون إلى عدم اشتراط ذلك و هو الأقوى، نعم يشترط الحياة حال قطع الأعضاء بالمعنى المقابل للموت فلا تحل الذبيحة بالذبح إذا كانت ميتة و هذا مما لا إشكال فيه و على هذا فلو قطعت رقبة الذبيحة من فوق و بقيت فيها الحياة فقطعت الأعضاء على الوجه المشروع حلت، و كذا إذا شق بطنها و انتزعت أمعاؤها فلم تمت بذلك فإنها إذا ذبحت حلت، و كذا إذا عقرها سبع أو ذئب أو ضربت بسيف أو بندقية و أشرفت على الموت فذبحت قبل أن تموت فإنها تحل.

(مسألة 1645): لو أخذ الذابح بالذبح فشق آخر بطنه و انتزع أمعاءه مقارناً للذبح

فالظاهر حل لحمه و كذا الحكم في كل فعل يزهق إذا كان مقارناً للذبح و لكن الاحتياط أولى.

(مسألة 1646): لا يعتبر اتحاد الذابح

فيجوز وقوع الذبح من اثنين على سبيل الاشتراك مقترنين بأن يأخذا السكين بيديهما و يذبحا معاً أو يقطع أحدهما بعض الأعضاء و الآخر الباقي دفعة أو على التدريج بأن يقطع أحدهما بعض الأعضاء ثمّ يقطع الآخر الباقي و تجب التسمية عليهما معاً و لا يجتزأ بتسمية أحدهما على الأقوى.

(مسألة 1647): إذا أخطأ الذابح فذبح من فوق الجوزة

و التفت فذبحها من تحت الجوزة قبل أن تموت حل لحمها كما تقدم.

(مسألة 1648): إذا قطع بعض الأعضاء الأربعة على غير النهج الشرعي

بأن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 430

ضربها شخص بآلة فانقطع بعض الأعضاء، أو عضها الذئب فقطعه بأسنانه أو غير ذلك و بقيت الحياة و كان بعض الأعضاء سالماً أمكنت تذكيتها بقطع العضو الباقي و بفري العضو المقطوع من فوق محل القطع من العضو المقطوع أو من تحته و تحل بذلك، نعم إذا قطع الذئب أو غيره تمام العضو فلم يبق ما يكون قابلًا للفري حرمت، هذا في غير الكلب المعلّم و أما فيه فالأظهر حلّ الصيد مع قطع العضو الباقي.

(مسألة 1649): إذا ذبحت الذبيحة ثمّ وقعت في نار أو ماء أو سقطت إلى الأرض من شاهق

أو نحو ذلك مما يوجب زوال الحياة لم تحرم و ليس الحكم كذلك في الصيد كما تقدم فتفترق التذكية بالصيد عن التذكية بالذبح فإنه يعتبر في الأول العلم باستناد الموت إليها و لا يعتبر ذلك في الثانية.

(مسألة 1650): يشترط في التذكية بالذبح امور:

الأول: الاستقبال بالذبيحة حال الذبح بأن يوجه مقاديمها و مذبحها إلى القبلة فإن أخل بذلك عالماً عامداً حرمت و إن كان ناسياً أو جاهلًا بالحكم أو خطأ منه في القبلة بأن وجهها إلى جهة اعتقد أنها القبلة فتبين الخلاف لم تحرم في جميع ذلك و كذا إذا لم يعرف القبلة أو لم يتمكن من توجهها إليها و اضطر إلى تذكيتها كالحيوان المستعصي أو الواقع في بئر و نحوه.

(مسألة 1651): لا يشترط استقبال الذابح نفسه

و إن كان أحوط.

(مسألة 1652): إذا خاف موت الذبيحة لو اشتغل بالاستقبال بها فالظاهر عدم لزومه

(مسألة 1653): يجوز في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح أن يضعها على الجانب الأيمن

كهيئة الميت حال الدفن و أن يضعها على الأيسر و يجوز أن يذبحها و هي قائمة مستقبلة القبلة.

الشرط الثاني: التسمية من الذابح مع الالتفات و لو تركها عمداً حرمت الذبيحة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 431

و لو تركها نسياناً لم تحرم، و الأحوط استحباباً الاتيان بها عند الذكر و لو تركها جهلًا بالحكم فالظاهر الحرمة.

(مسألة 1654): الظاهر لزوم الإتيان بالتسمية بعنوان كونها على الذبيحة

من جهة الذبح و لا تجزي التسمية الاتفاقية أو المقصود منها عنوان آخر، و الظاهر لزوم الإتيان بها عند الذبح مقارنة له عرفاً و لا يجزي الإتيان بها عند مقدمات الذبح كربط المذبوح.

(مسألة 1655): يجوز ذبح الأخرس

، و تسميته تحريك لسانه و إشارته بإصبعه.

(مسألة 1656): يكفي في التسمية الإتيان بذكر اللّٰه تعالى مقترناً بالتعظيم

مثل:

اللّٰه أكبر، و الحمد للّٰه، و بسم اللّٰه، و في الاكتفاء بمجرد ذكر الاسم الشريف إشكال، و لا يبعد الاكتفاء كما تقدم في الصيد.

الشرط الثالث: خروج الدم المعتاد على النحو المتعارف على الأحوط لو لم يكن أقوى فلو لم يخرج الدم أو خرج متثاقلًا أو متقاطراً لم تحل و إن علم حياتها حال الذبح و العبرة في ذلك بملاحظة نوع الحيوان، فقد يكون الحيوان و لو من جهة المرض يخرج منه الدم متثاقلًا متقاطراً لكنه متعارف في نوعه فلا يضر ذلك بحليته.

الشرط الرابع: أن يكون الذبح من المذبح فلا يجوز أن يكون من القفا بل الأحوط وضع السكين على المذبح ثمّ قطع الأوداج فلا يكفي إدخال السكين تحت الأوداج ثمّ قطعها إلى فوق.

(مسألة 1657): إذا شك في حياة الذبيحة كفى في الحكم بها حدوث حركة بعد تمامية الذبح

و إن كانت قليلة مثل أن تطرف عينها أو تحرك ذنبها أو اذنها أو تركض برجلها أو نحو ذلك، و لا حاجة إلى هذه الحركة إذا علم بحياتها حال الذبح.

(مسألة 1658): الأحوط لزوماً عدم قطع رأس الذبيحة عمداً

قبل موتها و لا بأس به إذا لم يكن عن عمد بل كان لغفلة أو سبقته السكين أو غير ذلك كما أن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 432

الأحوط ان لا تنخع الذبيحة عمداً بأن يصاحب نخاعها حين الذبح و المراد به الخيط الأبيض الممتد في وسط الفقار من الرقبة إلى الذنب.

(مسألة 1659): إذا ذبح الطير فقطع رأسه متعمداً فالظاهر جواز أكل لحمه

و لكن يحرم تعمد ذلك مع عدم الاضطرار تكليفاً على الأحوط.

(مسألة 1660): تختص الإبل من بين البهائم بأن تذكيتها بالنحر

و لا يجوز ذلك في غيرها فلو ذكى الابل بالذبح أو ذكى غيرها بالنحر لم يحل، نعم لو أدرك ذكاته بأن نحر غير الإبل و أمكن ذبحه قبل أن يموت فذبحه حل، و كذا لو ذبح الابل ثمّ نحرها قبل أن تموت حلّت.

(مسألة 1661): لا يجب في الذبح أن يكون في أعلى الرقبة

بل يجوز أن يكون في وسطها و في أسفلها إذا تحقق قطع الأوداج الأربعة.

(مسألة 1662): كيفية النحر أن يدخل الآلة من سكين و غيره حتى مثل المنجل في اللبة

و هو الموضع المنخفض الواقع في أعلى الصدر متصلًا بالعنق و يشترط في الناحر ما يشترط في الذابح و في آلة النحر ما يشترط في آلة الذبح و يجب فيه التسمية و الاستقبال بالمنحور و الحياة حال النحر و خروج الدم المعتاد و يجوز نحر الإبل قائمة و باركة مستقبلًا بها القبلة.

(مسألة 1663): إذا تعذر ذبح الحيوان أو نحره كالمستعصي

و الواقع عليه جدار و المتردي في بئر أو نهر و نحوهما على نحو لا يتمكن من ذبحه أو نحره جاز أن يعقر بسيف أو خنجر أو سكين أو غيرها و إن لم يصادف موضع التذكية و يحل لحمه بذلك، نعم لا بد من التسمية و اجتماع شرائط الذابح في العاقر، و قد تقدم التعرض لذلك في الصيد فراجع.

(مسألة 1664): ذكاة الجنين ذكاة امه

فإذا ماتت امه بدون تذكية فإن مات هو في جوفها حرم أكله، و كذا إذا اخرج منها حيّاً فمات بلا تذكية و أما إذا اخرج حيّاً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 433

فذكي حلّ أكله، و إذا ذكيت امه فمات في جوفها حل أكله و إذا اخرج حيّاً فإن ذكي حلّ أكله و إن لم يذك حرم.

(مسألة 1665): إذا ذكيت امه فخرج حيّاً و لم يتسع الزمان لتذكيته فمات بلا تذكية فالأقوى حرمته

و أما إذا ماتت امه بلا تذكية فخرج حيّاً و لم يتسع الزمان لتذكيته فمات بدونها فلا إشكال في حرمته.

(مسألة 1666): الظاهر وجوب المبادرة إلى شق جوف الذبيحة و إخراج الجنين منها على النحو المتعارف

فإذا توانى عن ذلك زائداً على المقدار المتعارف فخرج ميتاً حرم أكله.

(مسألة 1667): يشترط في حل الجنين بذكاة امه أن يكون تام الخلقة

بأن يكون قد أشعر أو أوبر فإن لم يكن تام الخلقة فلا يحل بذكاة امه. و الذي تحصل مما ذكرناه أن حلية الجنين بلا تذكية مشروطة بامور: تذكية امه، و تمام خلقته، و موته قبل خروجه من بطنها.

(مسألة 1668): لا فرق في ذكاة الجنين بذكاة امه بين محلل الأكل و محرمه

إذا كان مما يقبل التذكية.

(مسألة 1669): تقع التذكية على كل حيوان مأكول اللحم

فإذا ذكي صار طاهراً و حلّ أكله و لا تقع على نجس العين من الحيوان كالكلب و الخنزير فإذا ذُكي كان باقياً على النجاسة و لا تقع على الإنسان فإذا مات نجس و إن ذُكي، و لا يطهر بدنه إلّا بالغسل إذا كان مسلماً، أما الكافر فلا يطهر بالغسل، و أما غير الأصناف المذكورة من الحيوانات غير مأكولة اللحم فالظاهر وقوع الذكاة عليه إذا كان له جلد يمكن الانتفاع به بلبس و فرش و نحوهما و يطهر لحمه و جلده بها، و لا فرق بين السباع كالأسد و النمر و الفهد و الثعلب و غيرها و بين الحشرات التي تسكن باطن الأرض إذا كان لها جلد على النحو المذكور مثل ابن عرس و الجرذ و نحوهما فيجوز استعمال جلدها إذا

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 434

ذكيت فيما يعتبر فيه الطهارة فيتخذ ظرفاً للسمن و الماء و لا ينجس ما يلاقيها برطوبة.

(مسألة 1670): الحيوان غير مأكول اللحم إذا لم تكن له نفس سائلة ميتته طاهرة

و يجوز الانتفاع بما يمكن الانتفاع به من أجزائه كالجلد على الأظهر، و لكن لا يجوز بيعه، فإذا ذُكي جاز بيعه أيضاً.

(مسألة 1671): لا فرق في الحيوان غير مأكول اللحم في قبوله للتذكية

إذا كان له جلد بين الطير و غيره.

(مسألة 1672): إذا وجد لحم الحيوان الذي يقبل التذكية أو جلده و لم يعلم أنه مذكى أم لا

، يبنى على عدم التذكية فلا يجوز أكل لحمه و لا استعمال جلده فيما يعتبر فيه التذكية، و لكن لا يحكم بنجاسة ملاقيه برطوبة حتى إذا كانت له نفس سائلة ما لم يعلم أنه ميتة هذا في حيوان تتحقق تذكيته بالصيد و أمّا ما لا يذكّى إلّا بالذبح أو النحر فلا بد من إحراز تذكيته نعم إذا وجد بيد المسلم يتصرف فيه بما يناسب التذكية مثل تعريضه للبيع و الاستعمال باللبس و الفرش و نحوهما يحكم بأنه مذكى حتى يثبت خلافه و الظاهر عدم الفرق بين كون تصرف المسلم مسبوقاً بيد الكافر و عدمه، نعم إذا علم أنّ المسلم أخذه من الكافر من دون تحقيق حكم عليه بعدم التذكية، و المأخوذ من مجهول الإسلام بمنزلة المأخوذ من المسلم إذا كان في بلاد يغلب عليها المسلمون و إذا كان بيد المسلم من دون تصرف يشعر بالتذكية كما إذا رأينا لحماً بيد المسلم لا يدري أنه يريد أكله أو وضعه لسباع الطير لا يحكم بأنه مذكى، و كذا إذا صنع الجلد ظرفاً للقاذورات مثلًا.

(مسألة 1673): ما يؤخذ من يد الكافر من جلد و لحم و شحم يحكم بأنه غير مذكى

و إن أخبر بأنه مذكى إلّا إذا علم أنه كان في تصرف المسلم الدال على التذكية، و أما دهن السمك و المجلوب من بلاد الكفار فلا يجوز شربه من دون ضرورة إذا اشتري من الكافر و إن أحرز تذكية السمكة المأخوذ منها الدهن إذا لم يحرز أنها كانت

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 435

ذات فلس، و يجوز شربه إذا اشتري من المسلم إلّا إذا علم أن المسلم أخذه من الكافر من دون تحقيق.

(مسألة 1674): لا فرق في المسلم الذي يكون تصرفه أمارة على التذكية بين المؤمن و المخالف

و بين من يعتقد طهارة الميتة بالدبغ و غيره و بين من يعتبر الشروط المعتبرة في التذكية كالاستقبال و التسمية و كون المذكي مسلماً و قطع الأعضاء الأربعة و غير ذلك، و من لا يعتبرها.

(مسألة 1675): إذا كان الجلد مجلوباً من بلاد الاسلام

و مصنوعاً فيها حكم بأنه مذكى و كذا إذا وجد مطروحاً في أرضهم و عليه أثر استعمالهم له باللباس و الفرش و الطبخ أو بصنعه لباساً أو فراشاً أو نحوها من الاستعمالات الموقوفة على التذكية أو المناسبة لها فإنه يحكم بأنه مذكى و يجوز استعماله استعمال المذكى من دون حاجة إلى الفحص عن حاله. و في حكم الجلد اللحم المجلوب من بلاد الإسلام.

(مسألة 1676): قد ذكر للذبح و النحر آداب

فيستحب في ذبح الغنم أن تربط يداه و رجل واحدة و يمسك صوفه أو شعره حتى يبرد، و في ذبح البقر أن تعلق يداه و رجلاه و يطلق الذنب، و في الإبل أن تربط أخفافها إلى إباطها و تطلق رجلاها هذا إذا نحرت باركة أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن تكون يدها اليسرى معقولة و في الطير يستحب أن يرسل بعد الذباحة و يستحب حد الشفرة و سرعة القطع، و أن لا يري الشفرة للحيوان و لا يحركه من مكان إلى آخر بل يتركه في مكانه إلى أن يموت و أن يساق إلى الذبح برفق و يعرض عليه الماء قبل الذبح و يمر السكين بقوة ذهاباً و إياباً و يجد في الاسراع ليكون أسهل و عن النبي صلى الله عليه و آله أن اللّٰه تعالى شأنه كتب عليكم الاحسان في كل شي ء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة و ليحدّ أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته، و في خبر آخر أنه صلى الله عليه و آله أمر أن تحد الشفار و أن توارى عن البهائم.

(مسألة 1677): تكره الذباحة ليلا

و كذا نهار الجمعة إلى الزوال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 437

كتاب الأطعمة و الأشربة

اشاره

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 439

و هي على أقسام:

القسم الأول: حيوان البحر:

(مسألة 1678): لا يؤكل من حيوان البحر إلّا سمك له فلس

و إذا شُك في وجود الفلس بُني على حرمته، و يحرم الميت الطافي على وجه الماء و الجلال منه حتى يزول الجلل منه عرفاً، و الجري و المارماهي و الزمير، و السلحفاة، و الضفدع، و السرطان، و لا بأس بالكنعت و الربيثا و الطمر و الطبراني و الإبلامي و الإربيان.

(مسألة 1679): يؤكل من السمك ما يوجد في جوف السمكة المباحة

إذا كان مباحاً و لا يؤكل من السمك ما تقذفه الحية إلّا أن يضطرب و يؤخذ حيّاً خارج الماء و الأحوط الأولى اعتبار عدم انسلاخ فلسه أيضاً.

(مسألة 1680): البيض تابع لحيوانه

، و مع الاشتباه قيل يؤكل الخشن المسمى في عرفنا (ثروب) و لا يؤكل الأملس المسمى في عرفنا (حلبلاب) و فيها تأمل. بل الأظهر حرمة كل ما يشتبه منه.

القسم الثاني البهائم:

(مسألة 1681): يؤكل من الأهلية منها: الإبل و البقر، و الغنم،

و من الوحشية كبش الجبل، و البقر، و الحمير، و الغزلان و اليحامير و في تخصيص الحل بهذه الخمسة إشكال إلّا فيما يأتي ممّا ثبتت الحرمة فيها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 440

(مسألة 1682): يكره أكل لحوم الخيل و البغال و الحمير
(مسألة 1683): يحرم الجلال من المباح

و هو ما يأكل عذرة الإنسان خاصة إلّا مع الاستبراء و زوال الجلل، و الأحوط مع ذلك أن تطعم الناقة بل مطلق الإبل علفاً طاهراً أربعين يوماً و البقر عشرين و الشاة عشرة و البطة خمسة أو سبعة و الدجاجة ثلاثة.

(مسألة 1684): لو رضع الجدي لبن خنزيرة و اشتد لحمه حرم

هو و نسله و لو لم يشتد استُبرئ سبعة أيام فيلقى على ضرع شاة، و إذا كان مستغنياً عن الرضاع علف و يحل بعد ذلك و لا يلحق بالخنزيرة الكلبة و الكافرة و في عموم الحكم لشرب اللبن من غير ارتضاع إشكال و الأظهر العدم.

(مسألة 1685): يحرم كل ذي ناب كالأسد و الثعلب

و يحرم الأرنب و الضب و اليربوع و المسوخ كالفيل و القرد و الدّب و الحشرات و القمل و البق و البراغيث.

(مسألة 1686): إذا وطأ إنسان حيواناً محللًا أكله و مما يطلب لحمه حرم لحمه

و لحم نسله و لبنهما و لا فرق في الواطئ بين الصغير و الكبير على الأحوط كما لا فرق بين العاقل و المجنون و الحر و العبد و العالم و الجاهل و المختار و المكره و لا فرق في الموطوء بين الذكر و الانثى و لا يحرم الحمل إذا كان متكوناً قبل الوطء كما لا يحرم الموطوء إذا كان ميتاً أو كان من غير ذوات الأربع، ثمّ إن الموطوء إن كان مما يقصد لحمه كالشاة ذُبح فإذا مات احرق فإن كان الواطئ غير المالك اغرم قيمته للمالك، و إن كان المقصود ظهره نُفي إلى بلد غير بلد الوطء و اغرم الواطئ قيمته للمالك إذا كان غير المالك ثمّ يباع في البلد الآخر، و في رجوع الثمن إلى المالك أو الواطئ، أو يتصدق به على الفقراء وجوه خيرها أوسطها و إذا اشتبه الموطوء فيما يقصد لحمه اخرج بالقرعة.

(مسألة 1687): إذا شرب الحيوان المحلل الخمر فسكر فذبح جاز أكل لحمه

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 441

و لا بد من غسل ما لاقته الخمر مع بقاء عينها و لا يؤكل ما في جوفه من القلب و الكرش و غيرهما على الأحوط و لو شرب بولًا أو غيره من النجاسات لم يحرم لحمه و يؤكل ما في جوفه بعد غسله مع بقاء عين النجاسة فيه.

القسم الثالث: الطيور:

(مسألة 1688): يحرم السبع منها كالبازي و الرخمة و كل ما كان صفيفه أكثر من دفيفه

فإن تساويا فالأظهر الحلية إذا كانت فيه إحدى العلامات الآتية و إلّا فيحرم، و العلامات هي القانصة و الحوصلة و الصيصية و هي الشوكة التي خلف رجل الطائر خارجة عن الكف، و القانصة و هي في الطير بمنزلة الكرش في غيره، و يكفي في الحل وجود واحدة منها و إذا انتفت كلها حرم و إذا تعارض انتفاء الجميع مع الدفيف قدم الدفيف فيحل ما كان دفيفه أكثر و إن لم تكن له إحدى الثلاث، و إذا كانت له إحدى الثلاث و كان صفيفه أكثر حرم، نعم إذا وجدت له إحدى الثلاث أو جميعها و شك في كيفية طيرانه حكم بالحل. أما اللقلق فقد حكي وجود الثلاث فيه لكن المظنون أن صفيفه أكثر فيكون حراماً كما أفتى بذلك بعض الأعاظم على ما حكي.

(مسألة 1689): يحرم الخفاش و الطاووس و الجلّال من الطير حتى يستبرأ

و يحرم الزنابير و الذباب و بيض الطير المحرم، و كذا يحرم الغراب على إشكال في بعض أقسامه و إن كان الأظهر الحرمة في الجميع. و ما اتفق طرفاه من البيض المشتبه حرام.

(مسألة 1690): يكره الخُطاف و الهُدهُد و الصُّرَد و الصُّوّام و الشِّقْراق و الفاختة و القُّبّرَة

القسم الرابع: الجامد:

(مسألة 1691): تحرم الميتة و أجزاؤها و هي نجسة

إذا كان الحيوان ذا نفس سائلة و كذلك أجزاؤها عدا صوف ما كان طاهراً في حال حياته و شعره و وبره و ريشه،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 442

و قرنه و عظمه، و ظلفه، و بيضه، إذا اكتسى الجلد الفوقاني و إن كان مما لا يحل أكله و الإنْفَحَّة.

(مسألة 1692): يحرم من الذبيحة على المشهور القضيب و الانثيان و الطحال،

و الفرث، و الدم، و المثانة، و المرارة، و المشيمة، و الفرج، و العلباء، و النخاع، و الغدد، و خرزة الدماغ، و الحدق، و في تحريم بعضها إشكال و الاجتناب أحوط، هذا في ذبيحة غير الطيور. و أما الطيور فالظاهر عدم وجود شي ء من الامور المذكورة فيها ما عدا الرجيع و الدم و المرارة و الطحال و البيضتين في بعضها، و تكره الكلى، و اذنا القلب.

(مسألة 1693): تحرم الأعيان النجسة كالعذرة و القطعة المبانة من الحيوان الحي،

و كذا يحرم الطين عدا اليسير الذي لا يتجاوز قدر الحمصة من تربة الحسين عليه السلام للاستشفاء و لا يحرم غيره من المعادن و الأحجار و الأشجار.

(مسألة 1694): تحرم السموم القاتلة و كل ما يضر الإنسان ضرراً يعتد به

و منه (الأفيون) المعبر عنه ب (الترياك) سواء أ كان من جهة زيادة المقدار المستعمل منه أم من جهة المواظبة عليه.

القسم الخامس: في المائع:

(مسألة 1695): يحرم كل مسكر من خمر و غيره حتى الجامد و الفقاع و الدم

و العلقة و إن كانت في البيضة و كل ما ينجس من المائع و غيره.

(مسألة 1696): إذا وقعت النجاسة في الجسم الجامد كالسمن و العسل الجامدين لزم إلقاء النجاسة

و ما يكنفها من الملاقي و يحل الباقي، و إذا كان المائع غليظاً ثخيناً فهو كالجامد و لا تسري النجاسة إلى تمام أجزائه إذا لاقت بعضها بل تختص النجاسة بالبعض الملاقي لها و يبقى الباقي على طهارته.

(مسألة 1697): الدهن المتنجس بملاقاة النجاسة يجوز بيعه

و الانتفاع به فيما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 443

لا يشترط فيه الطهارة و الأولى الاقتصار على الاستصباح به تحت السماء.

(مسألة 1698): تحرم الأبوال مما لا يؤكل لحمه بل مما يؤكل لحمه أيضاً

على الأحوط عدا بول الإبل للاستشفاء و كذا يحرم لبن الحيوان المحرم دون الإنسان فإنه يحل لبنه.

(مسألة 1699): لو اشتبه اللحم فلم يعلم أنه مذكى و لم يكن عليه يد مسلم تشعر بالتذكية اجتنب

، و لو اشتبه فلم يعلم أنه من نوع الحلال أو الحرام حكم بحلِّه.

(مسألة 1700): يجوز للإنسان أن يأكل من بيت من تضمنته الآية الشريفة المذكورة في سورة النور

و هم: الآباء و الامهات، و الإخوان و الأخوات، و الأعمام، و العمات، و الأخوال، و الخالات، و الأصدقاء، و الموكل المفوض إليه الأمر، و تلحق بهم الزوجة و الولد، فيجوز الأكل من بيوت من ذكر على النحو المتعارف مع عدم العلم بالكراهية بل مع عدم الظن بها أيضاً على الأحوط بل مع الشك فيها و إن كان الأظهر الجواز حينئذ.

(مسألة 1701): إذا انقلبت الخمر خلًا طهرت و حلّت

بعلاج كان أو غيره على تفصيل قد مر في فصل المطهرات.

(مسألة 1702): لا يحرم شي ء من المربيات

و إن شم منها رائحة المسكر.

(مسألة 1703): العصير من العنب إذا غلى بالنار أو بغيرها أو نش حرم

حتى يذهب ثلثاه بالنار أو بغيرها أو ينقلب خلًا.

(مسألة 1704): يجوز للمضطر تناول المحرم بقدر ما يمسك رمقه

إلّا الباغي و هو الخارج على الإمام أو باغي الصيد لهواً، و العادي و هو قاطع الطريق أو السارق و يجب عقلًا في باغي الصيد و العادي ارتكاب المحرم من باب وجوب ارتكاب أقل القبيحين و يعاقب عليه. و أما الخارج على الإمام فلا يبعد شمول وجوب قتله لنفسه أيضاً.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 444

(مسألة 1705): يحرم الأكل بل الجلوس على مائدة فيها المسكر.
(مسألة 1706): يستحب غسل اليدين قبل الطعام و التسمية

و الأكل باليمنى و غسل اليد بعده و الحمد له تعالى و الاستلقاء و جعل الرجل اليمنى على اليسرى.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 445

كتاب الميراث و فيه فصول:

اشارة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 447

الفصل الأول [الفروض]

و فيه فوائد

الفائدة الاولى: في بيان موجباته و هي نوعان: نسب و سبب، أما النسب فله ثلاث مراتب:

المرتبة الاولى: صنفان: أحدهما الأبوان المتصلان دون الأجداد و الجدات.

و ثانيهما الأولاد و إن نزلوا ذكوراً و إناثاً.

المرتبة الثانية: صنفان أيضاً: أحدهما الأجداد و الجدات و إن علوا كآبائهم و أجدادهم، و ثانيهما الإخوة و الأخوات و أولادهم و إن نزلوا.

المرتبة الثالثة صنف واحد: و هم الأعمام و الأخوال و إن علوا كأعمام الآباء و الامهات و أخوالهم، و أعمام الأجداد و الجدات و أخوالهم. و كذلك أولادهم و إن نزلوا كأولاد أولادهم و أولاد أولاد أولادهم و هكذا بشرط صدق القرابة للميت عرفاً، (و أما السبب) فهو قسمان زوجية و ولاء. و الولاء ثلاث مراتب: ولاء العتق، ثمّ ولاء ضمان الجريرة، ثمّ ولاء الإمامة.

الفائدة الثانية ينقسم الوارث إلى خمسة أقسام:

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 448

الأول: من يرث بالفرض لا غير دائماً و هو الزوجة فإن لها الربع مع عدم الولد و الثمن معه و لا يرد عليها أبداً.

الثاني: من يرث بالفرض دائماً و ربما يرث معه بالردّ كالأُم فإن لها السدس مع الولد و الثلث مع عدمه إذا لم يكن حاجب و ربما يرد عليها زائداً على الفرض كما إذا زادت الفريضة على السهام، و كالزوج فإنه يرث الربع مع الولد و النصف مع عدمه و يرد عليه إذا لم يكن وارث إلّا الإمام.

الثالث: من يرث بالفرض تارة، و بالقرابة اخرى كالأب فإنه يرث بالفرض مع وجود الولد و بالقرابة مع عدمه، و البنت و البنات فإنها ترث مع الابن بالقرابة و بدونه بالفرض، و الاخت و الاخوات للأب

أو للأبوين فإنها ترث مع الأخ بالقرابة و مع عدمه بالفرض و كالإخوة و الأخوات من الام فإنها ترث بالفرض إذا لم يكن جد للُام و بالقرابة معه.

الرابع: من لا يرث إلّا بالقرابة كالابن و الإخوة للأبوين أو للأب و الجد و الأعمام و الأخوال.

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

منهاج الصالحين (للتبريزي)؛ ج 2، ص: 448

الخامس: من لا يرث بالفرض و لا بالقرابة بل يرث بالولاء كالمعتق و ضامن الجريرة، و الإمام.

الفائدة الثالثة: الفرض هو السهم المقدر في الكتاب المجيد و هو ستة أنواع:

النصف، و الربع، و الثمن، و الثلثان، و الثلث، و السدس و أربابها ثلاثة عشر.

فالنصف للبنت الواحدة و الاخت للأبوين أو للأب فقط إذا لم يكن معها أخ، و للزوج مع عدم الولد للزوجة و إن نزل.

و الربع للزوج مع الولد للزوجة و إن نزل، و للزوجة مع عدم الولد للزوج و إن نزل فإن كانت واحدة اختصت به و إلّا فهو لهن بالسوية.

و الثمن للزوجة مع الولد للزوج و إن نزل فإن كانت واحدة اختصت به و إلّا فهو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 449

لهن بالسوية.

و الثلثان للبنتين فصاعداً مع عدم الابن المساوي و للُاختين فصاعداً للأبوين أو للأب فقط مع عدم الأخ.

و الثلث سهم الام مع عدم الولد و إن نزل و عدم الإخوة على تفصيل يأتي، و للأخ و الاخت من الام مع التعدد.

و السدس لكل واحد من الأبوين مع الولد و إن نزل و للُام مع الإخوة للأبوين أو للأب على تفصيل يأتي، و للأخ الواحد من الام و الاخت

الواحدة منها.

الفائدة الرابعة: الورثة إذا تعددوا فتارة يكونون جميعاً ذوي فروض و اخرى لا يكونون جميعاً ذوي فروض و ثالثة يكون بعضهم ذا فرض دون بعض، و إذا كانوا جميعاً ذوي فروض فتارة تكون فروضهم مساوية للفريضة، و اخرى تكون زائدة عليها، و ثالثة تكون ناقصة عنها.

فالاولى مثل أن يترك الميت أبوين و بنتين فإن سهم كل واحد من الأبوين السدس و سهم البنتين الثلثان و مجموعها مساو للفريضة.

و الثانية مثل أن يترك الميت زوجاً و أبوين و بنتين فإن السهام في الفرض الربع و السدسان و الثلثان و هي زائدة على الفريضة و هذه هي مسألة «العول» و مذهب المخالفين فيها ورود النقص على كل واحد من ذوي الفروض على نسبة فرضه، و عندنا يدخل النقص على بعض منهم معين دون بعض، ففي إرث أهل المرتبة الاولى يدخل النقص على البنت أو البنات و في إرث المرتبة الثانية كما إذا ترك زوجاً و اختاً من الأبوين و اختين من الام فإن سهم الزوج النصف و سهم الاخت من الأبوين النصف و سهم الاختين من الام الثلث و مجموعها زائد على الفريضة يدخل النقص على المتقرب بالأبوين كالأُخت في المثال دون الزوج و دون المتقرب بالام.

و الثالثة ما إذا ترك بنتاً واحدة فإن لها النصف و تزيد الفريضة نصفاً و هذه هي

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 450

مسألة «التعصيب» و مذهب المخالفين فيها إعطاء النصف الزائد إلى العصبة و هم الذكور الذين ينتسبون إلى الميت بغير واسطة أو بواسطة الذكور و ربما عمّموها للُانثى على تفصيل عندهم، و أما عندنا فيرد على ذوي الفروض كالبنت في الفرض فترث النصف بالفرض و النصف الآخر بالرد

و إذا لم يكونوا جميعا ذوي فروض قسم المال بينهم على تفصيل يأتي، و إذا كان بعضهم ذا فرض دون آخر اعطي ذو الفرض فرضه و اعطي الباقي لغيره على تفصيل يأتي إن شاء اللّٰه تعالى.

الفصل الثاني موانع الإرث ثلاثة: الكفر، و القتل، و الرق.

الأول- الكفر:

(مسألة 1707): لا يرث الكافر من المسلم و إن قرب

و لا فرق في الكافر بين الأصلي ذمياً كان أو حربياً و بين المرتد فطرياً كان أو ملياً و لا في المسلم بين المؤمن و غيره.

(مسألة 1708): الكافر لا يمنع من يتقرب به

فلو مات مسلم و له ولد كافر و للولد ولد مسلم كان ميراثه لولد ولده، و لو مات المسلم و فقد الوارث المسلم كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1709): المسلم يرث الكافر و يمنع من إرث الكافر للكافر

فلو مات كافر و له ولد كافر و أخ مسلم أو عم مسلم أو معتق أو ضامن جريرة ورثه و لم يرثه الكافر فإن لم يكن له وارث إلّا الإمام كان ميراثه للكافر. هذا إذا كان الكافر أصلياً أما إذا كان مرتداً عن ملة أو فطرة فالمشهور أن وارثه الإمام و لا يرثه الكافر و كان بحكم المسلم.

(مسألة 1710): لو أسلم الكافر قبل القسمة فإن كان مساوياً في المرتبة شارك

و إن كان أولى انفرد بالميراث و لو أسلم بعد القسمة لم يرث، و كذا لو أسلم مقارناً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 451

للقسمة و لا فرق فيما ذكرنا بين كون الميت مسلماً و كافراً هذا إذا كان الوارث متعدداً.

و أما إذا كان الوارث واحداً لم يرث. نعم، لو كان الواحد هو الزوجة و أسلم قبل القسمة بينها و بين الإمام ورث و إلّا لم يرث.

(مسألة 1711): لو أسلم بعد قسمة بعض التركة ففيه أقوال

قيل يرث من الجميع، و قيل لا يرث من الجميع، و قيل بالتفصيل و إنه يرث مما لم يقسم و لا يرث مما قسم، و الأقرب أنه يرث ممّا لم يقسّم و أمّا ما يقسّم فالأحوط فيه التصالح.

(مسألة 1712): المسلمون يتوارثون و إن اختلفوا في المذاهب و الآراء

و الكافرون يتوارثون على ما بينهم و إن اختلفوا في الملل.

(مسألة 1713): المراد من المسلم و الكافر وارثاً و موروثاً و حاجباً و محجوباً أعم من المسلم و الكافر بالأصالة

و بالتبعية كالطفل و المجنون، فكل طفل كان أحد أبويه مسلماً حال انعقاد نطفته بحكم المسلم فيمنع من إرث الكافر و لا يرثه الكافر بل يرثه الإمام إذا لم يكن له وارث مسلم، و كل طفل كان أبواه معاً كافرين حال انعقاد نطفته بحكم الكافر فلا يرث المسلم مطلقاً كما لا يرث الكافر إذا كان له وارث مسلم غير الإمام نعم إذا أسلم أحد أبويه قبل بلوغه تبعه في الإسلام و جرى على حكم المسلمين.

(مسألة 1714): المرتد قسمان فطري و ملي

فالفطري من انعقدت نطفته و كان أحد أبويه مسلماً ثمّ كفر و في اعتبار إسلامه بعد البلوغ قبل الكفر قولان أقربهما العدم، و حكمه أنه يقتل في الحال و تعتد امرأته من حين الارتداد عدة الوفاة و يقسم ميراثه بين ورثته و لا تسقط الأحكام المذكورة بالتوبة، نعم إذا تاب تقبل توبته باطناً على الأقوى بل ظاهر أيضاً بالنسبة إلى غير الأحكام المذكورة فيحكم بطهارة بدنه و صحة تزويجه جديداً بغير امرأته السابقة، و أمّا التزويج بها فلا يخلو عن إشكال. و أما المرتد الملي و هو ما يقابل الفطري فحكمه أنه يستتاب فإن تاب خلال ثلاثة أيام فهو

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 452

و إلّا قتل في اليوم الرابع و ينفسخ نكاحه لزوجته فتبين منه إن كانت غير مدخول بها و تعتد عدة الطلاق من حين الارتداد إن كانت مدخولًا بها و لا تقسم أمواله إلّا بعد الموت بالقتل أو بغيره و إذا تاب ثمّ ارتد ففي وجوب قتله من دون استتابة في الثالثة أو الرابعة إشكال بل الأظهر عدم القتل. و أما المرأة المرتدة فلا تقتل و لا تنتقل أموالها عنها إلى الورثة إلّا بالموت و ينفسخ

نكاحها فإن كانت مدخولًا بها اعتدت عدة الطلاق و إلّا بانت بمجرد الارتداد و تحبس و يضيق عليها و تضرب أوقات الصلاة حتى تتوب فإن تابت قبلت توبتها و لا فرق بين أن تكون عن ملة أو عن فطرة.

(مسألة 1715): يشترط في ترتيب الأثر على الارتداد البلوغ و كمال العقل و الاختيار

فلو اكره على الارتداد فارتد كان لغواً، و كذا إذا كان غافلًا أو ساهياً أو سبق لسانه أو كان صادراً عن الغضب الذي لا يملك به نفسه و يخرج به عن الاختيار أو كان عن جهل بالمعنى.

الثاني- القتل

(مسألة 1716): القاتل لا يرث المقتول إذا كان القتل عمداً ظلماً

أما إذا كان خطأ محضاً فلا يمنع كما إذا رمى طائراً فأصاب المورث، و كذا إذا كان بحق قصاصاً أو دفاعاً عن نفسه أو عرضه أو ماله. أما إذا كان الخطأ شبيهاً بالعمد كما إذا ضربه بما لا يقتل عادة قاصداً ضربه غير قاصد قتله فقتل به ففيه قولان أقواهما أنه بحكم الخطأ من حيث عدم المنع من الإرث، و إن كان بحكم العمد من حيث كون الدية فيه على الجاني لا على العاقلة و هم الآباء و الأبناء و الإخوة من الأب و أولادهم الذكور و الأعمام و أولادهم الذكور بخلاف الخطأ المحض فإن الدية فيه عليهم فإن عجزوا عنها أو عن بعضها تكون الدية أو النقص على الجاني فإن عجز فعلى الإمام و الخيار في تعيين الدية من الأصناف الستة للجاني لا أولياء المجني عليه و المراد من الأصناف الستة مائة من الإبل و مائتان من البقر و ألف شاة و ألف دينار و عشرة آلاف

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 453

درهم و مائتا حلة و الأحوط الأولى في الأخير مراعاة رضا أولياء المجني عليه أيضاً هذا للرجل، ودية المرأة نصف ذلك و لا فرق في القتل العمدي بين أن يكون بالمباشرة كما لو ضربه بالسيف فمات و أن يكون بالتسبيب كما لو كتفه و ألقاه إلى السبع فافترسه أو أمر صبياً غير مميز أو مجنوناً بقتل أحد فقتله. و أما إذا أمر به شخصاً

عاقلًا مختاراً فامتثل أمره بإرادته و اختياره فقتله فلا إشكال في أنه ارتكب حراماً و يحكم بحبسه إلى أن يموت إلّا أنه لا يكون قاتلًا لا عمداً و لا خطأً. و إذا قتل اثنان شخصاً عمداً و كانا وارثين منعا جميعاً و كان لولي المقتول القصاص منهما جميعاً ورد نصف الدية على كل واحد منهما، و إذا قتل واحد اثنين منع من إرثهما و كان لولي كل منهما القصاص منه فإذا اقتص منه لأحدهما ثبتت للآخر الدية في مال الجاني.

(مسألة 1717): القتل خطأ لا يمنع من إرث غير الدية

كما مر و في منعه عن إرث الدية إشكال.

(مسألة 1718): القاتل لا يرث و لا يحجب من هو أبعد منه

و إن تقرب به فإذا قتل الولد أباه و لم يكن له ولد آخر و كان للقاتل عمداً ولد كان ولده وارثاً لأبيه فإن كان للمقتول أب أو ام كان الإرث له و لولد القاتل.

(مسألة 1719): إذا انحصر الوارث في الطبقة الاولى بالولد القاتل انتقل إرث المقتول إلى الطبقة الثانية

و هم أجداده و إخوته و مع عدمهم فإلى الطبقة الثالثة و هم أعمامه و أخواله و لو لم يكن له وارث إلّا الإمام كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1720): إذا أسقطت الام جنينها كانت عليها ديته لأبيه

أو غيره من ورثته و هي عشرون ديناراً إذا كان نطفة، و أربعون إذا كان علقة، و ستون إذا كان مضغة، و ثمانون إذا كان عظاماً و مائة إذا تم خلقه و لم تلجه الروح فإن ولجته الروح كانت ديته دية الإنسان الحي و إذا كان الأب هو الجاني على الجنين كانت ديته لُامه. و في تحديد المراتب المذكورة خلاف و الأظهر أنه أربعون يوماً نطفة، و أربعون علقة، و أربعون

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 454

مضغة.

(مسألة 1721): الدية في حكم مال المقتول تقضى منها ديونه

و تخرج منها وصاياه سواء أ كان القتل خطأ أم كان عمداً فأخذت الدية صلحاً أو لتعذر القصاص بموت الجاني أو فراره أو نحوهما و يرثها كل وارث سواء أ كان ميراثه بالنسب أم السبب حتى الزوجين و إن كانا لا يرثان من القصاص شيئا، نعم لا يرثها من يتقرب بالام سواء الإخوة و الأخوات و أولادهم و غيرهم كالأجداد للُام و الأخوال.

(مسألة 1722): إذا جرح أحد شخصاً فمات لكن المجروح أبرأ الجارح في حياته

لم تسقط الدية عمداً كان الجرح أو خطأ.

(مسألة 1723): إذا لم يكن للمقتول عمداً وارث سوى الإمام رجع الأمر إليه

و له المطالبة بالقصاص و له أخذ الدية مع التراضي و إذا كان الوارث غير الإمام كان له العفو بلا مال، و لو عفا بشرط المال لم يسقط القصاص و لم تثبت الدية إلّا مع رضا الجاني.

(مسألة 1724): لو عفا بعض الوراث عن القصاص قيل لم يَجُز لغيره الاستيفاء

و قيل يجوز له مع ضمان حصة من لم يأذن و الأظهر الثاني.

(مسألة 1725): إذا كان المقتول مهدور الدم شرعاً كالزاني المحصن و اللائط

فقتله قاتل بغير إذن الإمام قيل لم يثبت القصاص و لا الدية بل و لا الكفارة و فيه إشكال لكن لا يبعد عدم ثبوت القصاص و الدية فيما إذا وقع القتل بعد ثبوت الموجب عند الحاكم، نعم يصح ذلك فيما يجوز فيه القتل كموارد الدفاع عن النفس أو العرض أو قتل ساب النبي و الأئمة عليهم السلام و نحو ذلك.

(مسألة 1726) إذا كان على المقتول عمداً ديون و ليس له تركة توفى منها

جاز للولي القصاص و ليس للديان المنع عنه.

(مسألة 1727): إذا كانت الجناية على الميت بعد الموت لم تعط الدية

إلى

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 455

الورثة بل صرفت في وجوه البر عنه و إذا كان عليه دين ففي وجوب قضائه منها إشكال و الأظهر الوجوب.

الثالث- الرق

اشارة

فإنه مانع من الوارث و الموروث من غير فرق بين المتشبث بالحرية كأُم الولد و المكاتب المشروط و المطلق الذي لم يؤد شيئاً من مال الكتابة فإذا مات المملوك كان ماله لسيده و إذا مات الحر و كان له وارث حر و آخر مملوك كان ميراثه للحر دون المملوك و إن كان أقرب من الحر و لو كان الوارث مملوكاً و له ولد حرّ كان الميراث لولده دونه و إذا لم يكن له وارث أصلًا كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1728): إذا اعتق المملوك قبل القسمة شارك مع المساواة

و انفرد بالميراث إذا كان أولى و لو اعتق بعد القسمة أو مقارناً لها أو كان الوارث واحداً لم يرث.

نعم، إذا كان الوارث الزوجة و الإمام فاعتق قبل القسمة بينهما ورث كما تقدم في الكافر.

(مسألة 1729): إذا انحصر الوارث بالمملوك اشتري من التركة اتحد أو تعدد على إشكال

في ضامن الجريرة إرثاً و حجباً و الأحوط عتقه بعد الشراء فإن زاد من المال شي ء دفع إليه، و إذا امتنع مالكه عن بيعه قهر على بيعه و إذا قصرت التركة عن قيمته لم يفك و كان الإرث للإمام.

(مسألة 1730): لو كان الوارث المملوك متعدداً و وفت حصة بعضهم بقيمته

دون الآخر فلا يبعد لزوم فك الأول و إذا كانت حصة كل منهم لا تفي بقيمة كان الوارث الإمام.

(مسألة 1731): لو كان المملوك قد تحرر بعضه ورث من نصيبه بقدر حريته

و إذا مات و كان له مال ورث منه الوارث بقدر حريته و الباقي لمالكه و لا فرق بين ما جمعه بجزئه الحر و غيره.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 456

الفصل الثالث في كيفية الإرث حسب مراتبه

المرتبة الاولى: الآباء و الابناء

(مسألة 1732): للأب المنفرد تمام المال و للُام المنفردة أيضاً تمام المال

الثلث منه بالفرض و الزائد عليه بالرد.

(مسألة 1733): لو اجتمع الأبوان و ليس للميت ولد و لا زوج أو زوجة

كان للُام الثلث مع عدم الحاجب و السدس معه على ما يأتي و الباقي للأب و لو كان معهما زوج كان له النصف، و لو كان معهما زوجة كان لها الربع و للُام الثلث مع عدم الحاجب و السدس معه و الباقي للأب.

(مسألة 1734): للابن المنفرد تمام المال

و للبنت المنفردة أيضاً تمام المال النصف بالفرض و الباقي يرد عليها و للابنين المنفردين فما زاد تمام المال يقسم بينهم بالسوية و للبنتين المنفردتين فما زاد الثلثان و يقسم بينهن بالسوية و الباقي يرد عليهن كذلك.

(مسألة 1735): لو اجتمع الابن و البنت منفردين أو الأبناء و البنات منفردين

كان لهما أو لهم تمام المال للذكر مثل حظ الانثيين.

(مسألة 1736): إذا اجتمع الأبوان مع ابن واحد كان لكل من الأبوين السدس

و الباقي للابن و إذا اجتمعا مع الأبناء الذكور فقط كان لكل واحد منهما السدس و الباقي يقسم بين الأبناء بالسوية و إذا كان مع الابن الواحد أو الأبناء البنات قسم الباقي بينهم جميعاً للذكر مثل حظ الانثيين، و إذا اجتمع أحد الأبوين مع ابن واحد كان له السدس و الباقي للابن، و إذا اجتمع مع الأبناء الذكور كان له السدس و الباقي يقسم بين الأبناء بالسوية و لو كان مع الابن الواحد أو الأبناء البنات كان لأحد الأبوين السدس و الباقي يقسم بين الأبناء و البنات للذكر مثل حظ الانثيين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 457

(مسألة 1737): إذا اجتمع أحد الأبوين مع بنت واحدة لا غير

كان لأحد الأبوين الربع بالتسمية و الرد و الثلاثة الأرباع للبنت كذلك، و إذا اجتمع أحد الأبوين مع البنتين فما زاد لا غير كان له الخمس بالتسمية و الرد و الباقي للبنتين أو البنات بالتسمية و الرد يقسم بينهن بالسوية، و إذا اجتمع الأبوان معاً مع البنت الواحدة لا غير كان لكل واحد منهما الخمس بالتسمية و الرد و الباقي للبنت كذلك، و إذا اجتمعا معاً مع البنتين فما زاد كان لكل واحد منهما السدس و الباقي للبنتين فما زاد.

(مسألة 1738): لو اجتمع زوج أو زوجة مع أحد الأبوين و معهما البنت الواحدة

أو البنات كان للزوج الربع و للزوجة الثمن و للبنت الواحدة النصف و للبنات الثلثان و لأحد الأبوين السدس فإن بقي شي ء يرد عليه و على البنت أو البنات و إن كان نقص ورد النقص على البنات.

(مسألة 1739): إذا اجتمع زوج مع الأبوين و البنت كان للزوج الربع

و للأبوين السدسان و للبنت سدسان و نصف سدس ينتقص من سهمها و هو النصف نصف السدس، و لو كان البنتان مكان البنت كان لهما سدسان و نصف فينتقص من سهمهما و هو الثلثان سدس و نصف سدس.

(مسألة 1740): إذا اجتمعت زوجة مع الأبوين و بنتين كان للزوجة الثمن

و للأبوين السدسان و للبنتين الباقي و هو أقل من الثلثين اللذين هما سهم البنتين، و إذا كان مكان البنتين في الفرض بنت فلا نقص بل يزيد ربع السدس فيرد على الأبوين و البنت خمسان منه للأبوين و ثلاثة أخماس منه للبنت.

(مسألة 1741): إذا خلف الميت مع الأبوين أخاً و اختين أو أربع أخوات أو أخوين حجبوا الام

عما زاد على السدس بشرط أن يكونوا مسلمين غير مماليك و يكونوا منفصلين بالولادة لا حملًا و يكونوا من الأبوين أو من الأب و يكون الأب موجوداً فإن فقد بعض هذه الشرائط فلا حجب، و إذا اجتمعت هذه الشرائط فإن لم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 458

يكن مع الأبوين ولد ذكر أو انثى كان للُام السدس خاصة و الباقي للأب، و إن كان معهما بنت فلكل من الأبوين السدس و للبنت النصف و المشهور أن الباقي يرد على الأب و البنت أرباعاً و لا يرد شي ء منه على الام و لكنه لا يخلو عن إشكال و لا يبعد أن يرد الباقي على الجميع.

(مسألة 1742): أولاد الأولاد يقومون مقام الأولاد عند عدمهم

و يأخد كل فريق منهم نصيب من يتقرب به، فلو كان للميت أولاد بنت و أولاد ابن كان لأولاد البنت الثلث يقسم بينهم للذكر مثل حظ الانثيين و لأولاد الابن الثلثان يقسم بينهم كذلك و لا يرث أولاد الأولاد إذا كان للميت ولد و لو انثى، فإذا كان له بنت و ابن ابن كان الميراث للبنت و الأقرب من أولاد الأولاد يمنع الأبعد. فإذا كان للميت ولد ولد و ولد ولد ولد كان الميراث لولد الولد دون ولد ولد الولد و يشاركون الأبوين كآبائهم لأن الآباء مع الأولاد صنفان و لا يمنع قرب الأبوين إلى الميت عن إرثهم، فإذا ترك أبوين و ولد ابن كان لكل من الأبوين السدس و لولد الابن الباقي، و إذا ترك أبوين و أولاد بنت كان للأبوين السدسان و لأولاد البنت النصف و يرد السدس على الجميع على النسبة ثلاثة أخماس منه لأولاد البنت و خمسان للأبوين فينقسم مجموع التركة أخماساً، ثلاثة منها لأولاد البنت بالتسمية

و الرد، و اثنان منها للأبوين بالتسمية و الرد كما تقدم في صورة ما إذا ترك أبوين و بنتاً، و إذا ترك أحد الأبوين مع أولاد بنت كان لأولاد البنت ثلاثة أرباع التركة بالتسمية و الرد و الربع الرابع لأحد الأبوين كما تقدم فيما إذا ترك أحد الأبوين و بنتاً و هكذا الحكم في بقية الصور فيكون الرد على أولاد البنت كما يكون الرد على البنت، و إذا شاركهم زوج أو زوجة دخل النقص على أولاد البنت فإذا ترك زوجاً و أبوين و أولاد بنت كان للزوج الربع و للأبوين السدسان و لأولاد البنت سدسان و نصف سدس فينقص من سهم البنت و هو النصف نصف سدس.

(مسألة 1743): يحبى الولد الذكر الأكبر وجوباً مجاناً بثياب بدن الميت

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 459

و خاتمه و سيفه و مصحفه، و إذا تعدد الثوب أو الخاتم اعطي الجميع و لا يترك الاحتياط عند تعدد غيرهما من المذكورات بالمصالحة مع سائر الورثة في الزائد على الواحد، و إذا كان على الميت دين مستغرق للتركة و أراد الولد الأكبر فكّها بما يخصها من الدين فالأحوط استرضاء سائر الورثة، و إذا لم يكن مستغرقاً لها بحيث كان للميت تركة يرثها سائر الورثة كانت الحبوة له.

(مسألة 1744): إذا أوصى الميت بتمام الحبوة أو ببعضها لغير المحبو نفذت وصيته

و حرم المحبو منها، و إذا أوصى بثلث ماله أخرج الثلث منها و من غيرها، و كذلك إذا أوصى بمائة دينار مثلًا فإنها تخرج من مجموع التركة بالنسبة إن كانت تساوي المائة ثلثها أو تنقص عنه، و لو كانت أعيانها أو بعضها مرهونة وجب فيها من مجموع التركة.

(مسألة 1745): لا فرق بين الكسوة الشتائية و الصيفية و لا بين القطن و الجلد

و غيرهما و لا بين الصغيرة و الكبيرة فيدخل فيها مثل القلنسوة و في الجورب و الحزام و النعل تردد أظهره الدخول، و لا يتوقف صدق الثياب و نحوها على اللبس بل يكفي إعدادها لذلك، نعم إذا أعدها للتجارة أو لكسوة غيره من أهل بيته و أولاده و خدّامه لم تكن من الحبوة.

(مسألة 1746): لا يدخل في الحبوة مثل الساعة

و في دخول مثل الدرع و الطاس و المغفر و نحوها من معدات الحرب إشكال بل الأظهر العدم، و الأحوط في مثل البندقية و الخنجر و نحوهما من آلات السلاح المصالحة مع سائر الورثة نعم لا يبعد تبعية غمد السيف و قبضته و بيت المصحف و حمائلهما لهما و في دخول ما يحرم لبسه مثل خاتم الذهب و ثوب الحرير إشكال، و إذا كان مقطوع اليدين فالسيف لا يكون من الحبوة و لو كان أعمى فالمصحف ليس منها نعم لو طرأ ذلك اتفاقاً و كان قد أعدّهما قبل ذلك لنفسه كانا منها.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 460

(مسألة 1747): إذا اختلف الذكر الأكبر و سائر الورثة في ثبوت الحبوة

أو في أعيانها أو في غير ذلك من مسائلها لاختلافهم في الاجتهاد أو في التقليد رجعوا إلى الحاكم الشرعي في فصل خصومتهم على تفصيل مذكور في كتاب القضاء.

(مسألة 1748): إذا تعدد الذكر مع التساوي في السن فالمشهور الاشتراك فيها

و لا يخلو من وجه قوي.

(مسألة 1749): المراد بالأكبر الأسبق ولادة

لا علوقاً و إذا اشتبه فالمرجع في تعيينه القرعة، و الظاهر اختصاصها بالولد الصلبي فلا تكون لولد الولد و لا يشترط انفصاله بالولادة فضلًا عن اشتراط بلوغه حين الوفاة.

(مسألة 1750): قيل يشترط في المحبو أن لا يكون سفيهاً

و فيه إشكال بل الأظهر عدمه و قيل يشترط أن يخلف الميت مالًا غيرها و هو الأظهر.

(مسألة 1751): يستحب لكل من الأبوين الوارثين لولدهما إطعام الجد و الجدة

المتقرب به سدس الأصل إذا زاد نصيبه عن السدس و هل يختص بصورة اتحاد الجد فلا يشمل التعدد أو صورة فقد الولد للميت فلا يشمل صورة وجوده إشكال.

المرتبة الثانية: الإخوة و الأجداد

(مسألة 1752): لا ترث هذه المرتبة إلّا إذا لم يكن للميت ولد

و إن نزل و لا أحد الأبوين المتصلين.

(مسألة 1753): إذا لم يكن للميت جد و لا جدة فللأخ المنفرد من الأبوين المال كله

يرثه بالقرابة و مع التعدد ينقسم بينهم بالسوية، و للُاخت المنفردة من الأبوين المال كله ترث نصفه بالفرض كما تقدم و نصفه الآخر رداً بالقرابة، و للُاختين أو الأخوات من الأبوين المال كله يرثن ثلثيه بالفرض كما تقدم، و الثلث الثالث رداً بالقرابة، و إذا ترك أخاً واحداً أو أكثر من الأبوين مع اخت واحدة أو أكثر كذلك فلا فرض بل يرثون المال كله بالقرابة يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 461

(مسألة 1754): للأخ المنفرد من الام و الاخت كذلك المال كله

يرث السدس بالفرض و الباقي رداً بالقرابة و للاثنين فصاعداً من الإخوة للُام ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً و إناثاً المال كله يرثون ثلثه بالفرض و الباقي رداً بالقرابة و يقسم بينهم فرضاً و رداً بالسوية.

(مسألة 1755): لا يرث الأخ أو الاخت للأب مع وجود الأخ و الاخت للأبوين،

نعم مع فقدهم يرثون على نهج ميراثهم فللأخ من الأب واحداً كان أو متعدداً تمام المال بالقرابة، و للُاخت الواحدة النصف بالفرض و النصف الآخر بالقرابة و للأخوات المتعددات تمام المال يرثن ثلثيه بالفرض و الباقي رداً بالقرابة و إذا اجتمع الإخوة و الأخوات كلهم للأب كان لهم تمام المال يقسمونه بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.

(مسألة 1756): إذا اجتمع الإخوة بعضهم من الأبوين و بعضهم من الام

فإن كان الذي من الام واحداً كان له السدس ذكراً كان أو انثى و الباقي لمن كان من الأبوين، و إن كان الذي من الام متعدداً كان له الثلث يقسم بينهم بالسوية ذكوراً كانوا أو إناثاً أو ذكوراً و إناثاً و الباقي لمن كان من الأبوين واحداً كان أو متعدداً و مع اتفاقهم في الذكورة و الانوثة يقسم بالسوية و مع الاختلاف فيهما يقسم للذكر مثل حظ الانثيين. نعم، في صورة كون المتقرب بالأبوين إناثاً و كون الأخ من الام واحداً كان ميراث الأخوات من الأبوين بالفرض ثلثين و بالقرابة السدس، و إذا كان المتقرب بالأبوين انثى واحدة كان لها النصف فرضاً و ما زاد على سهم المتقرب بالام و هو السدس أو الثلث رداً عليها و لا يرد على المتقرب بالام و إذا وجد معهم إخوة من الأب فقط فلا ميراث لهم كما عرفت.

(مسألة 1757): إذا لم يوجد للميت إخوة من الأبوين و كان له إخوة

بعضهم من الأب فقط و بعضهم من الام فقط فالحكم كما سبق في الإخوة من الأبوين من أنه إذا كان الأخ من الام واحداً كان له السدس و إذا كان متعدداً كان له الثلث يقسم بينهم

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 462

بالسوية و الباقي الزائد على السدس أو الثلث يكون للإخوة من الأب يقسم بينهم للذكر مثل حظ الانثيين مع اختلافهم في الذكورة و الانوثة، و مع عدم الاختلاف فيهما يقسم بينهم بالسوية، و في الصورة التي يكون المتقرب بالأب انثى واحدة يكون أيضاً ميراثها ما زاد على سهم المتقرب بالام بعضه بالفرض و بعضه بالرد بالقرابة.

(مسألة 1758): في جميع صور انحصار الوارث القريب بالإخوة

سواء كانوا من الأبوين أم من الأب أم من الام أم بعضهم من الأبوين و بعضهم من الأب و بعضهم من الام إذا كان للميت زوج كان له النصف و إذا كانت له زوجة كان لها الربع و للأخ من الام مع الاتحاد السدس و مع التعدد الثلث و الباقي للإخوة من الأبوين أو من الأب إذا كانوا ذكوراً أو ذكوراً و إناثاً أما إذا كانوا إناثاً ففي بعض الصور تكون الفروض أكثر من الفريضة كما إذا ترك زوجا أو زوجة و اختين من الأبوين أو الأب و اختين أو أخوين من الام فإن سهم المتقرب بالأم الثلث و سهم الاختين من الأبوين أو الأب الثلثان و ذلك تمام الفريضة و يزيد عليها سهم الزوج أو الزوجة و كذا إذا ترك زوجاً و اختاً واحدة من الأبوين أو الأب و اختين أو أخوين من الام فإن نصف الزوج و نصف الاخت من الأبوين يستوفيان الفريضة و يزيد عليها سهم المتقرب بالام ففي مثل هذه الفروض يدخل النقص

على المتقرب بالأبوين أو بالأب خاصة و لا يدخل النقص على المتقرب بالام و لا على الزوج أو الزوجة و في بعض الصور تكون الفريضة أكثر كما إذا ترك زوجة و اختاً من الأبوين و أخاً أو أختاً من الام فإن الفريضة تزيد على الفروض بنصف سدس فيرد على الاخت من الأبوين فيكون لها نصف التركة و نصف سدسها و للزوجة الربع و للأخ أو الاخت من الام السدس.

(مسألة 1759): إذا لم يكن للميت أخ أو اخت و انحصر الوارث بالجد أو الجدة

للأب أو للُام كان له المال كله و إذا اجتمع الجد و الجدة معاً فإن كانا لأب كان المال لهما يقسم بينهما للذكر ضعف الانثى، و إن كانا لُام فالمال أيضاً لها لكن يقسم بينهما

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 463

بالسوية، و إذا اجتمع الأجداد بعضهم للُام و بعضهم للأب كان للجد للُام الثلث و إن كان واحداً و للجد للأب الثلثان، و لا فرق فيما ذكرنا بين الجد الأدنى و الأعلى، نعم إذا اجتمع الجد الأدنى و الجد الأعلى كان الميراث للأدنى و لم يرث الأعلى شيئاً و لا فرق بين أن يكون الأدنى ممن يتقرب به الأعلى كما إذا ترك جدة و أبا جدته و غيره كما إذا ترك جداً و أبا جدة فإن الميراث في الجميع للأدنى هذا مع المزاحمة، أما مع عدمها كما إذا ترك إخوة لُام و جداً قريباً لأب و جداً بعيداً لُام أو ترك إخوة لأب و جداً قريباً لُام و جداً بعيداً لأب فإن الجد البعيد في الصورتين يشارك الإخوة و لا يمنع الجد القريب من إرث الجد البعيد.

(مسألة 1760): إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأجداد كان للزوج نصفه

و للزوجة ربعه و يعطى المتقرب بالام الثلث و الباقي من التركة للمتقرب بالأب.

(مسألة 1761): إذا اجتمع الإخوة مع الأجداد فالجد و إن علا كالأخ،

و الجدة و إن علت كالأُخت فالجد و إن علا يقاسم الإخوة و كذلك الجدة فإذا اجتمع الإخوة و الأجداد فإما أن يتحد نوع كل منهما مع الاتحاد في جهة النسب بأن يكون الأجداد و الإخوة كلهم للأب أو كلهم للُام أو مع الاختلاف فيها كأن يكون الأجداد للأب و الإخوة للُام و إما أن يتعدد نوع كل منهما بأن يكون كل من الأجداد و الإخوة بعضهم للأب و بعضهم للُام أو يتعدد نوع أحدهما و يتحد الآخر بأن يكون الأجداد نوعين بعضهم للأب و بعضهم للُام و الإخوة للأب لا غير أو للُام لا غير أو يكون الإخوة بعضهم للأب و بعضهم للُام و الأجداد كلهم للأب لا غير أو للُام لا غير، ثمّ إن كلا منهما إما أن يكون واحداً ذكراً أو انثى أو متعدداً ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً و إناثاً فهنا صور:

الاولى: أن يكون الجد واحداً ذكراً أو انثى أو متعدداً ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً و إناثاً من قبل الام و كان الأخ على أحد الأقسام المذكورة أيضاً من قبل الام فيقتسمون

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 464

المال بينهم بالسوية.

الثانية: أن يكون كل من الجد و الأخ على أحد الأقسام المذكورة فيهما للأب فيقتسمون المال بينهم أيضاً بالسوية إن كانوا جميعاً ذكوراً أو إناثاً و إن اختلفوا في الذكورة و الانوثة اقتسموا المال بالتفاضل للذكر مثل حظ الانثيين.

الثالثة: أن يكون الجد للأب و الأخ للأبوين و الحكم فيها كذلك.

الرابعة: أن يكون الأجداد متفرقين بعضهم للأب و بعضهم للُام ذكوراً كانوا أو إناثاً أو ذكوراً و

إناثاً و الإخوة كذلك بعضهم للأب و بعضهم للُام ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً و إناثاً فللمتقرب بالام من الإخوة و الأجداد جميعاً الثلث يقتسمونه بالسوية و للمتقرب بالأب منهم جميعاً الثلثان يقتسمونهما للذكر مثل حظ الانثيين مع الاختلاف بالذكورة و الانوثة و إلّا فبالسوية.

الخامسة: أن يكون الجد على أحد الأقسام المذكورة للأب و الأخ على أحد الأقسام المذكورة أيضاً للُام فيكون للأخ السدس إن كان واحداً و الثلث إن كان متعدداً يقسم بينهم بالسوية و الباقي للجد واحداً كان أو متعدداً و مع الاختلاف في الذكورة و الانوثة يقتسمونه بالتفاضل.

السادسة: أن ينعكس الفرض بأن يكون الجد بأقسامه المذكورة للُام و الأخ للأب فيكون للجد الثلث و للأخ الثلثان، و إذا كانت مع الجد للُام اخت للأب فإن كانتا اثنتين فما زاد لم تزد الفريضة على السهام، و إن كانت واحدة كان لها النصف و للجد الثلث و في السدس الزائد من الفريضة لا يترك الاحتياط بالصلح، و إذا كان الأجداد متفرقين و كان معهم أخ أو أكثر لأب كان للجد للُام و إن كان انثى واحدة الثلث و مع تعدد الجد يقتسمونه بالسوية و لو مع الاختلاف في الذكورة و الانوثة، و الثلثان للأجداد للأب مع الإخوة له يقتسمونه للذكر مثل حظ الانثيين، و إذا كان معهم أخ لُام كان للجد للُام مع الأخ للُام الثلث بالسوية و لو مع الاختلاف بالذكورة و الانوثة،

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 465

و للأجداد للأب الثلثان للذكر مثل حظ الانثيين، و إذا كان الجد للأب لا غير و الإخوة متفرقين فللإخوة للُام السدس إن كان واحداً و الثلث إن كان متعدداً يقتسمونه بالسوية، و للإخوة للأب مع

الأجداد للأب الباقي، و لو كان الجد للُام لا غير و الإخوة متفرقين كان للجد مع الإخوة للُام الثلث بالسوية و للأخ للأب الباقي.

(مسألة 1762): أولاد الإخوة لا يرثون مع الإخوة شيئاً

فلا يرث ابن الأخ للأبوين مع الأخ من الأب أو الام بل الميراث للأخ هذا إذا زاحمه أما إذا لم يزاحمه كما إذا ترك جداً لأم و ابن أخ لُام مع أخ لأب فابن الأخ يرث مع الجد الثلث، و الثلثان للأخ.

(مسألة 1763): إذا فقد الميت الإخوة قام أولادهم مقامهم في الإرث

و في مقاسمة الأجداد و كل واحد من الأولاد يرث نصيب من يتقرب به، فلو خلف الميت أولاد أخ أو اخت لُام لا غير كان لهم سدس أبيهم أو امهم بالفرض و الباقي بالرد، و لو خلف أولاد أخوين أو اختين أو أخ و اخت كان لأولاد كل واحد من الإخوة السدس بالفرض و سدسين بالرد، و لو خلف أولاد ثلاثة إخوة كان لكل فريق من أولاد واحد منهم حصة أبيه أو امه و هكذا الحكم في أولاد الإخوة للأبوين أو للأب و يقسم المال بينهم بالسوية إن كانوا أولاد أخ لُام و إن اختلفوا بالذكورة و الانوثة و المشهور على أن التقسيم بالتفاضل للذكر مثل حظ الانثيين إن كانوا أولاد أخ للأبوين أو للأب و يحتمل قوياً أن تكون القسمة بينهم أيضاً بالسوية و لا يترك الاحتياط بالرجوع إلى الصلح.

(مسألة 1764): إذا خلف الميت أولاد أخ لُام و أولاد أخ للأبوين أو للأب كان لأولاد الأخ للُام السدس

و إن كثروا و لأولاد الأخ للأبوين أو للأب الباقي و إن قلوا.

(مسألة 1765): إذا لم يكن للميت إخوة و لا أولادهم الصلبيون كان الميراث لأولاد أولاد الإخوة

و الأعلى طبقة منهم و إن كان من الأب يمنع من إرث الطبقة النازلة و إن كانت من الأبوين.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 466

المرتبة الثالثة: الأعمام و الأخوال.

(مسألة 1766): لا يرث الأعمام و الأخوال مع وجود المرتبتين الأولتين

و هم صنف واحد يمنع الأقرب منهم الأبعد.

(مسألة 1767): للعم المنفرد تمام المال

و كذا للعمّين فما زاد يقسم بينهم بالسوية و كذا العمة و العمتان و العمات لأب كانوا أم لُام أم لهما.

(مسألة 1768): إذا اجتمع الذكور و الإناث كالعم و العمة و الأعمام و العمات

فالمشهور و المعروف أن القسمة بالتفاضل للذكر مثل حظ الانثيين إن كانوا جميعاً للأبوين أو للأب لكن لا يبعد أن تكون القسمة بينهم بالتساوي، و الأحوط الرجوع إلى الصلح أما إذا كانوا جميعاً للُام ففيه قولان أقربهما القسمة بالسوية.

(مسألة 1769): إذا اجتمع الأعمام و العمات و تفرقوا في جهة النسب

بأن كان بعضهم للأبوين و بعضهم للأب و بعضهم للُام سقط المتقرب بالأب و لو فقد المتقرب بالأبوين قام المتقرب بالأب مقامه و المشهور على أن المتقرب بالام إن كان واحداً كان له السدس و إن كان متعدداً كان لهم الثلث يقسم بينهم بالسوية و الزائد على السدس أو الثلث يكون للمتقرب بالأبوين واحداً كان أو أكثر يقسم بينهم للذكر مثل حظ الانثيين و لكن لا يبعد أن يكون الأعمام و العمات من طرف الام كالاعمام و العمات من الأبوين و يقتسمون المال بينهم جميعا بالسوية.

(مسألة 1770): للخال المنفرد المال كله

و كذا الخالان فما زاد يقسم بينهم بالسوية، و للخالة المنفردة المال كله و كذا الخالتان و الخالات و إذا اجتمع الذكور و الإناث بأن كان للميت خال فما زاد و خالة فما زاد يقسم المال بينهم بالسوية الذكر و الانثى سواء أ كانوا للأبوين أم للأب أم للُام أما لو تفرقوا بأن كان بعضهم للأبوين و بعضهم للأب و بعضهم للُام سقط المتقرب بالأب. و لو فقد المتقرب بالأبوين قام مقامه و المشهور على أنه للمتقرب بالام السدس إن كان واحداً و الثلث إن كان متعدداً

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 467

يقسم بينهم بالسوية و الباقي للمتقرب بالأبوين يقسم بينهم بالسوية أيضاً، و لكن لا يبعد أن يكون المتقرب بالام كالمتقرب بالأبوين و أنهم يقتسمون المال جميعاً بينهم بالسوية.

(مسألة 1771): إذا اجتمع الأعمام و الأخوال كان للأخوال الثلث

و إن كان واحداً ذكراً أو انثى و الثلثان للأعمام و إن كان واحداً ذكراً أو انثى، فإن تعدد الأخوال اقتسموا الثلث على ما تقدم و إذا تعدد الأعمام اقتسموا الثلثين كذلك.

(مسألة 1772): أولاد الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات يقومون مقام آبائهم

عند فقدهم فلا يرث ولد عم أو عمة مع عم، و لا مع عمه و لا مع خال و لا مع خالة و لا يرث ولد خال أو خالة مع خال و لا مع خالة و لا مع عم و لا مع عمة بل يكون الميراث للعم أو الخال أو العمة أو الخالة لما عرفت من أن هذه المرتبة كلها صنف واحد لا صنفان كي يتوهم أن ولد العم لا يرث مع العم و العمة و لكن يرث مع الخال و الخالة و أن ولد الخال لا يرث مع الخال أو الخالة و لكن يرث مع العم أو العمة بل الولد لا يرث مع وجود العم أو الخال ذكراً أو انثى و يرث مع فقدهم جميعاً.

(مسألة 1773): يرث كل واحد من أولاد العمومة و الخؤولة نصيب من يتقرب به

فإذا اجتمع ولد عمة و ولد خال أخذ ولد العمة و إن كان واحداً انثى الثلثين، و ولد الخال و إن كان ذكراً متعدداً الثلث و القسمة بين أولاد العمومة أو الخؤولة على النحو المتقدم في أولاد الإخوة في المسألة رقم 1763.

(مسألة 1774): قد عرفت أن العم و العمة و الخال و الخالة يمنعون أولادهم

و يستثنى من ذلك صورة واحدة و هي ابن عم لأبوين مع عم لأب فإن ابن العم يمنع العم و يكون المال كله له و لا يرث معه العم للأب أصلًا، و لو كان معهما خال أو خالة سقط ابن العم و كان الميراث للعم و الخال و الخالة، و لو تعدد العم أو ابن العم أو كان زوج أو زوجة ففي جريان الحكم الأول إشكال.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 468

(مسألة 1775): الأقرب من العمومة و الخؤولة يمنع الأبعد منهما

فإذا كان للميت عم و عم أب أو عم ام أو خال لأب أو ام كان الميراث لعم الميت و لا يرث معه عم أبيه و لا خال أبيه و لا عم امه و لا خال امه و لو لم يكن للميت عم أو خال لكن كان له عم أب و عم جد أو خال جد كان الميراث لعم الأب دون عم الجد أو خاله.

(مسألة 1776): أولاد العم و الخال مقدّمون على عم أب الميت و خال أبيه

و عم ام الميت و خالها و كذلك من نزلوا من الأولاد و إن بعدوا فإنهم مقدّمون على الدرجة الثانية من الأعمام و الأخوال.

(مسألة 1777): إذا اجتمع عم الأب و عمته و خاله و خالته و عم الام و عمتها

و خالها و خالتها كان للمتقرب بالام الثلث يقسم بينهم بالسوية، و للمتقرب بالأب الثلثان و المشهور أن ثلثهما لخال أبيه و خالته يقسم بينهما بالسوية و الباقي يقسم بين عم أبيه و عمته للذكر مثل حظ الانثيين و لا يبعد أن المتقربين بالأب أيضاً يقتسمون المال بينهم بالسوية من دون فرق بين الخال و العم.

(مسألة 1778): إذا دخل الزوج أو الزوجة على الأعمام و الأخوال كان للزوج أو الزوجة نصيبه الأعلى

من النصف أو الربع و للأخوال الثلث و للأعمام الباقي، و أما قسمة الثلث بين الأخوال و كذلك قسمة الباقي بين الأعمام فعلى ما تقدم.

(مسألة 1779): إذا دخل الزوج أو الزوجة على الأخوال فقط و كانوا متعددين أخذ نصيبه الأعلى

من النصف و الربع و الباقي يقسم بينهم على ما تقدم، و هكذا الحكم فيما لو دخل الزوج أو الزوجة على الأعمام المتعددين.

(مسألة 1780): إذا اجتمع لوارث سببان للميراث فإن لم يمنع أحدهما الآخر

ورث بهما معاً سواء اتحدا في النوع كجد لأب هو جد لُام، أم تعددا كما إذا تزوج أخو الشخص لأبيه بأُخته لُامه فولدت له فهذا الشخص بالنسبة إلى ولد الشخص عم و خال و ولد الشخص بالنسبة إلى ولدهما ولد عم لأب و ولد خال لُام، و إذا منع أحد

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 469

السببين الآخر ورث بالمانع كما إذا تزوج الأخوان زوجتين فولدتا لهما ثمّ مات أحدهما فتزوجها الآخر فولدت له، فولد هذه المرأة من زوجها الأول ابن عم لولدها من زوجها الثاني و أخ لُام فيرث بالإخوة لا بالعمومة.

فصل في الميراث بالسبب

اشارة

و هو اثنان: الزوجية و الولاء فهنا مبحثان:

الأول: الزوجية

(مسألة 1781): يرث الزوج من الزوجة النصف مع عدم الولد لها

، و الربع مع الولد و إن نزل، و ترث الزوجة من الزوج الربع مع عدم الولد له، و الثمن مع الولد و إن نزل.

(مسألة 1782): إذا لم تترك الزوجة وارثاً لها ذا نسب أو سبب إلّا الإمام فالنصف لزوجها

بالفرض و النصف الآخر يرد عليه على الأقوى و إذا لم يترك الزوج وارثاً له ذا نسب أو سبب إلّا الإمام فلزوجته الربع فرضاً، و هل يرد عليها الباقي مطلقاً أو إذا كان الإمام غائباً أو لا يرد عليها بل يكون الباقي للإمام أقواها الأخير.

(مسألة 1783): إذا كان للميت زوجتان فما زاد اشتركن في الثمن بالسوية

مع الولد و في الربع بالسوية مع عدم الولد.

(مسألة 1784): يشترط في التوارث بين الزوجين دوام العقد

فلا ميراث بينهما في الانقطاع كما تقدم و لا يشترط الدخول في التوارث، فلو مات أحدهما قبل الدخول ورثه الآخر زوجاً كان أم زوجة، و المطلقة رجعياً ترثه و تورث بخلاف البائن.

(مسألة 1785): يصح طلاق المريض لزوجته و لكنه مكروه

فإذا طلقها في مرضه و ماتت الزوجة في العدة الرجعية ورثها. و لا يرثها في غير ذلك. و أما إذا مات

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 470

الزوج فهي ترثه سواء أ كان الطلاق رجعياً أم كان بائناً إذا كان موته قبل انتهاء السنة من حين الطلاق و لم يبرأ من مرضه الذي طلق فيه و لم يكن الطلاق بسؤالها و لم يكن خُلعاً و لا مباراة و لم تتزوج بغيره، فلو مات بعد انتهاء السنة و لو بلحظة أو برئ من مرضه فمات لم ترثه، و أما إذا كان الطلاق بسؤالها أو كان الطلاق خُلعاً أو كانت قد تزوجت المرأة بغيره ففيه إشكال و الأظهر عدم الإرث.

(مسألة 1786): إذا طلق المريض زوجاته و كن أربعاً و تزوج أربعاً اخرى

و دخل بهن و مات في مرضه قبل انتهاء السنة من الطلاق اشتركت المطلقات مع الزوجات في الربع أو الثمن.

(مسألة 1787): إذا طلق الشخص واحدة من أربع فتزوج اخرى ثمّ مات

و اشتبهت المطلقة في الزوجات الاولى ففي الرواية- و عليها العمل-: أنه كان للتي تزوجها أخيراً ربع الثمن و تشترك الأربع المشتبهة فيهن المطلقة بثلاثة أرباعه، هذا إذا كان للميت ولد و إلّا كان لها الربع و تشترك الأربعة الاولى في ثلاثة أرباعه، و هل يتعدى إلى كل مورد اشتبهت فيه المطلقة بغيرها أو يعمل بالقرعة قولان و لا يبعد التعدّي.

(مسألة 1788): يرث الزوج من جميع ما تركته الزوجة منقولًا و غيره

أرضاً و غيرها و ترث الزوجة مما تركه الزوج من المنقولات و السفن و الحيوانات و لا ترث من الأرض لا عيناً و لا قيمة و ترث مما ثبت فيها من بناء و أشجار و آلات و أخشاب و نحو ذلك و لكن للوارث دفع القيمة إليها و يجب عليها القبول و لا فرق في الأرض بين الخالية و المشغولة بغرس أو بناء أو زرع أو غيرها.

(مسألة 1789): كيفية التقويم أن يفرض البناء ثابتاً من غير اجرة

ثمّ يقوم على هذا الفرض فتستحق الزوجة الربع أو الثمن من قيمته.

(مسألة 1790): الظاهر أنها تستحق من عين ثمرة النخل و الشجر و الزرع

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 471

الموجودة حال موت الزوج و ليس للوارث إجبارها على قبول القيمة.

(مسألة 1791): إذا لم يدفع الوارث القيمة لعذر أو لغير عذر سنة أو أكثر كان للزوجة المطالبة بأُجرة البناء

، و إذا أثمرت الشجرة في تلك المدة كان لها فرضها من الثمرة عيناً فلها المطالبة بها، و هكذا ما دام الوارث لم يدفع القيمة تستحق الحصة من المنافع و الثمرة و غيرهما من النماءات.

(مسألة 1792): إذا انقلعت الشجرة أو انكسرت أو انهدم البناء فالظاهر عدم جواز إجبارها على أخذ القيمة

فيجوز لها المطالبة بحصتها من العين كالمنقول، نعم إذا كان البناء معرضاً للهدم و الشجر معرضاً للكسر و القطع جاز إجبارها على أخذ القيمة ما دام لم ينهدم و لم ينكسر و كذا الحكم في الفسيل المعد للقطع، و هل يلحق بذلك الدولاب و المحالة و العريش الذي يكون عليه أغصان الكرم وجهان أقواهما ذلك فللوارث إجبارها على أخذ قيمتها و كذا بيوت القصب.

(مسألة 1793): القنوات و العيون و الآبار ترث الزوجة من آلاتها

و للوارث إجبارها على أخذ القيمة، و أما الماء الموجود فيها فإنها ترث من عينه و ليس للوارث إجبارها على أخذ قيمته. و لو حفر سرداباً أو بئراً قبل أن يصل إلى حد النبع فمات ورثت منها الزوجة و عليها أخذ القيمة.

(مسألة 1794): لو لم يرغب الوارث في دفع القيمة للزوجة عن الشجرة و البناء

فدفع لها العين نفسها كانت شريكة فيها كسائر الورثة و لا يجوز لها المطالبة بالقيمة، و لو عدل الوارث عن بذل العين إلى القيمة ففي وجوب قبولها إشكال و إن كان الأظهر العدم.

(مسألة 1795): المدار في القيمة على قيمة يوم الدفع
(مسألة 1796): قد تقدم في كتاب النكاح أنه لو تزوج المريض و دخل بزوجته ورثته

و إذا مات قبل الدخول فنكاحه باطل و لا مهر لها و لا ميراث.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 472

الثاني: الولاء.

اشارة

و أقسامه ثلاثة:

الأول: ولاء العتق.

(مسألة 1797): يرث المعتق عتيقه بشروط ثلاثة:

الشرط الأول: أن لا يكون عتقه في واجب كالكفارة و النذر، و إلّا لم يثبت للمعتق الميراث و كذا المكاتب إلّا إذا شرط المولى عليه الميراث فإنه حينئذ يرثه، نعم إذا شرط عليه الميراث مع وجود القريب لم يصح الشرط.

(مسألة 1798): الظاهر أنه لا فرق في عدم الولاء لمن اعتق عبده عن نذر

بين أن يكون قد نذر عتق عبد كلي فاعتق عبداً معيناً وفاءً بنذره و أن يكون قد نذر عتق عبد بعينه فأعتقه وفاءً بنذره.

(مسألة 1799): لو تبرع بالعتق عن غيره ممن كان العتق واجباً عليه لم يرث عتيقه.

الشرط الثاني: أن لا يتبرأ من ضمان جريرته فلو اشترط عليه عدم ضمان جريرته لم يضمنها و لم يرثه و لا يشترط في سقوط الضمان الإشهاد على الأقوى و هل يكفي التبري بعد العتق أو لا بد من أن يكون حال العتق؟ وجهان.

الشرط الثالث: أن لا يكون للعتيق قرابة، قريباً كان أو بعيداً فلو كان له قريب كان هو الوارث.

(مسألة 1800): إذا كان للعتيق زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى

و الباقي للمعتق.

(مسألة 1801): إذا اشترك جماعة في العتق، اشتركوا في الميراث

ذكوراً كانوا أم إناثاً أم ذكوراً و إناثاً و إذا عدم المعتق فإن كان ذكراً انتقل الولاء إلى ورثته الذكور كالأب و البنين دون النساء كالزوجة و الام و البنات، و إذا كان انثى انتقل إلى عصبتها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 473

و هم أولاد أبيها دون أولادها ذكوراً و إناثا و في عدم كون الأب نفسه من العصبة إشكال.

(مسألة 1802): يقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم

و يرث كل منهم نصيب من يتقرب به كما تقدم في الميراث بالقرابة.

(مسألة 1803): مع فقد الأب و الأولاد حتى من نزلوا يكون الولاء للإخوة

و الأجداد من الأب دون الأخوات و الجدات و الأجداد من الام و مع فقدهم فللأعمام دون الأخوال و العمات و الخالات، و مع فقد قرابة المعتق يرثه المعتق له فإن عدم و كان ذكراً ورثه أولاده الذكور و أبوه و أقاربه من الأب دون الام و إن كان انثى ورثته العصبة.

(مسألة 1804): لا يرث العتيق مولاه

بل إذا لم يكن له قريب و لا ضامن جريرة كان ميراثه للإمام.

(مسألة 1805): لا يصح بيع الولاء

و لا هبته و لا اشتراطه في بيع.

(مسألة 1806): إذا حملت الأمة المعتقة بعد العتق من رق فالولد حر

و ولاؤه لمولى الأمة الذي اعتقها، فإذا اعتق أبوه انجر الولاء من معتق امه إلى معتق أبيه، فإن فقد فإلى ورثته الذكور فإن فقدوا فإلى عصبته فإن فقدوا فإلى معتق معتق أبيه ثمّ إلى ورثته الذكور ثمّ إلى عصبته ثمّ إلى معتق معتق معتق أبيه و هكذا، فإن فقد الموالي و عصباتهم فلمولى عصبة موالي الأب ثمّ إلى عصبات موالي العصبات، فإن فقد الموالي و عصباتهم و مواليهم فإلى ضامن الجريرة فإن لم يكن فإلى الإمام عليه السلام و لا يرجع إلى مولى الام و لو كان له زوج رد عليه و لم يرثه الإمام، و لو كان زوجة كان الزائد على نصيبها للإمام.

(مسألة 1807): إذا حملت الأمة المعتقة من حر لم يكن لمولى امه ولاء

، و إذا حملت به قبل العتق فتحرر لا بعتق امه فولاؤه لمعتقه.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 474

(مسألة 1808): إذا فقد معتق الام كان ولاء الولد لورثته الذكور

فإذا فقدوا فلعصبة المعتق ثمّ إلى معتقه ثمّ إلى ورثته الذكور فإن فقدوا فلعصبته فإن فقدوا فلمعتقه و هكذا فإن فقد الموالي و عصباتهم و موالي عصباتهم فإلى ضامن الجريرة، فإن فقد فإلى الإمام.

(مسألة 1809): إذا مات المولى عن ابنين ثمّ مات المعتق بعد موت أحدهما

اشترك الابن الحي و ورثة الميت الذكور لأن الأقوى كون إرثهم من أجل إرث الولاء.

الثاني: ولاء ضمان الجريرة.

(مسألة 1810): يجوز لأحد الشخصين أن يتولى الآخر على أن يضمن جريرته

أي جنايته فيقول له مثلًا: عاقدتك على أن تعقل عني و ترثني فيقول الآخر: قبلت. فإذا عقدا العقد المذكور صح و ترتب عليه أثره و هو العقل و الإرث و يجوز الاقتصار في العقد على العقل وحده من دون ذكر الإرث فيترتب عليه الإرث. و أما الاقتصار على ذكر الإرث ففي صحته و ترتب الإرث عليه إشكال فضلًا عن ترتب العقل عليه بل الأظهر العدم فيهما و المراد من العقل الدية فمعنى عقله عنه قيامه بدية جنايته.

(مسألة 1811): يجوز التولي المذكور بين الشخصين

على أن يعقل أحدهما بعينه الآخر دون العكس. كما يجوز التولي على أن يعقل كل منهما عن الآخر فيقول مثلًا: عاقدتك على أن تعقل عني و اعقل عنك و ترثني و أرثك فيقول الآخر: قبلت، فيترتب عليه العقل من الطرفين و الإرث كذلك.

(مسألة 1812): لا يصح العقد المذكور إلّا إذا كان المضمون لا وارث له

من النسب و لا مولى معتق، فإن كان الضمان من الطرفين اعتبر عدم الوارث النسبي و المولى المعتق لهما معاً، و إن كان من احد الطرفين اعتبر ذلك في المضمون لا غير، فلو ضمن من له وارث نسبي أو مولى معتق لم يصح و لأجل ذلك لا يرث ضامن الجريرة إلّا مع فقد القرابة من النسب و المولى المعتق.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 475

(مسألة 1813): إذا وقع الضمان مع من لا وارث له بالقرابة و لا مولى معتق

ثمّ ولد له بعد ذلك فهل يبطل العقد أو يبقى مراعى بفقده؟ وجهان.

(مسألة 1814): إذا وجد الزوج أو الزوجة مع ضامن الجريرة كان له نصيبه الأعلى

و كان الباقي للضامن.

(مسألة 1815): إذا مات الضامن لم ينتقل الولاء إلى ورثته.

الثالث: ولاء الإمامة.

(مسألة 1816): إذا فقد الوارث المناسب و المولى المعتق و ضامن الجريرة كان الميراث للإمام

إلّا إذا كان له زوج فإنه يأخذ النصف بالفرض و يرد الباقي عليه، و إذا كانت له زوجة كان لها الربع و الباقي يكون للإمام كما تقدم.

(مسألة 1817): إذا كان الإمام ظاهراً كان الميراث له يعمل به ما يشاء

و كان علي عليه السلام يعطيه لفقراء بلده، و إن كان غائباً كان المرجع فيه الحاكم الشرعي و سبيله سبيل سهمه عليه السلام من الخمس يصرف في مصارفه كما تقدم في كتاب الخمس.

(مسألة 1818): إذا أوصى من لا وارث له إلّا الإمام بجميع ماله

في الفقراء و المساكين و ابن السبيل، ففي نفوذ وصيته في جميع المال- كما عن ظاهر بعضهم و تدل عليه بعض الروايات- أو لا- كما هو ظاهر الأصحاب- إشكال، و لو أوصى بجميع ماله في غير الامور المذكورة فالأظهر عدم نفوذ الوصية و اللّٰه سبحانه العالم.

فصل في ميراث ولد الملاعنة و الزنا و الحمل و المفقود

(مسألة 1819): ولد الملاعنة ترثه امه

و من يتقرب بها من إخوة و أخوال و الزوج و الزوجة و لا يرثه الأب و لا من يتقرب به وحده فإن ترك امه منفردة كان لها

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 476

الثلث فرضاً و الباقي يرد عليها على الأقوى، و إن ترك مع الام أولاداً كان لها السدس و الباقي لهم للذكر مثل حظ الانثيين إلّا إذا كان الولد بنتاً فلها النصف و يرد الباقي أرباعاً عليها و على الام، و إذا ترك زوجاً أو زوجة كان له نصيبه كغيره و تجري الأحكام السابقة في مراتب الميراث جميعاً، و لا فرق بينه و بين غيره من الأموات إلّا في عدم إرث الأب و من يتقرب به وحده كالأعمام و الأجداد و إخوة للأب، و لو ترك إخوة من الأبوين قسم المال بينهم جميعاً بالسوية و إن كانوا ذكوراً و إناثاً.

(مسألة 1820): يرث ولد الملاعنة امه و قرابتها

و لا يرث أباه إلّا أن يعترف به الأب بعد اللعان و لا يرث هو من يتقرب بالأب إذا لم يعترف به، و هل يرثهم إذا اعترف به الأب؟ قولان أقواهما العدم.

(مسألة 1821): إذا تبرأ الأب من جريرة ولده و من ميراثه ثمّ مات الولد

قيل كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه، و قيل لا أثر للتبري المذكور في نفي التوارث و هو الأقوى.

(مسألة 1822): ولد الزنا لا يرثه أبوه الزاني

و لا من يتقرب به و لا يرثهم هو، و في عدم إرث امه الزانية و من يتقرب بها إشكال و لا يبعد عدم الإرث و يرثه ولده و زوجه أو زوجته و يرثهم هو، و إذا مات مع عدم الوارث فإرثه للمولى المعتق ثمّ الضامن ثمّ الإمام.

و إذا كان له زوج أو زوجة حينئذ كان له نصيبه الأعلى و لا يرد على الزوجة إذا لم يكن له وارث إلّا الإمام بل يكون له ما زاد على نصيبها نعم يرد على الزوج على ما سبق.

(مسألة 1823): الحمل و إن كان نطفة حال موت المورث يرث إذا سقط حيّاً

و إن لم يكن كاملًا و لا بد من إثبات ذلك و إن كان بشهادة النساء، و إذا مات بعد أن سقط حيّاً كان ميراثه لوارثه و إن لم يكن مستقر الحياة و إذا سقط ميتاً لم يرث، و إن علم أنه كان حيّاً حال كونه حملًا أو تحرك بعد ما انفصل إذا لم تكن حركته حركة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 477

حياة.

(مسألة 1824): إذا خرج نصفه و استهل صائحاً ثمّ مات فانفصل ميتاً لم يرث

و لم يورث.

(مسألة 1825): يترك للحمل قبل الولادة نصيب ذكرين

احتياطاً و يعطى أصحاب الفرائض سهامهم من الباقي فإن ولد حيّاً و كان ذكرين فهو و إن كان ذكراً و انثى أو ذكراً واحداً أو انثيين أو انثى واحدة قسم الزائد على أصحاب الفرائض بنسبة سهامهم هذا إذا رضي الورثة بذلك و إلّا يترك له سهم ذكر واحد و يقسم الباقي مع الوثوق بحفظ السهم الزائد للحمل و إمكان أخذه له و لو بعد التقسيم على تقدير سقوطه حيّاً.

(مسألة 1826): دية الجنين يرثها من يرث الدية على ما تقدم

(مسألة 1827): المفقود خبره و المجهول حاله يتربص بماله

و في مدة التربص أقوال و الأقوى أنها أربع سنين يفحص عنه فيها فإذا جهل خبره قسم ماله بين ورثته الذين يرثونه لو مات حين انتهاء مدة التربص و لا يرثه الذين يرثونه لو مات بعد انتهاء مدة التربص و يرث هو مورثه إذا مات قبل ذلك و لا يرثه إذا مات بعد ذلك و الأظهر جواز التقسيم بعد مضي عشر سنوات بلا حاجة إلى الفحص فيؤخذ بذلك في موارد عدم إمكان الفحص بل مطلقاً على الأحوط.

(مسألة 1828): إذا تعارف اثنان بالنسب و تصادقا عليه توارثا

إذا لم يكن وارث آخر و إلّا ففيه إشكال كما تقدم في كتاب الإقرار.

فصل في ميراث الخُنثى

(مسألة 1829): الخنثى- و هو من له فرج الرجال و فرج النساء- إن علم أنه من الرجال أو النساء عمل به

و إلّا رجع إلى الأمارات، فمنها: البول من أحدهما بعينه فإن

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 478

كان يبول من فرج الرجال فهو رجل و إن كان يبول من فرج النساء فهو امرأة و إن كان يبول من كل منهما كان المدار على ما سبق البول منه، فإن تساويا في السبق قيل المدار على ما ينقطع عنه البول أخيراً و لا يخلو من إشكال، و على كل حال إذا لم تكن أمارة على أحد الأمرين اعطي نصف سهم رجل و نصف سهم امرأة، فإذا خلف الميت ولدين ذكراً و خنثى فرضتهما ذكرين تارة ثمّ ذكراً و انثى اخرى و ضربت إحدى الفريضتين في الاخرى فالفريضة على الفرض الأول اثنان و على الفرض الثاني ثلاثة فإذا ضرب الاثنان في الثلاثة كان حاصل الضرب ستة، فإذا ضرب في مخرج النصف و هو اثنان صار اثني عشر، سبعة منها للذكر و خمسة للخنثى، و إذا خلف ذكرين و خنثى فرضتها ذكراً فالفريضة ثلاثة للثلاثة ذكور، و فرضتها انثى فالفريضة خمسة للذكرين أربعة، و للأُنثى واحد فإذا ضرب الثلاثة في الخمسة كان خمسة عشر، فإذا ضربت في الاثنين صارت ثلاثين يعطى منها للخنثى ثمانية و لكل من الذكرين أحد عشر و إن شئت قلت في الفرض الأول لو كانت انثى كان سهمها أربعة من اثني عشر و لو كانت ذكراً كان سهمها ستة فيعطى الخنثى نصف الأربعة و نصف الستة و هو خمسة، و في الفرض الثاني لو كانت ذكراً كان سهمها عشرة و لو كانت انثى سهمها ستة فيعطى الخنثى نصف العشرة و نصف

الستة.

(مسألة 1830): من له رأسان أو بدنان على حقو واحد فإن انتبها معاً فهما واحد

و إلّا فاثنان و الظاهر التعدي عن الميراث إلى سائر الأحكام.

(مسألة 1831): من جهل حاله و لم يعلم أنه ذكر أو انثى لغرق و نحوه يورث بالقرعة

و كذا من ليس له فرج الرجال و لا فرج النساء يكتب على سهم (عبد اللّه) و على سهم آخر (أمة اللّٰه) ثمّ يقول المقرع: «اللهم أنت اللّٰه لا إله إلّا أنت عالم الغيب و الشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بيّن لنا هذا المولود حتى يورث ما فرضت له في الكتاب» ثمّ يطرح السهمان في سهام مبهمة و تشوش السهام

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 479

ثمّ يجال السهم على ما خرج و يورث عليه و الظاهر أن الدعاء مستحب و إن كان ظاهر جماعة الوجوب.

فصل في ميراث الغرقى و المهدوم عليهم

(مسألة 1832): يرث الغرقى بعضهم من بعض

و كذلك المهدوم عليهم بشروط ثلاثة:

الأول: أن يكون لهم أو لأحدهم مال.

الثاني: أن يكون بينهم نسب أو سبب يوجب الإرث من دون مانع.

الثالث: أن يجهل المتقدم و المتأخر فمع اجتماع الشرائط المذكورة يرث كل واحد منهما من صاحبه من ماله الذي مات عنه لا مما ورثه منه فيفرض كل منهما حيّاً حال موت الآخر فما يرثه منه يرثه إذا غرقا. مثلًا إذا غرق الزوجان و اشتبه المتقدم و المتأخر و ليس لهما ولد ورث الزوج النصف من تركة الزوجة و ورثت الزوجة ربع ما تركه زوجها فيدفع النصف الموروث للزوج إلى ورثته مع ثلاثة أرباع تركته الباقية بعد إخراج ربع الزوجة، و يدفع ربع الموروث للزوجة مع نصف تركتها الباقي بعد نصف الزوج إلى ورثتها. هذا حكم توارثهما فيما بينهما. أما حكم إرث الحي غيرهما من أحدهما من ماله الأصلي فهو أنه يفرض الموروث سابقاً في الموت و يورث الثالث الحي منه و لا يفرض لاحقاً في الموت، مثلًا إذا غرقت الزوجة و بنتها فالزوج يرث من زوجته الربع و إن لم يكن للزوجة ولد

غير البنت و لا يرث النصف، و كذا إرث البنت فإنها تفرض سابقة فيكون لُامها التي غرقت معها الثلث و لأبيها الثلثان، و إذا غرق الأب و بنته التي ليس له ولد سواها كان لزوجته الثمن و لا يفرض موته بعد البنت. و أما حكم إرث غيرهما الحي لأحدهما من ماله الذي ورثه من

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 480

صاحبه الذي غرق معه فهو أنه يفرض المورث لاحقاً لصاحبه في الموت فيرثه و إرثه على هذا التقدير و لا يلاحظ فيه احتمال تقدم موته عكس ما سبق في إرث ماله الأصلي، و إذا كان الموتى ثلاثة فما زاد، فرض موت كل واحد منهم و حياة الآخرين فيرثان منه كغيرهما من الأحياء.

(مسألة 1833): إذا ماتا بسبب غير الغرق و الهدم كالحرق و القتل في معركة قتال

أو افتراس سبع أو نحو ذلك ففي الحكم بالتوارث من الطرفين كما في الغرق و الهدم قولان أقواهما ذلك، بل الظاهر عموم الحكم لما إذا ماتا حتف أنفهما بلا سبب.

(مسألة 1834): إذا كان الغرقى و المهدوم عليهم يتوارث بعضهم من بعض دون بعض آخر

إلّا على تقدير غير معلوم كما إذا غرق الأب و ولداه فإن الولدين لا يتوارثان إلّا مع فقد الأب ففي الحكم بالتوارث إشكال بل الأظهر العدم.

(مسألة 1835): المشهور اعتبار صلاحية التوارث من الطرفين

فلو انتفت من أحدهما لم يحكم بالإرث من أحد الطرفين كما إذا غرق أخوان لأحدهما ولد دون الآخر و قيل لا يعتبر ذلك و يحكم بالإرث من أحد الطرفين و هو قوي.

فصل في ميراث المجوس

(مسألة 1836): لا إشكال في أن المجوس يتوارثون بالنسب و السبب

الصحيحين و هل يتوارثون بالنسب و السبب الفاسدين كما إذا تزوج من يحرم عليه نكاحها عندنا فأولدها قيل نعم فإذا تزوج اخته فأولدها و مات ورثت اخته نصيب الزوجة و ورث ولدها نصيب الولد و قيل لا، ففي المثال لا ترثه اخته الزوجة و لا ولدها و قيل بالتفصيل بين النسب و السبب فيرثه في المثال المذكور الولد و لا ترثه الزوجة، و الأقوال المذكورة كلها مشهورة و أقواها الأول للنص و لولاه لكان الأخير هو الأقوى.

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 481

(مسألة 1837): إذا اجتمع للوارث سببان ورث بهما معاً

كما إذا تزوج المجوسي امه فمات ورثته امه نصيب الام و نصيب الزوجة، و كذا إذا تزوج بنته فإنها ترثه نصيب الزوجة و نصيب البنت. و إذا اجتمع سببان أحدهما يمنع الآخر ورث من جهة المانع دون الممنوع كما إذا تزوج امه فأولدها فإن الولد أخوه من امه فهو يرث من حيث كونه ولداً و لا يرث من حيث كونه أخاً، و كما إذا تزوج بنته فأولدها فإن ولدها ولد له و ابن بنته فيرث من السبب الأول و لا يرث من السبب الثاني.

(مسألة 1838): المسلم لا يرث بالسبب الفاسد

و يرث بالنسب الفاسد ما لم يكن زنا، فولد الشبهة يرث و يورث، و إذا كانت الشبهة من طرف واحد اختص التوارث به دون الآخر و اللّٰه سبحانه العالم.

خاتمة

اشارة

مخارج السهام المفروضة في الكتاب العزيز خمسة الاثنان مخرج النصف و الثلاثة مخرج الثلث و الثلثين، و الأربعة مخرج الربع، و الستة مخرج السدس و الثمانية مخرج الثمن.

(مسألة 1839): لو كان في الفريضة كسران فإن كانا متداخلين

بأن كان مخرج أحدهما يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكرراً كالنصف و الربع فإن مخرج النصف و هو الاثنان يفني مخرج الربع و هو الأربعة و كالنصف و الثمن و الثلث و السدس، فإذا كان الأمر كذلك كانت الفريضة مطابقة للأكثر، فإذا اجتمع النصف و الربع كانت الفريضة أربعة، و إذا اجتمع النصف و السدس كانت ستة، و إذا اجتمع النصف و الثمن كانت ثمانية و إن كان الكسران متوافقين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكرراً و لكن يفني مخرجيهما عدد ثالث إذا سقط مكرراً من كل منهما كالربع و السدس فإن مخرج الربع أربعة و مخرج السدس ستة و الأربعة لا تفني الستة

منهاج الصالحين (للتبريزي)، ج 2، ص: 482

و لكن الاثنين يفني كلًا منهما و كسر ذلك العدد وفق بينهما، فإذا كان الأمر كذلك ضرب أحد المخرجين في وفق الآخر و تكون الفريضة مطابقة لحاصل الضرب، فإذا اجتمع الربع و السدس ضربت نصف الأربعة في الستة أو نصف الستة في الأربعة و كان الحاصل هو عدد الفريضة و هو اثنا عشر و إذا اجتمع السدس و الثمن كانت الفريضة أربعة و عشرين حاصلة من ضرب نصف مخرج السدس، و هو ثلاثة في الثمانية أو نصف مخرج الثمن و هو الأربعة في الستة.

و إن كان الكسران متباينين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الآخر و لا يفنيهما عدد ثالث غير الواحد كالثلث و الثمن ضرب مخرج أحدهما في

مخرج الآخر و كان المتحصل هو عدد الفريضة. ففي المثال المذكور تكون الفريضة أربعة و عشرين حاصلة من ضرب الثلاثة في الثمانية. و إذا اجتمع الثلث و الربع كانت الفريضة اثنتي عشرة حاصلة من ضرب الأربعة في الثلاثة.

(مسألة 1840): إذا تعدد أصحاب الفرض الواحد كانت الفريضة حاصلة من ضرب عددهم في مخرج الفرض

، كما إذا ترك أربع زوجات و ولداً، فإن الفريضة تكون من اثنين و ثلاثين حاصلة من ضرب الأربعة (عدد الزوجات) في الثمانية مخرج الثمن.

و إذا ترك أبوين و أربع زوجات كانت الفريضة من ثمانية و أربعين حاصلة من ضرب الثلاث التي هي مخرج الثلث في الأربع التي هي مخرج الربع فتكون اثنتي عشرة، فتضرب في الأربع (عدد الزوجات) و يكون الحاصل ثمانية و أربعين. و هكذا تتضاعف الفريضة بعدد من ينكسر عليه السهم. و الحمد للّٰه رب العالمين و صلى اللّٰه على محمد و آله الطاهرين.

________________________________________

تبريزى، جواد بن على، منهاج الصالحين (للتبريزي)، 2 جلد، مجمع الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، قم - ايران، اول، 1426 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.